Sunday, October 30, 2016

خواطر عامة 13

بسم الله الرحمن الرحيم

 الأحزان

 (1)

                  سبحانك رب العالمين نمر  في الوقت الحاضر في وطننا ليبيا الجريحة  بوقت عصيب ومصائب وبؤس بدون حساب... الشباب صغار السن في عز الفتوة والقوة لم يستمتعوا بحياتهم بعد، يموتون وهم يعتقدون أنهم شهداء على طريق الحق والصواب لقاء الحمية وعدم التريث واليقين والإنضمام إلى فئات الخوارج المرتدين، الدواعش، بحجج الحكم بالشريعة الاسلامية - كما فعل السلف وشطب البدع الدخيلة على الدين متحججين قائلين أنه مطلوبا الفداء والجهاد من أجلها وتحقيقها بالقوة - وهي غير موجودة بالقرآن الكريم ولا بالسنة المحمدية حيث لا فرض ولا إكراه في الدين بدون هداية وقناعة نابعة من القلب والضمير، تحت تأثير فتاوى شيوخ جهلة مازالوا يعيشون بعقلية الماضي منذ حوالي أربعة عشرة قرنا من السنين مضت من الزمن عبر التاريخ، بدون تطور ولا تجديد مع الوقت ... مما إستهوت الأفكار والعناوين الجوفاء الرنانة للإصلاح وترجيع الأمجاد الماضية البعض من الشباب ذوي الدم الحار كردود أفعال للإنضمام والمناصرة للإرهاب من غير علم ولا فهم للأبعاد التي تترتب عليها وتسبب من أضرار...

                    الواقع المرير خطأ قاتل عندما يستخدم هؤلاء الشباب كضحايا بشرية قنابل موقوته لخدمة مخططات الآخرين من القوى الخفية المناوئة والمعادية لدين الاسلام في الباطن والخفاء ومحاولة تشويهه لدى شعوب العالم بتنفيذ الخطط الشريرة والتضحيات بالأرواح والدم، وقتل الأبرياء العزل في الغفلة نتيجة غسيل المخ من دهاة أساطين أساتذه في عمل الشر، مستغلين الفراغ الروحي والمادي وعدم وجود الفرص للشباب للعيش ضمن حياة كريمة وتحقيق الأماني والأحلام ... مما إتجه وإنضم البعض تدفعهم الحمية إلى الإتجاه الديني والتزمت والتعصب والتمسك بالقشور وترك الجوهر والأساس ، الوحدانية للخالق الله تعالى و العدل والتسامح مع الآخرين ومد الأيادي بالسلام ،  وليس قطع الرقاب ووضع المتفجرات والقتل الجماعي للبشر في الأماكن العامة وهم آمنين وحرق الأسرى في الأقفاص ، مما تم تشويه الدين الإسلامي بالأعمال الوحشية ضد الإنسانية وإستشرى الرعب وخافت جميع الشعوب من وجود أي مسلم بينهم وكأنه وباء طاعون قاتل والتعامل معه وهو بريئا خوفا ورعبا حتى لا يصابوا بالضرر ....

                       شباب الدواعش يقومون بالتضحيات بالحياة عن قناعة وسبق الترصد والإصرار هدر وهم سعداء بالفوز بالجنة والحوريات الحسان نظير التعصب والتزمت ضمن الأفكار الدخيلة الهدامة و هي أمراض مستعصية و خطيرة و لها دور كبير في إنهيار المجتمعات العربىة وجعلتهم يحاربون بعضهم وكأنها لعنة إلاهية حلت على الأكتاف...  وأصبحت معظم الشعوب في فورة غضب وهرج ومرج وحوش مرضى بدون إستخدام العقل في الرأي السليم وغياب  الضمير  عن رؤية الحق والصواب وأن العالم الآن تغير ونعيش في عصر العولمة ... والسبب الرئيسي تلاحقت الأخطاء وأضرت بالكثيرين من الأبرياء نتيجة الصراع بين الإخوة الأشقاء بدون أساسات وركائز سليمة، ناسين ومتناسين ان الجهاد الفعلي له عشرات العناوين المهمة وأولويات لمن يبحث بالإتزان والعقل وليس إشهار السلاح و قتل و إرهاب الغافلين الأبرياء، حيث العنف والدم يولد العنف من الأطراف الأخرى للدفاع عن النفس عواقبه شر وشرور ومصائب تحل على أكتاف الجميع مع الوقت...

                      الواقع المرير أننا ناسين ومتناسين أن عدونا الأساسي الذي من المفروض الجهاد ضده بجميع الجهد والوسائل هو الجهل والتزمت الأعمى في جميع صوره وأشكاله حيث  طغى على العقول نتيجة الحث والتوجيه الخاطئ من شيوخ متزمتين مستغلين بعض الآيات من القرآن الكريم  التي تحث على الجهاد ضد الكفار والمرتدين بتفاسير خاطئة لدفع الشباب للإلتحاق والتضحية وتزيين الأمور لهم بالدخول إلى الجنة بدون حساب والحصول على الحوريات الحسان في حياة جديدة خلود أبدية مما جعلتهم بدون وعي أعضاءا وألغاما موقوته في أي لحظة ومكان بأمر من أسيادهم المتزمتين ... يقومون بتفجير أنفسهم مخلفين المآسي والأحزان للكثيرين شعوبا وأمما...

                      الجهاد له صور وأشكال عديدة كما ذكرت ومهما قلت وكتبت لن أستطيع الإيفاء حيث العشرات والمئات من الأمثلة والبراهين الموجودة في المصحف الشريف تحتاج إلى تفسير وإيضاح بالمنطق والعقل حسب العصر الحاضر حيث القرآن العظيم شاملا لجميع المواضيع بالماضي والحاضر والمستقبل صالحا لكل زمان ومكان ، يحتاج التفسير والشرح السليم من شيوخ وعلماء يعيشون بمعايير العصر الحاضر ذوي عقول تفهم ونفوس تقدر حجم المسؤولية الضخمة رحيمة تؤمن بسلامة البشرية بالدعوة للتسامح وعمل الخير والسلام مع الجميع والتعاون والعيش في أمن وأمان الذي هو الجهاد الأكبر لمن أراد الحياة دنيا وآخرة ...

                       الحق يعلو ولا يعلى  عليه مهما وضعت له من عراقيل ودس وخبث ضده ومحاولة طمسه وإلغاؤه وشطبه من بعض الحاقدين الخصوم... فهو الأساس للنجاح وأحد أسماء الله الحسنى ( الحق ) ولكن للأسف الشديد جرفتنا الحياة ونسينا الذكر ندعي  الايمان والهداية ونقنع ونخدع أنفسنا أننا على طريق الحق والصواب ،  نسير ونحن بعيدين عنه مراحل عديدة بسبب الجهل والغرور بأننا الأفضل بدون العمل على تحقيق الحضارة والسمو بالعلم والفهم وعدم الغضب والإندفاع في إتخاذ القرار حتى لا يخطأ الإنسان ويندم ، مما تأخرنا بضعة قرون عن ركب الحضارة الإنسانية...

                     إن تحقيق النهوض يحتاج إلى مراجعة النفس بصراحة وتجرد والإعتراف بالأخطاء وإعادة النظر في الكثير من المسارات السابقة وتصحيح الكثير من المفاهيم المتعارف عليها التي أثبتت الأيام أنها خاطئة، والتركيز على طلب العلم الذي يضمن لنا الفوز والنجاح بحب الآخرين كحب النفس والعيش في أمن وأمان حيث محتاجين بقوة إلى السلام مع الجميع حتى الخصوم والأعداء لأن العالم الآن أصبح صغيرا في عصر العولمة ومصالح متداولة بين الشعوب بدون حروب حتى ننهض...

                   شباب مثل الورد غادروا الحياة بالموت طواعية عن قناعة إلى جوار الله تعالى بالجهاد العشوائي نتيجة الأخطاء العديدة والجهل بدون المنطق وتحكيم العقل والضمير قبل الإقدام على المغامرات الشريرة ،  تدفعهم الحمية من غير التفكير السليم  في العواقب و عما سوف يحدث من أبعاد خطيرة... وأساتذتهم ، الشيوخ المتزمتين ، في الخفاء وراء الخطوط والمواجهات الساخنة يتمتعون بمباهج الحياة على حساب الأرواح والدم ، ناسين هؤلاء المحرضين العقاب الإلاهي الذي يوما ما مهما طال الزمن سوف يحل بهم ، اليوم أم بالغد...

                        الحياة الآن تتقدم وتتطور كل يوم للأحسن بالتقدم العلمي الرهيب والتقارب في الأهداف والمصالح بين الشعوب والأمم وحب العيش في سلام وأمن وأمان وليس التضحيات العشوائية والموت للآخرين عن جهل، فنحن جميعنا بشر مهما إختلفت الألوان والعقائد والتوجهات من حقنا العيش والحياة سالمين، بدون الخوف والرعب من القادم المجهول في أي لحظة من هؤلاء الإنتحاريين إلى أن يشاء الله الخالق تعالى وينتهي الأجل ...  والله الموفق ...

رجب المبروك زعطوط

 البقية تتبع ... 

No comments:

Post a Comment