Sunday, January 15, 2017

خواطر عامة 25

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحيوية

                          سبحانك رب العالمين أن لكل شئ نهاية، مهما وصل له من شباب وحيوية و قوة و غرور وجبروت...  والدول القوية مع الوقت وطول الزمن مهما كانت يحل فيها السوس ينخر من أهلها ومترفيها نظير الفساد والإفساد وتحتضر ببطء وتنتهي وتخرج من المقدمة وتصبح بالمؤخرة ويحل مكانها غيرها والدورة مستمرة إلى ماشاء الله تعالى ... والبعض من الدول الكبرى الآن في عصرنا الحاضر بالمقدمة جددت شبابها إلى الأحسن بالخروج عن التعاليم والنظم السابقة و تغيير المسارات من العقليات المتحجرة القديمة في الحكم ، الذين بدون تطوير والجبروت والغطرسة إلى التحديث ومواكبة التقدم وهذه أحد سنن الحياة ودورة التاريخ التي لا تتوقف إلى أن يشاء الله تعالى وينتهى كل شئ في الوجود.... 

                       ولدينا أمثلة عديدة في القرن الأخير العشرين الذي مضى بخيره وشروره للأبد ضياع ودمار وإحتلال عدة دول قوية منها الإمبراطورية اليابانية ودولة الرايخ ألمانيا الهتلرية الأقوياء نتيجة هزائم شنيعة وخسائر فادحة نظرا  للقوة المفرطة والغرور والتحديات للغير والإساءة للبشرية  ومحاولات الهيمنة على الشعوب بالقوة...  وكانت النتيجة هي  القتلى والجرحى وذوي العاهات بالملايين من مواطنيهم وخلفت الدمار والخراب للشعوب من جيرانها .... وبالحضارة والسمو لدى شعوبها وبالجهد والعمل الجاد في عقود بسيطة تغلبوا على مشاكلهم ومآسيهم ولملموا الجراح وجددها الشباب والحيوية وتخلصوا من مهازل وأخطاء الماضي القاتلة بحب الهيمنة وإستعمار الآخرين وأصبحوا بفضل  الحداثة من ضمن الأوائل في المقدمة، يقودون العالم للأفضل بالصناعات الحديثة والعلم.....

                              أكبر  دولة ضمن  الإتحاد السوفياتي ، روسيا،  دولة ذات حضارة وسمو من أيام عصور القياصرة ومرت بأسوء السنين وأحلكها من المعاناة والمحن نتيجة تغيير الحكم وإعتناق الشيوعية كمبدأ أساسي نتيجة الثورة الدموية على حكم القياصرة في الدولة ووصل شعبها إلى أسوء الحالات من الفقر المدقع نتيجة منع العمل الحر الخاص وأصبح كل شئ عام تملكه الدولة، وتسلط الأجهزة الأمنية (الشرطة و الكي جي بي ) وغيرها من الأجهزة بعنف ووحشية ضد مواطنيهم ...  وتم الحرمان من الكثير من  السلع والمتطلبات للأمور الحياتية والعيش في رفاهية إسوة بالآخرين من بعض شعوب العالم الحر، لعدة عقود...   وكل من يرفض التعليمات والأوامر من الحزب الحاكم ويأبى رافضا الإنصياع،  مهما كان وضعه وشأنه يجد نفسه متهما أسيرا سجينا في المحتشدات وسط مجاهل و صقيع سيبيريا إلى ماشاء الله تعالى من وقت، سنين عديدة قبل الإفراج وإطلاق السراح ،، إذا كتب له العيش والحياة......

                   جددت روسيا شبابها بعد الصراع  الدموي بين الفئات المؤيدة والرافضة للتحديث (البريسترويكا)  وأصبحت كما كانت من قبل في المقدمة من العمالقة الكبار أكثر فهما وقوة بإتخاذها الطرق الديمقراطية في الحكم ...  وتخلصت من الكثير من الأعباء الثقيلة التي كانت على أكتافها وتمتص  دمائها.... وأصبح اسمها روسيا الإتحادية وأعطت الحرية للشعوب التي كانت تحت الهيمنة و تدور ضمن حلقات النظرية الشيوعية بحسناتها ومآسيها ، وتنازلت عن الكثير من العنف والضغوط على مواطنيها والهيمنة على حلفائها وحققت السلام والعدل والعمل الحر الخاص بدل الموجه العام .... كما تم تشجيع  حرية الرأي والتعبير بدون موانع وكل يوم تحقق خطوات وتتقدم إلى  الأمام ....  وتزداد هيبة وشأنا ومكانا في العالم المضطرب، بتحكيم العقل وتحصيل العلم.


                         أمريكا جددت شبابها بالعدل و الحريات وتنفيذ الدستور بعد أن كانت عنصرية ضد السود لقرون عديدة و تمنعهم من المساواة مع البيض بأي ثمن كان...  و ذاق السود الويل والتضحيات والضرب بالسياط والتعذيب في صور عديدة عندما يغضب الأسياد والقهر للإنسان من مواطنه الإنسان لمئات السنين....  لقد تم اقرار المساواة التامة بين المواطنين منذ قانون  1863 و رغم ذلك تواصلت بعض الممارسات العنصرية ... وفي الستينات من القرن العشرين الماضي تغير الأمر والمفاهيم كلية وحلت المساواة بين الأجناس بلا أية فروق بين مواطنيها سواءا في اللون أو العقيدة الدينية... وزاد الأمر غرابة وحيرة للكثيرين إنتخاب الرئيس باراك أوباما الملون من أب أسود وأم بيضاء، وعاش في كنف زوج أمه المسلم من اندونيسيا فترة من الحياة قبل الترشيح في الإنتخابات والفوز بالرئاسة وبقاؤه في قمة السلطة في البيت الأبيض كرئيس لمدة ثمانية سنوات، إلى نهاية عام 2016م عندما إنتهت المدة القانونية حسب الدستور والقانون  ولا يستطيع الترشيح لفترة ثالثة مهما كان الأمر....

                          نجح في الانتخابات الحرة بالاصوات في صناديق الإقتراع الرئيس الجديد رجل الأعمال دونالد ترمب الذي ليس لديه أي تجارب أو خبرات في عالم و دهاليز السياسة الدولية والمحلية كما قال وذكر هو بصراحة على الشعب في الإعلام أنه لا يفهم الكثير فيها، وله آراءا كثيرة بالتحديث وجعل أمريكا أكثر عظمة وقوة بتغيير الكثير من الامور الخاطئة السابقة في مجالات عديدة من وجهة نظره حسب خطبه العديدة أثناء اللقاءات الإنتخابية العديدة والطلب من الجماهير بترشيحه للمنصب...  والشعب الأمريكي الخليط من جميع الأجناس، المصلحة العامة لأمريكا هي الأساس، 
يريد  التطوير والقوة والتنافس والبقاء في الصدارة والمقدمة....  يحتاج إلى رؤساء ذوي شجاعة في بعض الامور بالموافقة والامر بالتنفيذ...  ونجح في الإنتخابات على حساب منافسته السيدة هيلاري كلينتون وفاز في الانتخابات وأصبح الرئيس الجديد رقم 45 يحل في البيت الأبيض لعام 2017 م و من الممكن أن يفوز بولاية ثانية اذامارس الحكم في المنصب بعقلانية وبقي بطبيعة الحال على قيد الحياة...

                        دول عديدة بالعالم لا أستطيع ذكرها جميعها في القرن العشرين حققت  قفزات كبيرة للأمام وتمكنت من التحديث والتطوير للأحسن وتغيرت وتقدمت ومنها على سبيل المثال فى الدول العربية المغرب الفقيرة بالمال والغنية بالرجال والعقول ودولة الإمارات والكويت بالخليج ذات الثروات الكبيرة وقلة الشعب في أمور كثيرة بعقليات مختلفة للأفضل والأحسن لشعوبها، وسلطنة عمان بالنظام والإدارة الجيدة وجعلتهما في المقدمة في بعض الأمور بعيدة عن المتاهات والتراهات بالعمل والعلم وإتخاذ طريق السلام والأمن والأمان وتطورت وخرجت من التأخر وحلقات العالم الثالث وكل يوم تتقدم للأفضل ...

                    ونحن في ليبيا كالكثير من الدول العربية لم نتعظ ونتعلم الدروس التي حدثت أمامنا وعشناها على الواقع والطبيعة في السنوات الأخيرة وبدايات القرن الواحد والعشرين وأخذنا منها العبر حتى ننهض ونتقدم بدلا من التناحر والفتن والصراع التي أدى بنا إلى موارد الهلاك والتردي للخلف في حروب أهلية بين الاخوة نتيجة الجهل والطمع...  وللأسف ندعي  الفهم والمعرفة ونحن أجهل البشر بمصالحنا مع ان لدينا جميع المؤهلات والإمكانيات لنصبح فى المقدمة مع الأوائل ....  والكثيرين منا وصلوا في العلم للقمم ولم تتاح لهم الفرص للتجديد والتطور لأن العقلية المتحجرة هي السائدة في مجتمعاتنا نظير الجهل من أشباه الرجال للوصول والبقاء في مراكز الحكم والسلطة بدون دساتير ولا قوانين و لا عدل ولا تنحي بالسلم للغير وتقاعد حتى الموت ،، وهي مراكز وهمية لا تبقى ولا تستمر مهما طالت المدد مصيرها الزوال والنهاية وخلفوا الأسوء إرثا لعينا للأجيال القادمة، التي تحتاج إلى وقت طويل حتى تعرف مصلحتها و تتحضر وتسمو للأعلى....

                   إنه يحزنني ويخزيني كمواطن عربى غير قادر على رفع الرأس وإثبات الوجود أن نكون في هذا الحال المؤسف و  المتردي  و السقوط في هاويات الشر لأن النوايا خبيثة والقلوب غير صافية ،  نتشدق بالكثير ونعمل بالقليل كما قالت مستشارة المانيا في إحدى الخطب ... الشعوب في آسيا بمئات الملايين من الشرائح والطوائف المختلفة عقائديا تؤلف حوالي نصف العالم من البشر يعبدون مئات الأرباب والآلهة من جميع الأصناف البشر وحيوانات وجماد ليست لها أي روح للهداية والإيمان ويعيشون معا في سلام وتواصل و أمن و أمان بدون صراع الأديان....

                 العرب أمة واحدة معظمهم مسلمون يؤمنون بالله تعالى الواحد الأحد وان خاتم الرسل والأنبياء سيدنا محمدا صلى الله عليه و سلم ... يعيشون في فتن وتناحر وكل فئة وشريحة تدعي أنها الأحسن وعلى صواب في  صراعات دموية معظمها إرهاب وسفك دماء للبشر، والعجيب والغريب في الحال المؤسف المحير من وجهة نظرها، القاتل والمقتول يقول ويردد الله أكبر وقت التنفيذ والموت ... والعلم الصحيح هل نحن على خطأ مجانين أم على صواب؟  والعلم اليقين عند الله تعالى فحكمنا مهما كان بالظاهر !!!

                    أليس الأمر بغريب مؤسف حال الأمة والوطن العربي يحتاج إلى بحث طويل ومعرفة الأسباب و الأخطاء  والقضاء عليها في أسرع وقت بدلا من الضحك والإستهزاء من الشعوب الراقية بالعلم والحضارة والسمو علينا أننا جهلة غير قادرين على حكم إنفسنا بأنفسنا بالعدل وتحقيق الأمن والأمان لشعوبنا ونحن لدينا حكم وقوانين التشريع الأساسية للحكم الصحيح والفوز دنيا وآخرة باتباع التعاليم الإلاهية الواردة في القرآن الكريم الذي من  المفروض أن نتخذ منه الكثير من النصوص التي تتماشى مع العالم وزمننا الحاضر وندعي العلم والفهم وهو مغيب على الساحة لا نعمل بتعاليمه حتى نفوز وننجح في المسيرة ونحن نعيش في عصر العولمة، سرعة الإتصالات والمواصلات ولدينا جميع المؤهلات والإمكانيات ...  لو إستغلت الإستغلال الجيد لسعادة شعوبنا سوف تنعم بالأمن والأمان ونحقق السلام مع الجميع مهما كانت التضحيات ومازلنا نحلم بالأمجاد الماضية في العصور السابقة متأخرين عن مواكبة الركب الحاضر إلى الأمام  بإتخاذ الديمقراطية منهاجا وطريقا، أليس الأمر بمأساة وأمر محير ومؤسف؟  والله الموفق...

رجب المبروك زعطوط

No comments:

Post a Comment