Thursday, August 9, 2012

الرمز

                                            بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
                                                     الرمز


            كل شىء خلق بهذه الحياة  الدنيا ، له معنى كبير وهدف عظيم وعبرة وعبر ، دروس كثيرة للبشر على مر العصور والتاريخ منذ الأزل ، حيث أن الخالق الله عز وجل لم يخلق البشر عبثاً من أجل التسلية واللعب ، بل لخلافة الأرض وتعميرها وعبادته طوال الوقت حتى يأذن بالنهاية وحلول يوم القيامة التي لا يعرف سرها ومتى تحل وأي وقت وتاريخ  أي إنسان من البشر مهما وصل من علم وعلوم وفهم ، حيث الكثير منا  نحن الليبيين  شباب اليوم يعيشون الأوهام والأحلام بدون دراية ولا علم ، يفتون في الدين حسب الأهواء وما يتراءى لهم من أمور ، متطرفون في التصرفات ، يريدون ترجيع الماضي وإحياء الدين الإسلامي بالتمسك بالقشور ونسوا وتناسوا أن الجوهر والأساس في الدين الإسلامي الحنيف هو عدم الإكراه والفرض والجبر بل بالحوار الهادف والإقناع حتى يدخل القلب براحة عن إقتناع وهداية ويطلب العاصي الغفران والرحمة من الخالق ، حيث قرآننا الوحي من السماء كلام الله عز وجل روحاني مقدس ، ليس مكتوباً من عقول البشر ، بل جامع لجميع التساؤلات وبه جميع الأجوبة التي يرغبها السائل ، صالح لكل زمان ومكان طالما العالم قائم إلى ماشاء الله تعالى …

الخيارات مفتوحة للجميع ويستطيع الإنسان بالإرادة القوية والتصميم والعمل الجاد أن يصل لما يريد ويرغب إذا وضع الهدف الذي يريده ويرغبه أمام ناظريه وسعى وعمل جاهدا لتحقيقه ، فإنه يوما ما ، مهما طال الوقت أم قصر سوف يصل ويحققه ويفوز وينجح بمبتغاه مهما وضعت وقابل من صعاب وعراقيل أمامه سواءا بقصد أم بدون قصد ، لأن مسيرة الحياة مثل عجلة العربة تدور بلا توقف أو عقرب الساعة ماضيا للأمام لا يتراجع للوراء ، يوم لك ويوم عليك ومهما وصل الإنسان من علم وتقدم أو سلطة وجاه ، له يوماً و ينتهي ويموت ويتوقف ويسقط من عليائه ويتحطم ، ولا يصمد إلا القلائل المؤمنون لآخر لحظة بالعمر الذين نفوسهم راضية مرضية تحب الخير للجميع وتعمل بكل الجهد لليوم الآخر بعد النهاية والممات والرحيل عن حياة الدنيا الفانية …

 الكثيرون من البشر بهذه الحياة عاشوا سنيناً عديدة من العمر ، إنتقلوا لرحمة الله تعالى ، توفوا وماتوا ودفنوا في ظلام القبور ولم يتركوا خلفهم أي أثر وراءهم ولا ذكرى حتى يذكرون  سواءا بالخيرا أو بالشر عن أي عمل قدموه لصالح البشر فقد عاشوا فترة من الزمن وهم مهمشون بآخر الطوابير لا حس ولا ذكرى لهم ، يمشون مع البقية من أبناء الشعب في الظلال في صمت وراء الحاكم  بدون فهم ، همهم طوال الوقت العيش في راحة والعمل السهل والحصول على المال آخر الشهر للصرف على عائلاتهم بدون أي طموحات تدفعهم للوصول للقمم …

أليس هذا الأمر بمؤسف؟ فالحياة خلقت للعبادة والعمل الجاد والإبداع من أجل التقدم والنمو ومساعدة الآخرين والنهوض والجهاد من أجل الدين ، من أجل الوطن والقيم والأخلاق تحت مسميات وعناوين كثيرة سواءا في المعارك والحرب ، أم في ساحات العلم والمعرفة والمساهمة في التقدم قدر المستطاع ، أو في ساحات البناء والتشييد والإعمار أو بناء الإنسان بالعلم والمعرفة  بدل الإنزواء للخلف ينتظرون من الآخرين التقدم والتضحية وهم لا يعملون أي شىء غير العيش على الهامش  وترديد الشائعات بدون علم ولا فهم …

نحن الآن كأبناء الشعب الليبي الأحرار الثوار ، نمر بمرحلة سياسية دقيقة تحتاج إلى العزم والحزم الجاد بالعقل والمنطق حيث بعض الفئات الآن المعارضة للمسيرة تشحن  قواها تريد عمل القلاقل والشغب والوصول للقمة بطرق عقيمة نظير الجهل المطبق على العقول والعنصريات الفارغة وحب الجهوية لمصالحهم الخاصة ، حيث البعض لا يحبذ الديمقراطية ولا الحوارالهادف للمصلحة العامة ولا الوحدة ، وحدة الصف ،  غير راضين عن غيابهم عن الساحة الوطنية حيث سقطوا في الإنتخابات بسهولة ، لم يتم إنتخابهم بالطرق القانونية والشعب صوت لغيرهم نظير نكايات وردود أفعال عن أعمالهم المتطرفة والتعنت في   مواضيع كثيرة بسيطة تعتبر من القشور زادت عن الحد في التطبيق وأثرت في صناديق الإقتراع ، وإستغلت أسوء إستغلالاً ضدهم من قبل القوى الخفية في الإعلام المخطط والمبرمج بحيث صوروا للشعب أن الجماعات الإسلامية متطرفة ضد الأعراف والقوانين ،  لو وصلوا للحكم سوف يؤخرون الوطن ويرجعون به للوراء ، نظير التزمت والتشدد والتطرف الغير مبني على الأسس الحضارية كما يدعون ويقولون …

الواقع المرير خطأ قاتل حيث هؤلاء الشباب المتطرف لديهم الحماس وقوة الإيمان والعقيدة ، ولكن تنقصهم الخبرة والتجربة والحكمة في الطرح بسلاسة للأمور بدون  تطرف من أساتذتهم وشيوخهم المتزمتين ، حتى يساندهم جميع أبناء الشعب عن قناعة وحب وإحترام وولاء ، حيث  جميعنا مسلمون نوحد بالله الواحد الأحد وأن سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر الأنبياء والرسل ، نريد النهوض والتقدم كما كان أجدادنا الأوائل من قبل عندما كانوا يحكمون بالحق ضمن الشريعة السمحاء بالشورى والعدل والمساواة ، حتى وصلوا للسمو والحضارة في أروع الصور حيث عم نور العلم والبحث دياجير الظلام في أوروبا ، أيام عصر التخلف في القرون الماضية السوداء ونشروا العلم والعلوم في بقاع كثيرة من الأرض …

ونحن الأحفاد الخلف مازلنا نعيش في الظلام والجهل والتخلف مع أننا نعرف الكثير وندعي العلم والمعرفة ولكن ينقصنا العزم والقيادات السليمة المؤمنة بالتعاليم الإلاهية عن قناعة للصالح العام ، لم نترك من القوى الخفية في حالنا حتى نعمل ونبدع ، لأنهم يعرفون عن قناعة أن المسلمين خطر على مخططاتهم وهيمنتهم والكيل بمكيالين ،  قادم مع الوقت ، مارد عملاق لو إستيقظ من السبات والنوم ونهض عندها أمور كثيرة وموازين سوف تتغير بالنسبة لهم للأسوء …

والدليل الواضح اليوم في عصرنا هذا ، دولة الصين العملاق المخدر بالأفيون النائم أين كان بالسابق ؟؟ في المؤخرة والحضيض ، عانى جميع المعاناة والضيق والألم من الإحتلال والهيمنة من الجيران اليابانيين والغرب ، والآن في وقتنا الحاضر كيف أصبح ؟؟  غزى العالم بالصناعات من الألف للياء، والآن يريد غزو الفضاء والإنطلاق و عدم التوقف إلى ماشاء الله عز وجل …

القوى الخفية الدولية تريد الهيمنة والتسلط علينا بالدس ونشر البغضاء والحقد والحسد بينا حتى لا نتحد ونصبح كيانا واحدا لنا الهيبة والقوة ، سخرت العلم والتقدم والتخطيط والدراسات السليمة لإضعافنا ، وصنعت متاهات بمسميات وعناوين وحجج عديدة مثل وضع السم الزعاف القاتل في العسل لم نعرف الخروج منها ،، حيث نحن نظير التعصب والعنهجية والعنصريات مازلنا بالحواشي مسيرون ضمن مخططات مشئومة غير قادرين على خرق الحلقات والهيمنة  والتقدم مع أنه لدينا الأساس القرآن المجيد ، الدستور الإلاهي الصالح لجميع البشر المؤمنين بالرب الخالق وتعاليمه السمحاء طوال الوقت مهما مرت بنا نحن العرب والمسلمون  من ضغوط ومعاناة ، إستبداد وحروب وإرهاب وقتل ، ضياع الأرواح والثروات الخيالية في مشاريع وهمية إستهلاكية تنتهي مع الوقت ، ولكن نسي هؤلاء المخططون في حكومة الظل أنه في نهاية المطاف الخاتمة والنصر المبين لنا ، لأنه لا يصح إلا الصحيح ، والدليل نجاح ثورات الربيع العربي ضد الظلم والقهر …

أحد الحكماء الأجانب قال مقولة قوية ( النوابغ أصحاب العقول النيرة يفكرون في عمل الأشياء الباهرة من إختراعات لصالح البشرية ، وأصحاب العقول المتوسطة يفكرون ويتابعون في الأحداث وماذا يدور بالعالم من كوارث وأشياء ، أما الفئة الثالثة تفكيرها محدود نظير الجهل والتخلف حيث  تفكر في الناس البشر والقيل والقال ) ، حيث نحن دول العالم الثالث تنطبق علينا الصفة الثالثة حيث نقضى الساعات الطوال في ذكر سير الناس بالمدح أو بالقدح والتجريح وتضييع الوقت الثمين في المهاترات والمتاهات التي لا تسمن ولا تغني من جوع بل زيادة آثام وذنوب ، بدل التركيز على العمل الجاد وشحذ الأذهان والطاقات في العلوم والإختراعات كما كان أجدادنا الأوائل بالسابق …

لقد نمنا نوما طويلا ، والغرب والشرق لعبا بنا ، وأصبحنا شراذم ودولاً قزمية نتباهى بالأمجاد ونحن خاسرون وأنوفنا في الوحل من الهزائم  ، لأننا لم نتوحد تحت راية واحدة  ، وتساؤلاتي هل رضي الله عز وجل علينا  ، حيث أيد وساند ثورات الربيع العربي حتى النصر ،  هل هي البداية للنهوض من النوم والسبات الطويل؟؟؟ والله الموفق ...
 
                                                                  رجب المبروك زعطوط
 
                                                                         2012/8/8م  

No comments:

Post a Comment