بسم الله الرحمن الرحيم
رياح الغضب
حاولت قدر الإمكان إن لا أكتب في هذا الموضوع لحساسيته ، لأنه في نظري سلاح ذو حدين وممكن مع الوقت يحسب علي من طبقة الجهل وأنصاف المتعلمين الذين مدى تفكيرهم محدود لا يتجاوز النظر أبعد من خطوة أمامهم ، ليس لهم العلم ولا المقدرة والفهم بماذا يجري من أحداث في السر تحاك للوطن الغالي من قوى خفية عالمية ومحلية بحيث يعتقدون أنني أدعو إلى الثورة والتمرد والتأبي على أولاة الأمر الآن في الفترة الإنتقالية…
أنا غرضي سليم ، حبي لوطني ليبيا فاق الحدود أحاول شرح الأمر من خلال وجهة نظري الشخصية قبل أن يقع المحظور وندخل في حرب أهلية لا تبقي ولا تذر ، تحصد كثيراً من الرؤوس بدون تحديد المذنبين والأبرياء ، والنهاية تجزأ ليبيا إلى دويلات قزمية نظير عدم الفهم ، والتعصب الأعمى لدى البعض المهمشين بالسابق …
إن الهدوء الآن مخيم على السطح في إنتظار هبوب العاصفة الشديدة حيث الجميع يتساءلون غير راضين عن مايجري من أمور التسيب والنهب وضعف الإدارة من الحكومة ، في نظري الهدوء غير عادي بالساحة بالمرة ،هناك شيء ما تحت السطح ووراء الستار في الخفايا يعد ويطبخ ، أكاد أشم الرائحة التي بدأت تعبق في الجو نظير الأخطاء العديدة ، وكأنها مقصودة بفعل فاعل ، السرقات والنهب للأرصدة المجنبة والخارجية والتي لا يعرف خباياها إلا البعض القليل ، والقرارات الخاطئة من المجلس الإنتقالي ، والإستخفاف بعقول الأحرار الشرفاء ، الكثيرون لا هون في حياتهم اليومية ، البسطاء يحاولون العيش الكريم بأية طريقة كانت ، المهم الحصول على بعض الفتات ، وطبقة المستغلين تعمل جاهدة في الإحتكارات وتسمين الحسابات بالداخل والخارج بدون عواطف ولا حب ولا ولاء للوطن كما يدعون ويتشدقون طحالب ، المهم السعي الحثيث الحصول على المال والجاه ، والمجلس الإنتقالي لا يهش ولا ينش مثل الأسد كبير السن قابع في العرين يزأر ، ولا من مهتم ، يفاجائنا في بعض الأحيان بإصدار قرارات خاطئة بدون دراسات وافية مما مع الوقت سوف يؤدي بنا إلى الهاوية ، أهمها رفع وزيادة المرتبات عدة أضعاف ، وتعويض السجناء طوال المدة بأرقام شهرية عالية عن كل المدة التي قضوها بالسجون من بداية الإنقلاب الأسود إلى يوم الثورة والنصر ، مما ستضعنا في الهاوية …
وأنا شخصيا لست ضد التعويض المناسب ، فقد جربت المعاناة والسجن والقهر والإذلال ، ولو دفعت الملايين لا يمكن تعويض يوم واحد لسجين وبالأخص الأبرياء المظاليم ، ولكن أقول محذراً لو إستمرت وطبقت هذه القرارات ، عندها السلام على الثورة على هذه الحال المؤسفة التي تجعل الفرحة اليوم ، ولكن الحزن بالمستقبل القريب حيث سوف ترتفع جميع الأسعار وقيمة الدينار سوف تتدنى إلى مستويات مخيفة وسوف تفلس الدولة ولا تستطيع الإيفاء والدفع ، ونصبح نعاني مثل دول عديدة بالعالم الآن التي على وشك الإفلاس ولديها جميع الخبرات والمخططون ومع هذا الكم الهائل وصلت إلى مراحل مادية متدنية ، ولدينا أمثلة حية أمامنا مثل أسبانيا واليونان وكم يعانون !
إنه مخطط كبير من أساطين وأساتذة عقول الشر من القوى الخفية الدولية للخراب والدمار لنا حتى لا ننهض ،، يدسون السم الزعاف في العسل ، يعاملوننا بحقارة وعدم إهتمام كالجرذان في المختبرات ولسنا بشر ، كم يموت منا لا حساب لهم ! المهم نجاح التجربة وأن لا تصل إلى دولهم رياح الغضب تدمر ، ونسوا وتناسوا أن ثورتنا مباركة ولن تتوقف ولن تخمد الجذوة مهما عملوا من دسائس ومؤمرات وحيل …
ليبيا للليبيين ، نريد العيش في سلام و وئام مع الجميع ، نحترم الشعائر والأديان ، نريد التعامل الذي يحفظ ماء الوجه لجميع الأطراف بدون حقد ولا حسد بحيث نستفيد ونفيد الآخرين ،،، فالعالم الآن صغير ولسنا وحدنا فيه … ولكن نرفض الإيحاء أو التدخل في شئوننا الخاصة من أي طرف ، أو أصدقاء يدعون الصداقة من دول عربية ومنظمات وأفراد وأجانب ، وبالسر والخفاء يخادعوننا و يحفرون و يريدون لنا الدمار والخراب…
أرجو من كل قلبي أن يكون خير ، فليبيا دولة كبيرة المساحة والخيرات وشعبها قليل العدد ، عدة ملايين أقل من عدد أصابع اليد غير قادرين على حكم أنفسهم بأنفسهم من غير تدخل أي طرف واحد أجنبي ، أكرر وأقول سواءا دولا أم أفراداً أم المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة ، للأسف وألف أسف ، هل نحن بحاجة من يقول لنا ماذا نعمل من الأطراف الخارجية الدولية لنحكم أنفسنا ؟ أين رجالنا ذوي الشهادات العالية ؟ أم معظمها مزورة ؟ أين الخبرات ؟ أين التشدق بالوطنية ؟ وحب الظهور في الإعلام وتلميع الصور حتى يتحصلوا على التأييد من الشعب الذي لا يعرف أغوار النفس البشرية ولا ماذا يحاك له من نوادر ومؤامرات !
هذا الخضم والفوضى العارمة ونحن نهوج ونموج في متاهات ، غير قادرين على الخروج بأمان وسلامة ، ذكرتني بطرفة وحكمة قيلت من أحد المجانين بمدينتى درنة ( بالة ) عندما تم سؤاله عن وضعية الشعب الليبي أيام حكم المقبور ، ورد ببساطة وقال أن الشعب الليبي عواطفه جياشة مثل الجرانة ( الضفدعة ) يجرف فيها تيار الساقية بقوة إلى الهاوية والموت وهي تزغرد فرحة في سعادة ، ونحن للأسف نطبق فى هذا المثل البسيط ، إلى اليوم ولا نأخذ عبراً ، ندعي العلم والمعرفة ، ونحن جهلاء بالمصلحة العامة نظير عدم الفهم والعيش في نشوة العواطف والتخلف …
البعض يعتقدون أن بالمال يمكن شراء البشر ، ولكن هذا المال مال الشعب وليس منة من أي أحد من المجلس أو الحكومة يستطيع أن يتشدق ويمن علينا ، صحيح أن المال هو عصب الحياة ، ولكن له حدود يتوقف فيها ولا يستطيع أن يتقدم شبراً واحداً وليس خطوة ، لا يمكن شراء الحب والولاء من القلب والضمير من أحرار الوطن ، لا يمكن شراء النفوس الجيدة الخيرة مهما كبر الرقم ، المال وسيلة للحياة الشريفة بدلاً من مد اليد أو إراقة ماء الوجه ، وليس غاية ، نحن لدينا هدف واضح وضوح الشمس كيف نستطيع إستغلال الثروة للنهوض بجميع مرافق الحياة ضمن دراسات ومخططات سليمة ونعيش سعداء بدون المغالاة والتهويل ولا السرقة في الخفاء من البعض الذين مثل السوس ينخر حتى تتهاوى ليبيا وتسقط في المستنقع القذر أو الرمال المتحركة ليس منها أي نجاة وخروج ، الذين نفوسهم ضعيفة ممكن شراؤها بأبخس الأثمان ، قليلون بالمجتمع ، ولو يبحث الإنسان بدقة وفي العمق يجد معظمهم غير أصليين لا يمتون لهذا الوطن ، أليست بمأساة ؟؟
الذي أود قوله لمن يلعب بقضية الوطن بعلم أو بدون علم ، حذار من الموضوع حيث القضية شائكة ،، قضية شعب أراد الحياة ، قضية مصير ،، قضية بناء الإنسان والأجيال القادمة على مبادىء وأخلاقيات سامية ، أقول لهم إعملوا الخير تجدون الخير ، وإن تماديتم في الفساد والإفساد ، حذار ، حذار لن يرحمكم الشعب مهما حاولتم التغطية والهروب ، سوف تعاقبون اليوم بالدنيا عقابا قاسيا ، أم من الخالق الرب العادل بالآخرة ،، فليبيا منصورة ولن تخنع مرة أخرى للصعاليك مثل ماحدث بالسابق من المقبور الذي هدد شعبه وقال من أنتم ؟؟ فقد إستنشقت هواء الحرية العليل ، وهرب الرعب والخوف من النفوس إلى الأبد ، ولن تتوقف عن المضي في الطريق الصحيح مهما كانت العقبات والعوائق ، حتى تصل وتنهض مع الأيام ...
إن الدنيا مرآة ساطعة ، الخير والشر متلازمان منذ اليوم الأول ، وحسب رؤية الإنسان ، إذا نظر لها من زوايا الخير يجده في كل مكان ويحظى بالسعادة والراحة وطمأنينة البال ويبدع وينهض مع الأيام ، وإن نظر لها من نظرة شيطانية وحب الذات والغرور والتكبر ، أعماه الله عز وجل عن رؤية الصواب والحق وكل يوم مزيدا من المضي في الشر والإرهاب والغرور والمشاكل ويسيل الدم وتكثر الآهات من الثكالى والصرخات من السجناء المعذبين والحاكم يحاول الإيقاف بإرتكاب الأخطاء الواحد وراء الآخر للتغطية حتى لا تفوح الروائح الكريهة ويتمرد الشعب وتأتي النهاية ، فهي دورة الحياة ولن تتوقف طالما يوجد بشر أحياء وحكام مجانين بالعظمة ، إلى ماشاء الله تعالى ...
إن الصورة الآن غير واضحة ، الحرية زيادة على اللزوم في الوقت الحاضر بدون ضوابط وقانون أصبحت فوضى وتسيب في نظري خطأ كبير ، حيث وطننا الآن مفتوح للجميع لكل من هب ودب من الجواسيس والإستخبارات لدول كثيرة ، يعتقدون أن ليبيا لقمة سائغة وهي لقمة مرة علقم ، والدليل الساطع عندما تم القبض منذ فترة على جواسيس يريدون توصيل معلومات كثيرة إلى الضال سيف إبن المقبور ، وهم لديهم الحصانة من المحكمة الدولية ، فكيف نستطيع أن نثق فيهم وهم لا يشرفون المهمة السامية ، إذا كان هذا الأمر يصدر من أفراد تابعين للقضاء الدولي ، فإلى أين الملجأ ؟؟
إنني مع الرأي القائل بعدم إطلاق السراح وأن يحاكموا في ليبيا بتهمة الجوسسة وتطبيق أقصى العقوبات تحت أي ظرف كان ولا تهاون من أي إنسان مسئول كان تحت أي إعتبار ، لا شفاعة ولا وساطة دولية ، حتى يتعلم سادتهم أن ليبيا والليبين مهما كانوا يظهرون للآخرين أنهم طيبون ضعاف سذج يمرون بأزمات ،، لا يمكن شراؤهم بالمال أو الضحك على الذقون فهم ليسوا بأغبياء كما يعتقدون ... وأي إنسان يخطأ يدفع الثمن الغالي! وسوف هذا الموضوع يصبح سابقة عندما يتم القصاص بالعدل والحق فيهم مثل أى مجرمين جواسيس يتآمرون على الوطن ، وسؤالي هل نسوا المقولة من ليبيا يأتي الجديد ؟؟
أخيرا أود القول الصادق ، أبناء الشعب الأحرار الآن في رهان كبير ، ينتظرون الإنتخابات بفارغ الصبر حتى تتغير هذه الوجوه الحاكمة عن بكرة أبيها ، وإذا الإنتخابات تأخرت بأحاجيج وتعطلت بأي سبب ، عندها الويل لهؤلاء ، الشعب لن يسكت وسوف يهب من جديد ويعلنها ثورة ثانية لتصحيح الأمور ، أرجو من الله عز وجل أن يهدي الأمور إلى مافيه الخير ، وأن لا نضطر أن نخوض حربا أهلية ثانية ، وتتمزق ليبيا الحبيبة إلى دويلات أقزام ، وهذا الرهان الكبير واللعبة التي تدار بين الشرق والغرب حتى لا ننهض ونتقدم … والله الموفق.
رجب المبروك زعطوط
2012/6/21م
No comments:
Post a Comment