Sunday, November 13, 2016

خواطر عامة 15

بسم الله الرحمن الرحيم

 الأحزان
 (3)


                    من كثرة الأحزان والمآسي التي حدثت في ليبيا ولا تزال تحدث و من شدة ما تمر به الآن من الكثير من الفضائع والأحداث المشينة التي لا تصدق...  ومهما عدد الإنسان لا يصل إلى نهاياتها فقد تعود الشعب عليها وآصبحت كيانا وجزءا من الحياة اليومية المستمرة .... مما الوطني الذي يعيش بالغربة عندما يرجع لأرض الوطن  لزيارة الأهل  والأقارب والأصدقاء، وحتى القادمين للعمل  أو لاي مهمة كانت  من الأجانب ، يحتارون ويستغربون في الوضع الحالي المأساوي للشعب... الشعب الليبي  صابر و مكافح بدون هدف ولا مخطط واضح يمضي ويسير عليه للخلاص والخروج من حلقات المآسي والأحزان التي كثرت وزادت عن الحد في وطن قليل العدد وكأنه عائلة واحدة ، الجميع يعرفون بعضهم البعض ، حيث الأمر معجزة لا تصدق نظير الحال العام الصعب الموجود على الطبيعة والواقع...

                                   في الظروف السهلة السابقة العادية أيام الجماهيرية حكم الجماهير الغوغائي كان كل شئ حزين وأمر محزن يمر عاديا سهلا ليست به أحداث قوية ولا حوادث شريرة وجرائم شنيعة بشعة ظاهرة على السطح  مثل اليوم إلا القليل، فجميع الأمور المشينة تحدث في أقصى السرية مثل ماحدث في مجزرة سجن أبو سليم و التي جريمة من جرائم التاريخ التي سوف تذكر إلى ماشاء الله تعالى في الإبادة للبشر العزل عن قصد وسبق الإصرار وقتل حوالي 1400  سجين بالرصاص في بضع ساعات وهم محجوزين ضمن الأسوار غير قادرين على الدفاع عن النفس، في ساعة جنون من الذي أصدر الأمر بالمذبحة وتم الخداع وكتم الأمر وإخفائه عن الشعب الغافل عنها لعدة سنوات ، الا من بعض الأمور التي يتم تسريبها عن قصد مبيت على السطح لنشر الرعب في الأوساط وتخويف الشعب ، لكي يطأطأ الرأس ولا يطالب بأي جديد كان حيث جميع الأمور في يد الطاغية الذي كان يصدر التعليمات الجنونية بيد من حديد و ينفذها بعض الأعوان الثقات...

                          بعد فوز ونجاح ثورة 17 فبراير كثرت وزادت عن الحد المصائب والمتاعب وسفك الدماء وزهق الأرواح البريئة والخطف نظير طلب الفديات الكبيرة والخلافات السياسية والأخذ بالثأر والتناحر والصراع المميت على السلطة والوصول للقمة في الحكم من الزعماء الجدد أدعياء الوطنية والثورية ... الغير معروفين بالسابق وليست لهم أي رصيد وطني  أو نضالي معروف  للكثيرين من أبناء الشعب حتى يكونوا من المشاهير شعبيا و زعماء مسموعي الكلمة ويصبح لهم الحق في تبوئ المراكز السياسية العالية، ضمن الإنتخابات العامة و  الحصول على أغلبية الأصوات الحرة من أبناء الشعب ضمن صناديق الإقتراع مثل مايحدث في الكثير من الدول الحرة بالعالم ذات الحكم بالديمقراطية...

                      إنني لا اريد كتابة وتسطير العشرات والمئات من الأحداث العديدة المؤسفة التي حدثت وتحدث كل يوم على الطبيعة في وقتنا الحاضر في السر والعلن ... فهي أمور معروفة يسمعها الداني والقاصي بالوطن والخارج في لحظات ودقائق ضمن الإتصالات الهاتفية والإعلام الذي طغى وإنتشر في الصورة العامة وأصبح جزءا من الحياة اليومية ونشر الآخبار الغثة والسمينة في جميع الوسائل الإعلامية من قنوات مرئية والفيس البوك والتويتر وغيرها... مما أصبح كل شئ شبه واضحا ومعروفا بدون سرية من الكثيرين من أبناء الشعب والأجانب المتابعين للأحداث الليبية وعلى معرفة بما يحدث من فساد وإفساد وتراهات ومهاترات ، دمار وخراب وأحزان عديدة لأهالي الضحايا...

                      والمؤسف له أن ليبيا الحبيبة الآن إستبيحت من بعض الدول الأجنبية الغربية أدعياء الصداقة والتعاون وفرضت هيمنتها ، وداستها أقدام جنودها بحجج عديدة على رأسها وأولوياتها المساندة في القضاء على الإرهاب ومحاربة الخوارج المرتدين الدواعش بعلم بعض المسؤولين في السلطة...   والكثير من الامور تدور في الخفاء بسرية بدون العلم  و وراء الستار على الشعب مما مع الوقت سندفع الثمن الغالي لسنين عديدة بالمستقبل نتيجة الأخطاء من البعض عديمي الضمير والتجربة وتزداد الأمور صعوبة وتكثر الأزمات المفتعلة والتناحر لا يتوقف و سوف  يأخذ وقتا طويلا حتى يهدأ وترجع المياه الطبيعية إلى مجاريها السليمة....

                    شعبنا الآن يمر بمصائب عديدة عالقا في عنق الزجاجة غير قادر على الخروج من الأزمات السياسية  المفتعلة لإستنزاف بقية الأرصدة المالية الهائلة التي كانت بالسابق مجنبة في المصارف الخارجية وموضوعة تحت تصرف بعض الأسماء من المحاسيب والأعوان الثقات وليست بإسم الدولة كما يجب خوفا من الحجز الدولي بسبب أي قضية دولية كانت  مثل ماحدث الأمر في قضية سقوط الطائرة الأمريكية ( بنام ) المنكوبة على مدينة  لوكربي (في إسكتلندا ) و مقتل جميع الركاب الأبرياء ضحايا الصراعات والإرهاب المتعمد عن سبق الإصرار لخدمة أغراض معينة من قوى الشر والظلام ....    والنتيجة كانت الحصار الإقتصادي الذي فرض بالقوة على ليبيا عدة سنوات نظير الإتهام بالإرهاب والشك أن نظامها الشرير كان وراء الجريمة الإرهابية الفضيعة  ...

                   الأموال بالملايين يوميا من دخل تصدير النفط والغاز تذوب و تتلاشى  بسرعة ضمن الصرف العشوائي والحصول على العمولات الكبيرة للبعض بدون حساب نظير الجهل وحب النفس للإ ثراء السريع والنهب بطرق شيطانية يعجز الشيطان الرجيم عن إتيانها بدون العمل الجاد والمجهود وعرق الجبين حسب المعروف من أجل الحصول على المال و تحقيق  الغنى والثراء....

                    مشكلتنا الحالية الصعبة التي نعاني منها و وطننا يدور في حلقاتها المغلقة بدون أبواب خروج ونجاة ، هي  الجهل والفوضى والهدر ولا رعاة وحراس أمناء ذوي ضمير وولاء لله تعالى والوطن للحفاظ على المال العام ...  وزاد الهم والغم كثرة القطط السمان لدينا وفي أوساطنا تأكل في السر والعلن فى صمت ولا تترك أي شئ غير الفتات وراءها للشعب البائس المحروم من خيراته ...  ومهما أكلت ونهبت الملايين والمليارات من الدينار والعملات الأخرى، بطونها واسعة لم تشبع بعد ولن تشبع حيث الحرام والزاقوم إستشرى في الشرايين والعروق وسرى في مجرى الدم...  ولا تستطيع العيش من غيره حيث الحرام له نكهة ولذة خاصة الكثيرون لا يستطيعون مقاومته...  

                    سر البلاء والتأخر والفوضى العارمة عدم وجود الضمير والولاء ضمن دستور عام نزيه متفق عليه بالتشاور ديمقراطيا من عقلاء وحكماء الشعب يحفظ حقوق الجميع الرئيس والمرؤوس ضمن العدل وقانونا قويا نابعا منه يضرب بيد من حديد كل من يعبث بمقدرات الوطن والإستيلاء عليها بدون أي وجه حق،  ويفرض الإستقرار والأمن والأمان حيث نحن شعب تعودنا على الإتكالية والفوضى نتيجة حكم القهر من النظام السابق على مدى اربعة عقود ونيف بدون دستور غير تعاليم الكتاب الأخضر الهزيل الذي ضيع جميع المعايير والموازين الشريفة المتعارف عليها ووضع الجميع في المتاهات والمهاترات... نحن  بحاجة إلى وقت طويل لإعادة الحسابات وتعليم الأجيال الجديدة من النشئ على الأمور الصالحة النزيهة و نبذ الفساد ....

                في  وقتنا الحاضر بعد الفوز ونجاح ثورة 17 فبراير نحن كشعب غير مؤهلين للحكم بالديمقراطية حيث جديدة علينا في مسارات الحياة السياسية وليست لنا كوادر سابقة ثابتة نستند عليها ونطورها...  فالنظام السابق غير جميع المقدرات والمفاهيم إلى غوغائية وجهل، والدليل بعد الثورة والخلاص من الطاغية فتح الباب على مصراعيه لقيام الأحزاب السياسية بدون ضوابط وخلال فترة بسيطة من الزمن ، في شهور قليلة ، تم إنشاء  أكثر من مائة حزب سياسي وبدل السمو والحضارة والقيادة السليمة للشعب المتعطش للنهوض والتقدم ولديه جميع المقدرات التي تؤهله للنجاح، وللأسف الزعماء والمسؤولين الجدد نتيجة عدم الخبرة والتجربة السياسية ، زاد بينهم الصراع والتطاحن والتناحر على السلطة والحكم بدون ركائز سليمة  ولا ديمقراطية حقة صالحة للنهوض والتقدم غير التشدق بها بدون الفعل الصادق السليم لتمرير الامور والمصالح الخاصة، علي الغافلين مما وصلنا لهذا الحال المؤسف المزري الذي كل يوم يمر نتأخر بدل ان نتقدم...

                    تدخلت أصابع قوى أجنبية خفية كثيرة للهيمنة على الوطن تحت مسميات براقة زائفة عديدة ، وجعلته يعيش ضمن حلقات الجهل والوهم بأنه الأفضل حتى لا يبدع ... وتسرب بعض الصعاليك أدعياء الوطنية والثورية العوام وأصبحوا أصحاب القرار بدون فهم ولا تجربة في الحكم، وأتى الكثيرون من المرتزقة من الخارج بالمئات والآلاف للإقامة حيث الأرض خصبة لنشر الأفكار الهدامة التي تستهوي الشباب بحجج الجهاد الزائف الكاذب لإصلاح الدين وإلغاء البدع وإقامة الشريعة كمنهاج للحكم، بالقوة ، مما إستشرى البلاء والدمار في الوطن والأزمات العديدة حلت على الرؤوس بدون عدد، وأصبحنا نعاني من المتاعب والمصائب يوميا من جميع الجهات...

                       والحل بسيط نحتاج في وقتنا الحاضر إلى دستور نزيه ورجل لا يخاف من المواجهة ولا لومة لائم في السير على الطريق الصحيح مهما كانت العقبات ،  حاكما قوي الشخصية ينشر العدل والقانون ذو معرفة بالأبعاد الكثيرة والأطماع من القوى الخفية والمحلية التي تحاك وتدور وراء الستار في سرية مثل الوالي ( الحججاج بن يوسف ) الذي قال الكلمة والمقولة المأثورة محذرا طبقة المشككين فاعلي المتاعب وخلق الشر، للخلاص منهم دفعة واحدة الظالم مع المظلوم من أول يوم للحكم كوالي في العراق قائلا في الخطبة بالمسجد متوعدا ومحذرا ( ياأهل العراق يا أهل الشقاق و النفاق ، إني أرى رؤوسا  أينعت وحان قطافها وإنني بإذن الله لقاطفها) وصدق في كلمته وقطع رقاب الكثيرين من الصف الأول حيث النخبة موجودة حسب العادة وقتها في المقدمة حتى يسمعوا الخطيب ( حيث لا توجد وقتها مكبرات الصوت ) مما خاف وإستكان الجميع رعبا من القتل العشوائي وعم السلام والأمن والأمان أيام ولايته ...

                            ونحن للأسف في وقتنا الحاضر في وطننا ليبيا نحتاج لمثله مع أنني ضد الحكم بالعنف والشدة، أؤمن بالديمقراطية  وتداول السلطة كل عدة سنوات التي لها أفضال كثيرة وتمنع الإستبداد وعبادة الآشخاص... ولكن للأسف لم يأتي وقتها بعد في وطن جاهل سياسيا بمصلحته حيث تعود على الفوضى والقهر من حكم النظام السابق الجماهيري ، حتى يأتي اليوم بإذن الله تعالى مع الوقت ومرور الزمن ويعم العدل والقانون في الوطن و يستتب الأمن والأمان للجميع وتنتهي وتزول الأحزان إلى غير رجعة بإذن الله تعالى، بممارسة الديمقراطية في الحكم بعقول واعية ويد من حديد لكل من يشذ عن مسار الطريق السليم ...   والله الموفق ... 

 رجب المبروك زعطوط

 البقية تتبع... 

No comments:

Post a Comment