Tuesday, June 19, 2012

الحظ

                                            بسم الله الرحمن الرحيم



                                                      الحظ


             لدينا مثل شعبي من البادية  يقول ( خلوة النجع من سعد الجذع العطيب ) أي بما معنى أن رجال النجع الشجعان هم الذين يهبون ساعة النداء والجهاد أو الغزو ويرحلون للمعركة ، والذي يبقى في رعاية كبار السن والعائلات والأطفال هم أنصاف أو أشباه الرجال الجبناء العجزة  وبالتالي تصبح لهم الحظوة في أعين الجميع حيث يصبحون من ذوى  الآمر والنهي في النجع في غياب  الرجال ...
ونحن الآن في ليبيا نمر بنفس الحالة ، حيث  معظم الشرفاء الأحرار الثوار ضحوا من أجل الثورة وقاموا بأعمال وبطولات من البذل بالروح والدم والعطاء بالمال والجهد بدون حساب ولا منن ، البعض معروف والغير معروف لدى الكثيرون حيث يحبون أن يكونوا في ستر الله عز وجل حتى يتحصلوا على الأجر والثواب ، حتى تم النصر وقتل الطاغية وأصبح مقبورا في الهاوية  ، هؤلاء الرجال مميزون كان بالإمكان بقاؤهم في المقدمة وصنع القرار ولا يستطيع أي أحد أن يتخطاهم نظير مبادراتهم ورجولتهم وأعمالهم النضالية والخيرة  ، ولكن تراجعوا خطوات للوراء ، لأنهم ذوي كرم وشهامة وليسوا طحالب يقفزون على مراكز السلطة  ، ومع الوقت أصبحوا في خبر كان وراء الستار فى زوايا النسيان  وهذه المأساة وسنة الحياة  ، حيث الشعوب العربية لا تكرم أبطالها في حياتهم حتى يزهون ببعض الفخار ، ويصبحون قدوة للأجيال الصغيرة حتى تحاول السير على هداهم  ، بل معظم التكريم بعد الوفاة ...   
الآن نحن نمر في عنق الزجاجة ، الوضع الأمني غير مستقر  ، وبعض الشرائح تشحذ في سكاكينها وقواها تريد الأخذ بالثأر ، كل واحدة من الأخرى وكل يوم نسمع الأخبار الحزينة عن المعارك والمناوشات ويسقط البعض موتى ويهدر الدم والمصالحات العرفية الهشة في غياب القانون والحزم والقوة  ، والطحالب متكالبون على النهب والتحصيل طالما الفرص متاحة ولا حسيب ولا رقيب بل الإهدار للثروة في متاهات وأوجه صرف لا تسمن ولا تغني من جوع  ، وأي مواطن غير قادر على التخطيط لمدى بعيد فنحن لا نعرف ماذا سوف تكون الأوضاع في المستقبل ، حيث المسيرة حتى الآن مازالت تتوكأ على عكاكيز كثيرة معظمها لأطراف عديدة لديها أجندات خفية مؤيدة من أطراف دولية لم تعلن عنها بصراحة  ، حيث هم في نظري يطبقون  مسارات اللعبة الخفية ويعتقدون أنهم المخططون والواقع هم في غفلة ينفذون بدون أن يشعروا  ، أليست بأمر مؤسف ومأساة أن دماء الشهداء والجرحى والمعاقين تذهب هباءا منثورا  ، نظير الإفلاس في الفكر والتصورات ...
البارحة كنت مدعواً إلى العشاء مع بعض الرجال من رجال الأعمال والسياسة وتطرق الحديث إلى من يكون بالمقدمة حيث الحكومة الحالية تحتضر  ، وعن قريب سوف تنتهي ، وتأتي حكومة أخرى ومفاهيم جديدة بدون أساس ولا تخطيط  ، بل تبدأ من أول الطريق وبالتالي ضياع الوقت الثمين وتأخر الوطن سنوات للوراء نظير الغباء  ، حيث كل مسؤول جديد يحاول قفل الفجوات والعيش يوما بيوم مع الأحداث  ، بدون مخطط سليم يتفق عليه ويتم الإستمرار بدون الخروج عنه من أي حكومة تأتي حتى ننهض  ، أما الطريقة العقيمة سوف نصبح ندور في الحلقات بدون أبواب ومخارج إلى مالانهاية نظير الإرتجال  ، وطرحت عدة أسماء وكنت أعرف البعض   وإستغربت بشدة وقلت للنفس الدنيا تغيرت  ، حتى يصبح هؤلاء أشباه الرجال الآن بالمقدمة  ، ومن الممكن أن يصبحوا من القادة وأصحاب القرار  ، سبحان الله تعالى هل عقرت ليبيا ولم تولد الرجال حتى  يختاروا هؤلاء ، ليتنافسوا على القيادة والرئاسة ... إنها مأساة أشاهدها وهي ترسم وتحقق نظير الغفلة من الجماهير حيث يعيشون في الأحلام وحلو اللسان والتعبير من هؤلاء الطحالب  ، وخوفي أن يأتي يوم ونتحسر على الماضي ، الذي ذهب إلى غير رجعة ...
إنني لست بمتشائم ، ولكنني حزين عندما أشاهد المهازل والمسرحية التي تدار بغباء بدون ذكاء ولا فن، والجماهير متعطشة للقبض بدون أي قطرة عرق وجهد يبذلونها  ، يعتقدون أن رزق الدولة حلال للكسب والنهب أليست بمأساة ونحن بهذه العقليات الضحلة العقيمة ، كيف يمكننا  أن نكون دولة متقدمة و نحن عى هذا المستوى من التخلف ؟؟؟
للأسف البعض يبحثون عن أدوار ، وللأسف الشعب لا يحسن الإختيار  ، حيث مازال التعصب القبلي والجهوي قائماً ، نحتاج إلى بعض الوقت حتى نتسيس ونتعلم من الأخطاء كيف ننجح  ، إنني لا أعرف ولا أستطيع التكهن ، ولكن كل وقت بوقته في دولة ليبيا الجديدة  ، لا أساس سليم  ، ولا نبراس جيد  ، ولا مخطط نتبعه حتى نصل مهما أخذ من الوقت  ، بل فيضان مدمر يجري بسرعة في الوادي الضيق مهما إعترضته من سدود صغيرة يحطمها بسرعة طاغية ، والسؤال الى أين النهاية ؟؟ نريد للفيضان أن يهدأ ويتجمع في بحيرة كبيرة نستفيد من مائها لنزرع ، حتى نستطيع ان نعمل و نبدع ...
إن عباراتي وكلماتي هذه لها معاني ،  وليس كل إنسان لا يعرف ماذا يدور على الواقع المرير يفهم ماذا أقصد ، ولا أريد تصعيب الأمر على الكثيرين أدعياء العلم بالسياسة وهم عبارة عن أدوات ينفذون بدون شعور ولا معرفة مخططات الغير ، فالسياسة عميقة و معقدة  ، لا أخلاق ولا شرف  ، أساسها الكذب وعدم المصداقية وفي سبيل المصلحة والوصول لأهداف معينة يغير السياسي لون جلده مثل الحرباء وينافق حتى يستطيع أن يتواصل في غابة الحياة مع الآخرين من الوحوش ، وإن حافظ على المبادىء وتشدد وتصلب يصبح منبوذاً مكروهاً و لقمة سائغة  ، تلوكها الألسن بأحط النعوت أليست بمأساة ؟؟
الصراع دائر على الوصول إلى مكان بدون هدى ، وعندها السلام علينا  ، لأننا نحن جميعنا قباطين ولا أحد   يرغب أن يكون بحاراً يلبي الأوامر  ، وعندها الغرق لا محالة  ، كان الله عز وجل في عون الجميع  ، لأننا مهما إكتسبنا من مهارة غير قادرين على الإتيان برجال صالحين همهم خدمة المصلحة العامة والوطن بضمير  ، أليست بأمر مؤسف ومأساة ؟؟ والله الموفق …

                                                                    رجب المبروك زعطوط

No comments:

Post a Comment