بسم الله الرحمن الرحيم
قضينا يوم عرفات في صلاة ودعاء وابتهالات إلى الله عز وجل ان يرحمنا ويغفر ذنوبنا، وكان كل شئ متوفر من الطعام والفاكهة والمشروبات الباردة في احدى الخيام القريبة، وكنا نقوم بصلوات جماعية في وقتها مما شعرت بحلاوة الإيمان يغمر القلب والنفس وعرفت وتعلمت الكثير عن شعائر الحج في الرفقة الجميلة مع الكثيرين من الحجاج وارتبطت بروابط الصداقة مع حاج ليبي وزوجته الحاجة مع زوجتي، وكان من واحة غدامس يعمل فى قطاع النفط في الجزائر ،، وتعرفت بمجموعة من قطاع غزة ليبيين الاصل يقيمون في مدينة دالاس بأمريكا من عائلة بن خيال المشهورة بمدينتنا درنة فى تقديم الأبطال الشهداء فى الذود عن الوطن ليبيا وأوطان الاسلام في حرب فلسطين و افغانستان والعراق .
وبعد صلاة المغرب رجعنا الى المخيم حيث نقيم ونحن سعداء فرحين فقد كتبت لنا الحجة وكانت بالنسبة لي السادسة والحمد لله تعالى ،، مما شعرت بأجواء روحية وعشت وقتها فى عالم آخر وردى وكأننى أطير من الفرحة خفيف الوزن لم أشعر مثلها من قبل …
قمنا يوم العيد بعد صلاة الفجر والعيد جماعة وبعدها تناولنا وجبة الفطور وتم ذبح الاضاحي من قبل الشركة وتوزيعها على الفقراء بدون ان نشاهدها فقد تم الدفع لها مسبقا من ضمن الرحلة مما كانت راحة كبيرة بدون معاناة وتعب للحجاج الذين يرغبون الهدى حيث عليهم كفارة او نذر مثل السابق البحث عن أماكن البيع للغنم والذبح …
ووقت الضحى ذهبنا طابور رقم 8 وأمامنا الشيخ عبدالخالق دليلنا رافعا علما حتى لا نضيع وسط الزحام ،، حتى وصلنا الى نصب الشيطان وتم الرجم بالحجارة بسهولة بدون أى تعب حيث وقتها الإصلاحات والعمار الجديد معظمه تم والطريق المؤدية الفسيحة اليه اتجاه واحد مما سهل الامور عشرات المرات عن قبل حيث لا رجوع لآلاف الحجاج الذين أتموا الرجم …
رجعنا للمخيم ونحن سعداء ، واليوم الثاني من ايام العيد المبارك تم رجم نصب الشيطان الثاني واليوم الثالث الرجم الاخير، وقصة الرجم ان المولى عز وجل عندما امر سيدنا ابراهيم عليه السلام من خلال الرؤية بالمنام بان يذبح ابنه اسماعيل فلذة كبده ،، أخذ إسماعيل الى المكان ليذبحه تمثل له الشيطان فى صورة انسان محاولا ثنيه ونصحه عن تنفيذ الامر مما سيدنا ابراهيم عليه السلام رماه بعدة احجار لطرده حتى لايوسوس له ولا ينفذ الامر ،، وتنقل الشيطان الى بقعة اخرى ونفس الامر نهاه سيدنا ابراهيم ورماه بالحجر ،، ثم المرة الثالثة نفس القصة ،، مما أصبح رمي الشيطان احد شعائر الحج الى يومنا هذا …
عدنا إلى الفندق في مكة المكرمة بصعوبة في الحافلة وسط الملايين المكتظين لأخذ حقائبنا وزيارة الكعبة الشريفة وبعدها يوم 2008/12/5م ، الرحلة البرية إلى المدينة المنورة حيث وصلنا وكنا متعبين من السفر الطويل وأقمنا في فندق بالقرب من مسجد الرسول 3 نجوم بدلا من 5 نجوم ابراج زمزم الذي اقمنا فيه بمكة ، واعطيت لنا غرفة حقيرة مما رفضت وبعد جهد جهود لإرضائي تم تغيير الغرفة الى جناح معقول، حيث من يسكت لا يهتم به احد …
الطعام كان فى فندق آخر تابع للشركة وكان جيدا مثل السابق كما فى مكة المكرمة وزرنا مسجد الرسول وشاهدنا القبر من خلال الفتحات وبجانبه قبور رفات الخلفاء الراشدين أبوبكر وعمر وعثمان، وزرنا الكثير من المعالم التى لم أزورها من قبل بل كنت اسمع عنها، مثل زيارة الى مقبرة معركة احد التي ضم ترابها الطاهر اجساد أبطال الاسلام ، ومكان وموقع معركة الخندق والمسجد ذو القبلتين وأماكن كثيرة مما سعدت جداً !!! فقد كان جدنا الاول منذ الف وأربعمائة عام أصوله من المدينة المنورة من عشيرة " البلوي"
قضينا عدة ايام فى زيارات عديدة لمعظم الاماكن التاريخية بتراثنا الإسلامي الذي يعطى المسلم الحوافز القوية للدفاع والصد والتصدى لاى معتد يريد ان يزيله ويمحيه من الأذهان بخلق صور مشوهة عن الاسلام والتضخيم المفتعل عن التطرف الارهاب والقتل والتدمير للبشر وبالأخص لدى الشباب والأجيال الجديدة التى تعيش فى الأوهام وعصر العولمة …
بعد الانتهاء من الزيارة للمدينة المنورة ومشاهدة قبر الرسول وتأدية الصلوات العديدة بمسجده زيادة فى التعبد والخشوع وطلب البركة لترتاح النفس، رجعنا الى مكة المكرمة عن طريق البر في نفس الحافلة رقم 8 وكانت رحلة جميلة روحية تخلل اثناء الطريق الدعاء والمدح لرسول الله عليه الصلاة والسلام بأصوات عالية إلى ان وصلنا إلى مكة المكرمة حيث قمنا رأسا بالطواف على الكعبة الشريفة، طواف الوداع الاخير على أمل الرجوع مستقبلا وزيارتها من جديد …
اكملنا الرحلة الى جدة وأقمنا فى فندق جيد خمس نجوم "حياة ريجنسي" ليلة واحدة وكان العشاء جيدا والسهرة مع الجميع فى سمر ووداع البعض للبعض حيث بالغد الى المطار للسفر والرجوع إلى الأهل في امريكا فقد انتهت مراسم وموسم الحج …
اليوم الثاني بعد تناول وجبة الإفطار الدسمة، تم الذهاب إلى المطار حيث انتظرنا بعض الوقت عدة ساعات ثم الصعود على الطائرة العملاقة الجامبو متجهين الى امريكا، وكانت رحلة مريحة لم نحس بها بأى تعب ولا هز من مطبات جوية وكأن الملائكة حافة بنا طوال الوقت، والاغرب من ذلك عندما نزلنا فى مطار نيويورك انه لا تفتيش ولا تعطيل من أى نوع مثل دولنا العربية القمعية التى تخاف من التهريب وإحضار المنشورات والصحف المعادية للأنظمة او الذهب من بعض التجار ، بل شاهدت بأم العين كيف المعاملة فى أرقى المستويات الحضارية حيث معظم المسؤولين من الضباط بالمطار قالوا كلمة واحدة " أأنتم حجاج وقلنا لهم نعم " وكان الرد اهلا وسهلا الى امريكا وتم ختم جوازات السفر بدون أي نوع من التعطيل، ومررنا مرور الكرام وكان مع الحقائب لكل حاج هدية من شركة دار السلام ، قالون بلاستيك به عشرة لترات من مياه بئر زمزم المقدسة للاستعمال بالغربة .
كان الطقس فى مدينة نيويورك باردا جداً والثلج يغطى الارض بغلالة بيضاء والحمد لله تعالى كنت مستعدا مرتديا اللباس الجيد للطقس البارد ومعي المعطف الصوفي الدافئ ، بدلا من الطقس الحار بالسعودية حيث كنت معظم الوقت مرتديا مناشف الإحرام من قطعتين من القطن، وانتقلنا الى مطار آخر حيث بعض الانتظار وبعدها صعدنا الطائرة فى رحلة قصيرة الى مطار نورفولك حيث كان ابننا مصطفى في الانتظار والاستقبال …
استغرقت الرحلة من يوم السفر الى يوم الوصول حوالي 3 اسابيع كانت جميلة لا تحتسب من العمر حيث أدينا الفرائض والحج، وكانت اول حجة للزوجة الوفية طالبا من المولى عز وجل ان يهبنا الصحة والعافية ومال الحلال حتى نستطيع ان نقوم مرة بل مرات عديدة مستقبلا بأدائها ، اذا أطال لله تعالى لنا العمر…
كانت الرحلة للحج واداء الفريضة جيدة وقامت الشركة بجميع الخدمات بصورة ممتازة ما عدى الحجز في الفندق في المدينة حيث لم يكن فى المستوى المطلوب … كما كان الوعد من مسؤولي شركة دار السلام بالاقامة فى خمس نجوم والدفع منا …
والحكومة السعودية قامت بالواجب وأكثر من الواجب فى سبيل إرضاء وراحة الحجاج وبالأخص القادمون من امريكا لهم عناية خاصة، فلهم الشكر الجزيل العميق على جميع الخدمات والتسهيلات ، فهذه الحجة عام 2008 م خالدة حفرت بحروف من الذهب في الذهن والنفس، لن أنساها طوال العمر وانا حيا أرزق …
رجب المبروك زعطوط
البقية في الحلقات القادمة …
No comments:
Post a Comment