بسم الله الرحمن الرحيم
الإنتظار
يقول ويردد أصحاب العقول والحكماء أن الصبر والتريث وعدم التسرع في البت في الأمور أحد أسباب النجاح ، وأنا شخصياً أوافق على الرأي الحكيم إلى درجات وحالات معينة ، ولا أوافق من ناحية أخرى ، لأن أي إنسان مغامر في الحياة لو طبق هذا المثل التطبيق الصحيح وحسب لكل شىء حسابا دقيق وإنتظر بدون أن يتقدم ويعمل ويغتنم الفرصة ويدخل السوق قبل الآخرين ويغامر بحيث يكون من الرواد الأوائل حتى يثبت الوجود بالسوق ، لن ينجح ، لأن الكثيرين من التجار ورجال الأعمال تنقصهم الجرأة والإقدام لا يغامرون بقوة ، حيث يحسبون كل خطوة بأن تعود عليهم بالأرباح ، ويطبقون المقولة السائدة عبر التاريخ " أن الرأسمال جبان " دائما بالطبيعة يخاف ويتراجع حتى لا يضيع وتنتهي العملية بخسائر كبيرة ، نظير العوامل العديدة ، والقلق وعدم الإستقرار للدولة حيث لا أمن ولا أمان في الوطن بعد نجاح الثورة والنصر ، حيث الصراع في صمت مازال دائر بين القوى الخفية على من يكون الحاكم ؟ مازالت الظلال والغموض قائمة ، و الحوادث والجرائم وتصفية الحسابات بالإغتيالات والأخذ بالثأر يومياً دائرة على إتساع الوطن كل يوم في منطقة ، التي من الممكن أن تكبر مع الوقت وتصبح نارا هائلة ، تجعل التاجر ورجل الأعمال غير مستقر موزع النفس متردد لا يستطيع الجزم بقوة ، على أي أمر طويل الأجل …
في نظري حسب الخبرة ومسيرة حياة طويلة عملية في التجارة والأعمال ، هذه النوعية التي لا تعمل ، لا تنجح! ولن تصل للقمم نظير عدم الجرأة والإقدام والعزم ، فالحياة نفسها مغامرة ومقامرة كبيرة ، تتطلب نوعيات معينة لديها بعد النظر وإستقراء الأحداث ودراسة السوق والمغامرة ، وأن الحظ يسير في ركابهم يساندهم طوال الوقت ، والتوكل على الله عز وجل ويبدؤن ؟؟ تحتاج إلى رواد أوائل في أي شىء وعمل حتى يبرزون للقمة من خلال المثابرة والتقدم الذي لدى ضعاف النفوس يعتبر مخاطرة وإنتحار ، وإلا يصبحون مهمشين بآخر الطابور ينتظرون مع الآخرين الحصول على فتات من موائد السادة الكبارالمغامرين ، وبالتالي دائما ليسوا أصحاب القرار ، تابعون يمدون أيديهم يتسولون النعم وخيرات الله عز وجل ، التي هي أصلا من حقهم حيث إستولى عليها الحكام الطغاة نتيجة النهب والسلب بدون وجه حق …
الحياة خلقت لأمور معينة وأسرارها كثيرة بدون حدود ، لا يعرفها إلا خالقها الواحد الأحد الله عز وجل ، تحتاج وتتطلب العزم والحسم وبالأخص عند تحمل المسؤوليات الضخمة في أي موضوع قيادي سواءا عاما ، أو خاصاً ، لأن القيادة لها مواصفات معينة خاصة لا تتوفر عند الجميع ، حيث هناك الكثير من الرجال الشرفاء الذين وصلوا بضربة حظ لمراكز عالية ولم ينجحوا نظير عدم الخبرات والتساهل الزائد عن الحد ، حيث نحن شعب عنيف يخدع الجميع بأننا مسالمون نحتاج إلى الحزم والقوة والعدل والمساواة ، حتى لا ترجع حليمة إلى عادتها القديمة وتبدأ بذور الشر والشرور تغرس وتنمو مثل السابق عندما همش المقبور معظم مدن وقرى الوطن ، والنتيجة زاد الضغط عن الحد وقامت الثورة المجيدة وزال الطاغية وحكمه للأبد …
وكم من أشباه رجال مغامرين ساعدهم الحظ والوقت والمكان المناسب وبين ليلة وضحاها أصبحوا بالقمم ، صالوا وجالوا ، تحكموا بالرقاب ، ودان لهم الجميع بالسمع والطاعة سواءا عن رعب وخوف ، أو طمعا فى الحصول على الجاه والمنصب والمال ، وفئات وشرائح أخرى ناصرت وأيدت الطغاة عن جهل وقناعة مع سبق الترصد والإصرار وهم غير مستفدين الإستفادة الكاملة ، مثل ما حدث مع الكثيرين من أبناء الشعب الليبي ، حيث ساندوا الطاغية المقبور إلى آخر لحظة عن قناعة وكأنهم واقعون تحت تأثيرات غيبية وسحر أسود من الشيطان الرجيم ، لا يريدون الإعتراف بالأخطاء والمظالم التي حدثت من نظام الجهل والتخلف ، يجدون له الأعذار الواهية عن قناعة، وهم يعيشون الواقع المرير لاهون في خضم الهتافات والتمجيد الزائف لشخص تافه مثل المقبور ، يعلمون ويشاهدون المآسي التي تحدث أمام ناظريهم من التهور والمغالطات للنظام السابق ... يحز بأنفسهم الإعتراف ، يحبون العناد إلى آخر نقطة دم بعروقهم ، لايريدون التراجع والإعتراف بالأخطاء والجنون ، أليست بمأساة ؟؟
الآن بعد نجاح الثورة والهزيمة النكراء ، لم يعوا الدرس القاسي ويرجعون إلى عقولهم نظير الجبروت ، مازالوا يعيشون الوهم والحلم بالرجوع مرة أخرى لسدة الحكم والهيمنة ، يشكلون الطابور الخامس الهش الهزيل في الخفاء ووراء الستار غير مرئيين ، والواقع الثورة مستمرة ولن تتوقف لأنها على الحق ، وأصحاب الحق المظلومين دائماً حسب الأعراف والقوانين " منصورين " .
نحن الثوار الأحرار الشرفاء ، أسمى عقلاً وفكراً ، عزيمة وإقداماً وفهماً ، وسوف نحافظ على ثورتنا بالروح والدم حتى لا تسرق من الطحالب وأدعياء الوطنية الهشة الذين أيام الحرب والدم كانوا بآخر الطوابير ينتظرون الكفة الغالبة حتى ينحازوا ، قلوبهم هواء ، نفوسهم خبيثة ، ليست لهم قناعات ولا ضمائر ، همهم المصلحة الشخصية وليس الوطن كما يدعون ويغالون في الساحة حتى يحصلوا على التأييد والمناصرة من السذج العامة …
من وجهة نظري ، الحياة مسيرة طويلة وسوف تمر الأيام ونتقدم وننهض بالعقول النيرة وسواعد الشباب الرجال ذوي الدماء الحارة ، ويتساقط الطابور الخامس والطحالب مع الوقت بهدوء وكل إنسان ذي شأن مؤمن بالثورة عن ظهر قلب ، شارك بأي جهد مهما كان ، أثناء الوقت الصعب ، هنيئا له من القلب دنيا وآخرة ، لن ينساه الرب الخالق من الأجر والثواب ، لن يهمش وينتسى من الشعب ، ويوما عندما يرتاح الوطن من القلاقل ، وتأتي حكومة وطنية صادقة ، سوف يكرم التكريم اللائق أمام الجميع وفي العلن ، اليوم أم بالغد …
إن إيماني الشخصي بأمور كثيرة جاء نتيجة خبرات وتجارب والحراك في أمور عديدة في عالم المال والسياسة حتى وصلت إلى ما وصلت له من علم وقناعة ، حيث أنا بطبيعتي مغامر ومقامر ونفسي وثابة ، لا أستطيع البقاء بالمؤخرة وأتقاعد وأصبح جالساً متفرجاً مثل الكثيرين من البشر ضعاف النفوس ، على المسرحية التي تدار بذكاء من بعض الأدعياء لهم أجندات غير واضحة مدعومين من قوى خفية …
بل دائماً في المقدمة من الأوائل في أي عمل أقوم به عن قناعة ، وطالما قمت بأخطاء قاتلة عن رحابة صدر وطيب خاطر وإكتشفت مع الأيام كم كنت غافلاً ، دفعت الثمن الغالي من الوقت والمال والجهد ولكن الحمد لله عز وجل تعلمت الدروس القاسية وإزددت خبرات نظير التجربة ، ومع كل الحوادث والدروس مازلت في بعض الأحيان أقع في المصائب نظير التسرع والوفاء بالكلمة والعهد ، لأنني تسرعت وأعطيت وعدا وكلمة شرف ، وأنا أحترم أي كلمة وعهد يصدر مني ، حتى لو أخطأت ، لا أتراجع وينتابني الضعف والجبن …
لن أحاول التخلص والتنصل أو المشاكسة و إختلاق الأعذار التافهة الواهية ، حتى تتوقف الصفقة وألغي العقد و العهد والوعد نظير الحفاظ على بعض المال من الخسارة ، بل أنفذ التعهد وكلمة الشرف وأترك الأمر للطرف الآخر إذا فهم وتراجع بطيبة خاطر ووصلنا إلى حل يرضي الطرفين ، دائما أحترم العهد والوعد طالما حييت ولي نفس بهذه الدنيا العجيبة الغريبة التي تدور يوما لك ويوما عليك !
سوف أستمر بنقاء وصفاء وقول الحق والصدق ولو الخنجر على الرقبة ، لأنه في نظري الحياة العملية والتجارة والبيع والشراء والتسويق ، أهم بند للنجاح ، الصدق في الوعد والعهد والأمانة والثقة هما الأساس للتعامل والكلمة التي تصدر وتخرج بالموافقة ، كأنها عقد مكتوب مصدق من محرر العقود …
لقد مررت بعشرات الحالات بل بالمئات خلال مسيرة حياة في التجارة والأعمال لأكثر من نصف قرن من الزمن ، في عالم المال والسياسة ، في عوالم كثيرة لا أستطيع عدها من كثرتها ، لأنني تقلبت ومارست وعشت أيامها الحسنة والفرح ، والسيئة والترح ، من مكاسب وخسارة ، وظهرت معادن رجال شركاء ورفاق ، كنت أعتقد أنهم رجال وإخوة من الدهر وليس الظهر ، يعتمد عليهم وقت الشدة ولكن أمام الطريق الصعب الشائك في المعارضة وبدايات الثورة ، وبريق المال والجاه المرتقب القادم ، أثبتوا أنهم أشباه رجال حيث ظهرت النفوس الخبيثة وطارت الأقنعة المزيفة ، وخرجت الوجوه القبيحة للعلن ، وكم صدمت ووصلت لقناعات ثابته راسخة بأن أتوقف وأنتظر …
إن الصدق في العهد والوعد ورضاة الله عز وجل والوالدين هما الأساس للنجاح للإنسان المؤمن حيث دائما يتقدم للأمام مهما مرت به من مطبات وكبوات ، تسانده قوى خفية روحية بدون أن يعلم ويدري بحيث آخر الأمر والمطاف يحقق الفوز والنجاح ، أليس بأمر مذهل ؟؟ يتطلب الحمد والشكر للخالق الأحد ، الكريم الذي كرمه وجوده بدون من ولا حد وحدود … والله الموفق …
رجب المبروك زعطوط
2012/7/29م
No comments:
Post a Comment