بسم الله الرحمن الرحيم
شاهد على العصر
60
عندما انتهت المسيرة فى شوارع العاصمة واشنطن دي سي واعلمنا العالم بالمخازى وخرس الأصوات لبني الشعب الليبى البسطاء .... والإعلاميون الكثيرون يسجلون ويصورون فى الحدث وهم غير مصدقين ان ليبيا تئن تحت الظلم والقهر من طاغية مجنون ... ونسوا وتناسوا ان معظم الدول لا تريد الصدام مع المعتوه وقتها نظير مصالحها ولا يهمها ابناء الشعب الليبى المقهورين ولا السجن والتحقيق ولا التعذيب والقتل لهم بل كل الهم كيف مصالحهم تمضى على قدم وساق بدون تعطيل ... واستغل المجنون ضعف الكثيرين من الدول وتمادى فى المقولات التافهة والتراهات الفارغة ولم يتصداه احد غير القليلين من ابناء الشعب الاحرار الرافضين مما جن جنونه وهو اصلا مريض مجنون .
رجعت الى المدينة كوربس واستقريت بها وبدأت فى العمل حتى أحقق بعض الدخل وفى نفس الوقت التركيز على متابعة القضية الوطنية والاتصالات المكثفة جارية بقوة مع الشباب والوفود تأتى الى الى مدينة كوربس كريستى والبقاء عدة ايام فى البيت للتباحث والبعض منهم غير قادر على دفع التذاكر مما كنت اقوم بالسداد من اجل آمنا ليبيا الحنون .
واحد الأمسيات استقبلت مخابرة بالهاتف وكانت من القبطان موليجان يبلغنى فيها انه استلم رسالة من المهاجرة حيث حولت جميع المراسلات على عنوان مكتبه لانه ليس لدي عنوان فى مدينة فرجينيا بيتش … واثناء الحديث طلبت منه فتحها وابلاغى بمحتواها حتى ارتاح ... وبعد بضع دقائق مكالمة ثانية يهنئ فيها انه تمت الموافقة على الحصول على اللجوء السياسى والبقاء فى امريكا وعلى بالقدوم الى فرجينيا بيتش لتكملة الإجراءات وقلت له سوف أتى عن قريب حيث كنت اخطط لرحلة الى القاهرة مصر .
كانت فرحة كبيرة وزغردت الحاجة عندما سمعت النبا السعيد حيث الان وضعى فى امريكا قانونى فقد اعترفت بى كلاجئ سياسى ولى الحق بالإقامة الرسمية لى ولجميع عائلتى مما ارتحت نفسيا فقد كان بالسابق موضوع الإقامة هاجس كبير وعليه يتقرر المصير بحيث لا اريد المخالفة والتهرب من رجال الضبط بالمهاجرة كما يفعل الكثيرون من الغرباء المهاجرون مما يتم القبض عليهم ويتعرضون للمهانة والتحقيق والطرد بالقوة فى كثير من الحالات …
وكان إيمانى القوى ان لا أخالف القانون فى اى وطن اقيم به واحترم قوانينه حسب نصيحة الوالد رحمه الله تعالى حتى استطيع ان استمر فى العيش والحياة هادئ البال من غير خوف ولا وجل وأستطيع التركيز على العمل النضالى الذى كان مرتبطا بكل نفس وذرة من كيانى انام واقوم من الفراش وانا اكن العداء والتحدى للقذافى الذى مزقنا وجعلنا شتاتا نهيم فى العالم الفسيح بحيث ارد الصاع صاعين لهذا النظام الحقير وعلى راسه المريض القذافى !!
ومررت بمراحل قاسية حيث الكثيرون من الليبيون وبالاخص البعض من رجال الاعمال او ذوى المال غير مهتمين بالقضية بل يستهزئون علينا سامحهم الله عز وجل ... ونسوا وتناسوا ان ليبيا للجميع وليست لفئة دون اخرى والمفروض الاتحاد بقوة مع بعض ونعمل ونجاهد بعنف حتى نصل للهدف السامى وتتخلص من الطاغية الذى كل يوم يمر من أعمارنا يزداد كفرا وجبروتا نظير الشر والشرور .
هذه النوعيات تحب المال حبا جما فى نظرى ومن خلال التجارب ليس لهم ولاءات للوطن لانهم بعملهم هذا واستهزائهم يدمرون فى نفسيات الكثيرين الذين يريدون الالتحاق بصفوف المعارضة اما المناضلين الحقيقيون فانهم على درب النضال سائرون بهؤلاء النوعيات ام لا ... حيث الوطن غالى ولا يحس بالالم الا ابن الوطن الصافى !!
حدثت مهاترات كثيرة بالسابق مع مصر الرئيس السادات رحمه الله تعالى حيث عرفه منذ البداية انه مجنون وزير نساء ولواط ... وبالسابق كان يريد ان يغزو ليبيا ولا يتوقف حتى يصل لحدود ولاية برقة بداية راس لأنوف حيث القوس القديم الذى ازيل من العقيد المعقد ولم يترك كمعلم للأجيال القادمة ،،، ولكن الرئيس الأمريكى السيد جيمى كارتر منعه من الهجوم لأمور خافية نحن لا نعرفها حتى الان ؟؟؟
الرئيس المصري الراحل أنور السادات |
الرئيس السادات شخصيا لم يتوقف عن الدعم للمعارضة الليبية فى اى يوم من الايام واكبر خسارة للمعارضة الليبية والليبيون وبالاخص الغرباء المهاجرون المقيمون فى مصر فقدوا سندا كبيرا بفقده عندما اغتيل وانتقل الى رحمة الله تعالى وجاء الحقير بعده حسنى مبارك وبدا الضغط على الليبين المقيمون فى مصر طالبين الأمن والأمان نظير عمالته وصداقته وقبض المال الوفير من المجنون لقاء تضييق الخناق على أحرار ليبيا ،،،وتسليمهم الى الجلاد لقتلهم امثال الشهيد جاب الله حامد مطر الزوى من إجدابيا والمناضل الشهيد منصور الكيخيا من بنغازى وعزات المقريف المغربى من إجدابيا وغيرهم الذين تم ابعادهم او قتلهم بطرق غامضة .
و حسب علمى ومعرفتى من اعترافات المرحومين الحاج محمد السيفاط والحاج رجب بن كاطو لى شخصيا فى احد الجلسات وهم يتحسرون على الوضع .... انه تم اجتماع مع الرئيس السادات بخصوص القضية الليبية مع آخرين منهم المرحوم طارق عبد الباقى والحاج عوض شنيب والسيد جبران سليم على ما اعتقد ... وامر وزير الحربية فى حضورهم بتقديم جميع التسهيلات لهم حتى ينتهون من هذا الولد العاق حسب كلامه وطلب منهم فى الاجتماع تقديم 1000 شاب ليبى لتدريبهم على القتال كطليعة اولى للهجوم امام العالم كتغطية والباقى يتكفل الجيش المصرى بذلك حتى النصر والقضاء على الولد المجنون نهائيا وخلعه وبتره من خريطة الوطن للابد .
وتعهد الحجاج السادة السيفاط وبن كاطو بالموضوع وتم تسليمهم مبلغا ماليا مائة وخمسون الف دولار كبداية مصاريف لحضور الشباب الى مصر للتدريب وتم إرسال اجهزة إرسال وبث إذاعة وصلت الى كهوف وأدى الكوف بعد بلدة مسه بالجبل الاخضر بدون علم المخابرات الليبية ولا العيون وألوشاة وتم التحفظ عليها وحراستها جيدا من قبل رجال الحاج محمد السيفاط .
ومرت الايام ولم يتحصلون على الشباب مما تم استدعائهم من قبل وزير الحربية وخفض الرقم الى خمسمائة شاب ومرت الايام والأسابيع ولم يتحصلون على المجموعة وتم الاستدعاء الاخير وخفض الرقم الى مائة ولم يتحصلون عليهم وطلب السادة السيفاط وبن كاطو المقابلة مع وزير الحربية وقتها وشرحوا الامر وانه ليس باستطاعتهم التجنيد للشباب كما يرغبون . مما فشلت العملية وتم ترجيع المعدات من ليبيا فى سرية كاملة ... وكذلك تم ترجيع المبلغ لخزينة الدولة المصرية حيث كانت وقتها الرئاسة المصرية تمر بمرحلة ضغوط ومعاناة و فى حالة حصار شديد وبحاجة للعملة الصعبة .
قصص كثيرة من هذا النوع مرت مرور الكرام ولم تذكر حتى الان !!! وضحى الكثيرون من الأبطال الجنود المجهولين فى سرية وصمت وقاموا بادوار كبيرة وخطيرة وبالاخص من البعض الذين يعملون مع النظام ومحسوبين عليه والواقع كانوا يقومون بادوار كبيرة ويسربون فى المعلومات الخطيرة والتى حافظت على رؤوس الكثيرين من أحرار ليبيا ... ولم يذكرون بالخير فى اى يوم من الايام وهذا للأسف شئ مخجل المفروض ان يكرم الاحياء والموتى منهم يقدر ورثتهم وأحفادهم حيث التاريخ يعيد نفسه يوما من الايام وذكراهم الخالدة تشجع الاخرين على الولاء للوطن .
الشهيد الإعلامي محمد مصطفى رمضان |
ودوت الأنباء باول عملية اغتيال وفى العلن فى مدينة لندن ببريطانيا وكان الضحية الاولى محمد مصطفى رمضان المذيع بإذاعة لندن الذى اغتيل يوم جمعة 11 ابريل 1980 م عندما خرج من الجامع بعد اداء الصلاة حيث ترصده القاتل وقام باطلاق الرصاص عليه ولم يهرب بل هتف باسم العقيد المجنون وتم القبض عليه وبعد فترة بسيطة لم تتم محاكمته فى بريطانيا وطن الحرية والديمقراطية بل تمت محاكمة صورية كتغطية للاعلام ... وتمت المقايضة واطلق سراحه ورجع الى ليبيا وهو منتصرا على فعلته الإجرامية فى العلن متحديا القوانين والأعراف ... أليست بمأساة .؟؟؟
فى ذاك الوقت الصعب تواجدت بالقاهرة وكنت يوميا اتابع فى الاخبار الغث والسمين وكانت كمية الاخبار والتكهنات كبيرة تحتاج الى فريق عمل كبير حتى تستطيع ان تصنفها الصادقة من الكاذبة المدسوسة مما جعلت الجميع حيارى ووجد فرسان الكلام أشباه الرجال فرصتهم لدس المزيد من التأويلات والأقاويل الزائفة ولكن لا يصح الا الصحيح .
القنبلة الثانية التى دوت فى اوساط الجالية الليبية فى العالم ... هو اغتيال الشهيد المحامى محمود نافع فى لندن الذى اغتيل يوم 21 ابريل 1980 م الضحية الثانية وتبجح القاتل بانه ينفذ فى اوامر سادته قيادات اللجنة الثورية وعلى راسها احد رموز النظام القتلة القذاذفة والتى المسئولية كاملة تقع على عاتق المجنون المريض القذافى الذى استهان بارواح ابناء الشعب .
يومها بالمساء اجتمعنا كمجلس إدارة فى مقر الرابطة الوطنية برئاسة السيد مصطفى البركى رحمه الله تعالى وبعد أخذ وردود حيث ليس بيدنا اى شئ حتى نستطيع وقف الطاغية غير الاعلام والفضح والاتصالات المكثفة لتجميع الليبين حتى ينتبهوا للمخططات الشريرة والحفاظ على رؤوسهم والعمل الجاد لتجميع الاخبار المهمة وتزويد الدول الأصدقاء بأعماله الدنيئة فى السر حتى تتصدى لعملائه واذرعته الخبيثة وتوقفه عند حده ! ويضمن اللاجئون الهناء والأمن والأمان حتى يستمرون فى حياتهم الطبيعية بدون هموم وهواجس .
تقرر بعث برقية عاجلة الى الرئيس السيد أنور السادات طالبين منه الحماية وقبول الجثمان للشهيد المتوفى محمود نافع لدفنه فى القاهرة ارض الكنانة وفتح ابواب مصر لقدوم اللاجئين الليبين والإقامة فيها حيث كانت مصر وقتها مقفلة الأبواب والجالية الليبية قليلة العدد لا تتجاوز بضعة الاف من المهاجرين .. وكتبنا البرقية وانا شخصيا بالمساء أرسلتها للرئيس السادات من احد مكاتب البريد فى ضاحية الدقى واخذت إيصالا بها مع وضع الاسم وعنوان الرابطة وأرقام الهواتف فى حالة الاتصال وأسئلة مخابرتية عديدة حتى تمت الموافقة بإرسالها وخرجت من مكتب البريد وانا مرتاح البال نوعا ما ؟؟ عسى ان يرد على طلباتنا ؟؟
واليوم الثانى كانت المفاجئة الكبيرة حيث وفد من رئاسة الجمهورية أتى ليقدم تعازى الرئيس فى المرحوم الشهيد حيث نحن كليبيين اهله … وكانت المقابلة فى سكن المرحوم رجب بن كاطو وكنت حاضرا مع الجماعة عندما وصل الوفد رفيع المستوى من رئاسة الجمهورية مكون من 4 أشخاص مع العديد من موظفى البروتوكول والحرس الذين بقوا خارج الاجتماع ،، وتكلم رئيسهم ولا اذكر الاسم الان ... تكلم نيابة عن الرئيس السادات ... وانه يتاسف على الذى حدث من هذا المريض الولد المجنون وانه يسمح لنا باحضار الجثمان ودفنه فى القاهرة وانه أعطى التعليمات بان ابواب مصر مفتوحة لاى مواطن ليبى متضرر من نظام الأهوج .
وطلب منا كجالية بان نساعدهم فى تصنيف المهاجرين من المدسوس من اجل سلامتنا كليبين وسلامة مصر ،،، وتقبلنا التعزية الحارة وشكرنا ممثل سيادة الرئيس على فتح ابواب مصر حيث نحن شعب واحد وآمنهم هو امننا وسوف نعمل المستحيل لمحاربة القذافى بجميع الوسائل ،، وغادر الوفد مع إعطاء بعض ارقام هواتف فى الرئاسة لاستعمالها وقت الضرورة لاى شئ قد يحدث او نحن كليبين نحتاجه منهم بسرعة بدل المرور ضمن القنوات الرسمية والبيروقراطية التى تاخذ وقتا طويلا من إدارة الى اخرى.
شاع الخبر بسرعة فى ليبيا وعواصم العالم وبدا الليبيون يشدون الرحال الى بلد الأمن والأمان مصر ... ونحن كرابطة بدات الاتصالات العديدة مع لندن لاحضار الجثمان لدفنه فى مصر وتم ترتيب معظم الاشياء وصادفتنا متاعب كثيرة اولهما لم نتحصل على قبر لدفن المرحوم حيث القبور فى مصر خاصة ويحتاج الى شراء قطعة الارض وترتيبات كثيرة معقدة ... وحاولنا محاولات عديدة ولم ننجح ... وأخيرا اهتدينا الى حل وطلبنا من الحاج محمد السيفاط ان يتصل بالملك السابق محمد ادريس السنوسى والملكة فاطمة للحصول على أذنه حيث لديه قبر محجوز له فى منطقة " كرداسة " احد ضواحى الجيزة بالقاهرة .. ووافق الملك على إعطاء القبر ودفن الضحية فيه وتغلبنا على اول عقبة حيث ضمنا القبر للدفن .
وصل الجثمان من لندن بريطانيا وادخل الى الثلاجة وتم الترتيب للدفن وقامت الحكومة المصرية مشكورة بناءا على تعليمات الرئيس السادات الذى كان يتابع فى الموضوع شخصيا فى الخفاء بقفل ميدان التحرير ومنع المرور فيه وقت الجنازة مما سبب ربكة كبيرة فى المرور حيث ميدان التحرير اهم ميدان بالقاهرة وشريان حيوى للمرور حيث شوارع عديدة مهمة تتفرع منه …
وضع الجثمان فى المسجد المطل على الميدان واعتقد انه مسجد " مكرم عبيد " وحضرنا كليبيين وللأسف كان الحضور قليل مقارنة بالميدان الفسيح الكبير حيث عدد الليبين لا يتجاوز المائة والباقى للأسف كثيرون لم يحضرون الجنازة مع علمهم بها خوفا من انتقام المريض القذافى لأهاليهم فى ليبيا .. والبعض كانوا يمشون من بعيد بجانب المحلات فى اخر الشوارع يحاولون المشاهدة من غير الاشتراك …
وتدابرت الامر مع السيد مصطفى البركى والدكتور حسنى غولة وقررنا إحضار العديدين ليمضوا معنا فى الجنازة كمشيعين حتى يصبح لنا وزن فى الإعلام ... وبالإتصالات العديدة خلال ساعة واحدة كان لدينا اكثر من خمسمائة مشيع ورفع الجثمان على احد السيارات وتقدمت الجنازة فى صمت ونحن نردد فى قول " لا اله الا الله محمدا رسول الله " واللذمة والأمانة اول من هتف بقوة وعنف لا اله الا الله امعمر عدو الله رئيس الرابطة السيد مصطفى البركى ... وألثانى الدكتور حسنى غولة الترهونى وكنا فى صف واحد وراء النعش وبدا الترديد من الجميع على الكلمات النابعة من القلوب ... وانقلبت الجنازة الى مظاهرة صاخبة ضد الظلم والطاغية وجميع وكالات الأنباء ومبعوثى القنصليات والسفارات الاجنبية تصور وتسجل فى الاحداث المتوالية لحظة بلحظة ونحن مستمرون فى السير على الأقدام مسافة طويلة وراء سيارة النعش ونهتف بعنف ضد المجرم الطاغية الذى يقتل فى ابناء بلده الاحرار الأبرياء بدون سبب غير قول الحق والرفض لمقولاته التافهة وتراهاته الزائفة ،،، وجميع المارة بالآلاف يتوقفون لمشاهدة موكب الجنازة ويتساءلون لماذا المظاهرة مما كانت حملة دعائية كبيرة ضد المجنون القذافى .
رجب المبروك زعطوط
البقية فى الصفحات القادمة …
No comments:
Post a Comment