Saturday, June 6, 2015

قصصنا المنسية 19

 بسم الله الرحمن الرحيم



                  السرد الثاني تكملة للسابق والذي يؤكد الأمر أنه غير أصيل ولا يمت بالبنوة إلى الوالدة المزعومة عائشة زوجة محمد بومنيار التي ربته أيام كان رضيعا وفترة الصغر... عند وفاتها ودفنها بالمقبرة ولم يحضر القذافي الجنازة، ولا مجلس العزاء يومها ولو كانت والدته الحقيقية الأصلية لن يتأخر ويكون إبنا عاقا ولا يحضر مراسم الجنازة وتوديعها الوداع الأخير حسب الواجب وعاداتنا العربية الليبية الأصيلة، حيث الوالدين لهما احتراما وتقديسا خاصا روحيا من الأبناء لا يتأخر أي احد مهما كان الا في حالات قصوى المرض الشديد أوالسفر البعيد والغياب وبالأخص وقت الدفن ،   والحدث معضلة صعب أن يعرف المواطن الليبي حلولها، مع أنه القذافي كان موجودا في ليبيا وقتها ولم يكن في أي زيارة للخارج حتى يجد له مؤيدوه وحواريوه العذر .
                  والموضوع الثالث والذي يؤكد أنه مزروع في نسيج الوطن الليبي من قبل القوى الخفية التخطيط للإنقلاب سواءا في زيارته إلى بريطانيا ضمن الطلبة الضباط للدراسة في دورة عسكرية لعلوم المخابرة، واللقاء والاجتماعات في الخفاء مع السفير الأمريكي، دايفد نيوسم،  في سبها فزان في الصحراء بعيدا عن المتابعة والمراقبة من العيون الفضولية في بنغازي أو العاصمة طرابلس والذي تم الكشف للمؤامرة بطريق الصدفة من رئيس الشرطة وقتها المرحوم طارق عبد الباقي الدرسي والذي لم يتخذ أي إجراءا رسميا ضد الموضوع ، وكانت تربطني به صداقة وجلسات وزيارات في الغربة والمهجر .
                     والقصة حتى يعرفها الذين يتابعون ويبحثون عن المعرفة والفهم من أبناء الشعب الليبي عسى فيها بعض العبر ، حيث في آخر أيامه مرض مرضا أقعده الفراش معظم الوقت غير قادرا على الخروج من البيت وكنت في زيارة إلى لندن لبعض اللقاءات وعندما سمعت نبأ مرضه من أخ الدهر ورفيق الكفاح والغربة السيد الصابر مجيد الغيثي، ذهبنا إلى بيته بالمساء للسهرة وزيارته للسؤال عنه وعيادته ومواساته وكم كان سعيدا ومسرورا من الزيارة الأخوية بالغربة حيث كان وحيدا مع عائلته بدون أصدقاءا لزيارته الا من القلائل الأوفياء.
                  وقضينا بعض الوقت في السهر والسمر وتناول الحديث أمورا عديدة تخصنا نحن الليبيون عن الغربة والهجرة والمعاناة والبعد عن الأهل والأقارب وبالأخص في الأوقات الصعبة من مرض وضيق ذات اليد نظير الصرف الكبير وبدون الدخل، وتطرق الحديث وكيف وصل بأن يكون وكيلا في وزارة الداخلية الذي بدون موافقة القذافي الشخصية لن يتحصل على المنصب مهما كان، إن لم يكن مرضيا عنه أو لتغطية ومآرب لأمور أخرى، وطلبت منه أن يحدثنا عن أية قصة خاصة لها أبعادا سياسية حدثت له في الوطن .
                  تبسم الرجل وقال ، كنت يوما من الأيام قبل الإنقلاب بعدة شهور عام 1969م رئيس البوليس (الشرطة) في مدينة سبها بالصحراء في الجنوب ووصلتنى برقية عاجلة من وزارة الداخلية في طرابلس تطلب مني ترتيب الحماية للسفير وبعض رجال السفارة الأمريكية في طرابلس القادمين إلى منطقة سبها فزان لقضاء بضعة أيام في المنطقة الجنوبية في رحلة صيد وإستكشاف للآثار .
                 ولم يكن لدينا إمكانيات كبيرة ولا إستعدادات ضخمة كجهاز بوليس، وأخترت منطقة معينة بعيدة عن العمران والحركة ، وتم إقامة معسكر من عدة خيام بجميع متطلباتها من أسرة وتوفير المياه للإستعمال حسب الموجود ووضعت حراسات عن بعد بحيث تبعد المتطفلين عن الدخول للمعسكر والإزعاج من السكان المحليين، ووصل ركب السيارات الطاوية الصحراوية ، وأستقبلتهم بكل حفاوة وأرشدتهم إلى المكان وتركتهم وكانوا مرتاحين بالإهتمام والحفاوة والكرم .
                  وبعد بضعة أيام ذهبت بمفردي مع السائق في زيارة بغتة بدون دعوة إلى المعسكر للسؤال عنهم والتأكيد على راحتهم ... ودخلت الخيمة الكبيرة حيث وجدت السفير وأعوانه يخططون لشىء ما على الرمل وكان معهم شابين ليبيين ، وسألتهم وقالوا بإرتباك نحن أصدقاءا للأمريكيين نعمل معهم حضرنا للزيارة ، وكان دخولي عليهم فجأة مثل الصفعة أو مشاهدة المتهم بالجرم المشهود ، ولم أعط الأمر أي إهتمام وقتها أو أبلغ الإدارة بماذا يدور خلف الستار وفي الخفاء من أمور تجري وتحدث حيث كنت غير عالما ولا أعرف الأبعاد.
               وبعدها بفترة عندما قام الإنقلاب وظهرت الصور للضباط الأحرار في الاعلام والصحافة ، تذكرت الحادثة وكان وقتها العقيد معمر القذافي والرائد عبدالسلام جلود هم الحضور الذين شاهدتهم في الخيمة مع السفير يخططون ويتآمرون للإنقلاب الذي حدث، وسكتت طوال الوقت ولم أتكلم عن الموضوع وكأنني لم أشاهد أي شئ حتى لا أفتح العيون للمتابعة والتحقيق معي والسجن كما حدث للكثيرين الذين  غابوا وراء الشمس للأبد .
                    عندما سمعنا هذه القصة طلبت منه أن يوثق الموضوع بكتابة مذكراته الشخصية والمواعيد أثناء حدوثها فهي يوما من الأيام جزءا من تاريخنا الوطني، حق الأجيال القادمة أن تعرف ماذا دار من أحداث، ووعد المريض أنه سوف يبدأ في التدوين والكتابة وبعدها بفترة شهور إنتقل إلى رحمة الله تعالى فأرجو له الرحمة وحسن الختام وأن يكون أوفى بالوعد والعهد وكتب مذكراته الشخصية وبالأخص عن هذا الموضوع فهو أحد الشهود العيان للسر الكبير وعلاقة السفارة الأمريكية في طرابلس بالإنقلاب الاسود والقوى الخفية وقتها بالتخطيط ودعمه حتى نجح والذي الشعب الليبي قدم الضحايا ودفع الثمن الغالي طوال 42 عاما من الظلم والقهر ، ومازال يتخبط ويدفع إلى الآن.
                الشعب الليبي قدم الضحايا يوميا في جبهات القتال من الجيوب والفلول العديدة من الأعوان المنافقين المندسين (الطحالب) المؤيدين له في السر التي خلفها العقيد وراءه في أوساط الوطنيين ولن نرتاح ونبدأ في البناء والتشييد لدولة ليبيا الجديدة حتى نرتاح للأبد بالقبض عليه وتقديمه للمحاكمة بالعدل عن جميع الأخطاء والتجاوزات ، أو قتله وموته والدفن في القبر حتى يتلاشى الشر ويتوقف نهائيا عن الحاق الأذى بأرض الوطن والمواطنين الأحرار .
                 والموضوع الرابع وأن كان بسيطا، ولكن له معاني كثيرة وتفسيرات بلا حد ولا عدد تحتاج إلى مراجعة وتنقيح، ولا تمر مرور الكرام كما كان يحدث من قبل في السابق عندما كنا في سبات وغفوة نعيش الأحلام والأرهاب إلى أن أستيقظنا من النوم بثورة الشباب 17 فبراير المجيدة ، والقصة قصيرة جدا وسأرويها كما سمعتها عن طرف آخر فقد كان احد  الموظفين في سفارتنا في القاهرة في السبعينات وتصادف أن أب العقيد المزعوم العجوز محمد بومنيار الذي حضر للقاهرة للعلاج والإستشفاء، وإضطر موظفو السفارة ، مجاملة أو نفاقا، بدون رغبة أن يذهب البعض منهم كل يوم لمعايدة المريض والسؤال عنه وتمضية بعض الوقت معه حتى لا يقلق من الوحدة بدون رفاق وأصحاب بناءا على تعليمات من ليبيا.
               كان بومنيار العجوز في جميع الزيارات يسأل  عن الأحداث في الوطن وماذا يدور من قصص، وكان يومها في مواضيع خاطئة لا تمت للعقل من الأهوج ولا تتماشى مع المنطق عندما نطق المدعي العام للثورة الرائد بشير هوادي وطلب حكم الموت والسجن على كثيرين من رجال العهد السابق، وصدق معمر على الحكم  بالتنفيذ، وبعدها ببعض الوقت تراجع ، وأخبره بالحكاية وقال الأب المزعوم في لحظة غضب وغيظ عفويا على الحكم الجائر (عملها أبن اليهودية) وسكت ولم ينطق بعدها بأي كلام عن زلة اللسان ، ولم يعقب أي أحد في وقتها على الموضوع خوفا من الإتهام والقبض والتحقيق والسجن والقتل والموت، وهذه الزلة البسيطة تدل وتعطي فكرة كبيرة أنه فعلا أبن زنى ولقيط ، ولم يتفوه بها أي أحد من الحاضرين وتذكر فى العلن خوفا من أن تتداول في أوساط الشعب وتفتح الملفات وتبدأ الملاحقات للحاضرين اثناء الموقف .
               بكتابتي هذه المواضيع نظير المتابعة والتدقيق و سماعها شخصيا من أصحابها الأصليين المعنيين أو عن طريق ثقات ، فقد كنت مولعا بالمعرفة عن ماذا دار وحدث في سنوات الكفاح والنضال في المعارضة الليبية الحقيقية حتى نعرف عدونا وكيف نستطيع مواجهته ومن يسانده ويؤيده حتى لا يتم خداعنا والقضاء علينا بسهولة .... حيث كنا وقتها في الثمانينات من القرن العشرين الماضي نجابه في عدو شرس شيطان رجيم ليس به ذرة إنسانية ولا إحترام للمواطن الليبي وليبيا غير التسلط والبقاء في الحكم بأى ثمن مهما كان.
                   ولأعطاء الصورة الحقيقية عن ماذا دار وراء الستار بالسابق حتى وصل الأهوج بومنيار لسدة الحكم وتحكم في الوطن بالقبضة الحديدية حوالي 42 عاما، والآن في الدهاليز وقاعات المؤتمرات في ليبيا وبالخارج في الخفاء والعلن تدور وتحاك وتنسج خفايا و أسرار رهيبة للتحكم في الوطن من جديد خلال رموز وواجهات تبدوا وطنية، وسوف تثبت يوما من الأيام أنها هشة وعملاء لمصالحهم الخاصة،  لأن الشريف الحر لا يستطيع العمل والإستمرارية والعيش في جو الدسائس والمؤامرات الخبيثة التي تحاك للأحرار الشرفاء من وراء الستار من أياد الشر والضغوط عليه بطرق خفية ضمن مخطط مبرمج حتى لا يستطيع الحركة والمناورة ويغضب ويقدم الاستقالة عن المنصب ويتوارى عن العيان كما تريد وترغب ويفسح المكان لأشباه الرجال العملاء المزروعين في الوطن .
             أن القصة المؤلمة تتكرر الآن بصور أخرى لا تخطر على البال في إخراج جديد وقوالب أخرى غير معروفة، أرجو من أبناء شعبنا الكرام أن ينتبهوا للخطر القادم حتى لا تتكرر المأساة ونداس 42 عاما أخرى ، أو ندخل في حرب أهلية تدوم لسنوات عديدة (مثل حرب البسوس)، وأن نتصدى للأخطاء وممارستها من الآن مهما كلف الأمر من تضحيات ضحايا ودماء، وكان الله عز وجل في عون الشعب الليبي الذي ضحى بالشهداء والآن يباع ويشتري بعلم أو بدون علم ، ويساق إلى المذبح للذبح والضياع وللأسف فرحا ويرقص .
                 تم التعيين لكثير من المسؤلين عشوائيا في المجلس الإنتقالي والحكومة المؤقته بدون أي فرز وتمحيص بحجج الثورة الدموية ولا وجود للوقت للمراجعة والتقصي والتي في وجهة نظري الشخصية بدأت الثورة الوطنية تسرق وتدخل في منحنيات خطيرة ، وسوف يدفع الشعب الليبي مع الأيام والسنوات القادمة الثمن الغالي من دماء وإستنزاف وضياع الاموال في النهب .
               ولم يؤخذ ويعطى أي إهتمام لرأي الوطنيين نتيجة الهرج والمرج ، التأكيد على أسماء المرشحين لمناصب الوزارة الجدد المغمورين على ساحة النضال ، بالماضي والآن... وكان الطلب معرفة السيرة الذاتية لكل وزير مقترح للمنصب... وماذا قدم من عمل نضالي للوطن ؟؟ وما مدى سنوات التجربة والخبرة التي لديه ، وأن لا يكون حاملا لأي منصب سابق مع نظام القذافي مهما كانت الحاجة والأسباب ، فليبيا قادرة على الإنجاب لم تعقر بعد... وبها الرجال الوطنيين القادرين على النهوض بها إلى أعلى المستويات ، وأسئلة كثيرة حتى نعرف ونتعرف قبل الحكم على أي مواطن ليبي ولايضيع وينتسى الرجال الحقيقيون الأحياء الذين ضحوا من أجل الوطن بشرف ينتظرون المساواة والعدالة التي غابت عن الحضور والتطبيق ، فليبيا للجميع وليست لفئة واحدة خاصة تحكم وتتحكم دون الآخرين ولم يعط للأمر أي اهتمام نظير الضغوط الخارجية وعدم التجربة والخبرات للقائمين على الحكم .
              لست متجنيا على أي أحد ولا أريد كسب أحقاد وخصوم مستقبلا نظير رأي الخاص حيث نصائح غالية قدمت ودفعت الثمن الغالي من الوقت وضياع العمر والصرف للمال الخاص من عرق الجبين حتى تعلمتها، نظير حب الوطن والولاء له، ولا أرغب أن أرى شعبنا الليبي البطل يموج ويهوج في فراغ ولا نظهر بالمستوى المطلوب أمام بقية الأمم التي تتطلع لنا بعيون يقظة وتحتسب في خطواتنا بدقة خوفا أو حسدا لا يريدون نجاحنا لأنها تعرف معرفة يقينة أن أبناء الشعب الليبي على قلة عددنا عملاقا نائما إذا استيقظ ووقف وجرى لن يتوقف حتى يصل إلى أعلى المستويات حيث لدينا جميع الإمكانيات للنهوض والتقدم .
               نجاتنا الوحيدة من التردي في الهاوية والضياع ، الإيمان بالله عز وجل والتحلي بقوة الإرادة والأخلاق الحميدة والعزم في التطبيق بما أمر الله تعالى بالحق والعدل والمعاملة بشرف ، والإحترام لبني البشر والتقدير لكل من أبدى بالرأي السليم للمصلحة العامة التي تنفع وتنهض بالجميع ، وليست وراءها أغراضا خاصة ولا مصالح شخصية .
              علينا أن نتعلم الديموقراطية من الأساس ولا نغتاض من أي أحد عارض الخطأ ، طالبا الحق وتصحيح المسار وقدم ورقات عمل جيدة للدراسة حيث هذه المرحلة الصعبة التي نحن نمر بها الآن مابعد القذافي ساحة سباق طويلة نهايتها ليست قريبة ولا سهلة والذي ليس لديه الجهد والقوة والصمود وقوة الإقناع والحجج للشعب بالحوار الهادف والإبتعاد عن لغة السباب والقذف في حق البعض في المرئيات أمام الملايين ، مهما كانوا وإن كانت زلات  لسان عفوية نتيجة الغيظ او الغضب ، سوف يسقط مهما حاول القيام .
            نصيحتي هي السمو بالنفوس وترك القيل والقال والشائعات التي تتردد من كلام مخطط ومبرمج له مسبقا من مستشارين خبراء في علوم النفس ومعاملة البشر الغافلين، المطروح الآن بالساحة يتردد لذر الرماد في العيون وجعل أبناء الشعب مخدرين في الأحلام ، ولا يعملون بجد وجهد وإستغلال الوقت الثمين في النهوض والتقدم ، والجري في حلقات ليست لها أبواب ونهايات للعبور وأياد الشر والفتن والدسائس ، بينما تحصد خيرات الوطن ضمن مخططات ودراسات وهم مسرورين سعداء ويضحكون على الغافلين البسطاء والمغفلين أدعياء الثوار والسياسة الجدد ، والله الموفق...

              رجب المبروك زعطوط


No comments:

Post a Comment