Thursday, June 21, 2012

البلية

                                           بسم الله الرحمن الرحيم
                                                    البلية


                 يقولون أن شر البلية ما يضحك ، فكثير من الأمور المتشابكة الشائكة كثيرة العقد المتواصلة ذات الأبواب المقفلة تصل في بعض الأحيان بالإنسان  السئ الحظ إلى مرحلة الذهول والجنون ، وفي بعض الأحيان لا شعورياً يجد الضحية  نفسه يضحك من الهيستريا من غير أن يعرف ويتوقف ، وأحسن علاج لهذه الحالات النادرة ، هو الهدوء وكتم الغضب والصبر  وترك الأمور تجري في أعنتها حسب مايريد القدر و يرغب ، حيث نحن بشر مهما وصلنا من علم ومعرفة وفهم لانستطيع التغيير أو عمل أي شيء ، نحن مسيرون ضمن المنظومة الإلاهية  منذ الأزل ...
الآن كشعب ليبي نمر بمرحلة خطيرة عالقين بعنق الزجاجة غير قادرين على الخروج  ، نحاول قدر الإمكان إستنشاق الأنفاس ولكن بالكاد  حيث توجد قوى خفية عالمية تساند أو توحي إلى قوى محلية لخلق الفتن لقاء عصبيات مثل ماحدث مع مجموعة الفيدرالية التي هي ضد المركزية والتي من الممكن أن تضع الأساس لتقسيم ليبيا مستقبلا إلى دويلات قزمية ، فأنا شخصياً ضد التقسيم و التهميش لأي منطقة في ليبيا و بلأخص المنطقة الشرقية حيث همشت بقصد مقصود و نية مبيتة  وممكن الوصول الآن إلى صيغ مثلى بحيث تنعدم المركزية ، حيث الآن منظومات الحاسوب تسهل قضاء الأمور في أي مكان في دولة ليبيا بدون التعب والسفر إلى العاصمة طرابلس كما كنا بالماضي أيام عهد المقبور ،  ويطلب من الدول الخارجية الإبقاء على سفاراتها  في طرابلس وفتح قنصليات لها في الشرق والجنوب لتسهيل الأمور على المواطن ...
القوى الهدامة تريد لهذا الوضع أن يستمر لفترة حتى تحقق أهدافها وتكسب مكاسب خيالية لقاء الفوضى التي نحن في خضمها حتى لا يستقر الوضع ويبدأ التشييد والبناء وتصبح ليبيا مستقبلا ورشة بناء ومركزا مزدهرا بالتجارة ، قبلة لكل مستثمر يريد أن يحقق الأرباح في سوق يعتبر للآن بكراً في هذا العالم المضطرب لم يدنس بعد بالحضارة الزائدة عن الحد  ...
وبكل هذه المشاكل التي نحن نعاني منها في الوقت الحاضر ، نحن سعداء فرحون حيث تخلصنا من نظام الطاغوت، الجهل والإرهاب ، ننام مرتاحين طوال الليل والنهار بدون الخوف والرعب من رجال الأمن الذين همهم الإزعاج والمضايقة  ، و بث الخوف حتى لا يرتاح المواطن ويعمل براحة بال  ويبدع ...
أتيحت لي الفرص وتابعت العديد من اللقاءات والجلسات  وشاهدت التراهات والطحالب المتسلقين وسمعت المهاترات من البعض الأدعياء بأنهم من الأوائل الذين قاموا بالثورة وناصروها من البدايات وكلام فارغ كثير ومباهاة وخداع ، والواقع يحبون الظهور والبروز على الأكتاف بدون إستحياء ولا وخز ضمير ، هذه النوعيات المنافقة التي تلون أجسادها مثل الحرباء حسب الموقف والمصلحة حتى لا تظهر الحقائق الساطعة ، هذه النوعيات نسبة كبيرة في أي شعب من العالم الثالث ، وبالأخص في دول الربيع العربي ، حيث الفوضى مستمرة في هدوء وصمت ، لا وجود لقوانين تلجم وتلزم الأدعياء عن الكذب والرياء وتوقفهم عند الحد السليم الصادق ، حتى لا يخدعوا الغير من البسطاء من أبناء الشعب الذين لا يعرفون الحقائق بل يصدقون بدون تساؤلات ، نظير السذاجة وحسن النوايا ...
مازلت أكرر وأقول نحن سعداء ، نحمد الله عز وجل على عطاياه ، ثورتنا إلاهية أيدنا الله تعالى وإنتصرنا وتخلصنا من شياطيين الإنس والجان ، تخلصنا من الخوف والرعب وأصبح لنا كيان يشرف ، رافعين رؤوسنا بإباء ضمن الإحترام من الجميع وبالأخص دول الجوار بعد أن كانوا يتشدقون علينا بأننا الليبيون ضعاف سلبيون جبناء لأننا تأخرنا في الثورة ، ولكن عندما نهضنا أثبتنا للعالم أننا شعب حر حي به رجال شجعان لايخافون ولا يهابون الموت ، ضحينا بالروح والدم وقدمنا عشرات الآلاف ضحايا شهداء ومثلهم جرحى ومعاقين ، ولن نترك أي طرف أي كان طالما نحن أحياء نرزق بأن يلعب بمصائرنا ويوجههنا الى أمور تتعارض مع ديننا ، قيمنا وأخلاقنا ، مع طموحاتنا ورغباتنا ...
هذا الوضع الذي نحن فيه الآن طبيعي بعد  الثورة والحرب الدموية ، نحتاج إلى الوقت ، حتى ينضج الثوار الشباب صغار السن بعد خراب ودمار على مدى 4 عقود ونيف من التجهيل والإرهاب ويعرفون أن الوطن بحاجة إلى تخطيط ودراسات بالعقل والضمير من أساطين ذوي خبرات وتجارب من الحياة العملية  حتى يبرز من خلال المحن الرجال الصادقون لخدمة المصلحة العامة التي هي مصلحة الجميع ...
إنني مهما حاولت أن أشرح عن مايدور بالنفس من خواطر جياشة  ، لا أستطيع من كثرتها وكل يوم يظهر جديد على السطح والساحة الغث والسمين ، تحتاج إلى متابعة دقيقة حتى يستطيع أن يصل إلى الأغوار الدفينة  ويعرف الصادقة من الشائعات ، ويصعب الحكم على البشر بسهولة من غير معرفة وثيقة بأغوار النفوس والتجارب ، وكثيرون كنا نعتقد أنهم موسى فيهم الخير ورشحناهم  ، أعطيناهم أصواتنا لخدمة المصلحة العامة ، ومع الوقت عندما تقلدوا المناصب وذاقوا حلاوة الكراسي والإهتمام من الإعلام ، وتملق الطحالب  ، وزاد الدخل ، كبرت نفوسهم بسرعة وتغيروا  وأصبحوا طغاة مثل فرعون ، ولكن الحمد لله تعالى الرب الخالق موجود في علاه ، مهما خططوا من خير أو شر وشرور نظير عدم الخبرة على المدى البعيد  ، لا يدوم الحال إلى ما لا نهاية! آخرتها موت وفناء ، ولكن نحن كشعب لسنا حقل تجارب ، ولا مختبر حتى نصل بعد فوات الوقت وضياع الطاقات والهدر ...
إن وطننا ليبيا يمر الآن بأزمة ضمير ، حيث تقاعس المجلس الإنتقالي عن حزم الأمور منذ البدايات والآن بعد مرور 7 أشهر على قتل المقبور مازلنا نراوح في نفس المكان لم نتقدم خطوات إيجابية مع أنهم عملوا الكثير في صمت ولم يحس بهم أي أحد ، حتى يشعر بهم الشعب المتعطش للوصول ، في نظري لعدة أسباب جوهرية رئيسية ، أولها عدم الحزم من أول يوم للنصر ، حيث لا خبرات من أولاة الأمر ، غير مسيسين وليست لهم الخبرات في قيادة الرجال ، ونسوا أو تناسوا أن الثوار الأحرار خرجوا من القمقم بعد كفاح ونضال وصبر طويل ، إستغرق الظلم والإرهاب 4 عقود ونيف العهد السابق وجميعه خوف ورعب ، عذاب وقتل ، وبعد النصر والفرحة ، تمادى البعض أكثر من الحد مما خلق الفوضى ، ولا قانون رادع يطبق على الجميع ، بل مليشيات مسلحة  تعمل في صمت بإنتظام ضمن قوانين سرية غير مكتوبة ولا معلنة ، يعرفها قادتهم ، وبالتالي الأمن للمواطن مستتب إلا من بعض الحوادث الفردية التي تحدث بين وقت وآخر ...
الهروب المنظم لرموز النظام الأساسيين بعد أن كان البعض تحت الحجز لدى الثوار ، ولكن لأمور خافية هربوا إلى دول الجوار والخارج ولديهم المليارات تحت تصرفهم في حسابات عديدة بالخارج و إستثمارات رهيبة من الصعب متابعتها ، الآن يتباكون على العهد السابق ، يريدون إحياؤه بأي ثمن مهما كلف الأمر ، ليس حبا في المقبور ، ولا ولاءا لذكراه ، ولكن إتخذوه عنواناً كبيراً ، لا فتة هشة يريدون شحذ الهمم وإستجلاب المرتزقة ، مستغلين صراع الكبار على النفوذ بالمنطقة ، وتعاطف بعض الدول الكبرى مثل روسيا والصين نظير مصالحها ، والوصول للوطن والإنتقام من الثوار والحكم حتى ينهبوا الخيرات  من جديد !
إنني أضحك من شر البلية على غباء هؤلاء ، مازالوا يعتقدون أن بإمكانهم الرجوع إلى ليبيا والوصول مرة أخرى للحكم والنهب من جديد ، وهم الآن لديهم الأموال المنهوبة المسروقة من دم الشعب تحت أيديهم يتصرفون فيها كما يشاؤون ، وتساؤلاتي ألم تكفيهم هذه الأرقام الفلكية ويتقاعدون ويطلبون السماح والمصالحة الوطنية عسى أن يصلوا إلى بعض العفو عن الجرائم والآثام السابقة عن طريق المحاكمات العادلة ؟؟؟ أم نتيجة الطمع والغرور كما حدث للمقبور أعماه الله عز و جل عن رؤية الحق والصواب ولم يعترف بالأخطاء ويحاول الوصول إلى مصالحات وطنية ، بل هدد  شعبه ونعتهم بأوسخ النعوت والأوصاف وهو يحتضر  يرقص على الحبال رقصة الديك المذبوح ؟؟؟
نسوا أن الغرور نتيجته الفناء والنهاية المقبرة والدفن ، تناسوا أن أبناء الشعب الليبي لن يرضخوا مستقبلاً تحت أي ظرف للمهادنة أو المصالحة طالما هم يعملون في المؤمرات الدنيئة وإطلاق الشائعات المغرضة ضد ليبيا الحرة حتى لا تستقر الأوضاع فيها وترتاح ،، مصيرهم مع الزمن التآكل والنهاية ، ليبيا قائمة وستظل حرة إلى ماشاء الله عزوجل ،، أما الأفراد مهما طال العمر والزمن لهم يوم موت وفناء ، ذكراهم اللعينة سوف تخلد في قوائم الشر والشرور في سجل الوطن النضالي إلى ماشاء الله عز و جل ، لن تنتسى ، سوف يتحملها الأبناء والأحفاد الأبرياء على مدى أجيال ...
من وجهة نظري الشخصية أن الزمام فلت الآن حيث أعضاء المجلس الوطني كل فرد منهم يحاول قدر الإمكان الوصول إلى غرض معين ، متشاكسون ومتقاعسون مع بعضهم البعض حيث يعرفون أن بقاؤهم في السلطة عبارة عن أسابيع فقط ،، وبعدها النهاية والتسليم بعد الإنتخاب والبعض إختلطت المفاهيم لديهم ، هل قاموا بالواجب كما يجب للمصلحة العامة أم لمصالح شخصية خاصة بهم وبأتباعهم ؟؟؟ والحكومة في واد آخر ونفس القصة ، والثوار مقسمون إلى مئات الكتائب ، وكل واحد منهم له قصة وقصص وضاعت الحقيقة وسط الغث والسمين ، وأبناء الشعب مازالون يتسائلون في إستغراب ،  أين المليارات المكدسة وأموال النفط الذي يستخرج كل يوم  ويباع ؟؟؟ إلى أين تذهب ؟؟؟
أول مساس وفلتان عدم إستتباب الأمن ، حيث المفروض من أول يوم عدم فتح أبواب السجون على مصراعيها للجميع ، بل كل مجرم يبقى سجين حتى يستتب الأمن ، إطلاق السراح لسجناء السياسة والفكر فقط ، وعتاة المجرمين الهاربين يرجعون ولو إضطر الأمر للقوة ، وعدم التهاون مع رموز النظام مهما تراجعوا وإنشقوا عن الركب ، لأنهم أذكياء ، عرفوا السفينة غارقة ولا يريدون الغرق ، بدؤا يقفزون الواحد وراء الآخر مثل الجرذان ، والسؤال هل الإنشقاق عن وخز ضمير ومراجعة للنفس ، حبا في المواطنين وليبيا أم للحفاظ على حياتهم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ؟؟ المفروض للبعض بقاؤهم بالسجون وليس تحت الإقامة الجبرية في بيوتهم مرفهين ، المفروض يحسون بالمعاناة والألم كما دفع الثمن الضحايا الأبرياء من قبل في السجون عشرات السنين نظير تسلطهم وجبروتهم بالسابق  ؟؟
عشرات الأشياء والتساؤلات التي تحتاج إلى الكتابة والشكوى ، وفي نظري الشكوى لغير الله تعالى مذلة ، ضروري من طرح البدائل عسى أن أجد أذانا صاغية من المسؤولين تهتم بالأمر وتعمل بقوة حتى نصل إلى بعض الحلول مع الوقت بدلاً من لا شىء يحدث نظير المتاهة التي نحن ندور ب فيها الآن دون مخرج ...
إستقرار الوضع يعتمد إعتمادا كبيرا على الأمن ، أي مسؤول كبير بالداخلية لا يعين ولا يوظف لحسن السيرة فقط حتى لا يصبح الأمر مائع مثل الآن والضرر على الجميع ، بل الخبرة وقوة الشخصية و طهارة القلب واليد وعدم الخوف والإقدام هم الأساس للتكليف … وتطهير الجهاز من جميع الشوائب والمعاملات الخاطئة وإستغلال الوظائف والرتب ، رفع معنويات الضباط صغار الرتب على العطاء بشرف ، إعطاؤهم جميع الصلاحيات والمهايا والمرتبات ضمن القانون بحيث لايهانون من أي جهة بالدولة أو صعلوك مجرم يحب التطاول حتى يصبح لهم هيبة بالحق والقانون ، تطعيم الجهاز بشباب ثوار ضمن دورات تأهيل ... عشرات الأشياء بالصبر والدراسة الجيدة والتخطيط ممكن في فترة وجيزة يصبح جهاز الداخلية من أروع الأجهزة لتحقيق الأمن بالعدل والمساواة !
حراسة الحدود والمنافذ بدقة وتفعيل المنظومات والحواسيب على العمل الدقيق ووضع شباب ثوار رجال يخافون الله تعالى لديهم ضمير يحرسون الوطن ، حيث الآن أزلام النظام السابق الغير معروفين يمرون بسهولة ، بدون تحفظ ولا توقيف ، أليس بأمر مؤسف ومأساة  ؟؟ وكل يوم نفاجأ بجديد عن أعمال العنف نتيجة التسيب وتحكم البعض في المنافذ لقاء التهريب والحصول على مكاسب وجنى الثروات الخيالية بدون وجه حق ...
إحياء ديوان المراجعة وفصله عن الإدارة المالية ، وإعطاؤه الصلاحيات القوية حتى يصبح له كيان وشأن ،، ويستطيع التوقيف والضبط لأي مسؤول مهما كان بقوة القانون في حالة التسيب أو الإختلاس !
وقف النزيف للعلاج بالخارج للجرحى الذي إستغل من كثيرين ليس لهم علاقة لا بالثورة والمعارك ولا بالجرحى بل نظير واسطات وصداقات وإهدار الملايين بل البلايين في أمور يمكن تقليصها إلى أرقام معقولة بدل الهدر والإستغلال ! 
مراجعة عقود النفط السابقة مع الشركات ومحاولة الحد من الإستغلال ضمن معايير صادقة تحفظ حقوق الجميع بالحق ، وإستجلاب أموالنا التي بالخارج في الإستثمارات ونحن بحاجة لها أن نستثمرها في بناء وطننا الغالي ...
الإهتمام بالصحة والتعليم  ، وبناء المستشفيات المتنقلة في الدواخل ، وتأجير العائمة والمنع للخروج للخارج على حساب المجتمع حتى نمنع الإستغلال والإحتكار ورفع الأسعار الخيالية في الأدوية والعلاج من المستغلين للظرف في  مستشفيات ومصحات الخارج ، وإستقدام الخبرات من الأطباء المهرة إلى ليبيا مهما كلف الأمر من أموال … وتسليم بعض المستشفيات إلى القطاع الخاص وإستجلاب أطقم طبية مع الإدارة والخدمات من الألف للياء من الغرب و الدول المتقدمة حتى ننهض مع الوقت ...
مازالت الخواطر كثيرة للإصلاح وهذه بعضها التي سطرتها عسى أن أجد آذانا صاغية ، وإلا فيوماً ما السحر سوف ينقلب على السحرة الذين يستغلون الأمر ويريدون الفوضى أن تستمر ، وأقول لهم ، ليبيا لها "عشم" ويوماً من الأيام سوف تدفعون الثمن الغالي ، فليس المال والجاه هو الأساس للحياة ، ليبيا مازالت بخير ، وستظل في الخير إلى ماشاء الله عز و جل ، أراد الحاقدون الحاسدون الرقي والسمو للوطن أم لا ؟؟  والله الموفق ...
                                                                     رجب المبروك زعطوط
                                                                           20/6/2012م

No comments:

Post a Comment