بسم الله الرحمن الرحيم
خرجت من مبنى جهاز الأمن الداخلي وانا غير مصدق انني تحصلت على جواز سفري، وعرفت ان الرجل محمد عبدالهادى الشريف بطريقة او اخرى لديه بعض المعارف والأصدقاء المسؤولين الذين بيدهم الحل والربط في الجماهيرية والدليل ترجيع جواز السفر الذي حجز هذه المدة الطويلة ولم يستطيع اي مسؤول بالسابق ان يفرج عنه حتى ارتاح وأستطيع ان أسافر، ومن الفرحة لم اسمع الكلام ودخلت لمبنى الجوازات بالجوار وقدمت الجواز للتجديد وبدأت القصة والسؤال لماذا هذا التأخير الكبير، وقلت لهم عن الأسباب انها خارجة عن الإرادة والجواز كان لدى الأمن الداخلي مما زاد الطين بلل والمسؤول ضعيف الشخصية خاف من اتخاذ القرار حتى لا يحاسب ويعاقب ويطرد من الوظيفة، وقال لا استطيع عمل اي شئ لك ياحاج سوف ابرق الى الادارة في بنغازي حتى تأتي الأوامر للتجديد ام لا …
وقعت بين فكى الرحى نظير التسرع وعدم التأني وسماع القول للوسيط السيد محمد واتصلت به وقلت له ماذا حدث مما غضب واستشاط وعنفني وقال معاتبا بأدب لماذا العجلة لقد صبرت 7 اعوام وانت تنتظر بدون جدوى، الا تستطيع الصبر عدة ايام حتى احضر إلى درنة ؟؟ وكان محقا في كل كلمة صدرت منه…
المهم حددت معه ميعادا في درنة للذهاب معا الى الجوازات بعد عدة ايام، ووصل وانتظرته في جمعية إلهيلع للدراسات الميدانية حتى وصل وفطرنا مع بعض برفقة الاستاذ محمد الهنيد وطلب من سائقه ان يمر به على مديرية الشرطة للاتصال بمدير الجوازات فى درنه وإعلامه بالوصول وتلاقينا امام بناية الجوازات ودخلنا مع بعض،
وعرفت انه يعمل هيبة لنفسه بهذه الاتصالات من المسؤولين بدرنة، ودخلنا بسرعة على المدير المسؤول الضعيف الشخصية وشاهدت المسرحية بأم العين التي دارت بنفسى ولو لم اكن حاضرا لما صدقت الامر، عن التخاذل والنفاق في ابشع معانيه وهو يتودد للنظام طالبا المساعدة والعون للقسم من مهايا والبسة وسيارات وكثيرا من الاشياء التافهة ورفيقي مثل الديك متعاليا ويقول سوف اعمل جميع هذه الطلبات وتمت الاتصالات الهاتفية بكثرة مع عدة مسؤولين وصدرت الأوامر بالتجديد وخرجت من مبنى الجوازات وبيدي الجواز مجدد، وانا اكاد اسقط من الفرح والسعادة انه أخيرا نجحت وها الجواز في اليد جاهزا للسفر إلى اي مكان بالعالم اود ان أزوره واقصده .
كان للحاج محمد مشكلة مع احد المواطنيين رجال الأعمال في طبرق من ال صداقة مدينا له ببعض الأموال وكان معسرا وقتها غير قادر على السداد ولديه بعض الآلات الثقيلة للبيع ولا سوق موجود نظير الكساد العام وعدم الاعمال وحاولت مساعدة الطرفين واشتريت الآلة ودفعت القيمة إلى الحاج محمد، ووجدت عشرات المصائب وتعبت من الصيانة والإصلاح وبعتها بالأجل إلى احد الزبائن بدلا من استعمالها في التأجير وخسرت خمسة الاف دينار نظير الواسطة في المعاملة ولكن غير مهم في نظري المبلغ طالما الرجل افادني في الحصول على جواز السفر والتجديد، وقررت السفر إلى امريكا لزيارة الأحفاد .
سافرت مع الزوجة على الخطوط الجوية الالمانية لوفتهانزا من طرابلس عبر تقضية ليلة في فرانكفورت ومنها راسا الى مدينة دالاس تكساس والرحلة حوالى 12 ساعة طويلة في الجو، ووصلنا إلى هناك وكانت لدى مشكلة كبيرة ممكن تظهر على السطح عن التقديم على الضرائب والدخل السنوي لانني مواطن وغبت حوالي 12 سنة لم ادخل امريكا .
عندما هبطنا من الطائرة كتبت الزوجة قائمة واحدة كعائلة ومررنا على الحقائب واستلمناها ووضعناها على عربة كنت ادفعها وانا متهالك من الضغط الجوي الطويل وعدم الحركة ومررنا على جندي الجمارك وتطلع للقائمة وسال السؤال المعتاد للزوجة عن مدة الغياب وقالت له بصراحة عن نفسها حوالى ستة اشهر وقال مشيرا الي والسيد، وقالت له ببرود اعصاب من غير ان تتأثر اكثر …. مما لم يكرر الأسئلة ويتأكد بل ختم على الورقة وقال اهلا وسهلا الى امريكا، وكانت سعادة لا توصف كدت أطير من الفرحة …
وخرجنا من الحظيرة الجمركية إلى القاعة حيث الجميع ينتظرون في الركاب القادمين، واول مرة اشاهد زوجة ابني مصطفى السيدة " ان " والحفيدة صفية على اسم جدتها وكانت صبية عمرها خمسة سنوات تنتظر مع والدتها في المطار برفقة أبنتي هدى المقيمة مع زوجها السيد عادل الذى اول مرة اتعرف عليه، وأقمنا بين البيتين بيت ابني مصطفى وابنتي هدى وكلاهما يشاكس الآخر حتى يحظى بإقامتنا في ضيافته.
جاء ابنى مصطفى من مدينة فرجينيا بيتش في الشمال الشرقي الى مدينة دالاس في ولاية تكساس ( المسافة حوالى 2240 كم ) لمشاهدتنا والاحتفاء بنا حيث بدا في العمل حديثا فى شركة دارنس لتجارة الرخام مع خاله حمدي والشركاء ال موليجان، الشركة التى انشاتها بالعرق والجهد وبذلت الكثير حتى قامت واضطررت لبيعها حتى ارتاح من مخاصمات الشركاء السادة موليجان وماريو نوفاكو الايطالي الذي اعتقدت يوما انه رفيق وصديق واثبتت الايام ان العلاقة مصالح، واسدد الالتزامات واعيش بشرف بدون هموم وغم الديون والمشاكل .
وكان الامر صعبا علي في البداية ان ابني الكبير بعد ان كنت المالك يصبح أجيرا ليعمل فيها ووافقت على مضض عندما استشارني في الوضع حتى يتعلم العمل التجاري ويوما اذا اطال الله تعالى العمر سوف يفتح اي شركة تجارية خاصة به .
قضيت حوالى الشهر وبعدها جاء مصطفى مرة اخرى الى تكساس لينقل عائلته إلى فرجينيا بيتش وسافرنا معا في الرحلة الطويلة برا الى الشمال، وكان في استقبالنا وحمدي خال الأولاد ينتظر قدومنا على وجبة العشاء …
ووصلنا الى شقة مصطفى المؤجرة المؤقته حتى يستقر في العمل وعندها سوف يشترى سكنا خاصا به بدل دفع الايجار الكبير، أرتحنا بعض الوقت ومنها انطلقنا للعشاء وكانت الساعة حوالي السابعة مساءا والجميع فى الانتظار وجلست على الطاولة لتناول الوجبة وشعرت بضيق النفس والإجهاد فى التنفس والنبض يرتفع مما زادت دقات القلب عن المعدل واصبحت في حالة يرثى لها والعرق يغمر الجسم بغزارة وشعرت بالنهاية .
و كنت اجلس على رأس الطاولة وإمامي صحون الطعام اللذيذ الشهى تريد من يأكل ويتلذذ بالإكل … وانا أعاني وقتها في الضغوط ولا اريد ان اشعر الاخرين كم انا أعاني وفكرت قليلا بان أخذ السكين الحاد من أمامى وافتح فتحة في الحنجرة بالرقبة حتى اتنفس بحرية والحمد لله تعالى ان أعطاني الصبر وتريثت في الامر مع انني أعاني الالم الشديد بالصدر من غير ان اتفوه بكلمة…
الجميع لاحظ حالتي الصعبة وأصر مصطفى ان يأخذني بسرعة الى المستشفى ولكن رفضت رفضا باتا واعتقدت ان التعب والإرهاق بسبب الرحلة البرية الطويلة ، وطلبت الرجوع الى البيت والنوم في الفراش، وخرجنا بعد ان ودعت حمدي وعائلته وتأسفت لهم عن الإزعاج الذي كان غصبا عني، مما تفهموا الامر.
لم أنم الليل وانا بالكاد اتنفس وطلبت من الزوجة في الفجر عندما ظهر الضوء وأشعة الشمس فى الصباح بدأت تشع ان تذهب إلى اقرب صيدلية بالقرب في الجوار وتشتري لي الة النفخ لمرضى الصدر ( الأزمة ) حيث الشعيرات للرئة ملتهبة تحتاج الى رعاية دقيقة عسى ان استريح من المرض والدهشة التي طوال الوقت تضغط …
وذهبت الزوجة وجاء مصطفى وأصر تمام الإصرار بأن يأخذني إلى غرفة الطوارئ بالمستشفى الرئيسي بالمدينة ( سينتارا ) المختص بامراض القلب، للمراجعة واعطائي العلاج او الدواء المناسب حتى استريح ، ووافقت وذهبت معه وانا بالكاد أمشي…
وصلت إلى غرفة الطوارئ الساعة السابعة صباحا من يوم الجمعة وانا متعب واجلسوني على سرير متحرك وادخلوني لقسم خاص بالمرضى انتظر وجاءت دكتورة وفحصت الحالة بدقة وطلبت على اخرى ثم أتى دكتور واصبح الثلاثة مركزين على الحالة مما عرفت من خلال التهامس ان الحالة خطيرة يحتاجون التأكيد قبل أخباري عن اي شئ الا بعد ان يتأكدوا من الحالة والوضع …
وقال لي الدكتور بكل صراحة، وهذه ميزة كبيرة لدى الاطباء الامريكان اخبار المريض بالحالة بدون اية مواراة كما يحدث في العالم العربي، نحن نشك ان لديك انسدادا بأحد شرايين القلب ومن حظك ان الدكتور المختص المشهور لجراحة القلب "قريفن " لديه عدة عمليات جراحية اليوم بالمستشفى وتم الاتصال به وسوف يمر عليك ليشاهد حالتك ويقول لنا عن رأيه فهو احسن دكتور متخصص في القلب في الولاية والمنطقة مما ارتحت قليلا .
الساعة الخامسة مساءا وصل الدكتور قريفن وهو منهك من جراء العمليات الجراحية التي قام بها طوال النهار وهو يعمل بدون توقف والجميع فى انتظاره وتطلع الى صور الاشعة بإمعان، وقال موجها القول لي ان الشريان الرئيسي مسدود وبحاجة إلى علاج سريع حتى لا يؤثر على بقية اجزاء الجسم، على سبيل المثال اولا بالكليتين حتى تتوقفان والرئة والكبد وبعدها النهاية …
وقال جهز وصيتك لأن العمر بهذه الحالة الصعبة قصير جداً، وقلت له يادكتور اما من حل للمشكلة ورد وقال الحل الوحيد اجراء عملية جراحية حتى يمر الدم بقوة في الشرايين والعروق وتنتهي الأزمة… بدلا من ان اعطيك حبوبا وابر للتهدئة ،
حسب رايئ وخبرتي لديك أسبوعان وعلى الاكثر ثلاثة وتتوقف وظائف كثيرة من الكليتين الى عدة اشياء حيث لا يمر الدم وتدخل في مرحلة إغماءات وبعدها الموت، وكان الرجل في غاية الصراحة ولم يكن لي أية خيارات، وبدون تفكير ولا وعي قررت المخاطرة بدل ان أذوى وانتهي بسرعة وقلت له بكل بساطة، القرار الصعب انا يادكتور جاهزا لعمل العملية مما استغرب من الامر انني لم اشاور النفس والعائلة مثل الاخرين من المرضى، وكانت الزوجة معي في كل لحظة، متابعة الموضوع والمحادثة وهي منزعجة تتألم على حالتي تكاد تصرخ وتبكي على وضعي ووضع الاسرة جميعها…
ابتسم الدكتور وقال مخاطبا الاخرين ورئيس المجموعة، جهزوا له غرفة واهتموا بتخفيض داء السكر المرتفع حتى يعتدل ويوم الاثنين القادم العملية الجراحية وغادر غرفة الطوارئ وانتظرت طويلا وإلى ذاك الوقت لم تعط لي اي نوع من الادوية وانا اتالم وبالكاد اتحرك وبرأسي هموم كثيرة أولها انه ليس لدي المال ولا التأمين لدفع المصاريف الباهظة لمثل هذا النوع من العمليات الجراحية .
انتظرت طويلا حتى اتحصل على سرير شاغر، حتى خرج مريض واخذت مكانه، وكانت الغرفة جناح كبير مجهز تجهيزا طبيا بجميع الأجهزة يتسع لمريضين ملحق بها حمام نظيف جداً مجهز بحيث المريض الداخل يستطيع الإمساك على اي جانب بسهولة حتى لا يسقط به جميع الوسائل مربوطة وموثقة في الحوائط …
بدأت الفحوص وأخذ عينات الدم وكل ساعة حقن إبرة صغيرة في صرة البطن لتخفيض السكر إلى مستويات مقبولة وبعض الأدوية لتقليل الدهشة طوال الليل ويومي السبت والأحد، وتم التجهيز يوم الاثنين بعد الظهر ودخلت الى غرفة العمليات للجراحة وتركيب الدعامة وكانت وقتها تعتبر عملية صعبة وليس مثل اليوم تقدم العلم واصبحت سهلة بدون أية صعوبات …
واستمرت العملية حوالي الساعتين وشعرت فجأة بأن الشريان الرئيسي المسدود فتح فجأة وشعرت بمرور الدم بسرعة وغياب الالم بعد فترة مما ازددت فرحة وسعادة وقال الدكتور هنيئا لقد نجحت العملية والمطلوب منك عدم الحركة .
ولم يقفل الجرح وادخلوني غرفة الإنعاش وكانت معقمة وباردة جداً وكأنهم وضعوني داخل ثلاجة وانا ارتعد من البرد، وسألت لماذا الجرح قائم لم يقفل وقالت الدكتورة الممرضة حتى لا تتحرك الدعامة أو يلفظها الجسم ولا تثبت وعندها يصعب الفتح من جديد …
بقيت على تلك الحالة في الغرفة الباردة عدة ساعات وانا ارتعد مغطى ببطانية وزوجتى بجانبي تؤانسني وانا أتالم حيث الجرح مازال لم يقفل… وبعد ان تأكد الطبيب ان جميع الامور سليمة تم خياطة الجرح مكان العملية بدون تخدير بناءا على طلبي وكان الامر صعبا جداً …
الحمد لله تعالى خرجت من غرفة الإنعاش الى الجناح للراحة وانا فرح والجميع من العائلة سعداء لنجاح العملية وبدأت استرد الصحة وتوقف الإجهاد في التنفس والالم واصبحت اتنفس عاديا كأنني شاب في مقتبل العمر، فسبحانك رب العالمين خلقت الداء والدواء !!!
رجب المبروك زعطوط
البقية فى الحلقات القادمة ….