Friday, October 4, 2013

الجاسوسية 33


بسم الله الرحمن الرحيم 


              الجاسوسية والمخابرات الخارجية  عنوان كبير مهم جداً لنجاح أي دولة تريد البقاء في القمة على رأس الهرم أو من ضمن الأوائل في المقدمة  بين بقية دول العالم، حتى تستطيع المواجهة والصمود والتحدي للغزو  من الغير والدفاع عن مصالحها والحفاظ على الاسرار المهمة لديها من ان تسرق وتستغل وتستعمل ضدها من قبل قوى خفية تسعى طوال الوقت لمعرفتها
الدول العظمى لديها الأجهزة العديدة الأمنية للجاسوسية على الغير الاعداء والأصدقاء ومكافحة الجاسوسية   التي رجالها ونساؤها مدربون تدريبا جيدا على تجميع المعلومات مهما كانت بسيطة لا يعتد بها لدى البسطاء الغافلين، التي تجمع من مصادر عديدة نتيجة الثرثرة والكلام بدون طلب بل بالإستدراج بطرق فنية مخفية ببراءة  لا تظهر للغافل انها بقصد مبيت عن قصد ورغبة للمعرفة ويتم البرمجة والتحاليل  الجيدة لها التي من كثرتها وتعددها وتنوعها تصبح  مثل الصورة الكبيرة المقطعة إلى مائة او الألف قطعة أو الأكثر  المجزأة الكثيرة   مثل  الصورة المقسمة إلى اجزاء صغيرة الحجم (Puzzle) التي تتجمع مع بعضها بطرق فنية وتصبح صورة  كاملة واضحة المعالم
الكثير من الدول المتقدمة لها فروع رئيسية مهمة للجوسسة تحت مسميات كثيرة من الشركات العديدة بأسماء مختلفة ونشاطات عدة وعناوين غير ظاهرة للعيان تحت  غطاء الامن القومي حتى تضمن عدم التسرب  للمعلومات المهمة  إلى الخصوم الذين يحاولون بأي طريقة التغلغل لديهم كما حدث في فترة الحرب الباردة بين الشرق والغرب  بين الروس والحلفاء مما إضطر الروس إلى وضع جميع دولهم الشيوعية ضمن الستار الحديدي وجعلوا من الصعب التغلغل في اوساطهم والحصول على المعلومات المهمة وبكل الإحتياطات والعيون الساهرة تمكن الغرب من زرع العيون لأن بعض النفوس البشرية ضعيفة امام المغريات العديدة
وكذلك الروس تمكنون من الحصول على العديد من الاسرار من الغرب، وحدثت قصص واعمال مهمة في الصراع المستتر بين القوتين العظمتين، بعضها يعتبر من الغرائب والخيال مما جرى فيها من قصص واحداث في بعض الاحيان لا يستطيع العقل استيعابها أو تصديقها
وذلك لغرض وضع الدراسات السليمة والخطط للمواجهة سواءا لها أم عليها… فالعلم بالشئ والحدث قبل ان يحدث مهم جدا للدول الكبيرة في الدراسات والتخطيط حتى لا تفاجئ بوقوع  الحدث وهي لا تدري به مما يضع مسؤوليها في الإحراج غير قادرين على الشرح لابناء الشعب الأسباب التي جعلتهم  ينسون الحسابات الدقيقة في الإتقاء للشر والشرور
كما يشاع في تدمير ابراج التجارة العالمية في مدينة نيويورك من قبل إرهابي منظمة القاعدة  التي كانت زعامتها في دولة أفغانستان والتي حتى الآن الكثيرون من الجماهير بالعالم  غير مصدقين لما حدث وان تنظيم القاعدة وراؤها ؟؟؟ وأن القوى الخفية الحاكمة في امريكا ليس لديها العلم وأنه من تحت رأسها ومتورطة فيه مائة بالمائة
حدثت  فعلا المأساة! وضاعت ارواح الآلاف هباءا منثورا بدون داعي  وذلك لتحقيق أغراض خفية غير معروفة الآن  في وقتنا الحاضر لتحمي مصالح عديدة وتجعل الدول العربية الغنية تضخ مليارات الدولارات في التعبئة والتسليح بحجج مقاومة الارهاب المفتعل الذين خلقوا منه وحشا كاسرا مع الوقت فلت من الطوع واصبح طليقا يعمل كما يشاء
وجعلت  امريكا تحتل بموجبها افغانستان والعراق وكثيرا من الدول والمنظمات على اللائحة للتصفية مستقبلا  بحجج مساندة الارهاب حتى تلهب الشعور القومي بالخطر القادم  وتلفت انظار الجميع  إلى أمور اخرى عن مايدور فى الخفاء حتى لا تبدأ في طرح الأسئلة …  
الجاسوسية ودس العيون (الجواسيس) مهمة جداً وبالأخص وقت الحروب حتى يستطيع القائد الناجح عمل الخطط العسكرية السليمة للمواجهة مع الخصم وهو متأكد من الفوز والنصر لأن لديه المعلومات الاستخبارية الجيدة عن نقاط الضعف لدى الخصم وبالتالي سهل المباغتة والقضاء على أي مقاومة بسهولة ويسر

ذكرتنى بقصة عن الخداع والمباهاة في احد القصص التاريخية التي رسخت بالذهن عندما كنت في سن العشرينات منذ نصف قرن مضى  بين الامبروطور الألماني وإمبراطور فرنسا في القرن التاسع عشر الذي قال وهو يتفاخر على نظيره الألماني بأنه يبعث بمائة طباخ إلى الجبهة لإطعام جنوده بأحسن الطعام حتى يستطيعون المقاومة  والحرب والقتال  حيث اللياقة الصحية  مهمة وضرورة  والنفسية والمعنويات ان تكون عالية  بحيث جيوشه عندما يزحفون للحرب يتقدمهم مائة طباخ لعمل الطعام الجيد لتغذيتهم

وكان رد الامبراطور الألماني مستهزءا مبتسما على نظيره الفرنسي، أنه عندما تزحف جيوشه للحرب  والنزال يبعث قبلهم  بمائة عين (جاسوس)  إلى الخطوط الأمامية داخل مواقع الخصم ليكشفون له مكان تمركز قوات العدو ومخازن  الذخيرة والمؤن وطرق المواصلات الحساسة حتى يهاجمها بغته ويستولى عليها مما العدو يرتبك ويصاب بالرعب والخوف من المفاجأة والصدمة،  ويستسلم
ان الحرب والقتال  والسياسة تعتمد اعتماد كبيرا على المكر  والخداع والمباغتة وإتخاذ القرار المناسب الصارم في الوقت المناسب، وهذه الامور لايصل لها القادة المخططون اذا لم تكن لهم عيون جواسيس ثقات يزودونهم بالمعلومات الاستخبارية الجيدة الصحيحة في أوقاتها المناسبة
أيام الشباب لم تكن لدينا مغريات الحياة من تطور الحواسيب والنت والفيس بوك   والعديد من البرامج التي يذهل الانسان ان يكون ملما وعارفا بها من كثرتها، ولم تكن لدينا العديد من القنوات المرئية حتى تستحوذ على إهتمامنا وأفكارنا، فقد عشنا في مجتمع  طاهر أبرياء الكثير من أشياء اليوم في هذا العصر لا نعرفها ولا حتى نعلم بها لأنها لم تخترع بعد
وبالتالي كانت عقولنا طاهرة نعتمد إعتمادا كبيرا على القراءة  والاطلاع وسماع القصص العديدة من كبار السن اثناء الجلسات الخاصة او السمر بالليل بعد العشاء حيث التسلية الوحيدة  للسهر إلى منتصف الليل  وبالتالى توسعت المدارك نتيجة القراءة والإستيعاب واصبحت أجيالنا السابقة مميزة لها قدرات خاصة في كل شئ
وبالأخص الحفظ والحساب للأرقام في الذاكرة وليس كأجيال اليوم لا يستطيعون ضرب الاعداد البسيطة  في بعض واعطاء النتائج من الذهن، الا ضمن استعمال الآلة الحاسبة …  مما تدل على الشرود في امور اخرى غير قادرين على الاستيعاب، مع ان العلماء يقولون انه لم نستعمل من خلايا العقل الا البسيط والقليل حوالي العشرة بالمئة من قدراتنا العقلية 

أليست بأمر مؤسف ومأساة ان أجيالنا اليوم تتضاءل في الاستيعاب ويقل الذكاء  جيلا بعد آخر مع الوقت،  واعتمادها الكلي على الآلة الحاسبة والحواسيب في البرمجة معتمدين الاعتماد الكبير على تيار الكهرباء والبطاريات للشحن وفي حالة الغياب لأي ظرف طارئ تتعطل جميع الأشياء عن العمل كما يجب
الآن تغيرت الصور عن الماضي… العالم الآن محكوم  بالدول التي لها الأقمار الصناعية  حيث تعرف الكثير مما يدور على سطح الارض وتبثها اولا بأول مما قادتها يستطيع التحليل وتقديم المعلومات الصحيحة اولا بأول لقياداتهم للتخطيط والبرمجة… أصبحت عيونا بالسماء تسجل وتصور صورا في كل واردة وشاردة تدور على الارض من الخصوم الأعداء المحتملين
أصبحت  جواسيس القرن والعصر الحالي ونحن العرب مازلنا في الغي سائرون نتشدق بالعلم والمعرفة والكثيرون من الفطاحل الأساتذة العلماء  يعيشون في الخارج  يعملون لدى بقية الامم المتقدمة في العلوم والبحث عن الافضل، تاركين أوطانهم لأنهم لم يلاقوا لا الاحترام  ولا التقدير ولا الدخل الجيد حتى يبدعوا…

أوطاننا بحاجة الى ثورات عديدة اخرى على الظالمين المرتشين الذين لقاء السلطة والمراكز والحصول على الجاه والمال  باعوا انفسهم للشيطان الرجيم، نسوا وتناسوا ان الحياة مهما طالت قصيرة ولهم يوم سوف يحاسبون عن كل ذرة جرم اجرموها تجاه شعوبهم المسكينة التي حكموها بالحديد والنار وكل من يرفض ويتمرد يدخل السجن ويصبح في خبر كان!
الصمت والعمل في هدوء ضمن التخطيط السليم احد أسباب النجاح والفوز الأكيد والاعتماد الكلي على مصادر الاخبار الموثوق بها الجيدة حتى لا يختل الامر ويرتبك المخطط في وضع الدراسة الجيدة ويضيع القائد في إدارة المعركة لانه غير واقف على ارض سليمة صلبة نظير الاخطاء العديدة في التبليغ عن معلومات بعضها خداع من الطرف الآخر
ليبيا وطننا مخترقة من كثير من الدول بالجواسيس بدون حساب يعرفون عن ليبيا كل كبيرة وصغيرة  أكثر منا نحن الليبيين اصحاب الوطن، والسبب الرئيسي وراء هذه المتابعات النفط والغاز والغنى الفاحش والموقع الجيد الاستراتيجي وقلة عدد السكان وضعف الحكومة والصراع بين القوى الخفية المحلية للوصول إلى القمة وحكم الوطن مما كل فئة تعمل لصالح دولة  أجنبية حتى تضمن المساندة والدعم، أليست بأمر مؤسف ومأساة ؟؟
جميع هؤلاء الجواسيس ابتداءا من السماء عن طريق الأقمار الصناعية  التي تدور طوال الوقت تسجل  ما يحدث اولا بأول، وعلى الارض الأجانب والعرب كل طرف حسب المستوى من الذكاء والدعم تحت أغطية كثيرة من يد عاملة فنية ومستشارين واصحاب شركات وتجار ورجال اعمال مما يصعب على الليبيين مهما أوتوا من علم ومعرفة المتابعة والقبض على المتهمين لأن الولاء ضاع نظير ضعف النفوس امام المال والجاه  والبعض نتيجة الكيد والعناد والحسد

لكل مشكلة مهما كانت عويصة حل وحلول… ونحن الليبيون نستطيع التغلب على الكثير من المشاكل وتقليص التجسس إلى الحد الادنى لو ركزنا على الأمن وخلق كوادر جيدة من الشباب لديهم جميع الصلاحيات حسب القانون والعدل بالقصاص من اي متهم يضبط بالجرم وعدم التساهل في العقاب حتى يخاف الجميع ويصبح لدينا الهيبة
المطلوب منا هو التركيز على السلام ونبذ الارهاب بجميع الصور والتعاون مع الآخرين بقلوب مفتوحة بلا خداع ضمن خطط ودراسات  حتى نضمن الأمن للوطن من التلاعب به من قبل قوى شاذة خارجية ومحلية والضرب بيد من حديد على كل من يفكر في تجزئة الوطن حتى يصبحوا عبرة للآخرين مستقبلا حيث ليبيا دولة واحدة اليوم وغدا وإلى الأبد !!! والله الموفق.

       رجب المبروك زعطوط 

No comments:

Post a Comment