بسم الله الرحمن الرحيم
ثورة 17 فبراير
مرت حوالي 5 اشهر منذ إندلاع الثورة المباركة في ليبيا ، ثورة الشباب والرجال الأحرار الذين رزحوا تحت نير ظلم الطاغية القذافي فترة 4 عقود و نيف من الزمن ، والكثيرون شبابا صغارا في السن مواليد عهد الإنقلاب الأسود ، لا يعرفون أي شىء عن تاريخ ليبيا الحقيقي الذي طمس من قبل وسائل إعلام القذافي التي تمجد بالكذب والزور عائلته وعشيرته وقبيلته وجعلتهم أبطالا في نظر الرأي العام ، والواقع أنهم من عامة الشعب و عاديون .
أتيحت لي الفرص أثناء الثورة المباركة الكثير من اللقاءات مع العديد من الشباب الأحرار الوطنيين في جلسات ومناظرات عديدة بالداخل والخارج وكم إستغربت ودهشت عندما وجدت لديهم الرغبة الشديدة والقوية لسماع قصص بطولات المجاهدين الحقيقيين المنسيين وعن التضحيات والتي للأسف لم تذكر ضمن التاريخ الوطني ولا أحد يعرف عنهم إلا من القلائل كبار السن الأحياء لقاء القرابة او المعرفة ورفقة النضال .
لم أجد أو أطالع في أي يوم صحيفة أومنشورات أو كتاب ولم أسمع إذاعة مسموعة أو أشاهد قناة مرئية تروي قصصهم وتذكرهم في الإعلام على الأقل عرفانا بالجميل .... هؤلاء الأبطال الذين هم الآن في ذمة الله تعالى تواروا في ظلام القبور للأبد ، والنسيان طواهم مع تلاحق الأحداث والمصائب العديدة وعدم الذكر عن قصد مبيت من الطاغية الذي كان يأمر أعوانه الإعلاميين بالكف وعدم الذكر حتى لا يرفع الروح الوطنية لدى الشباب ، الذين لا يعرفون أي شىء عن بطولات السابقين المناضلين ، وإستعان بطبقة مراسلين وإعلاميين وكتاب يدعون المعرفة وهم اشباه أدعياء على المهنة والتاريخ للتوثيق ، لا يعرفون معرفة جيدة حقيقة الاوضاع والمسيرة النضالية الجهادية في تاريخ ليبيا القديم ولا الحديث المعاصر بوفرة الموثق والاهتمام والتركيز على نشر الخبر او القصص التي تتلائم مع النظام القمعي وتصب في مصلحته ونشر الأخبار المطلوب تعميمها والصور لجذ ب الجماهير ساعتها ووقتها .
تاريخ ليبيا الجهادي النضالي تاريخ مشرف دفعته غايات نبيلة وشريفة، الدفاع عن الوطن والتضحية من أجله بالروح والدم بالغالي والنفيس فقد هب الأجداد بقلوب مؤمنة بعدالة قضيتهم للذود عن الوطن خلال سنوات الاستعمار الإيطالي الغاشم من سنة1911 إلى 1945 مع نهاية الحرب العالمية الثانية بقلوب مؤمنة بعدالة قضيتهم ووطنهم ... وتعاقبت الإدارات والحكومات خلال فترة بسيطة لإرساء الأساسات السليمة وجاء الانقلاب الأسود على العهد الملكي الزاهر يوم 1969/9/1م بالأماني والوعود المعسولة بالحرية والخلاص من الهيمنة الآجنبية وأن الثروة والسلطة تكون بيد الشعب مما كان لها بريقا خاصا لدى أوساط الجماهير السذج الجهلة بأغوار السياسة مثل دس السم القاتل في العسل .
تكالب الجميع على التأييد بدون تساؤلات من الانقلابيون الجدد... وهل هم قادرون على الحكم ؟ وما هي الخبرات المتوفرة لديهم ؟ وهل معروفين بالامانة والصدق والطهارة لتسيير الدولة الناشئة إلى الأحسن ؟ الجميع في فرح مسرورين إلا من البعض العارفين على الحياد متشائمين رافضين الوضع الجديد في السر وفي صمت خوفا من إيذاء الجماهير .
نسى الشعب فضل العهد الملكي الذي من العدم خلق دولة مملكة ذات سيادة وعلم ، رجاله قدموا الكثير والكثير من الجهد والعرق أيام كانت ليبيا فقيرة غير مهتما بها أحد ، وبالأخص بعد الحرب الخراب والدمار الذي حل نتيجة الصراع الدموي بين جيوش المحور والحلفاء ، عندما كان كل طرف يسعى بقوة للنصر ، والشعب الليبي يقدم التضحيات العديدة وليس له أية مصلحة حسب المثل الشعبي الذي يقول ( لا ناقة ولا جمل له في القطيع حتى يهتم )
كانت المملكة مثل الوليد الصغير الذي يحبو ويكبر مع الوقت وكل يوم جديد تشرق فيه الشمس تتقدم الدولة للأحسن وتنهض في جميع المجالات ، ولكن القوى الخفية الشريرة والمصالح الدولية والأطماع في إستغلال الخيرات والثروات التي لم يعرفها الشعب وقتها ولا يحسون بها نظير البساطة والجهل بماذا يدور من أمور خفية من وراء الستار ، هذه القوى الخفية لم ترضى بأن تترك الدولة الفتية المملكة الناشئة في حالها لتصبح منارة تشع على الجميع بالخير ، تكالبت المصالح والأطماع العالمية للإستيلاء على الثروات الهائلة ضمن مهاترات الصرف على الإرهاب وتخزين السلاح والصرف فى غير طاعة الله تعالى حتى لا تنهض من التخلف وتتقدم إلى الامام .
القذافي وحكمه الأسود للوطن أمر إلاهي وأمور نحن البشر مهما أوتينا من علم ومعرفة لا نعرف أبعادها ، ونتيجة ظروف عديدة وقوى شر خفية ومصالح دولية وأطماع كبيرة هي التي أوصلت المعقد الغير معروف الأصل ولا الفصل الحقيقي لسدة الحكم ... ونتعلم الدرس القاسي قبل ان نؤيد ونرقص لعهد الشيطان الرجيم حيث الإنقلاب الأسود سلميا لم يسقط فيه الا قلة من الشهداء الضحايا على عدد الأصابع الذين دافعوا بشرف عن العهد الملكي والواجب والذين لم يحس بهم الشعب أثناء الفرحة والنصر الزائف ولم يذكرهم أي أحد فقد طمستهم ثورة الجهل والتخلف .
بدأت شطحات المعقد تظهر بتمويل الأرهاب في العالم بحجج وأعذار واهية ، تحت مسميات تافهة مساندة الأحرار لتحقيق الحرية في أوطانهم تاركا ليبيا بدون نهضة وبناء طوال الوقت في ضغوط و خوف ورعب ، الزج في السجن بالآلاف الأبرياء لقاء أي إتهام باطل ، الإستجواب والتعذيب القاسي والقتل والشنق للأحرار في السجون بدعوى الأمن للثورة والتأميم والزحف للشركات والأملاك الخاصة والإغتصاب للحقوق بمقولات كاذبة حتى يلهي الشعب في نفسه وينساه ليعمل كما يشاء بدون رقيب ولا حساب ولا من يسأل .
نتيجة الغرور وكبر النفس تجاوز الحدود وأعطى الأوامر في لحظات جنون وجهل الأمر بالرمي بالرصاص والقتل الجماعي في سجن أبوسليم لسجناء حوالي 1400 سجين شهيد وغيرهم مما قتلوا وأعدموا في صمت ودفنوا في مقابر جماعية ، حيث تاريخ نظام القذافي الجماهير الفوضوي حافل بالأرهاب والقتل والدماء الزكية التي أريقت هباءا نظير مصالح وجاه زائل مع الايام ، صفحات سوداء سطرت في تاريخ الوطن من قبل هذا المعتوه ذو الشخصيات العديدة الذي من كثرة التدجيل والكذب والنفاق من أعوانه ولجانه صدق نفسه بأنه الأوحد وإدعى الألوهية عندما دعاه السذج الطامعين بملك ملوك أفريقيا للحصول على المزيد من الاموال والمكافئات وهو شخص تافه ، الشيطان ممثلا في صورة إنسان ، سوف ينتهي ويموت مهما طال الوقت ، فالثوار الأحرار ساعة الأسر والقبض عليه يوما قريبا بإذن الله تعالى لن يرحموه ذرة رحمة واحدة نظير الجرائم العديدة التي يندى لها جبين الإنسانية .
ثورة فبراير لم تقم من فراغ ، بل نتيجة آلام وآهات وتضحيات وشهداء ودماء أهرقت بدون حساب نظير شطحات الأهوج الذي وصل بليبيا إلى هذا المستوى المتد ني طوال 4 عقود ونيف من الظلم والقهر ، ووصل الليبيون الموالون له عن قناعة وجهل يقتلون وينتقمون من أخوتهم الآخرين الثوار والأهالي البسطاء بهتك الأعراض وإستباحة الحرمات نظير غسيل الأدمغة والدفع المجزي بأن الأهوج على حق وصدق في التصدي للثوار وإبادتهم .
بالصبر وطول الوقت والهجوم والتصدي والمقاومة الشرسة في جميع الجبهات والخطوط سوف ينتصر المجاهدون الشرفاء ، حيث هم على حق ولديهم الإرادة القوية في الخلاص وإيمانهم بعدالة القضية من القلب والضمير والدليل على الشجاعة والحمية والرغبة في القضاء عليه وعلى نظامه ، وجود شباب صغار في السن في جبهات القتال وبالخطوط الأولى يهجمون بضراوة على كتائبه ذوي الخبرة القتالية والتدريب الجيد، المزودين بالدبابات والآليات الثقيلة الحديثة وهم عزل من السلاح الثقيل يحاربون ببنادق الكلاشينكوف وصدور عارية يطلبون الموت والشهادة ، وهم يعرفون صعوبة وإستحالة الأمر ولكن الأرادة والأيمان القوى بعدالة قضيتهم يدفعهم إلى التضحية بأرواحهم طالبين الشهادة نظير الايمان القوي بوجود الخالق الله سبحانه وتعالى وأن النصر لهم مهما طال الوقت.
لقد عرفت الكثيرين من رجال ليبيا المناضلين معرفة جيدة وقضيت معهم أياما حلوة ومرة في ليبيا الوطن و الغربة والجهاد مع البعض محاولا قدر الإمكان الكتابة عنهم بما يرضي الله تعالى والضمير حتى لا تطمس ذكراهم وتضيع مع الوقت ومرور الزمن وينتسون .
نحن الآن في منتصف عام 2011 م وأبلغ من العمر 68 عاما حامدا شاكرا الله تعالى أنني عاصرت العهد الملكي منذ الإستقلال ، وحضرت قيام الإنقلاب الأسود والآن سعيد وفرح بقيام الثورة المباركة متمنيا أن يطيل المولى تعالى العمر حتى اشاهد فرحة النصرة ، وقيام ليبيا الجديدة على أسس من الديموقراطية والعدالة والأمن والأمان والسلام مع الجميع حتى ننهض من الكبوة والحفر والمزالق العديدة ويصبح وطننا منارة تشع بالنور والحق والعدالة على الجميع ، وليس منارة قتل وتعذيب وإرهاب كما حالنا الآن.
خواطري عديدة متضاربة ، والمعرفة بكثير من الأمور نتيجة تجربة وكفاح سنيين عديدة أردت تدوينها حتى لا تضيع مع الوقت والكبر وأنسى. فقد رافقت الكثيرون من المناضلين الذين البعض منهم ماتوا وأجسادهم توارت تحت التراب إلى ماشاء الله تعالى ولكن ذكراهم العاطرة ستظل جزءا من تاريخ بلادي تراود ذهني معظم الوقت طالما أنا حي أرزق ... فقد قدموا الكثير والكثير حسب قدراتهم وإستطاعتهم للوطن وأعمالهم المجيدة ستبقى شاهدة على أن ليبيا أمنا الحبيبة بخير وأنها انجبت رجالا ومناضلين بدون عدد وستظل في إنجاب الرجال والنساء الصالحين إلى ماشاء الله تعالى، والشمس أشرقت منذ إنبلاج ثورة فبراير المجيدة وسوف تظل مشرقة حتى تنهي سواد الإرهاب من على كاهل الوطن والخلاص من الطاغية وغيره من الشياطين للأبد ..والله الموفق....
رجب المبروك زعطوط
البقية تتبع ...
No comments:
Post a Comment