Saturday, August 16, 2014

خواطر صرخة حق 5

 بسم الله الرحمن الرحيم

           لقد ضاعت الشعوب العربية الإسلامية في المتاهات الشريرة التي تؤدي إلى الهلاك والتأخر للخلف مع مرور الوقت والزمن، الغافلة عن الرؤية الصحيحة السياسية نظير عدم ممارسة الديمقراطية السليمة الحقة أساسها العدل والمساواة التي تنادي بها جميع الأديان السماوية ولم تجد آذانا صاغية وتطبق، نتيجة الجهل وعدم الرغبة في التطور إلى مواكبة  الجديد وغياب الرأي الحر والوصول لحل المشاكل العديدة بلغة حضارية حسب العصر الآن.

            الحوار مع أبناء شعوبها المتطرفين بدلا من استعمال العنف والقوة في الرد عليهم بغباء، بل إستعمال العقل بحكمة وهدوء والنقاش والأخذ والعطاء حتى يصلوا إلى حلول تشرف يرضى بها الجميع ويضعونها قيد التطبيق كخطة عمل سوي تخدم الجميع للمصلحة العامة بدلا من إهدار المال والوقت في التحديات التي الكاسب والفائز فيها خاسرا فالجميع إخوة.     

          وبالأخص نحن الآن في عصر العولمة الذي يعتبر التأخر السياسي في الفهم والجهل وعدم الحكم السليم بالديموقراطية والتطبيق بعدالة خطأ قاتل ومدمر يؤدي إلى الهلاك، نظير الغرور والجبروت من طغاة وجنون البعض من المارقين العنفواني في التمرد والتحكم بمسميات خطيرة تضر وتؤذي الجميع كما يحدث الآن من ظهور عدة فئات مارقة متشددة متخذة من الدين الإسلامي ستارا للقصاص، برهانها الإبادة والقتل العشوائي وتوجيه الاتهامات لخصومها الرافضين وجودها الغير مؤمنين بأهدافها بدون عدل ولا محاكمات والتنفيذ في السر والعلن.

        شوهت الدين الإسلامي في أذهان الجميع وقلبت الموازين، وجعلت منه مرضا خطيرا  يؤثر على الجميع ضرورة مقاومته وعلاجه بسرعة وبتره قبل ان يستفحل الخطر، ناسية متناسية ان الحافظ والحامي الله تعالى حي موجود في الوجود.  

         يوما ما سوف ينتقم منهم نظير الكفر والإلحاد والبعد عن الطريق السوي كما حدث لأقوام عديدة بالماضي البعيد مثل (عاد وثمود، فرعون ولوط)  وغيرهم الكثيرين، كما تم ذكرهم في القرآن الكريم حتى نتعلم ونأخذ عبرا ونبعد عن الشر والشرور والاغراءات الكثيرة في خضم الحياة، ولا نسقط في الهاوية السحيقة التي يدفع فينا لها شياطين الإنس والجان.

             للأسف الشديد معظم هذه الدول في الواقع وعلى ساحة التطبيق تركت الحوار الحضاري على الجانب بدون اي اهتمام ومراعاة نظير عدم الفهم والجهل والتعصب الأعمى الجهوي والقبلي وبالأخص في وطننا ليبيا التي كانت بالسابق طاهرة في كل شئ يضرب بها المثل في قمة الأمن والأمان على الحياة للإنسان المواطن بكرامة وسلامة بدون اي نوع من أنواع الخوف مهما كان. والدليل فى الخمسينات والستينات مثل بسيط من ضمن العديدة، لا قفل لأبواب البيوت السكنية إلا من النادر ولا للمحلات التجارية أوقات الصلوات فى الاسواق التي فيها المئات والآلاف من البشر يمرون ويتسوقون بدون خفارة ولا حماية، حيث وقتها النفوس طاهرة لم تتلوث بعد بمباهج الحياة العصرية و تحتاج.

            وليس مثل الآن تسرق وتستباح أرزاق المواطنين في واضحة  النهار والضوء،  في العلن ،  من اللصوص وقطاع الطرق بقوة السلاح وأصحابها موجودين بها آمنين في غياب القانون وهيمنة الدولة وفرض الأمن والأمان غير قادرين على التصدي والدفاع عنها حتى لا تنال العقاب الشديد من التعدي والضرب والإهانات، أو القتل ببرود أعصاب من المجرمين، نظير الشجع والطمع.

            رحم الله تعالى ايام العهد الملكي الزاهر بقيادة الملك ادريس الورع رحمه الله تعالى الزاهد في الحكم، والذي حاول التخلي والتقاعد عن العرش عدة مرات برغبته عن طواعية لكبر سنه في الستينات من القرن الماضي ولكن المنافقين المستفيدين من الحاشية ألبوا الجماهير والحشود التي حضرت من كل أنحاء ليبيا بالوقوف أمام قصره المتواضع بمدينة طبرق تهتف وتطالب فيه بعدم التنحي وتبكي نفاقا حتى تأثر ووافق على الاستمرار في المنصب وهو مرغم ضد إرادته...

          العهد الذي لم يستمر إلا فترة بسيطة سبعة عشرة عاما فقط نظير التلاعب ودس المكائد من القوى الخفية للإستئثار بالثروات الخيالية من دخل النفط والغاز، والفتن حتى ضاع الوطن وأصبح اليوم شعبنا يعاني في المتاعب الصعبة وسط الصراع الشديد بين الأخوة المواطنين لقاء تعاليم فاسدة أتت وتسربت من الشرق بقوة تدغدغ العواطف والمشاعر لدى المتعطشين الغير فاهمين للأبعاد الخطيرة، تدعو إلى التجديد وإحياء الدين تريد الترجيع والحكم بأيام السلف السابقة منذ الف وأربعمائة عام مضت بدون تطور مع العصر والزمن ونحن الآن نعيش في القرن الواحد والعشرون، عصر العولمة...

            لقد نست وتناست هذه الفئات المتشددة ذات العقول الجاهلة، ان عقارب الساعة لا ترجع للوراء وإلا جميع الموازين والقياسات والمعايير الإنسانية تتغير إلى الأسوء ويضيع العالم والبشر في المتاهات...  هؤلاء يعتقدون انهم على الحق، وأن الجميع على خطأ نظير تعاليم شيوخ الشر والارهاب الجدد وكأنهم مخدرين من تعاطي الممنوعات، أو أصابهم مس من شياطين الجان يحلمون في أحلام شريرة ضد جميع النواميس بعيدة وصعبة المنال في الوصول لها لن تتحقق على الواقع يوما مهما عملوا من أعمال ضارة بالبشر من إشاعة الرعب.

            والنتيجة المؤسفة اننا نقدم  الضحايا العديدة كل يوم على مذبح الخلاص والنجاة من القتل وإهدار الدم نظير الاغتيالات والخطف وطلب الفدية بالغصب لأرقام عشوائية مطلوب دفعها في الحال بدون إعطاء فرص ولا مهل لعائلات الضحايا من الوقت للتدبير وجمع المبالغ لفدية الأحبة والإفراج عنهم، ويستهدفون أي  مواطن  يشكون أنه صاحب نعمة و قادر على الدفع. 

               كما استشرت الإختلاسات والنهب من خزينة المجتمع بلا حسيب ولا رقيب وكانه حق شرعي مكتسب... أليس بأمر مؤسف ومأساة ان تحل لعنة الادريس على الوطن ولا نستطيع ان نخرج من متاهات الشياطين الكثيرين الممثلين الدجالين الذين بعد النصر في الثورة زاد العدد على المسرح السياسي الوطني في المؤتمر الوطني العام والحكومات المتعددة، ولم نعرف الحابل من النابل والغث من السمين حتى نفهم من هم الخوارج الحقيقيون...

            الجميع يتشدق بالدين والولاء للوطن والاستعداد للتضحية من أجله بالروح والدم والواقع المرير التطبيق الفعلي عكس ذلك على طول الخط حيث لا ضمير يؤنب، الله تعالى يهديهم او ينتقم. هؤلاء المارقين من الجماعات العديدة تمادت في الشر والإقتتال بين بعضها البعض بقوة وعنف في صراعات على من  يفوز وينجح ويصبح فريقها وحزبها صاحب الكلمة الأمر والنهي بعد الفوز ونجاح الثورة 17 فبراير التي فتحت المجال لمستنقع الدم الفساد والنهب بدون حساب نظير الأحقاد المتراكمة طوال سنين الجدب بالنفوس والظلم والقهر من الأوضاع الشائنة السابقة التي كانوا يعيشونها في ضغوط وظروف قاسية بدون حرية الفكر والتعبير ـ أيام عهد الشيطان الرجيم المقبور الذي قتل شر قتله وهو يحاول الهرب وإنقاذ نفسه في صحراء مدينة سرت مدينته المفضلة التي فرضها على البقاء والازدهار بالتشييد والبناء والصرف بدون حدود وإنتهى من الوجود تلاحقه ملايين اللعنات الشنيعة من الجميع الذين تضرروا ايام عهده ـ وكأنه لم يكن حيا حكم الوطن يوما اربعة عقود ونيف وهو يمثل ويدجل بمهاترات وتفاهات ولم يخلف ذكرى عطرة ترحم عليه وصدقة جارية تنفعه ، حتى تخفف عنه العذاب بالقبر .

                  خلف ميراثا ثقيلا فوضويا وفسادا في النفوس نحتاج إلى سنين وأجيال وعقل وحكمة حتى نتخلص من آثارها البشعة الشريرة، وترجع النفوس الثائرة إلى الهدوء والطريق السوي، بدلا من الفوضى العارمة، مما تم الإستغلال بمهارة للوضع الشائن المضطرب من قبل القوى الخفية العالمية ودقت إسفين التمرد والثورات بين أبنائها المواطنين ضمن مخططات ودراسات توصل إلى مسارات معينة هدامة تخدم مصالحهم، وتضر الآخرين من الشعوب مع الوقت والزمن وتصبح تابعة تستغل خيراتها في السر والعلن وهم لهم القليل من الفتات.

            والثوار الحقيقيون تخلوا عن المسيرة بعد النصر عندما شاهدوا الانحراف مستمرا عن الاهداف النبيلة، وأدعياؤهم يريدون الوصول والنصر وبالأخص في العديد من الدول التي تعاني في الحرب الأهلية والشغب الآن أو على قائمة الانتظار تنتظر دورها من قطاع طرق متخذين من الدين الإسلامي عناوين براقة يعتقدون أنهم على الحق والأوائل البادئين بالتمرد والثورة على حكامهم للتجديد والإصلاح للمجتمعات العربية الاسلامية، بدون فهم ولا علم، وهم للأسف الشديد مسيرون جنود وبيادق في لعبة الشطرنج العالمية لتنفيذ العمل القذر.

                 الاغتيالات والقتل بدون شفقة ولا رحمة وبالأخص الذبح للأسرى وهم مكتوفي الأيدي غير قادرين على الفكاك وتخليص أنفسهم والقتلة متكالبين عليهم بعنف مغطين وجوههم بالأقنعة (جبناء) خوفا من التعرف عليهم يوما من الايام نظير الأجرام والدم وقطع الرؤوس والتمثيل بها كما يحدث في العراق وسوريا عن سبق اصرار وترصد بإسم الدين وهم يكبرون بالإسم الأعظم (الله أكبر) وقت النحر والذبح عن جهالة، والدين الإسلامي براء منهم دنيا وآخرة كما شاهدنا الكثير ونشاهد كل يوم على الشبكة العنكبوتية من صور واقعية ليست مركبة ولا مدبلجة عن حمامات الدم وقت التنفيذ ببرود اعصاب ولا تأنيب ضمير من الجلادين المجرمين تقشعر منها الجلود والأبدان وتتقزز الأنفس الكريمة عن هذه المآسي وتتساءل هل نحن في عصر الوحشية الهمجية نعيش؟؟ حتى ينحر ويذبح الانسان كالشياه والروح نعمة وهدية من الله تعالى !!! ليس من حقهم القصاص الشنيع بدون وجه حق وبهذه الطرق العنيفة الوحشية !!! عليهم اللعنة إلى يوم الدين دنيا وآخرة...

             القوى الخفية شجعت رياح وعواصف الربيع العربي المختلفة بالمساندة والدعم الدولي القوي للثوار وكأنها فوجئت بالأحداث المريرة حتى لا تتهم أنها وراء الاحداث بطريقة او اخرى ضمن عناوين عديدة براقة تدور جميعها لمن يبحث عن الحقيقة أنها خيرة ولكنها في السر الغطاء للتعمية عن لعبة كبيرة تحاك لنا بمهارة... والله الموفق...

                               رجب المبروك زعطوط

 البقية في الحلقات القادمة...

No comments:

Post a Comment