Saturday, May 19, 2012

الضباب

                                            بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
                                                     الضباب


                 إن القلب يدمى للمتتبع لمسيرة الوطن حيث كثر الكلام  والأفعال قليلة والجماهير تموج وتهوج في صمت تنتظر على أحر من الجمر الوصول للغايات والأهداف بسرعة ،، غير قادرة على الصبر ،،، تريدها أن تتحقق ولا تريد أن تنتظر وكأن أولاة الأمر ذوي القرار بأيديهم العصا السحرية يستطيعون عمل المعجزات في وقت قصير ،، حتى يرضون ،، ونسوا الواقع المرير المؤلم والجهل المطبق على العقول ،، نظير التهميش لعقود من قبل الطاغية ،،، تناسوا أننا تحررنا وإنتصرنا منذ حوالي 7 أشهر فقط على الطاغية بعد المعارك الشرسة الدموية ،، تناسوا أن البناء والتشييد يحتاج إلى مخططات سليمة ودراسات عميقة وعزم وشجاعة القرار من ذوي الأمر للمصلحة العامة بدون دوران وتغطيات للبعض ،، وأهم الأشياء الوقت المعقول للوصول ،، وليست العملية غوغائية كما كانت من قبل أيام عهد المقبور تعتمد على القوة و الإرهاب والعنف ،، وقوة المال ،، والنتيجة جميع الأعمال السابقة لها أخطاء قاتلة ،، ولكن من يحاسب طغمة الإرهاب والشر ،، يجد نفسه محاصرا أو مرميا بقارعة الطريق مهمشا بدون وظيفة ودخل ليعيش بكرامة ،، وإن زاد عن الحد في التساؤلات بالحق ،،، في نظرهم يعتبر جريمة لا تغتفر ،،، تلصق به العديد من التهم المزورة ويسجن ويعذب ،، وإذا تطاول أكثر وأكثر عن العقيد والعائلة أو الحاشية ،، يقتل بالرصاص أو يعلق على أعواد المشانق ببساطة ويذهب ضحية ضمن ضحايا الوطن التي ضاعت هباءا منثورا بالحياة ،، ولكن شهداء عند الله عز وجل أحياء يرزقون ،، هؤلاء الشهداء قتلهم  نظام الطاغية ،، لأنهم يحملون  مبادىء وقيم سامية ،، يؤمنون بها أنها السليمة ،، تحدوه بكل جرأة ،، عزم وحزم  في الوجه بالميدان وهم يعرفون أنها النهاية ...
إن القلب يدمى وأنا أشاهد المآسي اليومية وهي تحدث وتتكرر للأسف ونحن لدينا القدرات للبناء والتشييد ولكن ينقصنا الفهم والعلم ونكران الذات ،، حيث الكثيرون يتشدقون بعناوين ضخمة وآمال وأمنيات نتمى أن تتحقق ،، ولكن نسوا أنهم يطلبون المستحيل الذي مهما تحصلوا على الوقت لن تتحقق نظير عوامل كثيرة حيث النفوس مريضة بحب الذات ،، الكثيرون يريدون الثراء السهل والنهب لا يريدون الإستقرار وسيادة القانون في الوطن حتى لا تتصعب الأمور وتصبح لها ضبط وربط ،، حساب وعقاب ،، حيث يتعبون في الوصول والحصول في أجواء النظم والمحاسبة على أي تعديات لا يخولها القانون ...
في نظري المسيرة شائكة والطريق يلفها الضباب بحيث بالكاد يستطيع الإنسان أن يشاهد بصعوبة ويقود بسلاسة وبهدوء أعصاب حتى يصل إلى النهاية وهو سالم من غير حوادث قاتلة ،، حيث الأفكار كثيرة متضاربة مع بعضها بحيث الإنسان الغيور على الوطن ضاع وسط الخضم ،، أصبح في مفترق الطرق ،،، لم يعرف أي إتجاه يتخذ ،، حيث الكلام كثر ،، تردد أكثر مما يجب بحيث مع الوقت أصبح مادة دسمة للطحالب المتسلقون يتشدقون بها في كل مجمع مع الزيادات والرتوش حتى تضخمت وأصبحت قصصا ،، يحاولون إقناع البسطاء الجاهلين بأنها حق وصدق ،، وللأسف الكثيرون يصدقون ومقتنعون والواقع زور وبهتان !
الآن حديث الشارع له محاور عديدة وتساؤلات كثيرة بدون أجوبة صادقة ،،، يدور في حالات التسيب والسرقات والنهب وتحويل الأرصدة للخارج من بعض الأساتذة المصرفيين العالمين بالأسرار المالية وكيف تحويلها إلى حسابات خاصة من غير أن تكتشف بسرعة في خضم المسيرة والفوضى ،، يتساءلون عن المليارات المجمدة في دول العالم والمجنبة ضمن الحسابات الدولية والمحلية الخاصة ،، أين ضاعت ؟؟ هل الأرقام التي تطرح حقائق دامغة ،، أم عبارة عن ذر الرماد في العيون حتى تعيش الجماهير في الوهم ،، والواقع الخزينة فارغة والمال العام تلاشى في جيوب السماسرة ،، إنني لا أعرف فأنا مواطن مثل الكثيرين من البشر أسمع ولم أشاهد بالعين المستندات الحقيقية الصادقة ،، أو الخزائن معبأة ...
المحور الثاني يدور في ضخ النفط ومشتقاته وبيعه ،، ونحن نستخرج حوالي المليون برميل في اليوم ،، زائد ملايين الأمتار المكعبة من الغاز ،،، وهل فعلا يباع بأقل الأسعار نظير إحتكارات القوى الخفية العالمية والمحلية ،، أو علينا ديون للسداد ،، نتيجة الحرب ،، أو خاص بأمور ليس لنا الحق بمعرفتها كما عمل المقبور ؟؟
حتى الآن ،، التأجيل وعدم تقديم أزلام النظام السابق للعدل ،، إلا ضمن حالات بسيطة في مدينة الزاوية المجاهدة ،، و إذا إستمرينا على هذا المنوال سوف نحتاج إلى سنين طويلة ،، حتى يستتب العدل و يأخذ القانون مجراه ،،، أبناء الشعب الأحرار يطالبون بالعدل والمساواة ومحاكمة جميع رموز النظام بدون إستثناء في محاكم علنية ،، وليس ترك البعض حاليا ينعم في مساكنهم تحت الإقامة الجبرية ،، وهم كانوا أحد أسباب البلاء يوما من الأيام ؟؟ أو ترك البعض يهربون للخارج ،، والأسماء معروفة ،، نريد تكوين لجان أمنية ذات خبراء قانونيين وشرطة نزيهين ،،، لهم  جميع الصلاحيات في البحث والتقصى عن كل مجرم بالداخل والقبض عليه ،، والبحث مع الأجهزة العالمية  والشرطة الدولية ( إنتربول ) للقبض على الفارين بالخارج وتقديمهم للعدل ،، والمحاكمات في العلن ،، والبرىء يخلى سبيله فورا ويعوض عن التعب والأسر إذا كان له الحق ،، والمجرم يتم القصاص فيه بدون تعطيل حتى يصبح عبرة لكل من يعمل ضد الوطن بالمستقبل  
السداد والتعويض عن الأملاك والشركات وترجيع حقوق الشعب بسرعة فقد قامت الثورة ضد الطاغية من أجل الظلم ،، وها نحن الملاك المتضررون إلى الآن لم نستدعى ولم نقبض أي درهم حتى الآن ،، ونحن ننتظر منذ 34 عاما طويلة ،، والسؤال إلى متى الإنتظار ؟؟ شريحة كبيرة من أبناء الشعب المتضررون من قانون رقم 4 ،، نريد حقوقنا وبسرعة ،، هل تريدون منا مد الأيادي والتسول ،، أو تدفعون الكثيرين للعمل في طرق أخرى حتى يعيشو؟؟ حيث جميع المسؤولين يتحججون بالصبر حتى قيام الدستور والإنتخابات ومجىء حكومة أخرى وكلام منمق ولكن في نظري لا يسمن ولا يغني من جوع ،، بالإمكان الدفع لمبالغ مالية تحت الحساب للمتضررين في مدد قصيرة لا تتعدى شهور حتى تتم التسوية النهائية ،، وبالأخص نحن شعب قليل العدد لا نحتاج لهذا الروتين القاتل وعدم الفهم ،، للأسف نحتاج إلى حزم ...
تدفق العمالة الغير شرعية ضمن الحدود بحيث أصبحت ليبيا من غير حراسات ولا حماية ،، ونشطت العصابات وقطاع الطرق الليبيون والجيران على الحدود لقاء الأرباح الكبيرة ،، سواءا في حماية العمالة حتى الوصول للمدن ،، أو بيع السلاح المكدس من جميع الأنواع بكميات كبيرة في ليبيا وتمريره إلى الدول الأخرى المجاورة مما مع المستقبل سوف يزعزع إستقرارها وأمنها  نظير التهريب المنظم من تجار الموت والدم ...
إن القلب يدمى على كثير من الأشياء التي حدثت وتحدث ،، والشعب مازال يعيش في الفرحة ... الكثيرون حتى الآن غير مصدقين زوال الطاغية بسرعة ،، مازالوا في حالة صدمة المفاجئة بعد الزهو والصولجان ولقب ملك الملوك للقذافي يصبح جيفة ومقبور ،، أليست بحكمة من الله عز وجل ،، يعز ويذل من يشاء؟
هذه التساؤلات جزء بسيط من العشرات التي تحتاج إلى حلول بالعقل والحزم والقوة ،،، وإلا مع الوقت سوف تزداد الهوة وتصبح فوضى عامة ،، والقوي يسيطر على الضعفاء وعندها مصيبة المصائب صعب بعدها العلاج ،  سوف تؤدي إلى الهلاك والدمار للجميع ...
 نحن أبناء الشعب الأحرار لدينا خيارات كثيرة حتى يستتب الأمن ،، ويهتم المسؤولون بالوطن بعقليات نظيفة من غير جهوية ولا عنصريات ،، محتاجون إلى نبذ الخلافات والمصالحة الوطنية بين القبائل وجميع الشرائح ضمن الأصول ومعايير الشرف ،، ضمن النزاهة والشفافية ،، بحيث المنتصر يتنازل عن الزهو والفخر ،، عن المغالاة والتجبر ضد الآخرين الخاسرون في الحرب نظير مؤازرتهم للطاغية نظير ظروف كثيرة وحسابات خاطئة ،، نتيجة الجاه والمال ،، يعتقدون أن الطاغية الفريق الرابح ،، يريدون الحظوة والخاسر يهتمون بأمره ولا يهمش ،، فهو مواطن ليبي  له كامل الحق في العيش بشرف في الوطن ليبيا مثل الجميع ،، والقصاص بالعدل ضمن القضاء من كل مجرم أساء للوطن ،،، من أي طرف من الأطراف ،، والله الموفق ...
 
                                                             رجب المبروك زعطوط
 
                                                                 2012/5/17 م  
 

No comments:

Post a Comment