Saturday, June 8, 2013

شاهد على العصر 106



بسم الله الرحمن الرحيم


          إنها ايام خالدة سوف لن تنتسى من الذاكرة طالما نحن  أحياءا نرزق، دخلت التاريخ الليبي من أبوابه الواسعة  فقد سطرت بحروف من ذهب ايام الثورة  المجيدة يوم 2011/2/15م في كثير من المدن الساحلية بالمنطقة الشرقية، كإعتصامات ومناوشات بين بعض الشباب المحتجين على النظام،  يطالبون بمزيد من الحريات ورفع الظلم والضغط،  وتصدى لهم رجال الأمن قساة القلوب  كالعادة بغلظة وقوة والضرب بالرصاص الحي   حتى يتفرقوا وسقط البعض مظاليم شهداء ضحايا، مما  هب الشعب للمساندة والتأييد، ثم زادت واستمرت ولم تتوقف حتى انتهت، وأجمع الجميع على أن يوم 2011/2/17م  هو يوم البدء للثورة المجيدة .

كانت أياما صعبة  عصيبة شديدة على نفس اي مواطن حر يريد ان يتحرر من الظلم والإستبداد، وتحرير الوطن من الطاغية حيث الخير والشر فى صراع شرس، ثوار الشعب الاحرار الخيرين، ضد جحافل المجنون القذافي الشرير المدججة بالسلاح والدعم  العتاد والمال، الذي يريد إخماد التمرد وخنق الثورة الشعبية قبل أن تستفحل مثل العادة،  التي لم يحسب حسابها وقيامها فجأة فى جميع المدن نتيجة الضغوط والاستهتار  بالشعب المغلوب على أمره  أنه ضعيف رعديد نتيجة الإرهاب وسياط الجلاد  يخاف لا يستطيع التحدى ولا الصمود 

 تشتت قواته فى اماكن عديدة نتيجة الصدمة القوية كيف يحدث هذا الامر بسرعة، أصابه الرعب وشل التفكير لديه فلم يعرف طريق الصواب والحق واحتواء الأزمة بل زاد غرورا ومكابرة وتحدى الشعب بالويل والثبور ونعتهم بجميع الصفات القذرة وأنه سوف يتابعهم ( زنقة زنقة ) ونسى وتناسى ان نظامه هش  بدون أساسات قوية لا يستطيع المقاومة ولا الصمود للثورة العارمة، مما تخبطت وتضاربت  الأوامر نظير الاحداث المتلاحقة التى لم يتوقعها ولم يحسب حسابها   ان تحدث بهذه الصورة والكيفية.

حاول ان يخنق ويخمد الثورة بكل وسيلة من عنف وشراسة  بالقوة وبعدها بالحيلة باستقدام الوفود رؤساء الأفارقة الغافلين   للوساطة والصلح  ووضع هدنة حتى يشل الثورة ويستجمع انفاسه  ويخدع أبناء الشعب بالأمانى والتنازل عن أشياءا كثيرة حتى يستمر فى البقاء والحكم الى ما شاء الله عز وجل، نسى وتناسى ماذا فعل من مآسى وفساد وإفساد  خلال سنوات الحكم العجاف على الوطن طيلة عقود ونحن لدينا الخير العميم والثروات بدون حساب، نسى أنه  كاذب غدار ( مسيلمة الكذاب) لا يمكن الوثوق به مهما وعد 

الاعصاب مشدودة لدى المواطنيين والجميع في هرج ومرج بدون قيادات حكيمة تنهى وتأمر،   غير معروفة النتائج!  الثوار في كر وفر لعدم وجود  القيادات السليمة والنقص الكبير في السلاح والعتاد فى الطعام واللباس فى الأسابيع الاولى،  كل يوم يمر من عمر الثورة المجيدة يزداد القتل العشوائى والدم يجرى ويسيل يطهر الارض من رجس الشيطان الرجيم ،  سقوط الضحايا شهداء بالمئات يوميا فى جميع ربوع الوطن،  مما يزيد الغضب وترتفع معنويات الشعب طالبين الثأر والانتقام من الدعى  مما يزداد الثوار الشباب فى الخطوط الأمامية  قوة وصلابة أنهم سوف يحققون النصر بإذن الله تعالى عن قريب.

يتدربون رأسا بدون ساحات تدريب ومدربين …  ليس لهم الوقت الكافي حتى يتعلموا   استعمال الاسلحة، بل تدريبهم على الواقع  فى ميادين القتال بالمواجهات والهجوم وجها لوجه طالبين الشهادة فى أتون المعارك، لا يعرفون الرجوع للخلف مهما كانت الامور سيئة 

الاستعمال للأسلحة برباطة جأش وقوة عزيمة، بفن وإبداع وقت النزال والصدام  هي النجاة والحياة لهم، يتحدون مصممين بعناد وبعنف وشراسة ان المسخ القذافي ضروري من تنحيه عن السلطة والقضاء على نظامه الفاسد اللعين  بأي ثمن وتضحيات  مهما كانت غالية 

يعرفون مسبقا لو تتاح الفرصة للقذافى وينجح ويفوز عندها عشرات المصائب سوف تحدث على نطاق واسع،  سوف  تنصب المشانق فى جميع ساحات المدن والقرى  حيث المخبول عماده الارهاب والقتل لكل حر شريف حاول  ان يرفع رأسه طالبا العدل والمساواة طيلة عدة عقود ونيف من السنيين، والآن فرصته لتسوية حسابات كثيرة .

الثوار لم يرحموه  ذرة رحمة واحدة، لم يرضون بالهدنة والمساومات بل طبقوا تعاليمه بعناد وشراسة طالبين الثأر والانتقام لكل مواطن شهيد وجريح، معاق وكل من تضرر من حكمه اللعين طوال سنين حكمه البائسة التعيسة 

تلك الايام مهما حاولت وصفها لن أستطيع الوصف الدقيق فقد مرت من أعمارنا بسرعة متلاحقة فى خضم الاحداث الجليلة حتى اننا لم نجد الفرص والوقت الكافي للتدوين حتى تصبح ذكرى للمستقبل القريب والبعيد لأجيالنا الحاضرة والقادمة حتى تعرف المعانى السامية وتتعلم التضحيات بالروح والدم وماذا قدم الآباء والأجداد من تضحيات غالية  .

لقد عشت أحداث الانقلاب الاسود منذ حدوثه شهر سبتمبر عام 1969 م  ثورة الفاتح كما كانوا يتشدقون، ووهبنى الله تعالى العمر والعيش حتى شاهدت بأم العين الثورة المجيدة  فبراير عام 2011 م  وإنشاء الله تعالى يرزقنى بالحياة حتى اشاهد النهاية للقذافى الملعون دنيا وآخرة  وأعيش الفرحة والنصر… حيث أعرف الكثير الكثير من أسرارها المعلنة والكثيرة الخافية عن تورط الكثيرين من المنافقين أشباه الرجال  الازلام الطحالب مؤيدى النظام الفاسد عن قناعة لقاء مناصب وجاه  ومال، بودي ان أشاهدهم أذلة وهم يحاكمون فى المحاكم الشعبية من الشعب الحر بدون تجنى وإرهاب بالعدل والمساواة حتى يعرفوا ان الحق عال ولا يعلى عليه 

كانت الامور أيام القذافي تدور ضمن حلقات مميزة من الأعوان الكثيرون  للطاغية، لا يعرفون  كيف التخطيط السليم والحكم والمساواة والعدل،   غير تلبية الاوامر  من مجنون مغرور لديه الدخل الخيالي من النفط يصرفه كما يشاء ولمن يشاء ولا حسيب ولا رقيب يتساءل ويحقق أين ضاع الدخل الضخم والشعب يعيش على حافة  الفقر .
من كثرة الغرور اعتبر نفسه رسولا مميزا لايريد أى أحد من المظاليم أبناء الشعب أن يسأل او يتساءل أين الثراء والوعود الكاذبة بالجنة المزعومة فى جماهيرية الرعب والتسلط  والميزانيات الضخمة التى يسمعون ارقامها تذاع  ولا شئ يتحقق فى الواقع غير التأجيل المتكرر… يريد الطاغية من الجميع السمع والطاعة والا العقاب الوخيم

يوم الاثنين 2011/5/30م 
الاتصال صباحا  من الاخ  شعيب العقيلي ودعوته لنا على العشاء حيث نحن ضيوف في بنغازى مقيمين فى فندق أوزو   حتى لا نرتبط بأي مواعيد مع آخرين  وقال سوف نتعشى في مطعم ( بالة للسمك )  على كورنيش بنغازي مما وافقنا على الدعوة .

طوال اليوم بدون راحة، الاتصالات العديدة الهاتفية من عدة اماكن متابعة لما يجرى من أحداث على الساحة الداخلية من مصائب، ولقاءات مع الكثيرين للمساندة والدعم للجبهات ضمن خطط عمل قوية تخدم القضية ومصالح الثوار التى هى الاساس فى التعبئة الوطنية، والتقديم للنواقص من معدات وأسلحة وعتاد وطعام ولباس دافئ يتقون به برد الليالى الباردة حتى يصمدون فى الجبهات القتالية بالصحراء .

الحمد لله عز وجل، أثبت الشعب الجدارة والنبالة والأصالة ولم يبخل بأي شئ في حدود المتاح والاستطاعة والكثيرون بدون شعور قدموا الكثير حتى أصبحوا مدينين بالكثير من الاموال للآخرين مقابل النخوة والكرم، لم يستطيعون التأخر او التحجج كما فعل البعض من الاغنياءً البخلاء خوفا على أموال رخيصة تافهة، امام الشباب الذين يضحون بالنفس والدم …
عن طريق المناضل ( ر ت ) تمت المعرفة بالعقيد البحري ف م الذي حضر بالليل عندما كنا بالمطعم نتعشى  لنتعارف وتم الاتفاق على اللقاء غداً  صباحا بالفندق الساعة العاشرة والنصف  لمقابلة اللواء خليفة حفتر للبحث فى عدة مواضيع تخص بعض المهمات الخاصة .

الرجوع للفندق والأفكار تعصف بقوة وعنف متشابكة فقد بدأت أدخل فى مراحل عميقة متقدمة سرية تخص الوطن والثورة، ووعدت النفس بأن لا أتراجع مهما كانت الأسباب في تعثر  وسلبية، فأنا جندي مجهول لخدمة الوطن ولن اتقاعس عن القضية النبيلة السامية التي وهبت بقية العمر لها طالما بي ذرة  قوة واحدة 

يوم  الثلاثاء 2011/5/31م 
حضر للفندق العقيد ( ف م ) ونائبه ( ر ت ) وذهبنا معهم الى قيادة الجيش  لمقابلة اللواء خليفة حفتر الذى كان مسئولا وفي تنافس مع اللواء عبد الفتاح يونس على السلطة العسكرية، ولم أكن أعرفه شخصيا من قبل بل الاسماء تتداول وكأننا نعرف بعضنا بعضا معرفة جيدة من خلال سنوات الكفاح والنضال بالمعارضة

لم يعطلنا في الانتظار لما عرف بأسمائنا أننا بالصالة  ننتظر … أعطى الأمر بالدخول السريع وقابلنا الرجل قبل كثيرين من الذين ينتظرون فى الصالة طالبين الأذن بالدخول من مدير مكتبه مما لفتت الأنظار عن من نكون… حتى تكون لنا الحظوة والاهتمام 

نقاش جيد وكان واسع الاطلاع واحترمت الرجل فنحن فى هذا الوقت العصيب والثورة قائمة تحرق فى الاخضر واليابس  نحتاج إلى رجل مثله قوى الشكيمة والشخصية  لا يخاف ولا يهاب قادته مهما كانوا ذوى مناصب ورتب رفيعة .

طلب العقيد ( ف م  )  طلبات كثيرة من المعدات والعتاد والسلاح  للبحرية مما وافق مبدئيا وتجاوب واعطاه الامر بان يحضر القائمة حتى ينال الموافقة، وخرجنا منه ممنونين على موقفه النبيل  تجاهنا وعدم التعطيل لنا فى الدخول… والرجوع إلى الفندق وكنت سعيدا بالمقابلة الشيقة و لتحضير القائمة حتى أسعى لطلبها من الجهات المسؤولة في أمريكا كدعم ومساندة  للثورة الليبية.

وكان غرف الفندق قذرة بدون تنظيف للأسرة ولا تغيير الشراشف، والطعام زبالة ولا خدمات بالمرة وإشتكيت لموظف الاستقبال وكان رده مفجع اننا فى حالة حرب وثورة والحمد لله تعالى اننا  مازلنا نفتح الأبواب ونستقبل الزبائن والمفروض ان نقفل ونقوم بالصيانة

وبالمساء قابلت ( ن ب ) فى صالة الفندق تيبيستي في المقهى، الذي تحدث معي في موضوع خطير يتعلق بأمور عسكرية  مهمة تسرع  وتنهي  القتال الشرس وتنجح وتفوز الثورة  بأخصر الطرق، والحصول بسرعة على القذافي وتحديد مكانه حتى يقوم الثوار بالتركيز على مهاجمته والقبض عليه، وقررت منذ تلك اللحظة أن أعطى الرجل اسم حركى  ( الجوكر ) حتى لا أنسى فى خضم المسئوليات الكبيرة التى كل يوم تزداد ثقلا على الأكتاف ،، ولكن فى سبيل حرية الوطن كل شئ يهون

مكالمة هاتفية من رئيس المجلس الانتقالي المؤقت السيد مصطفى عبد الجليل وطلب مني الانتظار اذا اردت السفر للدوحة دولة قطر عن طريق رحلات الطائرة العسكرية القطرية التي سوف تتأخر عدة ايام، وقلت له انه لدي حجز على طائرة الجرحى والمرضى الى تونس  بعد الغد ولا داعى التأجيل حتى لا تضيع الإبرة من طول السلك ونتأخر عن الرد بسرعة مما الطرف الآخر يترجمها الى عدم الاهتمام، مما وعد بأن يتصل غداً 

                   رجب المبروك زعطوط 

البقية في الحلقات القادمة 


No comments:

Post a Comment