بسم الله الرحمن الرحيم
الحاج الصابر مجيد 2
حضرت إلى جنيف، سويسرا وأقمت معه في فندق صغير غير معروف، باسم وهوية أجنبية مستعارة لا تخطر على البال. وقضيت معظم الوقت في الغرف متنقلا لمدة أسبوع بدون الخروج أو الظهور معا إلى الأسواق والمطاعم والمقاهي للسياحة كالعادة منعا للعيون الفضولية التي تراقب وتشاهد ولم يعرف أي أحد بوجودي زيادة في الاحتياط لسلامة الطرفين، حتى غادر إلى مدينة درنة ليبيا وغادرت بعده بيوم إلى امريكا .
قضيت وقتا جميلا في صحبته في أحاديث وذكريات عن أخبار وأحداث الوطن ، وكيف نستطيع خلق معارضة حقيقية في الداخل والخارج لفضح النظام وممارساته القمعية... وكنت حريصا عليه من أن لا تتسرب أية معلومات عفوية بوجودي معه أو لقائنا معا من أي واشي زيادة في الاحتياط والطمأنينة حتى لا يتم الاكتشاف خوفا عليه حيث يريد الرجوع إلى الوطن لترتيب أوضاعه العائلية ، وقد شجعته على فكرة الهجرة حتى لا يسجن ويعذب مرة أخرى لأي سبب كان من قبل صعاليك اللجان.
مرض الحاج الصابر كان بدنيا ونفسيا طوال الأيام التي قضاها في جنيف سويسرا وأراد الرجوع إلى ليبيا حيث شهر الصيام ، رمضان الكريم قادما على الأبواب ، ليرتب الوضع في هدوء ويضمن الخروج لعائلته الكبيرة حيث لديه زوجتان والعديد من الأولاد الشباب من الجنسين ولا يستطيع تركهم في مهب الرياح حسب قوله وحديثه معي بدون عائل، مهما كان الثمن قاسيا... وودعته على أمل اللقاء عن قريب بإذن الله تعالى .
وبعد مضي شهور عديدة بدون إتصالات ولا سماع أخباره ، وصل إلى لندن واتصل بي هاتفيا للحضور واللقاء وتجديد الذكريات وما يحدث في الوطن من مهاترات وتراهات ، وحضرت للزيارة واللقاء مرة أخرى فهو اخا عزيزا لا أستطيع رفض طلبا له نظير المودة والأخوة والعلاقة الروحية الطاهرة التي تجمعنا معا في طريق ومحبة الله تعالى... وكان برفقته معظم افراد الاسرة والباقين على وشك الوصول في إنتظار الحصول على تأشيرات الدخول لبريطانيا ، وكان مريضا يعاني من أمراض عديدة لم يتم الشفاء منها بعد نتيجة السجن وكآبة نفسية حادة وبالأخص عندما يكون وحيدا مع نفسه بدون رفاق نظير العذاب والجلد بالسياط في سجن السابع من أبريل الرهيب ، وكان بحاجة إلى فترة نقاهة طويلة وجو مريح وإقامة هادئة وإخوة رفاق يثق فيهم ثقة عمياء حتى يسترجع الأنفاس .
الحاج الصابر بالغربة في البدايات كان مريضا صحيا ونفسيا محتاجا إلى الرعاية الفائقة حتى ينسى الذي حدث ويقلب صفحة الماضي بخيرها وشرها ويبدأ صفحات بيضاء ناصعة من جديد بدون خوف ولا رعب من الملاحقة والإتهام والسجن ، وكان محاطا بالعديد من أفراد العائلة وزيارات أولاد العم الكثيرين المرضى او المرافقين للمرضى القادمين من ليبيا طوال الوقت بحجج العلاج والأصدقاء العديدين الأوفياء والأدعياء والمنافقين الذين يترددون على لندن... وكان البيت مثل محطة ركوب السيارات للسفر المزدحمة بالركاب، طوال الوقت يعج بالضيوف نظير الكرم وحسن اللقاء وكإنه فندق الحابل والنابل ، الخير والجيد والمنافقين لقاء الطمع في الحصول على مال ومساعدات أو تسقط الأخبار من الأفواه وكتابة التقارير عن البعض من المعارضين الزوار للحصول على مزايا خاصة من نظام القهر في ليبيا وقت الرجوع للوطن .
حدثت حادثة عند رجوع الزوجات إلى ليبيا بعد فترة لزيارة عائلاتهم وذويهم وكان مع إحداهن نسخة منشور للمعارضة الليبية ضد القذافي بأحد الحقائب بالصدفة تم نسيانه بدون قصد نتيجة عدم المبالاة من قبل السيدات عفويا غير مقدرات الأبعاد الخطيرة من النظام الدموي الذي يعمل من الحبة قبة وبالأخص في مجال الأمن.... مما كبرت القصة وتم التوقيف والايداع في الحجز والسجن لهن فترة أيام، وجن جنون الحاج الصابر عندما سمع النبأ المزعج والخبر السئ وخرج عن طور الاتزان الذي كان معروفا به فقد كان دائما مشهورا بالهدوء والإبتسام وعدم الغضب والغيظ بسرعة .
وكنت يومها زائرا له بالبيت وسمعته وهو يرغي ويزبد ويتوعد غاضبا عندما كان يتكلم بالهاتف مع إبن عمه الأمين إبراهيم بكار بأن يعمل على إطلاق سراح الزوجات بدل المضايقة والتعب والحجز... مما خفت عليه من المرض نتيجة الضغوط الشديدة عليه من الموضوع، وعندما انتهت المكالمة مع ليبيا وترك سماعة الهاتف حاولت مواساته وتهدئته بقدر الإمكان وأن لا ينفعل ويغضب حتى لا يصاب بأمراض أخرى مع أمراضه ومعاناته نتيجة الضغوط والغضب والغيظ القوي على المعاملة السيئة والتحقيق والرعب للزوجات البريئات اللاتي لا ناقة لهن ولا جمل في المعارضة ونقل المنشور الذي كان من ضمن الثياب والملابس الكثيرة المشتراة من لندن لأخذها إلى ليبيا هدايا للأسرة في درنة والقبة للتوزيع على الأقارب والمعارف .
وستر الله عز وجل وتم الإفراج على الزوجات نظير الواسطات من أولاد العم (ابراهيم بكار + وإمبارك عتيق ) الذين كانوا وقتها مسؤولين وذوي مناصب عالية في النظام لديهم المعرفة والصداقات والعلاقات الكبيرة مع أصحاب القرار في الدولة. ونظير هذه الحوادث المؤلمة من السجن والعذاب الذي لاقاه في سجن السابع من ابريل وإيقاف الزوجات والايداع في الحجز عدة ايام وأمورا أخرى خاصة مالية بتمويل المعارضة بالسر وتورط مسؤولين ليبيين لا علم لدي بالتفاصيل، قرر الحاج الصابر البقاء في الخارج وعدم الرجوع حتى يفرجها الله عز وجل وسعى في طلب الموافقات الرسمية بالإقامة الشرعية في بريطانيا للجميع حتى تم الأمر وتحصل على الإقامة الدائمة في بريطانيا .
بعد قيام تنظيم جيش الانقاذ الوطني المعارض يوم 1981/1/6م بفترة من الوقت، قمت بزيارته في لندن مع الرفيق جابالله مطر والذي يعرفه شخصيا من قبل وبينهم صداقة وود ، وتحدثنا معه على التنظيم الجديد الوليد ووافق الحاج على الانضمام نظير الثقة العمياء بيننا وكان عضوا رئيسيا معنا مما شكلنا نحن الثلاثة الاساس (أخوة وصداقة ونضال) وقام ببعض التمويل المالي للمولود الجديد وكبر التنظيم مع مرور الوقت وأصبح الأعضاء بالمئات وتعرضت للكثير من المضايقات والمطاردات منها العديد من المحاولات الشخصية للتصفية الجسدية في عدة دول إبتداءا من ايطاليا وفرنسا وسويسرا والمانيا وأمريكا وفي سيول كوريا الجنوبية وصدور الحكم القضائي من محاكم القذافي والطلب من (الانتربول) البوليس الدولي بالقبض على والإرجاع إلى ليبيا للتنفيذ ، والقصص طويلة يوما سوف يتم التدوين لها لإظهار الحق والحقيقة عن الضغوط والمعاناة التي مررت بها ونجيت بحمد الله تعالى ورضاه ورضاء الوالدين... والله الموفق .
رجب المبروك زعطوط
البقية تتبع...
No comments:
Post a Comment