Saturday, June 29, 2013

شاهد على العصر 111


بسم الله الرحمن الرحيم 

يوم الأربعاء 2011/6/8م 


سافرنا بالليل عند الساعة 2:30 صباحا جوا عدة ساعات إلى إسطنبول تركيا ووصلنا بسلامة وانتظار طويل ممل  في صالة رجال الاعمال  لمدة حوالي 4 ساعات بدون نوم أوراحة، ثم الصعود على متن  طائرة الخطوط التركية  ورحلة طويلة استمرت حوالى 11 ساعة  ونحن معلقون في الأجواء مشدودي الأعصاب حتى حطت بنا الطائرة في مطار العاصمة الامريكية واشنطن دي سي وكنا مرهقين صحيا من عدم الراحة والنوم  ندفع الثمن الغالي من صحتنا ونحن لا نشعر نظير حب التحدى لإنهاء نظام القذافي وإزالته من على كاهل الوطن، مضحين بكل  وقتنا ومالنا  وحشد جميع ما عندنا من طاقات  وتواصل وعلاقات مع الآخرين الليبيين والأجانب  في سبيل القضية الوطنية النبيلة والثورة الدائرة رحاها بعنف وشراسة بين الأطراف المتحاربة كل فريق يريد الفوز والنجاح والنصر،  صراع مميت بين الخير والشر .

إجراءات الدخول كانت بسيطة جداً بدون اي تعطيل بالمرة  حيث معظم الضباط والمسؤولين الأمريكان  من الجوازات والجمارك كانوا متعاطفين معنا كليبيين اصلا الذين نحمل جنسياتهم سنين طويلة نظير الهجرة  والغربة القسرية  والخوف من الاعتقال والسجن من نظام الطاغية في ليبيا الام  الذي حرمنا من أهالينا ووطننا سنيين طويلة  وتم الختم على الجوازات بسهولة بدون اي تعطيل . 

 قام إبني مصطفى بجميع الإجراءات وحمل الحقائب فقد كان رفيقا جيدا في الرحلة حيث قام بعدة امور مهمة من الحراسة الأمنية لي شخصيا  ومتابعة جميع الامور للرحلة من حجوزات للطائرات  والفنادق مما كان لها الأثر الكبير والاطمئنان النفسي والشعور انني بامان بين أياد أمينة تمت لي من لحمي ودمي .

وكان السيد ياسين يريد القدوم إلى المطار بسيارته لتوصيلنا إلى بيته  ولكن رفضت ان اتعبه وتم الاتفاق معه عندما نصل المطار سوف نأتي إلى شقته في عربة اجرة بدلا من قدومه وتضييع الوقت وسط الزحام الكبير في المرور حتى الوصول للمطار وبالاخص وقت انتهاء الدوام، ونبقى ضيوفا عنده عدة ايام  فقد كان عازبا وقتها غير متزوج 

وصلنا إلى العنوان  وكان ينتظر قدومنا على أحر من الجمر بالابتسام متشوقا لمعرفة الاخبار وبعد بعض الوقت في الحديث لم استطيع المقاومة والسهر و دخلت الغرفة للراحة والنوم إلى الغد  وطلبت من الشباب عدم الإزعاج ورفع الصوت  والنوم حتى نستعد ليوم الغد فلدينا اعمال كثيرة تتطلب الذهن الصافي والتركيز حتى نتوصل إلى نتائج جيدة مع الاخرين تخدم قضيتنا السامية  النبيلة 

النقاش طويل مع السيد ياسين في امور عديدة فهو متعلم قدير عمل في كثير من الوظائف الادارية الأمنية  والتي معظمها سياسية بحته وله خبرات عديدة على الطريقة الامريكية نحتاج إلى مثل خبراته يوما في وطننا دولة ليبيا الجديدة، في نظري يحتاج إلى بعض الصقل وممارسة العمل داخل الوطن حتى يكتسب خبرات ويبدع،   وقد أفادنا كثيرا في صياغة الكثير من الرؤيا والمبادئ والأهداف بخصوص الحزب الوليد حزب ليبيا الجديدة الذي كان سباقا وأول حزب يظهر على الساحة الوطنية الليبية والقذافي مازال حيا يرزق ضاربين عرض الحائط  بمقولته التعيسة "كل من تحزب خان"!

السيد ياسين  له جزيل الشكر على جميع خدماته الغير منظورة في الخفاء والصمت، فليبيا لم تعقر بعد مازالت تلد الرجال ذوي الدم الساخن والاخلاق الحميدة الذين يتبعون طريق الله تعالى  الوطنيين الذين لم يتلوثوا  بعد بحب  النفس والحياة ويضيعون

السيد ياسين رتب لي لقاءا خاصا مع احد المسؤولين الجزائريين بالأمن في السفارة في العاصمة الامريكية بخصوص قضيتنا النبيلة والحرب الدائرة  وكيف نتوصل معهم إلى حلول لدعمنا ومساندة الثورة  الليبية في السر وليس بالعلن، حيث يستطيع توصيل الامر بسرعة بدلا من القنوات الرسمية التي تحتاج إلى وقت طويل حتى توصل المعلومة بسرعة إلى اصحاب القرار،  حيث أن احد أقاربه مسؤولا رفيعا بالحكومة الجزائرية في الجزائر ومن رجال ورفاق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حسب العلم .
قابلت الرجل في احد صالات الفندق الذي تم اختياره بدقة بعيدا عن الأضواء والمراقبة من الغرباء العاديين حتى لا نشاهد بالصدفة من احد المتطفلين ويربط الاحداث مع بعض…   وكان لقاءا جيدا حماسيا حيث الرجل أمن على كل كلمة قلتها اثناء الحديث وأننا كشعب ليبي والشعب الجزائري شعب واحد لا نتجزأ مهما حاول الحكام نظير سياساتهم العقيمة ومصالحهم الشخصية للحماية وبقائهم في الحكم ضاربين آمال الشعوب عرض الحائط في التقارب والوحدة الشاملة مع بعض حيث ليبيا جزء لا يتجزأ  من المغرب العربي الكبير وبوابته إلى الشرق .

عين زعطوط
أثناء الحديث الطويل قلت له عن الماضي أثناء حرب التحرير في اواخر الخمسينات وبداية الستينات عن الدعم الكبير والمساندة  من الشعب الليبي بلا حدود ولا استياء ولا إستثناء لإخوتهم الشعب الجزائري وذكرته بالكثير من المواقف البطولية التي لا جميل لنا فيها حيث أخ ليبي يساند اخاه الجزائري بجميع الجهد  المتاح والمساندة، في الوقت الصعب حيث نحن كدولة ليبية  مملكة  حديثي الاستقلال نرزح تحت هيمنة وسطوة الغرب وقتها
منطقة عين زعطوط بالجزائر 

ذكرته بأن جزءا كبيرا من عائلتي مقيمين بالجزائر ولنا بلدة تسمى عين زعطوط بإسم العائلة وانه لدينا شهداء في حرب الجزائر من اجل التحرير… وأتذكر عندما تم إبلاغ ابن عمي وصهري الحاج محمد عبدالجليل زعطوط عندما كان نائبا في مجلس النواب عن مدينة درنة  ليبيا في الستينات عام 1960 /1965 م باستشهاد بطلين من العائلة في المعارك  الشرسة من اجل تحرير ارض الجزائر التي هي ارضنا ولن نفرط في  شبر واحد للمستعمر مهما فعل


المناضل فتح الله الاشقر (الثاني من اليسار) (رحمه الله) مع احد قادة الثورة الجزائرية
ذكرته بالكثير من المواقف حيث أنا شخصيا شاهد عيان ايام الصغر والشباب  بدون منن واهمها توصيل المساعدات والسلاح والمعدات على شاحنات الامير عبدالله عابد السنوسي رحمه الله تعالى بواسع الرحمة التي تبرع طوال وقت الثورة  بالنقل من حدود  مصر عبر المنطقة الشرقية  إلى اجدابيا وبعدها الصحراء الجنوبية والتسلل تحت انظار المستعمر داخل الحدود الجزائرية بعزيمة الرجال الأدلاء الليبيين الذين يخاطرون بحياتهم من اجل النصر للجزائر …  وعلى رأسهم البطل الليبي الدرناوي المرحوم فتح الله الأشقر صديقي الذي يكبرني بعقدين من السنيين رحمه الله تعالى بواسع المغفرة الذي توفي من مرض عضال سنة 1972 م وتم دفنه في المقبرة الغربية في مدينة درنة بجانب الوالد رحمه الله تعالى في فترة واحدة 

وها نحن الآن بحاجة إلى رد الجميل ومساندة الحكومة والشعب الجزائري في محنتنا وثورتنا ضد الطاغية القذافي …  واللأسف الحكومة الجزائرية ضدنا تساند الظلم والظالم، تساند  طاغية ضد الشعب، وتنسى الاساس وأن الطاغية مهما طال الوقت سوف يرحل بطريقة او اخرى،  اما الشعب الليبي سوف يبقى إلى ماشاء الله تعالى 
كان اللقاء جيدا وسمع الرجل كل كلمة قلتها بوضوح ومعاتبة بصدق نابعة من القلب وقال انه متعاطفا معنا في الثورة المجيدة، ولكن كمسؤول  حكومي القرار ليس بيده … وسوف يعمل ما بوسعه لشرح الامر وتوصيل الرسالة  بأمانة لاصحاب القرار  في دولة الجزائر

شعرت بكلماته الصادقة النابعة من القلب والضمير وان الشعب الجزائري ما بيده حيلة متعاطفا معنا إلى آخر  قطرة دم، ولكن الحكومة  الجزائرية لها سياساتها الخاصة التي تعمل بها مما تفهمت الامر،  وعرفت أن  الشعب الجزائري  معنا قلبا وقالبا ولن يتركنا نواجه كتائب القذافي لوحدنا  وان نعترف بصراحة ونعتمد على انفسنا في ثورتنا المجيدة  ولا نعتمد على الحكومة الجزائرية فهي في صف العدو القذافي إلى آخر لحظة وتأسفت أن الامر واضح وضوح الشمس ولكن لا يحس بالظلم والقهر والنار إلا الذي مارا بها او ماشيا عليها حافي الأقدام

يوم الخميس 2011/6/9م  
سافر إبني مصطفى إلى مدينة فرجينيا بيتش حيث تقيم عائلته بعد الغياب في الرحلة المكوكية من مكان إلى آخر طيلة المدة السابقة وتعطل في المطار عدة ساعات نظير تأخير الرحلات الجوية وقضيت اليوم بطوله مع الرفيق ياسين وأحاديث طويلة عن جميع الاحداث الدائمة والعلاقات مع دولة تشاد ودولة الجزائر وعن الكيفية السليمة للتواصل المستقبلي معهم بحيث الجميع يرتاح بحسن الجوار وعدم التدخل في اعمال الاخرين وشؤونهم الداخلية  بأي صورة من الصور والعمل الجماعي للحد من الارهاب والانقلابات حتى ترتاح المنطقة وينشط العمل

ذهبت للتسوق مع السيد ياسين حيث اشتريت هاتف نقال رخيص له رقم خاص لا يعرفه اي أحدا منعا من المضايقات  لاستعماله داخل امريكا في الاتصالات لبعض الاشخاص المميزين حتى لا تختلط علي الامور وأصبح لا أميز السمين من الغث 
اتصال من إبني محمود من بنغازي ليبيا يخبرنا بأمر مفجع حيث تم ضرب السيارة  الفورد بصاروخ في المؤخرة في ساحة المعركة في منطقة البريقة وإستشهد فيها إثنان من المغاوير الثوار من كتيبة شهداء أبوسليم والذي احدهم أخ لزوجة حفيد أختي، وتمكن الثالث وهو جريح من الرجوع  بها إلى إجدابيا إلى احد معسكرات الكتيبة حيث تم إسعافه وعلاجه ودفن الشهداء  مما حزنت على فقد الشهداء فقد كانوا شبابا في عمر الزهور، رحمهم الله تعالى بواسع المغفرة !!!

يوم الجمعة 2011/6/10م  
لا أحب السفر والتنقل ايام الجمعه … ولكن لظروف صعبة قاسية أوصلني السيد ياسين الى مطار بلتيمور وودعته على أمل اللقاء القريب وفترة انتظار بسيطة لوحدي حتى تم الاعلان على الصعود إلى الطائرة المتجهة إلى مدينة دالاس ولاية تكساس عبر الهبوط في مدينة  ليتل روك قبل الوصول إلى دالاس، وكانت رحلة طويلة والأعصاب مشدودة  من الإرهاق والتعب حتى وصلت وكانت الحاجة بالانتظار داخل المطار ومعها حفيدي الصغير آدم ذو الخمس سنوات الذي كان يجري في أروقة المطار .

كان والده إبني المبروك في الانتظار بموقف السيارات وكانت فرحة بالوصول ورحلة ممتعه حتى الوصول إلى البيت في الضاحية الشمالية لمدينة دالاس، وجاءت إبنتي الكبيرة هدى وزوجها المبروك  والبنات أميرة وأميمة وحفيدي يوسف وقضوا الليل معنا بالبيت احتفالا بالوصول وكنت مرهقا من السفر والمعاناة والتعب طوال الرحلة ولم أكمل السهرة واعتذرت ودخلت غرفتي للنوم والراحة تاركا الجميع يسهرون في فرحة وإنسجام بوصولي سالما للبيت 

يوم السبت 2011/6/11م 
إجتمعت العائلة على الغداء وأحاديث عامة وكان صهري، يوسف كار،   فى رحلة عمل إلى ولاية أوكلاهوما ووصل متأخرا بعد الغداء… اتصالات عديدة بالهاتف والايميلات عن طريق الحاسوب متابعا الاخبار عن ما يجري من امور في ساحات القتال وربك يسترها … حيث الشائعات تملأ الدنيا ضجيجا مما اختلطت الامور مع بعض ولكن لدي قناعة بالنصر الآتي القريب حيث لدي الشعور أن المولى الله عز وجل لن يترك الظالم والظلم ينتصر

أما الكر والفر في ساحات القتال فليس بهزائم ولكن عبارة عن استراتيجيات معينة لكسب الحرب، أما  فرسان الكلام  المنافقين  لأغراض خاصة  وبث الشائعات والرعب وخلق الفتن بين الأوساط الشعبية،  في نظري امور عادية حيث لا يصح إلا الصحيح والثورة الليبية المجيدة نهايتها النصر والنجاح مهما حاول القذافي الصمود حيث كل يوم يخسر مواقع سواءا في ساحات المعارك أو على الساحة الدولية  نظير التصدي الشرس من الثوار و الإعلام الكبير وفضحه لأمور كثيرة عن متاهات النظام الفاسد التي كانت تدور في الخفاء من غير علم معظم أبناء الشعب 

                  رجب المبروك زعطوط 

البقية في الحلقات القادمة

No comments:

Post a Comment