Wednesday, June 13, 2012

الحلم و الغضب

                                            بسم الله الرحمن الرحيم

                                                 الحلم والغضب


              يقولون إتق شر الحليم إذا غضب  وهذه المقولة لم تأت من فراغ ، قيلت عندما حدثت حكايات كثيرة بالماضي عندما غضب البعض غضبا شديداً غير متوقعا منهم في بعض الحالات المشهود لهم بالدعة وهدوء الأعصاب والصبر ، حيث كل شىء له حدود يتوقف عندها ، خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها ، وإلا فإن ناقوس الخطر سوف يدق ، وتبدأ التراهات والمشاحنات ويتطاول اللسان وممكن في هذه اللحظات أن يخطىء الإنسان بقول بعض العبارات الجارحة أو يقوم ببعض الأفعال المشينة التي يندم عليها عندما يهدأ ولكن الجرح فتح والدم سال ولا يمكن إيقافه إلا بعد مدة ، بالحوار والإعتذار حتى تصفى  القلوب …

نحن بالسابق كأبناء الشعب الليبي  في أواخر الستينات عندما وقع الإنقلاب الأسود الذي سمي "ثورة الفاتح" فرحنا لأننا كنا سذج وبسطاء ، وأنا أحدهم ، كان عمري في ذلك الوقت 26 عاماً ، نصدق تراهات وتحديات الرئيس عبد الناصر لإسرائيل والغرب ، وأكاذيب المذيع أحمد سعيد ، ذو الصوت المجلجل من راديو صوت العرب ولم نتساءل من وراءه حتى نعرف من هم رجال الإنقلاب؟ بل سكتنا وصبرنا مدة طويلة على المقبور 4 عقود ونيف وهو يعمل فينا كما يشاء ، وطننا ليبيا مزرعته ، هو السيد المطاع ، عندما رفضنا الإنصياع ، حاربنا في لقمة العيش الشريف ، وتم الزحف والتأميم بشراسة وكأننا مجرمون ، ولسنا مواطنين ليبيين أصليين ! 
هربنا للخارج ، نعتنا بالضالين ، طاردتنا كلابه المسعورة فرق الموت من اللجان الثورية بكل عنف وقوة... ولولا رضاء الله عز وجل و رضاء الوالدين ومازال الأجل وطول العمر ، لكنا موتى أشلاءا بالقبور ، حتى وصل الأمر إلى نهايته ، وشاء الله عز وجل وآن الأوان للنهاية ، وقامت الثورة الحمراء وضحى الشعب الحر ، الجميع بكل عزيز وغالى حتى تم النصر وقتل الطاغية شر قتلة ، وهو يطلب من آسريه البقاء على حياته التعيسة ، ولكن لم يرحموه لأنه لا رحمة بقلبه المريض بالعظمة والقسوة والإفراط في القوة ، ذاق الكأس التي كان من قبل يسقيها لكل ضحاياه ممن  يتمرد عليه ويتحداه ...
نحن الآن في نظري نمر بأصعب مرحلة من مراحل الثورة ، إتحدنا جميعا لقاء هدف واحد فقط  هو الخلاص من الطاغية تحت أي ظرف وبأي ثمن وتضحيات ، وأن ليبيا موحدة والعاصمة طرابلس ، ولكن بعد النصر المبين والفرحة والسعادة الغامرة ، ظهرت على السطح نتوءات وتحديات كثيرة نظير ضعف الحكومة و يصعب الخلاص منها ،، حيث الشعب غير مسيس يحتاج إلى وقت حتى يتعلم ماهي الديمقراطية الصحيحة حتى يستطيع أن يصل إلى الأهداف في أسرع وقت ممكن ...
نحن نمر في معارك ومتاهات كثيرة علانية والبعض في صمت فى الخفاء ووراء الستار وهذه الخطيرة نخرج من واحدة وندخل في الأخرى نظير عوامل كثيرة ، حيث الأعداء والحاقدون والحساد وأدعياء الأخوة والأصدقاء من إخوتنا دول العرب وآخرين يطوقوننا ضمن حلقات كثيرة ودسائس في الخفاء ، لا يريدون منا الخروج منها ، لأنهم يعرفون أنهم لو تركونا في حالنا عدة سنوات سوف نبدع على جميع القطاعات والإتجاهات ، فقد حبانا الله عز وجل ، بنعم كثيرة ظاهرة وأخرى غير مرئية في الوقت الحاضر ، سوف تظهر وتكتشف مع الأيام  ، ويزداد الخير أضعاف أضعاف ، لا يريدون ليبيا أن تكون مركزا تجاريا كبيراً و مهماً ، لأنها حلقة وصل مهمة بين دول العالم  مع أفريقيا السمراء ، الليبيون بطبعهم تجار ، يشمون الربح أينما كان ، لو تتاح لهم الفرص ، بالإمكان الإبداع وكثير من الدول الآن التي أسواقها رائجة سوف تخسر الكثير ، نظير دخول ليبيا المباراة ...
على السطح  الآن في نظري يظهر للعيان أن كل شيء هادىء نسبياً  والواقع غير ذلك حيث الجذوة مازالت مشتعلة ، تزداد كل يوم ببطء إشتعالا ولكن مغطاة بكميات كبيرة من الرماد منع ظهورها بسرعة ، وإن لم نسرع ونبت في أمور كثيرة حتى تتوقف وتطفأ وتخمد مع الأيام وتنتهي وإلا فسوف تزداد إشتعالاً وتظهر على العيان وعندها صعب القضاء عليها بسرعة ، خصوصاً و أن الحكومة الإنتقالية ضعيفة ، إلا بصراعات كثيرة ومعارك ودم يراق بلا حساب ،، وتأخير للمسيرة سنوات طويلة والإفلاس على جميع المستويات ،
كل يوم يمر تظهر مشاكل على السطح بقدرة قادر ، حيث الأصابع الخفية لقوى كثيرة أجنبية ومحلية لا تريد للثورة أن تنجح والوطن  أن يستقر ... وإلا فمصالح وصفقات تجارية كثيرة وهيمنة دولية للبعض سوف تضيع عليهم للغير ، إنه صراع القوى الدولية لا ناقة لنا فيه ولا جمل ، الشعب البسيط وقع في وسط الرحى مهما عمل لا يستطيع الخروج من المأزق ، يحاول جاهدا البقاء والنفاد من الحصار حيث السدود كثيرة ،، لكن بالصبر وإستعمال العقل كل مشكلة ، بالإصرار والعزيمة والتأني ، لها حل مهما صعبت الأمورفقد تحتاج إلى وقت ...
الشعب الليبى فريد وسط إخوته العرب ، لديه جميع الصفات الحسنة والبعض السيئة تعلمها من عهد المقبور السابق  ، الإتكالية وعدم الإنضباط والتسيب وحب إمتلاك مال الدولة بأي طريقة ولو بالحرام ، لأنه يشاهد  المآسي والسرقات بالملايين وهو محتاج للقليل ، لكن لديه قيم وكرامة ونخوة ،، عندما تصل إلى المهانة وعدم الإحترام والتعدي على الدين وهتك الأعراض والقتل ، يثور ضاربا الحائط بجميع الوسائل المتاحة ويتحدى الموت ، والثورة المجيدة والنصر شاهد على ماأقول عن بسالة الليبين وعدم الخوف من الموت ،،
إنني لست بمتشائم ، دائما أدعو للخير ، ولكن في نظري الصورة غير طبيعية ، ونحن لدينا عشرات الآلاف بالغربة في دول الجوار غير قادرين على الرجوع ، ماذنب الأطفال الصغار حتى الآن بدون دخول مدارس بالغربة ، إنه ذنب الآباء لقاء كثير من الأخطاء في عهد المقبور ،  ولكن من حق العائلات الزوجات والأطفال الرجوع مكرمين بدون لوم ولا مهانة ،، عشرات الأشياء التي تدور في الأوساط الصادقة والمغشوشة الغث والسمين لكن مع الوقت ستجد آذانا صاغية …

 أرجو داعيا الله عز وجل أن أكون مخطئاً في التصورات ،، ولكن مطلوب الإحتراز والإنتباه قبل الحدوث بوقت ، المطلوب المعالجة بهدوء وبدون تهميش ، ضروري من سماع صوت الآخرين إذا كانوا على صدق وحق ، ضروري من المصالحة الوطنية فنحن ليبيون إخوة ، المنتصر والمهزوم ، ضروري من الحوار العقلاني مرة ومرات والصبر وإعطاء الفرص بالحق حتى لا  نخطىء ونلام يوما من الأيام ، أننا تطرفنا وغالينا الأمر نتيجة المباهاة والنصر ،، وإن كانوا خلاف ذلك ، يطالبون بأمور تعجيزية مثل طلب جنازة رسمية للمجرم المقبور ، ضروري من الصد وعدم فتح الأبواب في الحوارات البيزنطية التي لا تؤدي إلى حلول ومصالحات بل إلى تفرقة الصف ...
 هذه نصيحتي لقاء بعض الخبرات ، فالحياة جهاد وتجارب ،، وكل يوم نعيشه نتعلم المزيد من واقع الحياة اليومية ، ونزداد حكمة ،، نحتاج إلى آذان صاغية وضمير حتى نستطيع أن ننهض ونبدع ونتقدم ... والله الموفق …

                                                             رجب المبروك زعطوط

                                                                 2012/6/13 م  

No comments:

Post a Comment