بسم الله الرحمن الرحيم
يوم الأحد 2011/2/27م تم تكوين المجلس الانتقالي الأول برئاسة المستشار السيد مصطفى عبدالجليل المعروف بطيبته ودماثة اخلاقة وزهده " كان الله في عونه"، مع الرفاق على عجل من بعض الرجال بدون فرز لأمور كثيرة والتأكد من السير الشخصية وعن مدى وطنيتهم وماذا قدموا للقضية والنضال الوطني حتى يختاروا لهذه المناصب التى تحتاج إلى قوة وعزم وحسم وعقولا حكيمة نيرة حتى تجتاز الأزمات الخطيرة التي نحن كشعب ليبي ثرنا من أجل الخلاص من الطاغية والظلم والمطالبة بالإصلاح والتغيير والتقدم …
حيث الوقت صعب يحتاج إلى زعيم قوى لكي يستطيع أن يكبح الكثيرين من المنافقين والوصوليين لمراكز السلطة، هؤلاء الأعضاء المرشحون البعض منهم مثل الحرباء تغير ألوانها حسب المناخ والبيئة والموقف عندما تشعر بأي نوع من أنواع الخطر حتى لا يستطيع الغافل أو العدو مشاهدتها عن قرب بسهولة نظير السكون التام وعدم الحركة نهائيا، مما قد يخدع الكثيرين الذين يمرون قربها ولا يلاحظونها بالمرة …
تم الاتصال الأول بالهاتف مع إبن أخي خالد صالح الذي أفادني بالكثير من المعلومات عن ماذا حدث ويحدث بالوطن من أحداث فظيعة من قتل ودمار وخراب مما تأسفت على الاحداث المأساوية وأن الصعلوك القذافي لا يريد التنازل عن السلطة ومازال يحلم ويخطب في هستيريا مثل الديك المذبوح الذي يتطاير ويرقص من حرارة السكين قبل السكون والموت .
يوم الاربعاء 2011/3/2م تم تكوين المجلس المحلي لمدينة درنة برئاسة صديقي المحامي الاستاذ عاشور بوراشد والمستشار عبد المنعم الطرابلسي الذين رشحهم الدكتورً قدري الاطرش لقيادة مجلس المدينة في أحلك الأوقات الصعبة من القتال الدائر في منطقة إجدابيا .
يوم 17/3/2011م كنت موجودا بمدينة دالاس تكساس وتلقيت مكالمة طويلة من السفير التشادى عن طريق السيد ياسين المغربى المقيم فى العاصمة واشنطن د س بخصوص الحوار مع النظام الليبى والوصول الى تجنب الكوارث والجلوس مع القذافى على طاولة واحدة ولكن تم الرفض التام ،، وطلبت من سعادة السفير بأن الشعب الليبى الحر عن بكرة أبيه وأنا شخصيا ليس لدى أى تخويل رسمى ولكن فى هذه اللحظات الحرجة أنوب عنه كمناضل حر قاوم النظام على مدى 32 عام ،، لا حوار تحت أى ظرف ولا تحت أى مغريات كانت ،،؟؟ عليه إن يرحل بسرعة أو الموت له عن السنوات العجاف من حكمه اللعين الذى أودى بمصير الملايين من الابرياءً ،،، ولجميع من يساندونه على الظلم المتورطون معه فى الفساد والإفساد والدم حتى الذقون ،، يوما مهما طال الوقت بإذن الله تعالى سوف تنتصر الثورة لا محالة ،، ومعظم هؤلاء سوف يقبض عليهم ويقدمون الى العدالة ليتم الحكم عليهم بالعدل والقانون .
هذا اليوم المبارك تداولت الاخبار السارة فى الأنباء نتيجة الجهود الجبارة والعلاقات العامة والاصدقاء ووافق مجلس الأمن الدولى على الحظر الجوى مع إمتناع دولة روسيا والصين وألمانيا .
تمت اتصالات هاتفية عديدة مع الأصدقاء فى العاصمة واشنطن عن طريق الوسيط " ج م " على مد يد العون وكيفية العمل لتوصيل المساعدات والدعم ،، ومنع أى غارات جوية من القذافى على المدن الشرقية وبالأخص رأس الحربة والعدو اللدود له مدينة بنغازى ؟؟؟
يوم 19/3/2011م تم الصد للرتل المهاجم للشرق بعنف من عدة محاور ،، الاولى صمود الثوار فى مدخل بنغازى الغربى من كتيبتين أحدهما من بنغازى بقيادة الصلابى والثانية كتيبة شهداء أبوسليم من مدينة درنة بقيادة المناضل سالم دربى ،، والتسمية أطلقت عليها لأن الكثيرين من الشهداء طوال الوقت وبالأخص فى المجزرة الوحشية التى قام بها النظام البشع فى سجن أبوسليم بطرابلس عام 1996 م ،،، كانوا من مدينة ومنطقة درنة ،،
ثانيا صمود المقاتلين الطيارين الليبين فى المعركة الدائرة الوحشية لهجوم الرتل ،،، بدون أى إستعداد ولا صيانة للطائرات دفعتهم الحمية والفداء للدفاع عن مدينتهم ومواطنيهم حتى تم سقوط الطائرات والاستشهاد المشرف بعد أن قاموا ببطولات خارقة سوف يخلدهم التاريخ الوطنى الى ماشاء الله تعالى ،،
ثالثا الغارات الجوية المكثفة من الحلفاء " الناتو " وتجميد وإعطال الدفاعات الجوية للقذافى ،،، القصف ب 115 صاروخا أمريكيا بأمر مستعجل من الرئيس السيد باراك أوباما الذى خاطر بكرسى الرئاسة ،، بدون الرجوع الى مجلس الشيوخ " الكونغرس " للموافقة والحصول على الإذن بالحرب والقصف حيث الأمر مستعجل ولا يتحمل الإرجاء ؟؟؟
التوفيق من المولى الله عز وجل كبيرا أن رأف بأبناء الشعب الليبى المظلومين وسلط الآخرين حيث القصف فى الغرب الليبى من أمريكيا والشرق من الحلفاء " الناتو " بقوة وعنف مما حسمت معركة الشرق الرئيسية بخسارة الرتل الذى كان القذافى يعتمد إعتمادا كبيرا عليه فى الفوز والنصر فى المعركة ،،،
القذافى الملعون يخطط للدمار والخراب ،، والرب القادر له خططا أخرى ولا يسمح للمجنون ولا لأى ظالم أن ينتصر ؟؟؟ وكان المسمار الرئيسى الذى دق فى نعش نهاية نظام القذافى دمار الرتل وانسحابه الى الوادى الأحمر للدفاع عن مدينة سرت ؟؟؟
يوم الأحد 2011/3/27م ، السفر بالسيارة برا من مدينة دالاس تكساس بعد أن أتممت جميع الاعمال الخاصة وفترة النقاهة وزيارة البنات والأحفاد وودعت الجميع على أمل اللقاء عن قريب لأننا كنت ناويا الذهاب إلى ليبيا والمشاركة في الحرب الدائرة بكل الجهد حسب الإستطاعة وإستمرت الرحلة يومين لقطع المسافة حوالي 1400 ميل الى مدينة فرجينيا بيتش وكان إبني علي هو الذى يقود طوال الوقت وأنا جالس بالمقدمة وأمه بالكرسي الخلفى وبعض الأحيان بعد التوقف في محطات الوقود أو لشراء بعض الأشياء الضرورية للرحلة من شراب أو طعام والمشي عدة خطوات حتى يتحرك الدم في المفاصل والجسم ثم أنتقل إلى الكرسي الخلفي والحاجة تجلس في الأمام للمسامرة والحديث حتى لا ينعس من طول الطريق التى لا نهاية لها …
يوم الثلاثاء 2011/3/29م كان اللقاء المهم في توصيل الدعم ووضع الخطط مع الوسيط " ج م " وبحضور " ن م " واستمر اللقاء مدة ساعة واحدة وقد تركت إبني مصطفى ينتظر بالخارج في السيارة حتى تم الإجتماع .
شاهدت على شاشة التلفزيون خبر إنشقاق وزير الخارجية السيد موسى كوسا عن النظام الليبى صورة وصوتا مما فرحت فرحا كبيرا حتى أن السبحة بدأت تتفكك وتتساقط حباتها الواحدة وراء الأخرى ،،،كانت هزة كبيرة وضربة قاصمة للقذافي لم يتوقعها أن تحدث من أحد أعوانه المخلصين الذي كان يعتمد عليهم فى الحكم الإرهابي الظالم …
شعرت بالفرحة العارمة وراودني الشعور القوى ان النظام انتهى وان صراع كتائب القذافي للبقاء أحياء عبارة عن وقت بسيط حيث القذافى مثل الديك المذبوح بسكين حاد جعلته يتطاير ويقفز من مكان الى آخر طالبا الحياة وعدم الموت …
يوم الخميس 2011/3/31م كانت الأخبار مزعجة وأليمة حيث قوات الثوار المندفعة إلى الغرب عشوائيا بدون قيادة حكيمة يدفعهم الحماس والجهاد والرغبة فى الفداء والخلاص من القذافي المجنون في تراجع من حدود مدينة سرت إلى مجمع البريقة النفطي، وذلك لعدم وجود السيارات المقاتلة ذات الدفع الرباعي فقد كان الثوار يستعملون سيارات نصف نقل عادية صينية غير مؤهلة ومصممة للإستعمال الحربى غير قادرة على الخروج عن الطريق الاسفلتى والسير فى الصحراء حتى لا تغوص فى الرمال وتتوقف الاطارات عن السير …
أنباء منتشرة وسط الجماهير عن تمركز حشود عسكرية مرتزقة أفريقية تابعة لكتائب القذافى في دولتي النيجر وتشاد … ولم تتضح الصورة بعد هل هي حقيقية … أم كذب وإشاعات مغرضة تدور فى الأوساط من العملاء والطحالب المؤيدين للنظام ،،، حتى تفت فى عزم الثوار المقاتلين والجماهير المتعطشة للإنتصار فى أسرع وقت ممكن !!! .
االمعركة في ليبيا كر وفر على طول الجبهة والقتال مستمر بشراسة من الطرفين بعنف كل فريق يريد أن يفوز ويربح… وجهزت النفس على السفر إلى الوطن وقام إبني " علي " بالمرافقة في الرحلة الخطيرة، وأوصلنا إبنى الكبير " مصطفى " الى المطار مع صديقه "الذى يعمل معه فى بيع السيارات " أميل "
يوم الإثنين 4/4/2011 م صعدنا الطائرة بالمساءً وكانت رحلة مزعجة طوال الوقت فى هز شديد نظير الأحوال الجوية السيئة والفراغات والمطبات وقضينا 8 ساعات فى الجو فى قلق حتى وصلنا مدينة لندن بسلامة حوالى الساعة 9 صباحا بتوقيت لندن مع فرق التوقيت نظير بعد المسافات ،،، ومررنا على الجوازات بسهولة وإستلمنا الحقائب بدون تفتيش وكان بها الكثير من الأشياء المطلوبة من هواتف وأدوية نحتاجها فى الثورة …
كان السيد مفتاح بن عمران قريبي ينتظر وصولنا بالمطار وكانت فرحة باللقاء وأوصلنا بسيارته الى الفندق حيث تم الحجز لنا " فندق كراون " وبعد الراحة البسيطة أوصلنا لزيارة السيد الصابر مجيد رفيق وصديق وأخ من الدهر وليس من الظهر حيث كان ينتظر وصولنا بفارغ الصبر، مع اننا كنا مرهقين وطوال الليل بدون راحة ولا نوم ونحن بالجو …
قابلت الحاج الصابر في مكتبه بعد مرور حوالى 19 سنة غياب لم أزر بريطانيا حيث كنت محجوزا مدة 7 سنوات بدون جواز سفر ليبى للسفر سجينا فى ليبيا ممنوعا من السفر للخارج، وكان بإمكاني الهروب حيث لدى جواز سفر أمريكي ولكن آثرت البقاء ورضيت بالعيش فى المعاناة والضيق والقلق سبع سنوات حتى تم الإفراج عن جواز السفر الليبى وإستطعت السفر والرجوع عدة مرات، حيث ليبيا وطني بها ولدت وترعرعت وجذوري نابعة من أرضها فهى أمي وأنا إبنها ولن أتركها لحثالة مثل القذافي الغير معروف لا أصلا ولا فصلا، مهما كانت الأسباب لقاء حياة فانية…
طوال المدة لم نتقابل فيها وجها لوجه مع أخ الدهر الحاج الصابر مجيد الغيثى، بل طوال الوقت التواصل عبر الهاتف أو بعث السلام والتحيات عن طريق المعارف والأصدقاء …
وكان لقاء الإخوة من القلب للقلب، واحاديث جمه عن مجريات الامور بالوطن والثورة المجيدة ونتابع فى القنوات المرئية عن مايحدث من المآسي والقتل والتشريد، ونحن نشرب الشاي الأحمر المتواصلة الواحدة وراء الأخرى، ونخطط …
بعدها أصر على الذهاب لمنزله وكان إبني علي نائما مرتاحا في الفندق ولم يأت معي، وأحاديث عديدة من كل مكان وذكريات مرت مرور الكرام حتى تم تقديم العشاء مبكرا، وكان وليمة لذيذة شهية على شرف اللقاء، وبعد تناول العشاء وسهرة بسيطة إستأذنت من المضيف بأن يسمح لي بالمغادرة حيث كنت مرهقا غير قادر على مواصلة الحديث الشيق وعن سماع نكبات العقيد المعقد طيلة حكمه الأسود وعن أحوال الوطن والثورة التى كل يوم يسقط فيها مئات الضحايا وماذا نستطيع نحن أن نفعل للمساندة والدعم بالمال والعلاقات الشخصية مع الكثيرين كرجال أعمال ومناضلين فى المعارضة …
عندما وصلت للفندق كان إبني علي قد إرتاح ونام عدة ساعات وأراد أن يسهر معي وقلت له انني مرهق ومتعب من السفر والحديث وعدم النوم واللقاء غداً على مائدة الإفطار، وطلبت منه أن يوقظنى الساعة العاشرة…
يوم الأربعاء2011/4/6م، أيقظنى الحاج الصابر بالهاتف من النوم العميق الساعة التاسعة صباحا حيث كان في طريقه للمكتب وقال أن صهره الشاب مجيد عبدالمولى إبن أخيه سوف يأتى للفندق بعد ساعة ليقلنا الى المكتب مما جهزت نفسي بسرعة وتناولت فطورا سريعا مع إبنى على فى مطعم الفندق حتى قدوم السيد مجيد لنذهب معه الى مكتب الحاج الصابر .
وصل قريبي مفتاح بن عمران الى المكتب وأحاديث عامة وعزمنا الحاج الصابر الى وليمة غذاء فى مطعم لبنانى " مروش " فى شارع جوان رود وبعد الغذاء الى البيت وتكملة الحديث وشعرت بأن الحاج الصابر مرهق وتعب وأنه يجامل فينا بصعوبة مما طلبت الإذن بالمغادرة ووقفت وودعته متمنيا له الصحة والعافية على أمل اللقاء عن قريب فى ليبيا فى مدينتنا درنة الحبيبة بعد القضاء ونهاية الطاغية القذافي .
أوصلنا قريبي مفتاح إلى الفندق وبعض الوقت فى الحديث الخاص على شرب فنجان قهوة وكان متحمسا ومؤيدا للسيد محمود جبريل وأنه صديقه وقد تعاون معه كثيرا وتم تقديمه الى الكثيرين من المنطقة الشرقية عن طريقه وبمعرفته حتى أصبح رئيس الوزراء في أول حكومة إنتقالية…
بعد مغادرة قريبي مفتاح إلى بيته وأردت النوم وكانت الساعة حوالى التاسعة مساءا جاء السيد جلال إبن الحاج الصابر إلى الفندق للسؤال عني… وطلبت منه القدوم للغرفة وسهرة طويلة جميعها عن السياسة والتكهنات عن الثورة والحرب الشرسة القائمة ونجاحها أم فشلها وكم سوف تأخذ من الوقت… وعن الخراب والدمار الذي يحدث كل يوم فى الوطن وعن سقوط الضحايا الشهداء والجرحى والمصابين والرعب والتشرد للعائلات وعن هتك الأعراض والمآسى الكثيرة التى تحدث يوميا و إستمرت سهرتنا للساعة الثانية صباحا …
يوم2011/4/7م بالصباح الباكر على الساعة السادسة انطلقنا الى مطار هيثرو للسفر الى مدينة دبى الإمارات عن طريق مطار فرانكفورت المانيا وكنت مرهقا وتعبا من سهرة البارحة ولكن قاومت حتى لا أقع من الإرهاق وحاولت النوم بالطائرة اثناء الرحلة ولكن لم أرتح كما اريد، حيث الأعصاب مشدودة والنفس حزينة على ما يحدث من مجازر في الوطن …
رجب المبروك زعطوط
البقية فى الحلقات القادمة …
No comments:
Post a Comment