Monday, May 7, 2012

قصصنا الحاضرة 34 - السعادة المفقودة

                                           بسم الله الرحمن الرحيم

                                              السعادة المفقودة



                    لدينا مثل في ليبيا يقول ( رافق المسعدين تسعد ) ونحن كأبناء الشعب الأحرار الغير متزمتين نريد ونحب أن نشاهد وطننا ليبيا وشعبها يرفل في النعيم ، يعيش في سعادة وراحة البال ،، وبالأخص أن لدينا جميع المؤهلات الذهنية من عقول جيدة نيرة تحتاج من يساندها ويؤيدها حتى تبدع ،، فقد كانت بالسابق مهمشة وراء الستار ،،، والثروات الخيالية التي لو إستغلت الإستغلال الجيد ضمن عقول متفتحة غير متطرفة ولا جاهلة ،،والإستعانة بخبرات العالم ،، والمكاتب الإستشارية للبناء والتشييد الصحيح ضمن مخططات ودراسات ،، أهمها بناء الإنسان والأجيال القادمة صغار السن على الإبداع والنبوغ ،، بدل الهراء والتراهات والعيش في الماضي والأمجاد السابقة سوف نصل إلى المقدمة في بضعة سنوات ،، حيث المطلوب العمل الجماعي ضمن المشورة وتدبر الرأي فلا خاب من إستشار ،، ولكن حتى الآن بعد نجاح الثورة  أكثر من نصف عام ،، مازال مجلسنا الإنتقالي والحكومة المؤقتة يتخبطون في القرارات حيث ليست لديهم الخبرات ،، والظاهرون في الصورة والمقدمة من القيادات يحاولون يائسين إدارة المركب التي تتقاذفها عواصف الرياح المزمجرة والأمواج الهادرة من جميع الجوانب يحاولون إدخالها إلى الميناء سالمة ،، بدون أن تتحطم على الصخور بالمدخل  ولكن هيهات هيهات !!! لأنه لدينا رواسب وتراكمات عهد سابق أسود 42 عاما جميعها ظلم وإرهاب ،، تسيب وسرقات ،، صفقات وعمولات ،، الأراذل والعوام هم الحاكمون ولديهم القرار ،، مليارات ليبيا ضاعت هباءا منثورا في جيوب السماسرة ،، والعاهرات ،،  في الفساد والإفساد ،، شراء الذمم للحكام والسلاطين في أماكن كثيرة بالعالم ،، وأبناء الشعب الأصليون الشرفاء مهمشون بالكاد قادرون على الحياة ،، أليس بشىء مؤسف ومأساة  ؟؟
إن قرارات كثيرة تطرح وبعد فترة بسيطة تلغى وتستبدل مما جعل المهتمين بالأمور السياسية للوطن في حيرة من هذا الحال و التخبط ،،  يفكرون في الأمر مليا للوصول إلى نتائج مهمة حتى يستطيعوا وضع الأسس والحلول الشافية  للمسيرة ،، هذا التخبط في نظرنا له معطيات كثيرة وممكن يترجم إلى عدة أجوبة عناوينها كبيرة ...
التساؤل الأول لرجل الشارع العادي الذي لا يعرف مؤامرات دهاليز السياسة ولا ماذا يحاك من وراء الستار وفي الخفاء من أمور ،، هل الأمر عن جهالة وعدم معرفة ولا خبرات بتسيير الأمور بعد  نجاح الثورة والنصر الكبير ؟؟  هل جس نبض الجماهير ومدى إستيعابها للأمور السياسية ؟؟ هل عن ضعف أولاة الأمر اللذين ليست لديهم قوة الشخصية ،،، قوة الحجة والبيان ،، قمة الشجاعة الأدبية ،، يظهرون للجماهير في العلن ،، ويطرحون الهموم والآلام التي يمرون بها ويشاركون أبناء الشعب في إتخاذ القرار حتى لا يلاموون يوماً من الأيام ،، أو يتنازلون عن المراكز ،،  بدلا من الهراء وتضييع الوقت وكل يوم نغوص في الوحل و تزداد الهوة بين الشعب و أولاة الأمر ،، و يجدها الطحالب فرصة كبيرة للتسلل و الوصول لمراكز الحكم و القرار ،، و جني الثروات نظير الصفقات  المشبوهة و العمولات الضخمة بحجج كثيرة نظير المجاملة و عدم الفهم و العلم أو  نظير التردد وعدم البت في  الأمر بحنكة وقوة ...
أم عن ذكاء خارق ودسائس حيث يطرح الأمر للجماهير ببساطة وكأنه عن غباء حتى يرد الشارع سلبا أم إيجابا ،، وفي حالة عدم الرضى يلغى ببساطة ،، وفي حالة الرضى يصبح أمرا ملزما ويصاغ يوما ضمن القوانين التي تعد من قبل أناس وقوى خفية لا تريد للشعب الليبي أن ينهض ويتقدم ضمن العصر الحالي والنظرة للمستقبل ،، بل يرغبون التخلف والتطرف والمغالاة ،، وكأننا لا نفقهه ولسنا ببشر،، ولسنا مسلمين نوحد بالله عز وجل ،، ونسوا وتناسوا أننا مسلمون معتدلون ،،  والآية الكريمة  في سورة البقرة صريحة تقول ( لا إكراه في الدين ) ،، نريد العيش في سلام وأمن وأمان مع الجميع من أبناء البشر ضمن الإحترام والتقدير للشعور ،، أهمها المعاملة الحسنة بين الجميع ،، فالحياة الآن تغيرت في هذا العصر الذي نعيشه ،، عصر العولمة ،، عصر التقدم والعلم ،، عصر االتقارب والمصالح ،، العالم الآن صغير وليس مثل السابق ،، لا وجود لمتطرفين ولا لمغالين يريدون فرض الأمر نظير قناعاتهم فقط بدون أخذ الرأى من الجميع ،، الآن عصر الإيمان والحوار والأخذ والعطاء والوصول إلى حلول تشرف جميع الأطراف بحيث الجميع راضين ...
 أما عن أولاة الأمر ، فلا حيلة لهم ،، غير قادرين على الرفض ،، مسيرون من قوى خفية بالخارج نظير أمور نحن كأبناء الشعب لا نعرف عنها أي شىء ،، حتى نستطيع أن نساندهم في الأمر إلى آخر مدى ،، إنني لا أعرف ؟؟
النفط يضخ كل يوم ويباع بالملايين ،، والهدر والتسيب والفوضى والسرقات بلا عدد للبعض الأذكياء الطحالب الذين في كل عهد سباقون للمقدمة ومص دماء الشعب عن طريق الإستنزاف لأموال المجتمع بطرق يعجز الشيطان الرجيم عن إتيانها ،، وتمضي بسهولة ولا من رقيب ولا من يحاسب ،، أليست بمأساة ؟؟
كثيرون متفائلون يقولون أننا سوف نتقدم ،، وعبارة الإحتقان الذي نحن في وسطه الآن من التسيب والفوضى والإستنزاف لخيرات الوطن ،، عبارة عن وضع طبيعي بعد نجاح الثورة والنصر بعد قهر وظلم وإستبداد أكثر من 4 عقود ونيف ،، وردي عليهم بسيط إذا كان الأمر له برامج وخطط جيدة مدروسة يصبح شيء طبيعي ومع الوقت خطوة خطوة سوف نصل لآخر الطريق بإذن الله عز وجل ...
لكن الذي يحدث على الواقع الآن يختلف كل الإختلاف ،، في نظري حب الوطن ليبيا لدى الجميع الشرفاء الأحرار الثوار ،، والمؤيدون للنظام السابق ،، لأنهم إستفادوا الخيرات لقاء الفوضى والتخبط ،، جميعنا نحب ليبيا فنحن أبناؤها ولا فرق بين إنسان وآخر ،، ولكن كل إنسان منا بطريقته الخاصة ،، بدون شورى ولا إتفاق الأغلبية على المسيرة حتى ننجح ،، بل عبارة عن تخبط وإستنزاف ،، وقرارات تصدر ،، وبعد أيام تلغى ،، والنتيجة ضاع الحابل مع النابل والسمين مع الغث ونهاية الطريق مظلمة ،، هاوية كبيرة مدفوعون لها ضمن تيارات جارفة من أساطين الشر والشرور ،، تنفذ عن طيب خاطر وجهالة من شباب يدفعهم الحماس والوطنية والنتيجة المؤسفة التأخر في السباق والضياع التام للجميع ،، أليس بأمر مؤسف ونحن فى القرن 21 ومازلنا نتخبط وندور في المتاهة من غير خروج ...
الذي أريد قوله ،، أننا الآن في مفترق الطرق ، تائهون نريد النهوض والوصول والكمال ،، ولكننا نقف نراوح فى متاهات وعدة طرق متقاطعة في وسط صحراء قاحلة والشمس ضربت بلهيبها الرأس بحيث أصبح  الإنسان مخدرا  تتراقص أمام ناظريه التقاطعات لا يعرف أي واحدة الأصلح حتى يتوكل ويسير ،، ويصل إلى مبتغاه ،، ونحن للأسف لا نعرف ماذا نريد ،، ولدينا العزيمة للبعض ،، ولكن المشكلة الكبيرة الجهل السياسي لأبناء الشعب يهتمون بالقشور ،، وينسون اللب والأساس ،، يعيشون في أحلام لن تتحقق ،، طالما يفكرون بهذه العقليات ،، إلا بضربة حظ ممكن يتحقق القليل ولكن على المدى البعيد الخسارة واضحة وضوح الشمس في عز النهار القائض لأنها ليست على أسس سليمة ،، ضمن دراسات ،،، بل ضمن فورات سريعة تقدح وبعد فترة تخمد ،،
إنني لست بمتشائم ،، ولكن لدي الصراحة والقوة والعزم على أن أحذر قبل فوات الأوان ،، وأنا شخصيا مواطن لهذا الوطن ضمن الملايين ويهمني الأمر بقوة  ،، ليس لي شخصيا فأنا في خريف العمر على أبواب الشتاء ونلت كل الأشياء من خير وشر والحمد لله عز وجل على كل شىء ،، ولست بطامع لمناصب أو مراكز وجاه ،، فأنا أحترم العمر والمرض و قررت عدم المشاركة شخصياً في سباق الإنتخابات ،، لأنها في نظري مسرحية كبيرة ولا أريد أن أكون ممثلا على المسرح بل أفضل أن أكون بالخلف و أشجع الشباب الثوار على الوصول لمراكز الحكم طالما لدي الجهد حيث أمنيتي  أن أشاهد أن أولاة الأمر من بني وطني قد وضعوا أرجلهم على الطريق الصحيح ،، حتى يسعد الجميع ومنهم أولادي وأحفادي ،، فنحن جيل الخمسينات جيل الإستقلال جربنا الكثير من الهم والغم ،، زرعنا حبوب الثورة وسقيناها طوال السنيين بالآلام والمعاناة القاسية والدم من ضغوط قاسية ومطاردات وسجون وتعذيب وترهيب وترغيب من الطاغية ،، أخذ زهرة أعمارنا حتى جفت الدماء من العروق ،، وأصبحنا موتى بلا قبور ولا شواهد طوال سنين ،،، والحمد لله تعالى الشباب الثوار الصادقون الشرفاء ،، جنوا الزرع الذى أينع في الأجواء القاسية ،، وتم النصر والفرحة العارمة …
خطر على البال مقولة الملك إدريس السنوسي ، و النصيحة الغالية التي مرت مرور الكرام و لم ينتبه لها أي أحد وقتها ،، حيث قال منذ 6 عقود ونيف مضت في خطبة الإستقلال للوطن ليبيا بعد المعاناة والخراب والدمار من المستعمر الإيطالي وويلات الحرب العالمية الثانية ،، قال القول المشهور لأبناء الشعب وقتها الذي سوف يظل خالدا على مدى الدهر ( المحافظة على الإستقلال أصعب من نيله ) وأنا أقول للثوار الأحرار ،،إفتحوا العيون و كونوا يقظين و منتبهين و لا تتركوا الوطن يضيع ويتحكم به أشباه رجال طحالب ،، حافظوا على النجاح والنصر،، حافظوا على الثورة  المباركة بالمنطق و العقل و الحوار و إذا تطلب الأمر إلى آخر طلقة ونقطة دم ،،    أنشروا السلام و الأمن و الأمان ،، إحترموا الأديان و مشاعر الشعوب الأخرى حتى نعيش في سلام ولا يعتدي علينا أي أحد ، ضعوا أيديكم مع المسعدين حتى نسعد ،، فليبيا أمنا البارة ،، ونحن أبناؤها ،، معا يدا بيد وكتفا مع كتف طالما مازال لدينا بعض الجهد ،، والعمل بجد ضمن تعاليم الإسلام الصحيحة بدون فرض ولا قهر ولا إرهاب ،،، بشفافية وصفاء النفس ،، سوف نوفق ونصل للقمة ،، والله الموفق .



                                                                            رجب المبروك زعطوط

                                                                                2012/5/6 م 

No comments:

Post a Comment