Wednesday, February 3, 2016

قصصنا الرمزية 23

بسم الله الرحمن الرحيم

 الجميل

                    عدم الإعتراف بالجميل مصيبة كبيرة وبالأخص من الحيوانات الناطقة المسؤولة ، أولاة الأمر في غابة المختار، تؤلم وتحزن الوطنيين الأحرار الذين ضحوا بالجهد والوقت والمال ولقمة عيش الأولاد الحلال ، معرضين الحياة للخطر في سبيل القضية الوطنية والقضاء على المجنون الشرس الذي حل على أكتاف الغابة اربعة عقود ونيف يحكم حكما مطلقا بدون الرجوع إلى أي أحد للإستشارة مهما كان الوضع والشأن، ناسيا ومتناسيا أن الشورى مع الجماعة من أهل والربط والعقد أحد الأعمدة والأساسات لعقيدتنا وديننا ذو النجمة والهلال حتى يتحمل الجميع المسؤولية وصعب الخطأ لأن القرار جماعي متفق عليه من الجميع .

                الطاغية القذافي أصابه الكبر والغرور ، و إعتقد بأنه العالم والفاهم لجميع الأمور نظير النفاق والتطبيل من جهلة عوام متأخرين يهتفون وينشدون "علمنا ياقائد علمنا"، مما صدق الأمر، وحكم غابة المختار على أهوائه الجيد مع الخطأ حتى  تأخرت عن الركب سنوات عديدة للوراء رغم أنه كان لديها جميع المعطيات والمؤهلات للنهوض والدخول للسباق ، إسوة ببعض الآخرين الذين إستعملوا العقل والحكمة والمال في النهوض والإستقرار .

                   لم يجرفهم التيار و لم  يدخلوا ويتدخلوا مثل الطاغية في متاهات الحروب والصراع مع الجيران المسالمين ، والإرهاب والإغتيال للشرفاء المعارضين في الداخل والخارج نظير المعارضة للجنون  وتأييد طرف على آخر بدون وجه حق ، أصدقاءا مع الجميع ، السمين مع الغث وفي سنوات قليلة أصبحوا في المقدمة مع الكبار، الجميع يخطب ودهم ويحاولوا القيام بإستثمارات ومشاريع عملاقة في غاباتهم القاحلة لقاء الربح الجزيل مما في وقت قريب نهضت غاباتهم ذات الرمال وشحة المياه تتقاذفها العواصف الكثيرة والحرارة الشديدة المرهقة للعيش والحياة للحيوان الناطق بدون زرع ونبات أخضر في غابات الخليج وتقدمت إلى الأمام نظير حسن الرأي والعمل بهدوء بالعقل والحكمة .

                  أليس بمأساة أن يصاب الشعب الطيب الطاهر في غابة المختار بحاكم مجنون ، قفز على السلطة بقوة السلاح والجيش و تحول مابين يوم و ليلة من ملازم مغمور إلى عقيد تطبل وتزمر بإسمه جميع الإذاعات والقنوات بالغابة الكبيرة والذي جعل من اللون الأخضر الشعار وكل نبات كان أخضرا يانعا يتمايل حسنا وبهاء ، في قليل من الوقت أصبح يابسا في غابة المختار الفسيحة ، جراء  حكم جائر طيلة اربعة عقود ونيف ، نظير الغرور وكبر النفس والجنون وقوة الدخل من عائدات بيع النفط .... والحظ والسعد في إرتفاع الأسعار الفاحش التي جعلت المجنون يزداد جنونا ويؤلف الكتاب الأخضر الهزيل الذي ليس له مثيل في الجنون والتفاهة والمهاترات ويصرف عليه مئات الملايين من الدينارات وبجميع العملات الأجنبية من الدولارات واليورو في الطبع والنشر والتوزيع وضياع الوقت الكثير في التدريس والشرح لمحتواياته بالداخل والخارج، ليحل محل الدستور والقانون بالقوة والضغط مما الكثيرين من العوام المطبلين المنافقين أشباه الرجال تسلقوا السلم ووصلوا للصفوف الأمامية ذوي مناصب عالية، حواري ومؤيدي الظالم في أي قرار كان ....

                 أي حيوان ناطق محلي في غابة المختار لا يصبح مؤهلا لأي مركز قيادي، إن لم يكن نجح ونال شهادة التخرج من المدرج الأخضر ، الذي جميع أساتذته وطلابه أدعياء العلم والمعرفة في نظر الجميع مجانين غير عقلاء أوباش أصابتهم العدوى فيروس الطاغية القاتل، مما بأفكارهم السادية وأقلامهم المأجورة ساندوا وناصروا الظالم بدون أي وجه حق ضد جميع شرائع الدين الحنيف والمبادئ والأخلاق الحميدة والقيم المتوارثة ، (أباً عن جد) ، وجعلت من كثرة التكرار والترديد للتراهات بإستمرار حربا نفسية وبرامجا مخططا لها بإتقان حتى ترسخ مع الوقت في الأذهان أنها حق وصدق... وحيواناتها الناطقة أصبحت كسيحة غير قادرة على الوقوف والمشي بإعتدال وتتقدم، غير قادرين على الجري بحيوية ونشاط مثل الآخرين المتسابقين وبالأخص في مباريات وسباق يتطلب العزيمة والإرادة القوية والصحة الجيدة (العقل السليم في الجسم السليم ) للوصول مع الأوائل للهدف ...

               جفت بالشرايين والعروق دماء الحياة مما أصبح الجميع سكارى وما هم بسكارى، موتى بلا قبور ولا شواهد يستهزأ الكثيرون في الغابة الكبيرة على الوضع البائس ، ناسين متناسين أن الظروف الصعبة والبيئة الفاسدة والظلم والقهر والسيف على الرقاب لكل معارض وعدم الرعاية الصالحة جعلت النبات شيطانيا ، لا يستفيد منه اي أحد غير المنافقين وعوام الشعب ذوي الجهل الذي بتعاقب الزمن والضغوط والفساد والإفساد جعلت منهم مجرمين على أعلى الدرجات في المناصب وقمة المستويات في الخبث والتحايل والنصب والغدر للآخرين وعدم الوفاء في الوقت المتفق عليه للإلتزامات والديون مما أصبحت سمعة غابة المختار في الحضيض ومهب الرياح ... الشريف لا يريد التعامل والقيام بمشاريع في غابة المختار تحت أي ظرف مهما كان الربح  حيث المعايير تغيرت إلى الأسوء ، لا حساب للوقت و لا نظام ولا صدق في الوعد والعهد التي تكون  أساسيات النجاح لأي مجتمع وغابة ....

               خلق النظام الجماهيري الغوغائي الفاشل الكثيرين من عوام الشعب الذين أصبحوا في خضم فترة الصراع التطبيل والتدجيل الموجه ، شياطين الإنس نجحت وفازت في النفاق وفاقوا شياطين الجان بمراحل متقدمة مما عجز الكثيرون من ذوي الطهارة والوطنية الصادقين من خلال هذا الخضم والمعطيات الشريرة ، على التصدي وبتر الشر الذي سرى وإستفحل خلال المسيرة الجماهيرية الغوغائية والتي كل يوم تسير بغابة المختار خطوات للوراء وللهلاك ، حتى من الله تعالى علينا بالخير والرحمة ، وتمرد الوطنيون الأحرار وضحوا بالكثير من الأرواح والدماء على مذبح الحرية حتى تم الخلاص وهلك الطاغية، وغاب سواد الليل وبزغ وظهر ضياء الفجر!!!!

                غابات أخرى على سبيل المثال، غابة النسر رعاة البقر، وحلفاؤهم الحميمين غابة النجمة السداسية الزرقاء في العلم الأبيض، نجمة وشعار سيدنا داوود عليه السلام، وغيرهم  من الغابات الأخرى نظير الإعتراف بالجميل لأسراهم وموتاهم القتلى مستعدين للتضحية بالمال الكثير والتبادل بعشرات الأسرى المحتجزين، مقابل تسليم الأحياء ورفاة القتلى منهم كرد إعتبار وهيبة وسمو الدولة أنها لا تنسى رعاياها ، الذين قتلوا وهم يؤدون الواجب ، حتى تجعل الآخرين يتفانون في الدفاع والحرب بقوة وعنف مؤمنين عن قناعة وعارفين التكريم والمجد ولن يتركوا أسرى أحياءا في حالة القبض والأسر، أو أمواتا مقبورين مرميين من ترجيع الرفاة للغابة الأم بأي وسيلة كانت والدفن....

          إنه سمو وحضارة الإعتراف بالجميل و القيام  بالمستحيل للوفاء والتكريم ، ونحن في غابتنا المختار سواءا أحياءا أم أمواتا  ليس لنا أي تقدير ولا إعتراف بالجميل ، حيث الإعتراف للمنافقين أشباه الرجال الذين باعوا أرواحهم للشيطان الرجيم بأرخص الأثمان مقابل الجاه والثراء المفتعل ، ناسين ومتناسين جهود الأحرار الوطنيين الأحياء والموتى، وماذا قدموا من تضحيات من أجل خلاص الوطن من حكم الطاغية عسى يوما أن تهتم الدولة وتكرم وتقدرهم أحسن التكريم والتقدير حتى يصبحوا عبرا ودروسا للأجيال الحاضرة والقادمة لهم الولاء العظيم نظير الإعتراف بالجميل غير منسيين ...

             لا يمكن تحت أي ظرف النهوض والتقدم لغابات الضاد ذوات الهلال والنجمة طالما هم جهلة وقساة، بدون الرحمة والإعتراف بالجميل للأبناء من الجنسين الذين ضحوا بالعزيز والغالي من أجل الخلاص وتحرير الغابات من كوابيس الشيطان الرجيم ...  وحيواناتنا الناطقة من ذوي الأمر من الأسود والسباع وبالأخص في غابة المختار الطاهرة، الذين من غير تضحيات هؤلاء الأبطال الشهداء لم يصلوا للمراكز ويصبحوا في المناصب العالية في المقدمة وعلو الشأن ،  وللأسف الشديد تم  نسيانهم وتركهم في الزوايا المظلمة كالحة السواد كالعادة على قارعة الطريق بقصد و بدون قصد نظير الجهل والتأخر وعدم المعرفة بمؤثرات النفس البشرية حتى تبدع...

               لا مبالاة ولا أي إهتمام بالضحايا سواءا أحياءا، أم موتى في ذمة الله تعالى ، والإعتراف بالجميل ولو بالتكريم المعنوي أمام الجميع مما تجعل الأحياء ، والورثة فخورين فرحى سعداء وتصبح بوادر خير للسمو والحضارة والتقدم ، والجميع مستقبلا من الأجيال الحاضرة يتفانون في الخدمات والتضحية بالنفوس من أجل المبدأ والواجب ورفعة علم النجمة والهلال عاليا ، نظير العلم مسبقا ان التكريم آتيا يوما من الأيام ، سواءا في دنياهم أو بالآخرة مضمونا ، وبالأخص الشهداء ورجال الله تعالى  ، لهم أعظم الدرجات في التكريم ، و الدخول إلى جنان الرحمن الفيحاء مع المهتدين... والله الموفق...

رجب المبروك زعطوط

No comments:

Post a Comment