Friday, January 4, 2013

شاهد على العصر 57


بسم الله الرحمن الرحيم 

شاهد على العصر 
57


اوائل سنة 1980 ذهبت زيارة الى الحج واحد الايام اثناء الطواف على بيت الله الحرام شاهدت بطريق الصدفة الحاج حمد الحصادى  بلدياتى من مدينة درنة وصديق آخى الحاج صالح وجلسنا فى احد الاماكن نتسامر عن الأحوال بالغربة فهو مهاجر منذ فترة فى مصر وعرفت منه ان الجالية الليبية فى الاسكندرية قد عملت رابطة وطنية لتهتم بامور المهاجرين من إقامات ومشاكل كثيرة يومية والأحوال فى مصر مستقرة حيث الرئيس السادات محبوب من الأوساط الشعبية والأمن المصرى قابضا بيد من حديد على اى تلاعب لأعوان القذافى بحيث لايستطيعون عمل أية عمليات غادرة واغتيال لاى مواطن ليبى لاجئ فى مصر ودعانى لان أزورهم فى مصر وان استقر معهم بدلا من البعد فى امريكا وحسب قوله الحياة فانية وأحسن شئ يقضى الانسان حياته بجانب إخوته فى الأفراح والأتراح والجماعة قوة .

ولم اصده وتركته يسترسل فى الحديث فانا فى امريكا مرتاح جداً والحياة لها متعة خاصة فقد خرجت من دائرة الخوف والرعب من رجال الأمن فى جميع الأوطان العربية وتنفست الحرية فى ابدع الصور واعيش فى قمة الديمقراطية ويريد منى ان ارجع للخلف خطوات كثيرة هل انا قصير النظر ام لا افهم او الحاج ببساطته يعتقد فى امور كثيرة فى نظره جيدة والواقع عفى عليها الزمن  فالوطن العربى مازال يعيش فى عالم اخر وبالاخص فى دولة مصر قمة التخلف والتأخر ولن ينهضوا ويتقدمون للإمام طالما العسكر هم الحكام .

المهم جاملت الرجل ووعدته بالقدوم الى مصر فى اقرب وقت واخذت منه ارقام الهاتف والعنوان فى الاسكندرية حتى اتصل به فى حالة رغبت فى القدوم ،، ومرت الشهور وكانت لدى الرغبة لأذهب الى هناك حيث لدى بعض الاموال لتحصيلها من شركة القناة حيث أتممت لهم بالسابق فرش الأسفلت فى ميناء درنة ولم اقبض بعد مستحقاتى نظير الزحف والتأميم  وتم الاتفاق معهم وقتها على التحصيل من مصر عندما أتى لهم .
واحد الايام كنت جاهزا للسفر الى اوروبا عندما تم اتصال  هاتفى من الحاج صالح سرقيوه الذى تربطنى به صداقة وأخوة كبيرة مع فارق السن فهو من جيل أخوتى وصديقهم وقال انه موجود بأثينا اليونان لعدة ايام واذا كان بالإمكان ان نتقابل وقلت له لا مانع سوف اغير  برنامج رحلتى وامر لأقضى عدة ايام فى اليونان والسبب الرئيسى المكثف فى الاتصالات هو مد جسور العلاقات والتعاون كيف نستطيع ان نهدم نظام الجهل من الداخل بنشر المعلومات الصادقة وفضح الاكاذيب والتطبيل بالحق والحصول على المعلومات عن الزبانية ومخططاته بالخارج حتى نستطيع ان نتعاون مع دول العالم فى تحجيمه وتفشيل اعماله الاجرامية والاهم الحفاظ على ارواح الابرياء الليبين من ان تهدر وتغتال وهم غافلين ،،، نريد ان نكون مثل السوس ننخر فى الجسم ببطء حتى يتهاوى ويسقط مع الايام .

انه مخطط كبير يحتاج الى وقت طويل والى صراع حقيقى فى صمت وفضحه بجميع الصور حتى يتحدى ويدافع عن وجوده ونفسه وهناك نكون قد نجحنا فى جعله يتراجع عن غيه فى كثير من الامور .

ووصلت الى أثينا وتقابلت مع الصديق وكان معه مجموعة اخرى خليط من الرفاق من المنطقة الشرقية وتعرفت على معظمهم وقضيت عدة ايام وانا أتردد عليهم وأصر ان أتى معه الى الاسكندرية لمعرفة المزيد وكان الحاج صالح يهدف ان اقيم فى مصر واباشر أعمالا كبيرة فى نطاق المقاولات حيث كانت وقتها مصر عبارة عن ورشة عمل كبيرة وقت انفتاح عهد الرئيس السادات ومحتاجون الى الميكنة واستعمال الآليات الثقيلة فى اعمال البناء حيث التركيز لديهم على كثرة الايدى العاملة وليبيا سبقت مصر بمراحل كبيرة فى استعمال الآليات فى البناء والتشييد لقلة الايدى العاملة بها وكان رجال الاعمال الليبيون يعتبرون أساطين أساتذة وقتها للتجارب الكبيرة التى مروا بها والخبرات التى تحصلون عليها والكثير منهم لديه الرأسمال الكبير ويستطيع العمل به تحت اسماء ومسميات اخرى ومعظمها بأسماء الزوجات المصريات او الاصهار  واثبت الزمن ان معظم الليبين الذين قاموا بأعمال ومشاريع كبيرة  تم الإفلاس لهم بطرق وحيل ملتوية وقوانين ظالمة ولم ينجح الا القلائل الذين فاتوا وبزوا المصريين فى الذكاء المفرط الشرير 

حيث  اخوتنا المصريين صعبين فى المعاملة ... الغش والتحايل يجدون فيهما لذة فى المعاملة وكانه حق مشروع  مكتسب ضمن الامور التجارية ... الا من القلائل الذين يعرفون طريق الله تعالى والذى مهما شكر الانسان كثيرا فى هذه الفئة لا يستطيع الإيفاء ،،،المعاملات  للاجنبى فى مصر لها صعاب عديدة وطرق مسدودة   كمن يبيع المياه فى حارة السقايين ؟؟؟

اول محطة فى الرحلة عندما وصلت من امريكا كانت مدينة لندن وتقدمت بطلب تأشيرة للرجوع من القنصلية الامريكية ولكن تم المنع والرفض  وحاولت عن طريق روما ايطاليا ولكن نفس الطريقة واسقط فى اليد فالعائلة والاولاد فى كوريس كريستى تكساس وانا العائل  هائم فى اوروبا غير قادر على الرجوع وتقدمت بطلب التأشيرة مرة اخرى الى القنصلية الامريكية فى أثينا ونفس القصة تكررت حيث سجل الاسم فى الحاسوب بالمنع لأمور لم اعرفها ؟؟؟  وحاولت بجميع الوسائل ولكن بدون جدوى وقررت ان أسافر الى مصر مع الحاج صالح عسى ان اجد الفرج بدلا من التواجد فى أثينا بدون هدف ؟؟؟

تم الحصول على التأشيرة المصرية للدخول بعد واسطة كبيرة ومعارف وتضييع وقت وتقديم الطلب والانتظار عدة ايام وحجزنا تذاكر الطائرة الى القاهرة وتم الاتصال من الحاج صالح مع عائلته الثانية فى الاسكندرية حيث له زوجة فى ليبيا مع أولادها وأخرى فى مصر بالإسكندرية مع أولادها وهو  دون جوان يتنقل بينهم .

وصلنا الى القاهرة بعد غياب طويل حوالى 7 سنوات حيث اخر مرة كنت بالقاهرة عام 1972 م عندما احضرت الوالد لعمل العملية الجراحية ووفاته هناك ،،، وتعطلنا فى المطار الدولى ساعات عديدة مع وجود التأشيرة والتى المفروض لا يستغرق الامر دقائق ولكن الامور عقيمة والتأخر واضح وكمية المعاملات الورقية والتنقل من شخص الى اخر مما يسبب الغثيان حتى تم الختم من الجوازات وبعدها الحقائب والتفتيش عنها وسط الزحام الكبير والدفع المستمر لكل من يمد اليد باى شئ والتعطيل فى التفتيش والجمرك وامور بسيطة تافهة ..

احببت ان اذكرها بالتفاصيل لاعطى القارئ الكريم عن كم عانينا من إرهاق وتعب عندما اصبحنا غرباء مهاجرين بدون وطن ،،، وأخيرا بعد ضياع حوالى اربع ساعات من الوصول تمكنا من الخروج ونحن مرهقين من المعاناة وشد الأعصاب وكانت لديه سيارة فيات يملكها والسائق فى الانتظار ووضعنا الحقائب وعندما ركبت السيارة نمت طوال الطريق ولم افتح العيون الا بضع لحظات عندما يتوقف السائق فى احد نقاط التفتيش للدوريات على الطريق ،،وارجع للنوم مرة اخرى نتيجة الإرهاق والتعب خلال الرحلة من اليونان الى القاهرة والانتظار الطويل للدخول وبعدها السفر  بالبر الى مدينة الاسكندرية .

أخيرا وصلت إلى  الاسكندرية حوالى الثالثة صباحا وكنت اريد الذهاب الى الفندق للإقامة ولكن أصر المضيف الحاج صالح  ان اقيم فى البيت معه حيث قال حسب كلامه البيت واسع وأهلا وسهلا ،، وإزاء اصراره ولعدم إحراجه وافقت  على ان اذهب معه واقيم فى بيته  وبعدها بفرجها الله الكريم ،، حيث بطبعى لا ارتاح فى النوم عندما اكون مقيما فى بيوت الناس ضيفا .

بالضحى القيام من النوم  وبعد حلاقة الذقن وحمام بارد شعرت بالنشاط يعود والحيوية زادت فقد زال التعب والإرهاق اثناء النوم العميق المتواصل بدون كوابيس وشعرت كأننى ولدت من جديد ومثل هذه الحالة تحدث فى كثير من الحالات  بعد الحمام ولكن لا نبدى لها اى اهتمام نظير الشباب وصغر السن .

وبعد الإفطار ذهبنا الى زيارة الرابطة الليبية وكانت مبنى سابق للطلبة على ما اعتقد ملحق كاحد المكاتب او مكتبه وأستغلها المهاجرون الليبيون وطلبوا الأذن من السلطات باستعمالها وتحصلوا على الموافقة حيث الارض والمبنى ملك للدولة الليبية .
ودخلت الى هناك وكان بها الكثيرون من الليبيون والذين اعرف البعض منهم معرفة وثيقة وتعرفت على الاخرين وكانت زيارة موفقة حيث عرفت الكثير مما يجرى من امور خافية من غير أسئلة حيث على الطريقة الليبية يتماوجون كالسكارى وما هم بسكارى الكلام كثير وفرسان الكلام يصولون ويجولون بدون فائدة فلا توجد فى نظرى لا إدارة ولا قيادة وانما عبارة عن مكان للتجمع والمعرفة وتضييع الوقت حيث الجميع المهاجرون  بدون عمل وبالتالى الرابطة عبارة عن نادى لتضييع الوقت وتسقط الاخبار والقيل والقال 

قلت للنفس ساخرا ،،،  لو كنت فى مكان العقيد المعقد فى ليبيا لن اهتم بهم ولن يأخذوا دقائق من الوقت فى التخطيط ضدهم  بل بالعكس سوف ابعث لهم منح ومهايا ليستمروا فى تضييع الوقت ففى نظرى الذى يحكى كثيرا لا يعمل اى شئ … وتاسفت على الإمكانيات والقوة التى تضيع هدر بدون فائدة والتى لو جمعت التجميع الحقيقى واصبحت لهم قيادة حكيمة قوية وكشرت عن أنيابها  ووجهت ضمن مخططات وهدف سوف تعمل المستحيل فالليبيون لا يستهزا بهم عندما يتحدون يدا واحدة ،،، بامكانهم عمل المستحيل وخلق المعجزات .

قضيت عدة ايام فى زيارات للرابطة وبعض الأصدقاء وتعرفت بالكثيرين وكونت فكرة كاملة عن ما يجرى من امور وطنية وحراك سياسى فى الاسكندرية ووصلت الى قناعة ان الطريق طويلة والسلطات المصرية فى ابتزاز رهيب للمواطنين الليبين بحيث الاقامات تمنح مرة واحدة لمدة عشرة  شهور فقط للاجئ ومن يوم التقديم حتى الاستلام بعد الجرى ودفع الرشاوى فى كل مكان سعيد الحظ  من يستلم جواز سفره خلال ستة اشهر فى حالة يريد ويرغب فى السفر خارج مصر لاى موضوع تجارى او عام يخصه وبالتالى معظم الجميع شبه سجناء للإجراءات والتعقيد ومهما تكلم الانسان وطالب فلا إذن تجيب بل وعود معسولة ،،، والميزة الوحيدة لدى  المسئولون المصريون يمتصون الغضب والغيظ بقلوب واسعة  وبطبيعة مرحة وكلمات معسولة  ووعود ماشاء الله تعالى ولكن لا تنفيذ ؟؟؟؟

هل هذه عيشة كريمة للاجئ ان يعيش بالغربة  بهذه الطريقة فانا شخصيا لن أرضى فى الغربة بان أعيش ذليلا مهما كانت الأسباب ؟؟ لا معاذير ولا إعطاء الأعذار فاوطان الله تعالى واسعة ولم يفرض الله الواحد  ،،، وطنا دون اخر والإنسان الغريب طالما صمم وهاجر لديه خيارات كثيرة ويستطيع ان يختار الأصلح له حتى يستطيع العيش بكرامة .

 وتساؤلاتى اذا الانسان الكريم أراد العيش بكرامة وقيم بالغربة  يستطيع الوصول لها وانما عليه التعب والعمل بالجد وان أراد الخنوع والعيش السهل وان يتحمل المصائب فلماذا من اول مرة الهجرة ؟؟؟ لماذا لا يبقى فى وطنه مع غيره ؟؟؟ مثل الاخرين ،،، وهناك مثل  يقول طالما الانسان يعيش وسط اهله وابناء عمه ووطنه  والظلم بالظلم يبقى ظلم الاخ  أهون من ظلم الاخرين فى جميع الظروف .

فى احد الايام حوالى الظهر قابلت 2 أخوة من الطلبة  السادة الدكتور حسنى غولة من ترهونة والسيد عز الدين القمودى من نواحى طرابلس ،،، قادمون من القاهرة لزيارة رابطة الاسكندرية وتعرفت بهم وكانوا ذوى حيوية وذكاء يشع وفى نفس الوقت ضد النظام فى ليبيا واصبحت بيننا ألفة غير طبيعية خلال ساعات من التحاور والنقاش الوطنى وكانوا يرغبون فى الرجوع الى القاهرة وعزمتهم على الغذاء وأعطونى ارقام الهواتف والعناوين فى القاهرة وأصروا على زيارتهم عندما أتى الى القاهرة ،،، ووعدتهم بالقدوم فى الايام القادمة .

بعدها بأيام قررت السفر الى القاهرة لطلب تأشيرة أمريكية حتى استطيع السفر والرجوع الى امريكا وفى نفس الوقت لا اريد ان اكون ضيفا ثقيلا على المضيف الحاج صالح سرقيوة الذى لم  يترك وسيلة لترغيبى بالبقاء فى الاسكندرية واحضار العائلة من امريكا ولكن رفضت رفضا باتا وقلت له افضل الرجوع الى ليبيا معرضا نفسى وعائلتى للخطر على الانتقال الى مصر ؟؟؟

الا ترى التحكم والمهازل اليومية والضغوط على المهاجرين والمعاملة السيئة وعدم وجود العمل  والابتزاز المنظم ؟؟ ولو كان الليبيون المهاجرون  فقراء وليس لديهم المال سوف يصبحون خدم  ،،، اننى افضل البقاء فى امريكا الى ماشاء الله تعالى حتى نرتاح من الطاغية ،، مما ابتسم ونظر لي بنظرة وهو غير مصدق ؟؟؟ ان جميع اماله لسحبي للإقامة فى مصر باءت بالفشل ... حيث لى تجارب كبيرة رهيبة فقد عمل عندي فى الشركة الخاصة بى وفى عديد من الشركات التى مساهم فيها بنصيب الاسد ... اكثر من  10 الاف فنى وعامل  فى مدة قرن من الزمن وعرفت اشياءا كثيرة احتاج الى مئات الصفحات للشرح .
  
                                        رجب المبروك زعطوط 

البقية فى الحلقات القادمة ؟؟؟

No comments:

Post a Comment