Monday, December 26, 2016

خواطر 22

بسم الله الرحمن الرحيم

 دورة الحياة
 ( 2 )

               سبحانك رب العالمين،  عجلة الحياة تدور بدون توقف ...  الوليد الجديد الذي خلق من نطفة في بطن أمه ودبت به روح الحياة وظهر للعالم وشاهد  النور في الدنيا ووهبه الخالق الله تعالى طول العمر...  ومع مرور الوقت يتقدم في العمر ويمر بمراحل الطفولة و المراهقة والشباب والكهولة و الشيخوخة  ثم العجز...   وآخر المطاف الممات والوفاة حيث لاشئ يستمر في الوجود من جميع المخلوقات غير الله تعالى الحي الموجود على مدى الدهور خالق كل شيئ....

                 و دارس تاريخ الأمة العربية  يستغرب كيف كانت بالسابق من الأوائل لها حضارة وسمو ومركز في القمة وجار عليها الزمان حسب دورة وسنن الحياة وإضمحلت وتراجعت وأصبحت بالمؤخرة مع غيرها من دول العالم الثالث منذ عصور الإنحلال والتفسخ بعد الخلفاء الراشدين والصراع على الحكم والسلطة... وطمع الإستعماريين الذي بدأ بالحروب الصليبية من الدول الغربية في الغزو والإحتلال للأوطان العربية ونشر الكثير من الأمور والعادات الغريبة الأجنبية في الأوساط ، التي لا تتماشى مع تعاليم ديننا وتقاليدنا الإسلامية... والبعض من المنافقين ضاع في المتاهات وأصبح بين البينين لا هو عربي مسلم قح مثل إخوته الآخرين ولا يهوديا ولا نصرانيا كاملا فى العقيدة من أهل الكتاب، ملحدا لا يعبد الرب تعالى متجاهلا وجوده ، ضالا روحيا مثل عابدي الأصنام والبقر عن قناعة وإيمان بدون مراجعة النفس ونحن نعيش في عصر العولمة والتقدم وأصبح الضال الملحد لا من هؤلاء ولا من هؤلاء،  تائه الروح والعقيدة كافرا وضاع دنيا وآخرة...

                          عصر الثورات في الأمة العربية، بدأت من بلاد الشام (سوريا)، ثم حدثت اللعنة  التي بدأت من بني أمية بتمردهم على آخر الخلفاء الراشدين سيدنا الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و شرخت الخلافة الإسلامية نتيجة الطمع في الحكم والسلطة.... ومازلنا نقدم المآسي والضحايا منذ تلك الأيام إلى الآن من التمرد والثورات المبرمجة وكأنها مسرحيات لشغل الرأي العام ولفت الأنظار مثل ثورة ومسرحية  الرئيس حسني الزعيم، الذي لم يستمر طويلا في الحكم وكان من أحد الرواد في الثورات العربية الحديثة مع غيره من الكثيرين من الزعماء والقيادات الجنود المجهولين الذين طوتهم الارض في بطنها والتاريخ في سجلاته وضاعت الشعوب في خضم الثورات العديدة نتيجة الحماس والإندفاع....

                 الإستعمار الأوروبي خرج من الباب نتيجة ثورات الشعوب العربية الرافضة لوجوده على أراضيها ودخل متسللا من النافذة بمخططات جديدة إقتصادية للهيمنة وخنق الأنفاس .... وأصبحنا بدون إرادة أتباعا إلى الآن بعلمنا ونحن ندعي الإستقلال وآخرها ثورات الربيع العربي في عدة دول عربية و التي خلفت المآسي والدمار ونعاني الويلات والمحن في بعضها إلى الآن ، في غياب الوطنيين الأحرار الذين أصبحوا في المؤخرة و الظلال ولم تتاح لهم الفرص في الحكم السليم...    وصلوا لأعلى المناصب فجأة نتيجة الحظ ولم يستطيعوا التمسك بالسلطة والقيام بالمرحلة المطلوبة على وجه سليم لأنهم ضعفاء الشخصيات غير دمويين ليست لهم الخبرة والتجربة في الحكم وقيادة الشعوب بحكمة والمواجهة وبالأخص مع ثوار  مسلحين ذوي فكر متشدد ....

                 وإستغل الامر ذوي الطمع أشباه الرجال بحجج كثيرة وقفزوا على سفينة الحكم في الغفلة وأصبحوا الربابنة وقادوها بالخبث وقوة السلاح (المليشيات) بدون الديمقراطية ولا دستور و لا قوانين عادلة تحفظ حق الجميع...   ومهما طال الوقت لن يكون هناك إستمرار ولن تصل إلى ميناء الأمان طالما هؤلاء يمسكون بدفة القيادة !!! 

                   ذكرني هذا بأحد الأمثال الصينية الذي قاله أحد الحكماء وردده ناصحا الرفاق الوطنيين وقتها بأن يأخذوا الحذر ويكونوا فاهمين اللعبة السياسية وكيف تدار بمهارة وقذارة، قائلا مرددا (يخطط للثورات الحكماء وتقوم وتفوز وتنجح بفضل تضحيات الرجال الأحرار الشرفاء ذوي العزم والجرأة والفداء الشهداء ويستولي عليها الجبناء المنافقين أشباه الرجال الذين في آخر الطوابير قابعين في الظلال يتربصون مثل الوحوش للإنقضاض على الفرائس في الغفلة) ...  وهذا المثل حدث لنا ومازال يحدث في الأمة العربية ودول العالم الثالث في غياب الحكم بالديمقراطية والدساتير وسلطة القانون ، إلى الآن!

                   البعض من الزعماء والملوك والحكام لديهم الضمير الحي وحب الوطن ولكن تاهوا عن الطريق  السوي نتيجة القهر والظلم للشعوب وعدم الحكم بالعدل ووجود الأعوان السيئين في التنفيذ الذين إستغلوا السلطات والصلاحيات الممنوحة لهم لخدمة أغراضهم الخاصة بالقمع لمن يرفع رأسه طالبا العدل و المساواة،  قصد إرضاء الحاكم وإشعاره أنهم عيون ساهرة على بقاء نظامه ، مما رجعت الدائرة على رؤوس الجميع الحاكم والمحكوم بالمحن والثورات....

                      وللأسف الشعوب العربية دائما مندفعة بدون روية وتحكيم العقل، تصدر أحكامها دائماً في عجلة وتتمرد على أولاة أمرها نتيجة القشور بدون التعمق في الواقع ، وعمل الصحيح الطاهر حتى تنهض وتتقدم...  لأن الملك والرئيس والحاكم كثيرا من الامور لا يعرفها ولا يعلم بها حتى يبت الأمر فيها ويعدل ، مغيبة عنه من أعوان السوء كما ذكرت مما يتحمل مسئولياتها وتبعاتها لأنه في المقدمة في أول الصف والعنوان....

                    سوريا من احد الدول العربية التي تتكون من خليط من الأجناس والعبادات ذات الوطنية السباقة في الوحدة في العصر الحديث (الجمهورية العربية المتحدة) التي لم تدم فترة طويلة نتيجة الأهواء وتدخل الأيادي السوداء وتم الإنفصال بقيادة أول رئيس وزراء السيد مأمون الكزبري رحمه الله تعالى ...

                 والان رجعت دورة الحياة، دورتها عليها بالمحن والمعاناة من خلال تمرد وثورة على حكم الرئيس بشار الآسد ، التي أكلت وإلتهمت اليابس والأخضر منذ حوالي ستة سنوات ولم يتوقف الصراع إلى الآن بين طوائف السنة والشيعة العديدة التي ظهرت للوجود ويغذيها الشرق والغرب نظير اللعنة الإلاهية و المصالح المتضاربة منذ البدايات و التي تحتاج إلى تهدئة النفوس والمصالحة الوطنية لأطراف النزاع والجلوس على مائدة المفاوضات للحوار للوصول إلى السلم والأمن والأمان بدلا من لغة السلاح والقتل والدمار وضياع الوطن...

                  والحلول في عصرنا الحاضر ليس النجاح والفوز في الحرب ولا الإرهاب هو الفيصل النهائي سواءا نصرا أم هزيمة وإنما قهر النفس اللوامة الأمارة بالسوء والتضحيات للوصول إلى تفاهم بقلوب طاهرة والتعاون معا ضمن قوانين تضمن السلام والأمن والأمان لجميع الأطراف كما يحدث الآن في أمريكا وطن اللبن والعسل والفرص ، شعبها خليط من جميع الأجناس والعقائد والمذاهب والديانات التي ذابت و انصهرت مع بعضها بمرور الزمن وأنتجت دولة كبرى لها الريادة والقيادة بالعالم نتيجة الدستور الجيد من الآباء الرواد الأوائل الذين حكموا العقل للمصلحة العامة بدون غرور ، ومد اليد اليمين بالسلام لمن أراد السلام وفي حالة العجز ، الضرب بقوة باليد الأخرى من حديد ، مما حافظت على التوازنات الدولية وأصبحت سيدة العالم ، تأمر وتنهى كما ترغب وتريد !!!

                الإرهاب العالمي عصر جديد آخر تم خلقه من قوى الظلام الخفية لتنفيذ أغراض خاصة والوصول إلى أهداف معينة و آفة كبرى خلقت من الخصوم والأعداء للأمم لجعل الأمة العربية الإسلامية تعيش وتعاني المرارة والمحن ولا تنتبه للإصلاح طالما النفوس خبيثة غير طاهرة لم تفتح قلوبها بعد للسلام مع الخصوم والأعداء ، والأمة العربية لن تستطيع النهوض والتقدم طالما أحد قضاياها القومية المهمة مازالت عالقة ولم تسوى بحلول ترضي جميع الأطراف المتخاصمة وعلى رأسها قضية فلسطين بين العرب واليهود التي لا تزال قائمة حية وفي صراع دموي لا ينتهي بسهولة ، و يحتاج إلى عقول و تضحيات و تنازلات و وقت طويل ...  وهم أبناء عم من جد واحد سيدنا إبراهيم خليل الله تعالى، ورسولهم سيدنا موسى كليم الله عليه السلام ...  يحتاج  الطرفان إلى وقف الحرب والدسائس والإرهاب نهائيا حتى ترتاح وتهدأ النفوس...   و الحوار الهادف لمصلحة الجميع والسلام والعيش في دولة واحدة بدون أسوار فمن حق الجميع العرب واليهود العيش في امن وأمان بدون خوف ورعب من الإرهاب المجهول القادم  الخوارج المرتدين ....  والله الموفق...

رجب المبروك زعطوط

No comments:

Post a Comment