Sunday, November 1, 2015

قصصنا المنسية 57

بسم الله الرحمن الرحيم

 عيد الأم والطفل


 يوم 2012/3/21م كانت ذكرى مناسبة جيدة وهي عيد الأم والطفل الذي يتكرر كل عام بدون أن نحس ونشعر به من قبل.... إحتفلت به دولتنا الجديدة ليبيا بعد الثورة والنصر المبارك الذي توجنا به.... كان يوما عظيما وذكرى خالدة، فالأم هي أساس الحياة...  وتزامنت  الذكرى السعيدة  مع ذكرى  مرور 47 عاماً من الزواج السعيد، فقد كانت المناسبة والفرح فرحين...  كنت بالأمس فرحا سعيد متذكرا أيام الصغر والشباب وما مر من أحداث وكوارث ومحن صعبة نظير النظام الجاهل الذي تسلط علينا مدى 42 عاما أخذ فيها زهرة شبابنا وأعمارنا ونحن نعاني الغربة والمطاردات والسجن وإخلاء السبيل والملاحقات العديدة والشماتة من الأصدقاء والمعارف قبل الأعداء وعوامل كثيرة مرت بالخاطر عن ماحدث طوال السنيين الماضية علينا وعلى الوطن .

                   حاولت الإتصال هاتفيا بالزوجة رفيقة العمر في أمريكا، حيث أنا بعيدا متواجدا في أرض الوطن لمتابعة بعض الأمور الخاصة، وكان الإتصال الهاتفي متقطعا و بصعوبة كبيرة كان السماع والفهم ولكن الغرض مفهوما، المعايدة، وتمنيت لها الصحة وطول العمر ونفس القصة متبادلة والشعور واحد لدينا نحن الإثنين مهما مرت علينا من سنوات عديدة أفراح وسعادة وأتراح واحزان... وبجميع الصعوبات وفقنا الله عز وجل وزواجنا وإرتباطنا الروحي كلل بالنجاح ضمن الإحترام والثقة والمعزة التي زادت بمرور السنين والرفقة والعشرة نجحت طوال الوقت ورزقنا بالأولاد والبنات وهذه نعمة كبيرة من نعم الله تعالى شملنا بها طوال الوقت، والآن لدينا 3 أحفاد .

                 الحاجة الزوجة الوفية رفيقة الكفاح والنضال ، وقفت معي في أحرج الأوقات وكانت الأم والأب بالغربة، أيام كنت سجينا بالوطن 7 سنوات ممنوعا من السفر، لم تشتكي وترفع الصوت مثل الكثيرات، ولم تطالب بالكثير وهي عارفة بضيق اليد و كنت غير قادر على تحويل أي مبلغ للعائلة مهما كان ، حيث كانت العيون ترصدني وتراقب أي خطأ قد يحدث مني، ليقع إتهامي  وأدخل السجن من جديد... وعملت بالجهد والعرق وقاومت مآسي الحياة فترات طويلة، والحمد لله عز وجل، فتحها الله تعالى في الوجه وطار جميع التعب، وتم تسديد جميع الإلتزامات بالكامل... ونحن الآن نعيش في مزرعة كبيرة وبيت مريح وأحوالنا جيدة، والحمد لله عز وجل على جميع العطايا والنعم التي وهبها لنا، طالبين العفو والعافية وحسن الختام .

                  أكبر فرحة لم تكن متوقعة وكانت مفاجأة سارة، قيام الثورة المجيدة يوم 2011/2/17م، حيث قدم الرجال الشباب الأرواح والدم، وشاركت بجميع الجهد المتاح من وراء الستار وفي الظلال، وقدمت الكثير من الدعم للجبهات من أموال وسلاح، والإتصالات الدولية مما يعجز عنه الكثيرون من الأدعياء الطحالب أدعياء الثوار وهم منافقين، وجميع هذه الأمور في ستر الله تعالى، لا أريد شكرا ولا إحسانا من أي أحد ولا أريد أن يذكر الإسم بل أفضل أن أكون جنديا مجهولا في الخفاء فداءا للوطن الغالي عند الكثيرين حتى لا يضييع الأجر لدى الله عز وجل .

                  مهما تحدث المرء عن المرأة في الوطن العربي لا يستطيع الإيفاء، فهي محرومة طوال الوقت من كثير من الأشياء، مهمشة مع إنها الأساس للحياة، هي الأم والزوجة والحبيبة والأخت والإبنة، عناوين كثيرة مهما شكرت لن أستطيع الإيفاء بالماضي والآن في وقتنا الحاضر لدى ضيقي العقول والفهم الجهلاء مازالت مهمشة، ليست لها المكانة والتقدير والإحترام الذي تستحقه، ينظرون إليها بنظرة المتعة والحمل والإنجاب  والعمل بالبيت كشغالة،  أو التدريس أو أي عمل آخر شريف للحصول على المال للعيش الكريم، وليست إنسانة من حقها أن تبجل وتحترم .

                      بالماضي قبل الإسلام كان الكثيرون أيام الجاهلية يكرهون ولادة البنات، يعتبرونها نوعا من أنواع العار، يؤدونها وهي مولودة رضيعة، يدفنونها في التراب وهي حية ترزق...  قلوبهم قاسية نظير الكفر والإلحاد، يقتلونها بقصد وعن سابق إضمار و إصرار وترصد... إلى أن أتى الإسلام، دين الحق والنور، ومنع جميع أعمال الجاهلية القاتلة تجاه المرأة، أعطاها الحق بالحياة والمشاركة الفعلية مع الرجل في تسيير دفة الحياة، حفظها من القتل الغير مبرر، أعطاها الثقة الغالية بالنفس وإنها قادرة على عمل الكثير جنبا بجنب مع الرجل، وأحيانا عديدة تقوم بأعمال يعجز عنها الرجال .

              أيام الجاهلية وقبل النبوة، كانت بعض السيدات تعمل بالتجارة والأعمال من بيع وشراء، وأحد الأدلة الدامغة القاطعة للأمر تمويل قافلة تجارة إلى الشام بأموال السيدة خديجة التي أصبحت زوجة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، عندما عمل معها رسولنا الصادق الأمين في التجارة وذهب للشام نيابة عنها يشتري لها البضائع المطلوبة لبيعها في مكة المكرمة وتحقيق الربح الكثير .

                  أيام التاريخ الإسلامي الذي مر عبر الزمن وصلت المرأة إلى قمة الهرم والحكم، وشجرة الدر عنوانا كبيرا حكمت مصر فترة من الوقت والجميع دان لها بالسمع والطاعة، وعبر التاريخ وفي عصرنا الحاضر نساءا كثيرات ملكات أو أصحاب القرار في قمة السلطة والحكم  نحن العرب تقهقرنا للخلف بدل من أن نتقدم، لم نراع شعائر الله عز وجل، ونهتم بالمرأة ونعطيها جميع الحقوق حسب الشرع قانون السماء، بل دائما مهمشة وبالأخص في الميراث، فإلى الآن المرأة لا ترث عند البدو في ليبيا إلا من القليل من البعض دراهم معدودة زهيدة حيث الأرض في المشاع، لاتعطى لها أية حقوق إلا البعض والقليل الذي لا يغني ولا يشبع من جوع، نظير الجهل.  بالمدن لدى الحضر نفس القصة تتكرر ولكن بطرق مختلفة، تضطر المرأة وبالأخص الأخت إلى التنازل لإخوتها الذكورعن حصصها في بعض الأملاك، نتيجة الضغوط والخجل، لا تستطيع أن تعلن عن عدم رغبتها مما يحدث من أمور شائنة، لا يقرها الدين ولا الشرع، حتى لا تتهم بأنها نشاز عن الأسرة ...  قصص كثيرة وأشياء خاطئة ومهما عدد الإنسان لا يستطيع أن يعد الحكايات والقصص عن التهميش والظلم القاسي في كثير من الحالات للمرأة من الآباء أو الأزواج أو من بعض الأبناء العاقين الذين يرمون الأمهات بالشارع وفي دور الرعاية خوفا أو حفاظا على الزوجات الغيورات والمتعبات اللآتي لا يحببن الحماوات ويعاملنهن بقسوة، ونسين وتناسين أنه كما تدين تدان، وأنه في يوم من الأيام  سوف يدفعن الثمن الغالي بالدنيا أم بالآخرة .

                   بعضنا قلوبهم غلاظ ذوي عنف وقسوة وجهل، يولي الله عز وجل علينا الحكام غليظي القلوب، لا رأفة ولا رحمة وشفقة بالنفوس، لأننا مازلنا جهلة ظالمين للمرأة ونحن كعرب نتشدق كثيرا ونتكلم عن المرأة وحقوقها وفي بعض الدول العربية مازلن للأسف يعاملن كالرقيق والجواري أيام العصور السابقة أيام قصص بغداد الخيالية (ألف ليلة وليلة) المرأة في نظرنا للمتعة والشهوة الدفينة بأنفسنا والعمل بدون كلل في البيت أو العمل، والحمل والإنجاب ورعاية الأطفال والإهتمام بالرجل وليست لها الحقوق بالمشاركة الفعلية للرجل في أمور الحياة التي تهمها حتى تضمن عيشها وسعادتها وسعادة أولادها المسؤولة عنهم، في حالة غياب الرجل لأي سبب من الأسباب.

                طالما نحن بهذه العقليات وهذا الجهل، كيف لنا أن نتقدم وننهض للأمام، ونصف المجتمع غائب عن الحضور والصورة، أومغيب بقصد نظير إنعدام الفهم الصادق للمرأة والجهل، لأن الأساس هو الثقة ونحن العرب ليست لنا القوة في النفس حتى نتنازل عن الكبرياء المصطنعة الكاذبة، ونتعامل بالثقة ونعطي المرأة حقوقها المشروعة ضمن الدين والأخلاق الحميدة وسنن الحياة وننظر لها أنها إنسانة من حقها العيش بكرامة ضمن القيم والأخلاق، الإحترام والتقدير والحب الصادق النابع من القلب وليست جارية !!

                  إن ذكرى المرأة ومعاناتها والضغوط الكثيرة الملقاة على عاتقها في أوطاننا العربية الإسلامية، إلا من القلائل، جعلتني أشمئز من التخيل للصور القاتمة عن النظرة الحقيرة التي مازالت كامنة بالنفوس وأنها بالمرتبة الثانية والأخيرة في جميع تصوراتنا، للأسف.

                   إن الفرحة بعيد الأم والطفل ذكرتني بالكثير من الهموم والغموم عن مآل المرأة في وطننا العربي الإسلامي وحقوقها المهضومة، والتي عسى يوما من الأيام أن تتحرر، ونخرج من دائرة الإستنقاص والتحقير والتقزيم وعدم الفهم، ونتعامل معها بنظرة حضارية كإنسانة، بشر، لها الحق بالعيش بكرامة وقيم، وليست كما قلت جارية أو محظية...راجيا طالبا من القلب والضمير من الله عز وجل أن يكون يوم تحرير المرأة في أوطاننا العربية الاسلامية عن قريب، فهي الخطوة الأولى في طريق سلم الحضارة والسمو حتى أشاهده قبل الرحيل والموت، والله الموفق...

 رجب المبروك زعطوط

 الخميس  2012/3/22م

No comments:

Post a Comment