Friday, June 8, 2012

العفو و التسامح

                                                     بسم الله الرحمن الرحيم


                                                           العفو والتسامح


              بالأمس في طرابلس العاصمة سمعت إطلاق رصاص كثيف  من جهة المطارالعالمي  حيث السكن يبعد عنه عدة كيلومترات وتحريت عن الأمر ، وحسب الشائعات وماخفى كان أعظم ، أن مجموعة من الثوار تحاول فك أسر أحد قادتها  ، وقاموا بهذه الزوبعة للضغط على الحكومة وكأنها مسئولة حسب ماقيل وتردد من أنباء ، أليست بمأساة وأمر مؤسف أن تستعمل هذه الأساليب وكأننا في الغاب ، والنتيجة الهلع والرعب والتعطيل للمطار وتوقف الطائرات عن المجىء والهبوط وبالأخص الأجانب حيث تعطل الجميع على تفاهات ، ووجد الطحالب والطابور الخامس مادة للحديث مع الزيادات لإشاعة الرعب لدى أوساط الشعب البسطاء بأن أزلام الطاغية قادمون لتولي الحكم وتراهات بلا عدد  وجميع الثوار في طرابلس في حالة  إستنفار ، إمتشقوا الحسام والسلاح  ، طوقوا المطار وإنتهت القصة بالقبض على عدد كبير من الكتيبة المغيرة بعد أن جردوهم من السلاح ، وهم الآن رهن التحقيق ، ينتظرون المحاسبة على الفعل الشائن الذي يشوه سمعة ليبيا لدى الغير ،  أنه لا  أمن ولا أمان مازال الوضع شائك غير مستقر ...
اليوم سيطر الهدوء  ، وأعمال شغب الأمس عبارة عن فقاعة هواء تلاشت بسرعة كما ظهرت فجأة ، الأعمال اليومية عادية من بيع وشراء وبالأخص المواد الغذائية حيث حركة السوق قوية ، وجميع المطاعم والمقاهي تعمل بإستمرار بدون توقف وكأن سكان طرابلس لا يطبخون في بيوتهم مثل المعتاد بالسابق ، نقاط التفتيش للثوار في معظم تقاطع الطرقات جاهزة  لحفظ النظام وللصدام ضد أي معتد على الثورة ، يعاملون الجماهير بكل ود وتقدير وإحترام ، الأحوال في ليبيا عموما تخطو خطوات بطيئة للتقدم والنجاح تتعثر تحتاج إلى فهم ودعم ، الحكومة تعمل جاهدة حسب قدراتها وسلطاتها ، لها حسنات كثيرة وأخطاء بلا عدد نظير التسامح الزائد عن الحد ، حيث للآن لم تكشر عن أنيابها وتعاقب بصرامة كل من يخطىء ، بل كل شىء مؤجل حتى قيام الدستور ومجىء حكومة شرعية ، وأبناء الشعب لا يرحمون يريدون كل شىء أن يتم بسرعة طالما الدم ساخن قبل أن يبرد ...
 خرجت على السطح السياسى فجآة بعد النصر وزوال الطاغية عدة مجموعات ، الإخوان المسلمون والقاعدة ، العلمانيون والفيدراليون  وغيرهم وكل حزب وتجمع يروج لأبناء الشعب البسطاء أنهم الأحسن وعليهم الإنضمام لهم ومناصرتهم وتأييدهم حتى يحكمون ، ونسوا وتناسوا أننا مسلمون نوحد بالله عز وجل نريد أن نعيش في وطننا ليبيا أحرارا ضمن الوحدة الوطنية لكامل التراب ضمن العدل والقانون والمساواة ، أحرارا من غير تطرف ولا مغالاة وتعصب ، لا نريد الرجوع للخلف تحت أي ظرف ونعيش في الأمجاد السابقة ونحن الأضعف ، لا نصنع بل مستهلكون ، داعين للسلام نحترم الجميع من بني البشر ، نتعامل مع الجميع للمصلحة العامة ، ونترك المهاترات والإرهاب وصرف المليارات على غير طاعة الله عز وجل في الفساد والإفساد ، وشعبنا بحاجة لمئات الأشياء حتى يتعلم كيف يعيش حرا ضمن الديمقراطية والشورى ، مع العالم الحر ...
كما قلت الهدوء مسيطر وتوجد بعض الحوادث البسيطة اليومية التي لا يخلو منها أي وطن وبالأخص أن  ليبيا خرجت من ثورة دامية شرسة سقط الآلاف ضحايا شهداء وعشرات الآلاف الجرحى والمعاقين وأزالت نظام إرهاب كامل عشعش على كاهل الوطن 4 عقود ونيف ، ومازالت تسترجع أنفاسها وتحتاج إلى وقت طويل حتى تهدأ العواصف المزمجرة المحيطة من كل جانب وتستمر مسيرة الحياة للأحسن ...
الحرية الآن فى ليبيا الثورة فى أبدع وأعز معانيها ، بحيث الإنسان المحلل يستغرب الوضع والهدوء ، لا وجود للرعب والخوف كالعهد السابق للمقبور ، لا مخابرات تتصنت على الهواتف وتراقب المكالمات ، لا وجود لرجال الأمن والمهاترات واللجان والعيون ذوي الوجوه الكالحة ، الذين يعاملون المواطن معاملة المجرمين ،  بل الشعب حرس حريص قائم في أمن وأمان يحمي نفسه بنفسه ضمن كتائب الثوار العديدة ، جمعهم الإيمان بقضية الوطن وعدالة الثورة ، يعملون قدر الجهد والإستطاعة في صمت لحماية المواطن من أي تعدي عليهم ، حماهم الله عز وجل من العين و الحسد ، مما تجعل ليبيا صدقت المقولة منذ آلاف السنيين ( من ليبيا يأتي الجديد ) جعلت الأجانب يستغربون كيف تدار الأمور بسلاسة بدون حوادث قتل ودم كما حدث في دول عديدة بالعالم في الفترة الإنتقالية لترسيخ الحكم ، وكل يوم للأحسن مع وجود مئات المشاكل التي تحتاج إلى بت سريع وحلول ، أليست برحمة وعناية إلاهية حبانا بها المولى عز وجل ؟
ليبيا بكبر مساحتها الجغرافية وثرواتها الطبيعية الخيالية وموقعها الإستراتيجي المهم ، أصبحت محط الأنظار للقوى الخفية العالمية والمحلية ورجال الأعمال المغامرين الأجانب يريدون إستغلالها لمصالحهم الشخصية ، ونسوا أن أبناء الشعب الليبي اليوم ليسوا مثل الماضي سذج بسطاء ممكن تمرير أي دسائس بسهولة مثل ماحدث في الماضي البعيد والقريب ، وأود القول لهم نحن أبناء الشعب الأحرار ( لقد تعلمنا ، لقد تعلمنا ) الدروس وسوف لن نخدع بسهولة ويحكمنا أي أشخاص نحن غير راضون عنهم مهما عملوا من تلميع لصورهم وأسمائهم في الإعلام ، فقد ولى عهد الخداع إلى غير رجعة ، لا نريد أية أسماء سبق وأن عملت في النظام السابق في مراكز قيادية تحت أي ظرف ، نريد أسماء ودماءا شابة جديدة تتحمل المسئوليات وتحكم الوطن بمساعدة مجلس شيوخ حكماء مستشارون بالعدل والقانون ، نحترم الجميع وبالأخص الأقليات بالوطن ليبيا بدون عنصريات ( أمازيغ وطوارق وتبو ) هم ونحن نؤمن بدين الإسلام ، إخوة في الوطن والمصير ، لهم كامل الحق بأن يعيشوا كرماء غير مهمشين ، كما حدث بالعهد السابق عهد المقبور ...
حتى الموضوع الحساس لدى الجميع من العرب المغالين المتطرفين والليبيين ، اليهود الليبيون الذينجذورهم من الوطن ، ضحايا الإبعاد والخوف والرعب من الغوغاء العوام أيام نكسة 1967م التي خسر  فيها العرب الحرب ، والوعود بالعيش في سلام في أرض الميعاد فلسطين ،  لهم الحق بالرجوع والعيش في ليبيا إذا أرادو   ا الزيارة أو السكن ، ضمن الدستور الذي سوف يقام من نواب الشعب في المؤتمر العام في القريب العاجل ، الكثيرون منهم لهم جذور ليبية منذ مئات السنين أكثر بكثير من كثير من المتجنسين المغالين الذين لا تهمهم مصلحة ليبيا ، غير النهب ، والدليل معظم مسؤولي العهد السابق مجنسون ليسوا من أبناء الوطن الأصليين ،  أيام الثورة والحرب والصدام و الإحساس بالخطر هربوا لدول الجوار و العالم ، و لديهم المال الوفير ، و الآن يتباكون على ملك و سلطة زالت و لن ترجع مهما عملوا من دسائس و فتن ، لم يكن أي أحد من هؤلاء ذوي الجنسيات وطنيا  بميادين القتال يقدم روحه ودمه فداءا للوطن ، نحتاج إلى إعادة نظر وطرد المرتزقة الذين جنسهم وأعطاهم الطاغية إقامات وجوازات سفر ليبية  لحمايته من الثوار والذين همهم المال ، وأخذ عبر ودروس حتى لا نخطأ ؟؟ 
في نظري ليبيا للجميع ، كل من يثبت أن له جذورا بالوطن منذ الإستقلال عام 1951م ضمن دستور يخدم المصلحة العامة ، وجميع الفئات لها الحق بالعيش الشريف وليس بالكراهية والأحقاد والحسد والعيش في غوغائية ومغالاة وتطرف ، جميعنا بشر ، مصلحة الوطن هي الأهم ، العالم الآن صغير بوسائل العلم والتقدم ، نريد العيش في سلام ووئام ، نفتح قلوبنا وعقولنا للمحبة والحوار الهادف مع جميع الأطراف بحيث لا يهمش أي طرف عن الآخر حتى نرتاح من الدسائس والكيد والفتن والمؤامرات ، حتى نستطيع معا بيد واحدة ضمن عقول متفتحة ومصالحة وطنية مع الجميع  بالعفو والإحسان والتغاضي عن العصبيات الفارغة والجهل لكي نبني  ليبيا المستقبل للأجيال القادمة ، ضمن الرقي والتقدم ، حيث لدينا الكفاءات والعقول النيرة ، ولكن ينقص الإقدام والتحدي و الشجاعة الأدابية عن الإعلان بصراحة  من قبل المسؤولين وقول الحق  حتى تصبح المسؤولية جماعية و لا يلامون من الشعب ...
لا توجد حتى الآن في نظري زعامات حقيقية للمصلحة العامة يرضى عنها الشعب ، أدعياء الزعامة  الحاليون يحبون الظهور و الوصول ، الصورة كبيرة بالخارج للبعض نظير التطبيل و الخداع في الإعلام تظهر للعامة و الداخل أجوف و ما خفي كان أعظم ... نحتاج إلى بعض الوقت حتى تبرز زعامات حقيقية شابة ذات  عقول متفتحة على العالم الخارجي ليست متحجرة تعيش في أمجاد الماضي ،  من خلال المحن والمعاناة وتظهر علانية للجميع أنها قدمت الكثير لمصلحة الوطن …
أي موضوع شائك في نظري يتم حله بالهدوء والحوار ولا غالب ولا مغلوب و يمكن الوصول إلى حلول ، حيث نحن الآن نمر في عنق الزجاجة ولدينا مشاكل عديدة إحداها ، أزلام الطاغية ذوي المليارات المنهوبة المسروقة من عرق ودم الشعب ، وأتباعهم المختفون تحت أستار الخداع للبسطاء الذين أسماؤهم لم تظهر بعد ضمن القوائم لحجز أموالهم و أملاكهم داخل الوطن و بالخارج و التي معظمها سجلت بأسماء عديدة و شركات وهمية من الصعب المتابعة ، تدفق العمالة الغير شرعية و إزعاج أوروبا  ، مشاكل الحدود والتهريب المنظم و قبض الأتاوات الضخمة والصراع بين الشرائح حول الزعامة ، مشاكل كثرة السلاح بأيدي الثوار وأبناء الشعب ولا يخلو بيت من عدة قطع سلاح للدفاع عن النفس في حالة أي خلل ، مشاكل التنصير لأبناء الشعب في هدوء وفي السر من قبل المبشرين بحجج مساعدات الصليب الأحمر للمحتاجين ، عدم الدفع للمرتبات في وقتها ، تعطيل التعويض لقانون رقم 4 حيث الملاك السابقون لهم مبالغ مستحقة  ينتظرون منذ 34 عام من غير قبض يأملون من الحكومة الإسراع  ، تكريم التجار ورجال الأعمال بالوطن والغربة وإعطاؤهم نياشين وأولويات في الأعمال ، حيث  لهم الفضل الكبير في الدعم المالي  والإتصالات الدولية نظير العلاقات الشخصية أيام الغربة والهجرة للبعض  لنجاح الثورة حيث الطاغية عدوهم الألد ووجدوا الفرصة للنيل منه والقضاء عليه ، مشكلة سكان تاورغاء المطرودين و بلدتهم المهجورة التي أصبحت اليوم أطلالاً نظير حساباتهم الخاطئة و عدم إحترام الجيرة للمصراتيين ، تسرب الأموال الضخمة عن طريق التحويلات و المبالغ المجمدة  بالمصارف للخارج ،  عشرات الأشياء تحتاج إلى عمل وعدم الصمت من المسئولين حتى نشارك في الحلول ولا يتحامل الشعب عليهم ...
ليس عيبا  على حكومتنا إن كانت عاجزة ، غير قادرة على تحمل المسؤوليات بأن تستعين بدول أخرى حتى نتعلم من خبراتها كيفية  الحكم السليم بعد طرح الموضوع على الشعب و أخذ الموافقة حتى لا تلام ، ونسير ونصل بالسفينة لبر الأمان وتزدهر ليبيا بدلا من الإجتماعات المتكررة والأخذ بالخاطروالصداقات و تمرير المصالح الشخصية وضياع الأموال هدراً نظير الأخطاء القاتلة ، والسيرالبطىء  في حلقات دائرية ليست لها أبواب للخروج ، حتى تستنفذ قوانا و تضيع أموالنا و أرصدتنا ، ونسقط فريسة لكل طامع هب ودب من القوى الخفية العالمية والمحلية ...
لقد عشت سنوات طويلة من العمر بالغربة في أمريكا ، رافضا نظام الظلم والجهل ، عشت في وطن  يضم جميع الجنسيات والأديان وكأنهم أخوة ، الجميع يحترمون القانون ، تعلمت إحترام البشر والأديان بدون تطرف ولا مغالاة ، رجعت عام 1991م متحديا النظام عند صدور العفو العام  سنة 1988م ، دخلت السجن عدة مرات ومنعت من السفر ضمن الإقامة الجبرية 7 سنوات والعائلة في أمريكا من غير مشاهدة الأولاد ، وحقق معي عشرات المرات و التهمة عداوتي لنظام ضال ،  ومررت بالخارج بعدة محاولات إغتيال في الثمانينات جميعها موثقة لدى الدول والصحافة ، وساهمت في الثورة حتى النصر بالمال والسلاح والمعدات حسب الجهد المتاح ، ولا يستطيع أي معارض أو مغامر أو طحلب متسلق أن يساوم على وطنيتي وحبي لوطني ليبيا ، ولا أطمع في أي منصب مهما كان ، لأنني لست وصولياً ، و كان بالإمكان أن أكون من ضمن المقدمة بالمجلس و أعمالي شواهد و لا يستطيع أي طحلب أن يزايد ، و آثرت الإبتعاد عن المسرحية التي تدار ، لا أريد أن أكون ممثل و حجر شطرنج يلعب بي من الأطراف العديدة ، همي أن أشاهد زوال الطاغية و النظام الفاسد ، و الحمد لله عز و جل تحقق الحلم ، تم النصر و تحررت ليبيا ، آثرت التقاعد بنفسي   فأنا في شتاء العمر ، أحترم السن والمرض ، همي أن أشاهد الوطن ليبيا في تقدم ونجاح وسعادة حتى يرتاح الشعب والأجيال القادمة ، ويفرح ويفخر أولادي وأحفادي يوما ، أن والدهم أو جدهم ضمن الآلاف له بصمة جهادية في تحرير ليبيا من نظام الإرهاب ...
الحمد لله عزوجل من علينا بالنصر المبين والفوز والنجاح   نحتاج للوصول إلى صفاء النفوس من الأحقاد والحسد مع الجميع ، نحن بشر إخوة أبناء سيدنا آدم وأمنا حواء نعيش ضمن العالم اليوم والغد ، مع أخذ عبر ودروس من الماضي بالعلم ، وإستعمال العقل والعمل الجاد ووضع دراسات ومخطط شامل وافي ماذا نريد ونرغب لمصلحة ليبيا الوطن ؟؟  ونعمل جهدنا ضمن المبادىء الأساسية للوصول للهدف مهما لاقتنا من عوائق وصعوبات ، فهؤلاء الشباب الثوار لهم كامل الحق بأن يعيشوا في سعادة وهناء بالوطن ضمن الشورى والديمقراطية والإحترام للبشر ، من غير تعنت ومغالاة وتطرف ، والله الموفق ...

                                                                       رجب المبروك زعطوط

                                                                             2012/6/6م 

No comments:

Post a Comment