Saturday, March 14, 2015

جرائم العصر 28

بسم الله الرحمن الرحيم
 الحلقة 8


                سبحانك رب العالمين!  المصائب والمصاعب والشرور العديدة التي وقعت على رؤوسنا وبالأخص منذ بدايات القرن العشرين ، الذي تم فيه الغزو الايطالي  لليبيا التي كانت تحت حكم ولاة أتراك او ليبيين من اصول تركية ضمن الدولة العثمانية وذلك خلال شهر  أكتوبر عام 1911 م...  والشعب الليبي لاقى فيها الويل والثبور من الاستعمار الغاشم وضاع منه حوالي المليون شهيد ضحية في خلال 34 سنة من الاحتلال ، مابين قتلى في ساحات القتال جهادا ودفاعا عن الوطن أو شنقا للوطنيين الاحرار نظير الرفض والتمرد بأتفه الأسباب حتى يخاف أبناء الشعب ويتوقفون عن الجهاد في مناطق عديدة تحت قيادة زعماء كثيرين بالمنطقة الغربية طرابلس وفزان بالجنوب والذين كان أشهرهم بالمنطقة الشرقية عمر المختار ، الذي وقع من على جواده بالصدفة وتم أسره في ساحة المعركة ونقله إلى مدينة بنغازي تحت حراسة مشددة وتمت محاكمته صوريا بسرعة وشنقه في بلدة سلوق رغم انه كان شيخا هرما يتجاوز  الثمانين عاما من العمر .
                 
ويلات سنوات الحرب العالمية الاولى في اوروبا والتي كانت ايطاليا ضمنها  ضاعفت قساوة الوضع على ليبيا من الضغط والتجويع وتفشى مرض الطاعون والأوبئة بدون اي اهتمام ولا علاج ولا دواء ، مما اضطر عشرات الآلاف للهجرة لطلب العيش في دول الجوار والأسر والسجن الجماعي لمئات الآلاف من المواطنين من المنطقة الشرقية الذين يعيشون في البادية حتى يمنعوا أية معونات للمجاهدين من كتائب عمر المختار سواءا موادا غذائية او العناية بالجرحى والإرشاد وغيرها من اعمال المساندة ، مما اصبحت المنطقة شبه فارغة غير آهلة بالسكان الذين كانوا في المعتقلات الوحشية في مناطق العقيلة ومرادة والبريقة بالصحراء للإبادة الجماعية ،  إسوة بحليفتهم ألمانيا الهتلرية مع اليهود والغجر والأجناس  الاخرى التي لم تكن النازية ترغب  في ابقائهم على قيد الحياة .
               توفي وإستشهد معظم الجميع نتيجة التجويع المتعمد بغرض التصفية الجسدية للشعب الليبي ضمن مخططات ودراسات خبيثة شريرة لضم ليبيا إلى ايطاليا بحيث تصبح الشاطئ الرابع كما يحلمون واحلال مكانهم من المهاجرين الايطاليين المستعمرين وتسليمهم وتمليكهم أجود الاراضي الزراعية لزراعتها وإستثمارها وطرد وتهجير أصحابها الاصليين إلى الجنوب في الصحراء القاحلة للعيش في ظروف قاسية صعبة جدا وفقر مدقع وأوبئة وأمراض حتى يتلاشون مع الوقت ويصبحون أقلية وتزال الهوية العربية ودين الاسلام من على خريطة الوطن .
                 
ثم ويلات الحرب العالمية الثانية والصراع الرهيب بين القوات الغازية والتناحر بين الاطراف جيوش المحور والحلفاء والكر والفر وماترتبت عليه من فقد ومآسى للكثيرين من الابرياء نظير الانتقام من أبناء الشعب على التعاطف مع الحلفاء والقيام بأدوار بطولية في الجهر والسر في الإرشاد لفرق الفدائيين ( الكوماندوس ) إلى الطرق ومواقع الجسور المهمة والمطارات المؤقته للاستعمال السريع في الهبوط والإقلاع الغير معروفة والغير متوقع الوصول لها ومواقع التخزين للوقود لتفجيرها ودمارها في عمليات خاطفة مما أربكت الإيطاليين وحلفاؤهم الألمان وسببت الشلل الكبير لعمليات القائد الالماني المشهور بثعلب الصحراء ( الفيلد مارشال إدوين روميل ) .
كما قام الأهالي  بالحفاظ على طياري الحلفاء عندما يهبطون بالمظلات قسرا نتيجة عطب الطائرات جوا من قذائف طائرات المحور او المدفعية الأرضية ونقص الوقود في الاماكن النائية في الغابات والصحراء ، قبل إكتشافهم من قبل قوات المحور وأسرهم ، بإيوائهم وتمريض الجرحى وإطعامهم والتبليغ عنهم لقياداتهم ضمن شبكات عملاء سريين وطنيين في الخفاء حتى يتم توصيلهم إلى بر النجاة وعشرات الاشياء المهمة للعون والمساندة .
                  كل طرف كان يسعى جاهدا للنصر طوال سنوات الحرب العجاف وأبناء الشعب الليبي يقدمون الضحايا بدون حساب نظير القصف من الغارات الجوية ليلا و نهارا على المدن الآهلة من جيوش الحلفاء والمحور والخراب والدمار في الوطن وليس لهم اي دخل ولا ناقة ولا جمل في الصراع الدموي غير الهلاك !
                  من الله تعالى علينا بالفرج والنصر وخسرت ايطاليا الحرب مع حلفائها ، وأصبحنا تحت هيمنة الانتداب البريطاني لمدة سبعة سنوات عجاف وعن طريق الخصام بين الحلفاء حيث كان الإتحاد السوفيتي  الشيوعي من ضمن المنتصرين يريد جزءا من الجوائز وموضع قدم على شواطئ البحر الابيض المتوسط في ليبيا بأي ثمن ، بينما الغرب لا يريد ولا يسمح في السر وغير قادر على الرفض الصريح لحليفهم الشرس الرئيس جوزيف ستالين والمجاهرة في العلن له مما تم تسليم الموضوع إلى الامم المتحدة لإتخاذ القرار وهم وراءه بالخلف.
                 وحدثت الكثير من المناورات السياسية للهيمنة من عدة اطراف دولية ومؤامرات بلا عدد وبحمد الله تعالى والحظ وجهود الرجال الوطنيين الغيورين على المصلحة العامة تحصلنا على الاستقلال يوم 1951/12/24م  ، وكانت فرحة كبيرة بالنصر و أصبحنا دولة ومملكة ضمن هيئة الامم ذات سيادة حرة وعلم خاص بنا يرفرف في سماء الوطن .
                 إيطاليا المستعمرة الفاشيستية أجرمت في حق ليبيا والليببيين في الابادة للشعب حيث يوم الاستقلال كان تعداد الشعب الليبي حوالي 750 الف نسمة فقط ، حسب الإحصاء الرسمي للأمم المتحدة ولو استمر الاحتلال الايطالي سنوات اخرى لكانت ليبيا ضاعت ومواطنوها أصبحوا قلة ، ولكن الله تعالى موجود في الوجود لا يريد طمس نور الاسلام والعروبة عنها.
                  بدأت المملكة الجديدة الفقيرة تحبو في خطوات جبارة في طريق التقدم والنهوض بالمتاح ضمن ميزانيات هزيلة عدة سنوات حتى تم الإكتشاف للنفط بكميات كبيرة عن طريق الشركات الامريكية ، مما جعلت عيون الأطماع الدولية والمغامرين تتجه لنا بقوة للسيطرة والتحكم في مقدرات الوطن والثروة بأي وسيلة كانت مثل الوقوع في الرمال المتحركة او المستنقع العميق الضحل فجأة عن غفلة وبدون دراية في الفخ وكلما نحاول بيأس ولهفة الخروج والنجاة نغوص أكثر وأكثر للقاع والغرق نتيجة الجهل وقيام طبقة فاسدة مستفيدين عملاء للغرب والشرق في السر من خضم الصراع المستتر على الثروة الغير متوقعة حدوثها مما بدأ السوس ينخر في العظم ، وإنتهت النتيجة بالإنقلاب العسكري  الاسود "الثورة" وتم نفي الملك إدريس الذي كان في رحلة علاج للخارج والقضاء على العهد الملكي إلى الآن ودخل الليبيون في مرحلة صعبة ومصير حرج غير معروف أبعاده بالسلب ام بالايجاب .
                 اننا كشعوب عربية مازلنا بالمؤخرة لأننا نتعامل بالعواطف ساعة الحدث والمصيبة بعجلة بدون تأني ودراسات للعواقب التي تحل بعدها من لوم وحساب أو عقاب حيث نثور بسرعة نتيجة الحمية والتأثر وقت سماع اي دس وفتن مدبرة عن دراسة وتخطيط بقصد مبيت في أوساطنا من القوى الخفية التى تريد هلاكنا وتسعى بقوة ان نظل ندور في حلقات الأوهام والغم الكاتم على النفوس حتى نفقد الصبر ونخطأ بأعمال سيئة والبعض منها بشعة نظير حب الرد والانتقام وشهوة الثأر بدون دراسات وتخطيط ولا تقدير لما يحدث بعدها من امور من عواقب وتعويضات بأرقام عالية.
                 اي مصائب تحدث في العالم العربي نظير الشكوك وعدم الثقة تتجه الأنظار والإتهام بسرعة إلى امريكا رأسا والتي هي في كثير من الأحيان مظلومة لا تدري بها ، الامور والحدث ليست له أية علاقة بها تحت اي صورة كانت وإنما الشكوك والاتهام الجائر بدون دلائل وبراهين ثابتة يدور في دول العالم الثالث وشعوبها انه من تحت رأسها... 
               إضطرتني الظروف بعد الزحف والتأميم لكل ما أملك من أصول مادية وهاجرت إلى امريكا في أواخر السبعينات بصعوبة نتيجة ضيق اليد بعد ان كنت ميسور الحال ومن الأغنياء وقتها في مدينتي درنة للنجاة بالنفس من الظلم والقهر من نظام المقبور ولم يتركنا النظام في حالنا لنعيش ومرت فترة عصيبة حرجة على المهاجرين والتي كانت ارواح الليبيين المغتربين المعارضين لاتساوي شيئا بالخارج وكأنهم حشرات وليسوا بشرا ، تقتل وتغتال الضحايا مواجهة من القتلة في وضح النهار وفي العلن في عدة دول في اوروبا من قبل قتلة محترفين من فرق الموت اللجان الثورية الغوغاء العديدة ، ولا من يقبض عليهم ويتهمهم بالفعل والجرم المشهود في العلن ويأخذ العدل والقضاء مجراه ويبت في الامر بقوة ضمن عقوبات قاسية حتى يرتدع الآخرون عن الفعل . بل محاكمات صورية مزيفة تغطية للرأي العام والإعلام وبعد اسابيع او شهور نظير ضغوط ومصالح معينة متبادلة يتم إطلاق السراح والعفو العام عنهم ويرجعون ويصلون إلى طرابلس وكأنهم ابطال مغاوير .
                وكان من احسن القرارات المصيرية التي إتخذتها في حياتي والتي وفقني الله عز وجل فيها اللجوء إلى أمريكا حيث تحصلت على اللجوء السياسي والإقامة كإنسان حر بدون ضغوط نفسية وخوف ولم ارتاح وأهدأ حتى أخرجت عائلتي والأولاد من مطار ( بنينا بنغازي ) بصعوبة نظير شبكة العلاقات والمعارف والتعاطف من بعض المسئولين الوطنيين تحت مراقبة وأنظارالنظام الشريرة من اللجان الكثيرة  ، في مغامرة محفوفة بالخطر حتى وصلوا إلى مدينة روما في ايطاليا وكنت في استقبالهم وبعد عدة أيام في راحة وإستجمام ، تم الحجز والسفر إلى بر الأمان أمريكا والنجاة بالنفس وراحة البال والضمير من مطاردات قتلة اللجان الثورية .
               النظام نتيجة تسرب العائلة والأولاد من المطار عاقب بالفصل والطرد وتأخير العلاوات لعدد 45 موظفا ومسئولا الذين تم حصرهم والمتورطين في تهريب العائلة وبعض الآخرين من المطلوبين لعدالة القذافي مما تم قفل المطار نهائيا على الرحلات الخارجية الدولية المسافرة او القادمة إلى ليبيا ، والسفر عن طريق مطار طرابلس العالمي لحصر السفر إلى الخارج والقدوم إلى ليبيا أمنيا تحت المراقبة الشديدة مما كلف الجهد والمال الكثير للجميع لعدة سنوات.
              جاهدت بكل ما استطيع من جهد والمتاح وضميت صوتي مع الآخرين الوطنيين الاحرار وخلقنا معارضة حقيقية صادقة لفضح القذافي وشبكات الارهاب الخارجية المستترة ضمن شبكات عنقودية صعب إكتشافها على المجتمع الدولي ورجال الأمن من غير إرشاد حيث نحن الليبييين شعب قليل العدد ونعرف بعضنا البعض وسهل علينا الحصول على المعلومات مما كان له الأثر الكبير لدى الجهات الأمنية في الدول المعنية وساعدهم على  إختراق شبكات الارهاب الكثيرة والحفاظ على الليبيين من القتل والاعتداء .
               الفضح في الاعلام على الاعمال الوحشية التي يقوم بها النظام في ليبيا والخارج في السر والعلن الارهاب والقهر لبني الوطن مما تضايق النظام من كثرة الفضائح وحاول الاغتيال لنا عدة مرات في مطاردات بعدة مدن وعواصم كثيرة بالعالم ولكن الله تعالى ستر وكل مرة أنجو من الغدر والمؤامرات العديدة وكتبت لي النجاة والحياة والعمر بإرادة الله عز وجل .
                  وزيادة في الضغوط والارهاب المتعمد عن قصد حتى لا أرتاح في العيش والعمل النضالي بل أبقى طوال الوقت في حالة دفاع عن النفس ولا أستطيع عمل أي شئ جيد وإبداع ضده وأتوقف وأستسلم .
                طلبني نظام المقبور القذافي رسميا كمجرم وارهابي عن طريق البوليس الدولي الانتربول في منتصف الثمانينات بحجة أنني كنت مجرما هاربا من العدالة في ليبيا بتهم عديدة ملفقة لا أساس لها من الصحة ، ولكن امريكا رفضت التسليم لانه لم تكن  توجد بينها وبين ليبيا  معاهدة  لتبادل المجرمين والفارين ،  مما لها الفضل الكبير في النجاة ولن أنسى فضلها وجميلها طوال الحياة إلى ماشاء الله تعالى لي البقاء... والله الموفق ... 
                                      
                  رجب المبروك زعطوط

 البقية في الحلقات الاخرى...

No comments:

Post a Comment