Saturday, August 4, 2012

الخداع

                                            بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
                                                    الخداع

 
                    المثل الأجنبي  يقول "الذي يأتي بسهولة يذهب بسهولة"  حيث الذي يأتي  بدون كد ولا تعب ومجهود كبير لا يذوق الإنسان طعمه ولا يحافظ عليه ويتشبث به بقوة حتى يبقى ويستمر وينمو للأحسن ومع مرور الوقت طال أم قصر  يذهب " ينتهي ويتلاشى " بسرعة ، وهذا الذي حدث للكثيرين من الطغاة الحكام ورجال الأعمال الأثرياء حيث ساعدهم الحظ في غفلة من الزمن ووصلوا إلى أعلى الرتب والمناصب ، ولم يحسنوا المعاملة الحسنة لغيرهم من إخوانهم أبناء الشعب نظير التكبر والصلف وإتباع خطوات الشيطان الرجيم الذي أضلهم عن رؤية الحق باعوا ضمائرهم لقاء جاه وحياة زائلة ، والنتيجة التمرد والثورة وضياع الملك والجاه بسرعة ، وهذا الذي حدث للمقبور الطاغية المجنون الذي وصل للحكم وقت الغفلة وساندته قوى الشر والشرور الخفية حتى وصل لسدة الحكم بسرعة ودام ملكه 4 عقود ونيف جميعها مؤامرات وقتل وإرهاب وأخر الوطن سنوات للخلف ، وقتل شر قتلة ونساه الشعب الليبي بسرعة وكأنه لم يحكم هذا الوطن الطاهر يوما واحداً ، صال وجال فيه بالطول والعرض ، وإدعى أنه ملك ملوك أفريقيا …

نحن الآن كشعب ليبي نعيش في عرس كبير وفوضى عارمة بحيث إختلط الحابل بالنابل  ولم نعرف كيف نحدد الأمور ونمشي بخطوات هادئة مدروسة لنصل ونحقق الحلم الكبير الذي بأنفسنا والذي ضحينا من أجله بعشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعاقين وهو التقدم بالوطن والخروج من التخلف ونحن لدينا جميع المؤهلات للنجاح من عقول نيرة وحكماء وشباب و رجال وخيرات بالوطن بلا حدود تحتاج لمن يبحث عنها و يكتشفها ويستثمرها ويحافظ عليها للأجيال القادمة ، حيث نحن مررنا بتجربة قاسية طوال 4 عقود ونيف من نظام الجهل والقهر ، وعندما تنشقنا هواء الحرية وضحينا بالنفيس الغالي وتحررنا من الكابوس والطاغية ، ظهرت عيوبنا الكثيرة على السطح ، حيث نريد الحرية ونعشقها ولكن لا نعرف كيف نبدأ البدايات الصحيحة في العمل السياسي الصحيح ضمن الديمقراطية السليمة ونتعلم لغة الحوار والأخذ والعطاء ، بدل التشدد والتطرف والرجوع للماضي والتخلف وإستعمال القوة المفرطة التي لا توصل للأهداف المطلوبة بل تزيد الطين بلة  ، والعنف يولد العنف وتضييع الوقت ، كما يحدث الآن في دول عديدة بالعالم  من مخاضات وصراع على السلطة والحكم مثل  دولة العراق ، التي إحتلت من قبل الغرب حتى لا تصبح شعلة مضيئة في الوطن العربي وتطغى على البعض الآخرين العملاء في المنطقة …

نحن لا نعرف كيف نتعامل مع الأطراف العديدة المحلية المدركة والعالمة لما تريد وهو الوصول وتحقيق الهدف ضمن مخططاتها وعقلياتها ، والأخريات التي لا تعرف السياسة  تدور بدون هدف في متاهات الساحة ، حيث ذوات الأجندات الكثيرة الشبه منظمة في أطر معينة والبعض منها متطرفون مغالون ، لا يتماشون معنا تحت أي ظرف ، حيث الشعب الليبي عربي مسلم يؤمن بالله الواحد الأحد وأن سيدنا محمد الرسول عليه الصلاة والسلام  ، وبالتالي عشنا في حراك كبير وخضم فوضى مفتعلة ساندتها أيادي الشر والشرور  وأصبحنا ندور في حلقات جاهزة مرتبة من أساطين وأساتذة الشر ونحن نعتقد أننا الأساتذة والواقع المرير بالإيحاء نحن قطيع من الغنم يتبع الراعي ، الذي هو نفسه لا يعرف أنه موجه ضمن أجندة خبيثة ودس ،  من السادة الكبار الذين وراء الظلال وفي الخفاء " حكومة الظل العالمية " التي تسعى بقوة على الأرض لتسيطر على المقدرات لبعض الشعوب المتخلفة من دول العالم الثالث الجاهلة ، تؤلب البعض على البعض وتتحكم في رقاب البشر بالدنيا نظير مصالحها الخاصة …

السؤال الكبير هل الراعي المسؤول ولي الأمر ، وطني ذكي عارف أبعاد اللعبة التي تحاك وقادر على المضي فيها والإستفادة منها لمصلحة الوطن ، يحبه من القلب والضمير يريد نهوضه وتقدمه أم لمصلحته الشخصية ومصلحة حواشيه من الطحالب لترسيخ النفوذ وتسمين الحسابات بالعملات الأجنبية من الرشاوى والعمولات ،  أم مسير من قوى خفية  حكومة الظل العالمية لمآرب أخرى خفية غير واضحة؟؟ إنني لا أعرف عن يقين ، ولا أستطيع أن أتكهن  ولكن نظريتي أن الأمر مرتب حيث أنه يصعب الوصول للقمة بدون مساندة وتأييد …

رؤساؤنا العرب وأولي الأمر  لاعبون على الهامش بدون قرار في اللعبة الدولية دورهم الطاعة العمياء والتنفيذ لما يسند لهم من أدوار وأمور ،  على ما أعتقد نظير إعتبارات عديدة وأمور في الخفاء ليست قابلة للنشرفي الوقت الحاضر إلا بعد مرور 30 عاما من الوقت وتعتبر الآن  من الأسرار ، عبارة عن أحجار شطرنج يلعب بها ، ونحن نعتقد أننا على الطريق الآمن سائرون ، والواقع المرير نحن نطبق في مخططات الغير ، أليس بأمر مؤسف أننا آخر الوقت مسيرون وندعي أننا العارفون ؟؟

يحز بالنفس أن أشاهد كيف يسير الوطن في فوضى  يتخبط ، فنحن على مفترق طرق بصحراء قاحلة تائهون لانعرف حتى الآن ماذا نريد حتى نستمر ونعمل لكي نصل للمقدمة وننهض ، جميع الشرائح والفئات ذوي الأجندات يتصارعون للوصول للحكم وكأننا معمل مختبر تجارب تطبخ به المصائب ، أو مزرعة نموذجية خاصة لتحسين الإنتاج والنسل  ، لكل طامع من هب ودب يريد الإستئثار والإحتكار ، ونحن شعب قليل العدد متخلف ، مقطعين عدة شرائح قبائل وأحزاب وجمعيات ولدينا جميع الأجندات الخيرة والشريرة من تنظيم القاعدة إلى السلفيين ، الوهابيين ، الإخوان المسلمين ، العلمانيين ، ومعظم الشعب وطنيون بدون أي إنحياز إلى أي تنظيم ، ولكن بدون قيادة ، بل مثل السفينة تتماوج على غير هدى في بحر هائج متلاطم الأمواج ، تريد الوصول لبر الأمان والمرفأ ، ولكن غير قادرة حيث المحرك تعطل عن الدوران …

إنها متاهة كبيرة ومصيبة من المصائب بلانا بها الله عز وجل حتى نكون في هذه الحالة المؤسفة من الهرج والمرج نتخبط بدون أساس ، لا نعرف كيف نحكم العقل ونتوحد ونصبح يدا واحدة ، مع أن معظمنا قلوبنا طاهرة ونفوسنا خيرة ساذجة ولكن يشوبها بعض الجهل والتعصب والطمع في الحصول على المال والجاه بأي وسيلة كانت ، نظير تعاليم  قيادة هوجاء سابقة للمقبور دامت 4 عقود ونيف ، جهلت معظم الأجيال الشابة …

هذه الأمور المتشابكة والعقد عبارة عن حوادث مفتعلة بأيادي خفية لا تريد الإستقرار للوطن حتى ينهض العملاق النائم في المنطقة ، حيث العديد من الدول  سوف تخسر المنافسة في السوق لأن الليبيون أذكياء بالفطرة قادرون على عمل المعجزات لو أتيحت لهم الفرص العادلة ، ولكن مع الوقت  والمثابرة للوصول والفوز والنجاح ، سوف نتغلب عليها بقوة الإيمان والعقيدة والعمل الجاد بدون إنفعالات ولا غيظ وغضب ، لأن أهم شىء لنا في الوقت الحاضر أن لا نخدع وندخل في معارك جانبية بيننا البعض مع البعض حتى نجهد وننهك قوانا وننسى الأساس، أن نتفاهم بالعقل ، بروية وحكمة حيث في نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح …

كل يوم أتابع الأخبار وما يحدث على الساحة الوطنية والعالمية ، أحاول التوقف وأقول مردداً للنفس لماذا تضييع الوقت في المتابعة وأنا لست بقادر على العمل ولا التغيير لما يحدث من مهاترات ونوادر بالمسرحية من أفعال التي جميعها تؤدي إلى الإنصياع والطاعة لحكومة الظل الخفية ، ونسى وتناسى العملاء أن الوطن له "عشم" ، وأننا مسلمون حتى النخاع ، ومهما غرر بنا ، لا يمكن الإستمرار في الخداع إلى الأبد لأنه ليس على أساس …

المشكلة التي نعاني منها ، أن معظمنا يعتقدون في قرارة أنفسهم أنهم العارفون للأمور من الغرور نتيجة التكبر والصلف ، ونسوا أنهم بشر ، هناك  صح وخطأ ، لا يريدون الإعتراف بأننا قاصرون في أمور كثيرة نحتاج فيها إلى تعلم العلم والتجربة حتى نبدع !

في رأيي الشخصي ، علينا إستعمال العقل والحكمة والتريث والصبر والدراسات الجيدة ووضع المخططات السليمة مهما أخذت من الوقت ، ثم العمل بجد وكفاح حتى ننجح في التجربة ، أن نعطي الفرص لأي إنسان أو تجمع منتخب من الشعب حتى يستطيعون السير والمضي ولا نخلق لهم المشاكل ولا القلاقل ولا ترديد االشائعات لأننا غير راضين عن البعض نظير المبادىء ، في سبيل الوطن والمصلحة العامة نتغاضى عن الصغائر  نساندهم ونناصرهم بكل القوة  إذا كانوا سائرين على  طريق الحق والصواب فالخير سوف يعم الجميع بالربح والسعادة والنهوض، وإذا كانوا على خطأ ، يأخذون وقتهم وتنتهي مدة حكمهم ويسقطون ويرحلون …  والله الموفق ...
 
                                                          رجب المبروك زعطوط
 
                                                               2012/7/31م 

No comments:

Post a Comment