بسم الله الرحمن الرحيم
الدستور
آليت على النفس في المدة الأخيرة و أنا حزين أن أتوقف عن متابعة الأحداث السياسية المؤسفة في وطننا ليبيا حتى لا يزداد على الهم والغم ومرض فريد آخر لم يكن محسوبا بالسابق ضمن قاموس الأمراض إسمه (الحنين ) الغياب والغربة عن الوطن مع الأمراض الحالية التي أعاني منها نظير الصدمة بالنفس بأن نصل إلى هذا الحال الغير متوقع ولا توجد له أية حسابات بالسابق أن وطننا الطاهر ذو المليون القارئ والحافظ للقرآن الكريم، أن يتردى في خلال فترة بسيطة من الوقت بعد التمرد والثورة على الطاغية في 17 فبراير عام 2011م والنصر الكبير عليه بعد ثمانية أشهر من الكر والفر والتضحية بالآلاف من القتلى الشهداء والجرحى والمعاقين ودمار بنية الوطن والتصميم على الفوز والنجاح حتى تم إسره في المعركة الأخيرة بالصدفة على مشارف مدينة سرت يريد الهروب إلى الجنوب الصحراء ملك ملوك أفريقيا ومئات الألقاب التي أطلقت عليه نظير النفاق وهو يستجدي في الثوار صغار السن في عمر أولاده في الشفقة والرحمة، مدعيا أنه كبيرا بالسن مثل أبائهم ونسى وتناسى أعماله الوحشية مع الأحرار الوطنين سيئ الحظ الذين وقعوا في قبضته وهم أبرياء من التهم الملفقة لتخويف الشعب من القيام بأي تمرد ضده والفساد والإفساد الذي حققه في الوطن على مدى 42 عاما ونيف من حكم القهر والجبروت، وتم قتله بسرعة في ساعة الفرحة الكبيرة الغير متوقعة، والحمد لله تعالى على النصر والخلاص منه للأبد ...
وللأسف الشديد والحزن العميق، الآمال والطموحات للتقدم تلاشت هباءا منثورا، وبدل الفرحة والعمل الجاد للنهوض لأعلى بعد الكبوة الجماهيرية الغوغائية سقط الوطن فريسة في مخاضة التناحر والصراع من أبنائه والغير الطامعين على المراكز والسلطات والنهب للخيرات بدون وجه حق كان.... ومازال إلى الآن بعد مرور حوالي خمسة سنوات لم يتم الإستقرار والأمن والأمان بل العيش في الهرج والمرج والقتل والدم والخطف وغلاء الأسعار، بدون توقف !!!! والشعب صابرا يعاني في المصائب والمحن والقطط السمان تعيش بالخارج في أرغد العيش بأموال الحرام ...
العقول الواعية غابت والرجال الوطنيين الأحرار ذوي الدم الحار بالقبور أشلاء و الأحياء مهمشين من المشاركة في الساحة العملية بما يجري من أمور شائنة على جميع المستويات وتقديم الحلول للخروج من الأزمات، لأنهم غير راضين بالإنغماس في الفساد وإلإفساد، والعمالة للغير من الحكومات العربية والأجنبية لقاء حب الذات والمصالح الشخصية أو الجهوية ، مما أصبحت فارغة للصعاليك ونفايات الزمن أدعياء الثورية والزعامات الجديدة التي مع طول الوقت سوف تؤدي بالوطن والجميع إلى الهلاك...
مع أنه لدى التجربة الكبيرة فى مجريات السياسة حيث قضيت نصف العمر حوالي ثلاثة عقود ونيف في خضمها من أيام المعارضة فى بدايات الثمانينات من القرن العشرين الماضي حتى تقاعدت منذ فترة بسيطة، متابعا كل كبيرة وصغيرة تحدث حسب العلم مضحيا بكل الوقت والمال الذي جنيته بالعرق الحلال سنين الشباب وراء مبادئ صادقة طاهرة غير شخصية ولا جهوية بأن يتقدم الوطن للأمام ، ونعيش سعداءا فيه، آملا ان تتغير النفوس للأحسن من المعاناة والتعب والهرج والمرج والدم والفساد والإفساد الذي نحن نمر فيه حتى الآن... في وقت صعب وأخطر مرحلة من مراحل وضعنا السياسي المؤسف، حيث نمر بأزمات مفتعلة الواحدة وراء الاخرى، وأقدام جنود الأجانب داسته بحجج المساندة و العون، وأولاة أمورنا يجرون وراء سراب للإصلاح بكثرة الإجتماعات والعهود والمواثيق والتي جميعها حبرا على ورق هباءا منثورا لم تثمر بل زادت في الشقاق والتباغض بين الأخوة الأشقاء بدون فهم للعبة الدولية ومايحاك لنا من مؤمرات ودسائس، وهم يعيشون في أرغد العيش بالمرتبات والمزايا الباهظة العالية وقبض العمولات، بدون وجه حق والشعب البرئ يدفع ويقدم الثمن الغالي من الخوف على الحياة والمعاناة اليومية من نقص الكثير من أبسط الأشياء الضرورية الحياتية بدون حساب .
والحل المصالحة الوطنية بطهارة ووضع الأساس السليم الدستور القوي المتين والنقاط على الحروف، في أسرع وقت، أو الرجوع لدستور عهد المملكة السابق مع التعديل لبعض البنود حتى يتلاءم مع ظروف العصر الحاضر و المستقبل ضمن قانون عادل صارم على الجميع بما يرضي الله تعالى، وبرؤيا مستقبلية بعيدة المدى ونمضي فيها ضمن دراسات مستفيضة ونتعلم من أخطائنا وأخطاء الغير حتى نفوز وننجح ولا نكرر الأخطاء حتى لا يضيع علينا الوقت الثمين في مجادلات وتراهات بيزنطية ضررها أكثر من نفعها ويتم التباغض والشقاق بين الأخوة وتغلظ القلوب على بعضها وتزداد الشماتة من الغير الخصوم والحاسدين كما يحدث الآن، بدون الوصول إلى أغوار الحقيقة المرة، الإعترأف بالخطأ الجسيم في التناحر والصراع الكبير يحتاجون لتحكيم الضمير بالسلام والأمن والأمان، والمصالحة الوطنية حتى ترتاح النفوس الغاضبة الطامعة وتستمر في الولاء والعطاء بالرغبة عن حب وقناعة وليس فرضا وإكراه.
مما نتيجة الضغوط وحب الوصول إلى أعلى المراكز من البعض الغير مؤهلين وليست لهم التجربة في الحكم السليم وقيادة الوطن بالحق والعدل، وعدم الفهم الصادق للعبة السياسية مما يتخبطون في الأمور الصعبة والمواضيع الهامة و لا يستطيعون الجزم بقوة نظير ضعف الشخصية، وأي أمر كان يصدر ويحدث لا أساسات جيدة له لا يرسخ ومع الوقت زائلا حيث لا جذور قوية تستطيع مقاومة العواصف والرياح من الأزمات المفتعلة للهدم من أدعياء زعامات فاشلة تنشر الضرر في قوالب حسنة جميلة للجميع و حجج في الظاهر مقبولة وناجحة إعلاميا في أذهان العوام وبث الشائعات القاتلة المحبوكة بفن ودهاء وذكاء من أساطين وأساتذة الشر مثل وضع السم الزعاف في العسل الشهي ليتناوله الغافلين بدون شكوك، والواقع الموت والهلاك السريع، والذي تكتب له الحياة يعيش ضمن المعاناة من الأمراض المستعصية وتضييع الوقت والجهد و المال في العلاج ، والضرر المستقبلي كبيرا على الأمة.
السياسة ساحاتها واسعة مثل السراب في الصحراء القائظة في عز الصيف أثناء منتصف النهار والشمس ساطعة بقوة حارقة وليس لها حدود تتوقف فيها وتعتمد أعتمادا كليا على الأفراد المميزين ذوي الضمير و العفاف الصالحين الحكماء العقلاء ذوي التجارب في إدارة الأمور وقت المحن والتحديات والمعاناة وقيادة السفينة الوطن بتأني عبر العواصف والبحر الهائج المتلاطم الأمواج حتى تصل لمرفأ الأمن والأمان بسلام.
والطامة والمصيبة الكبرى إذا كان ولي الأمر جاهلا بالإدارة والقيادة السليمة بفن ومهارة، وغير قادرا على المنصب ولا مؤهلا له، كما يحدث الآن وصل للقمة بضربة حظ عن طريق إستغلال المؤسسة العسكرية أو المليشيات المرتزقة وعن طريق الدسائس والمؤامرات وتهييج الشعوب المظلومة للتمرد والثورات على أوضاعها السيئة من حكامها كما حدث في جميع الدول المتأخرة في العالم الثالث الذي لم يتحضر ويسمو ويتقدم بعد ... ومازال في الظلام يسير ويعيش، إلى ماشاء الله تعالى ... من وقت حتى ينهض ويتقدم فلا شيئا مستمرا دائماً ، له فناء ونهاية وموت .
كان الله تعالى في عون المحكومين أبناء الشعب الغافلين حيث لا إستقرار ولا نجاحا يستمر في هذه الإوضاع الصعبة والنهوض والتقدم بالوطن، بل العيش الصعب المتأرجح نظير الطفرة والفرحة بالتغيير للنظام السابق بالقوة وعندما تم نجاح الثورة وعم النصر بدأت تظهر العيوب العديدة، حيث الأمر حدث بسرعة نظير الضغوط من الفساد والإفساد الساري في الأوساط بدون توقف ومن غير الفهم بالأبعاد الكثيرة التي تترتب بعدها من التغيير الصعب بدون تأني وخطوات مدروسة علمية عملية لتلافي الصعاب والأمور والدسائس التي تحاك من الخصوم والأعداء ....
والسؤال الكبير... لم نسأل أنفسنا من أعماق الضمير، ماذا إستفدنا من التمرد والثورة وحققنا من مكاسب غير أن قلبنا صفحة الجماهيرية السوداء و مآسيها الكثيرة وبالأخص الإرهاب المحلي والعالمي ، في سجل التاريخ الذي لا يتوقف ولا ينسى عبر الزمن حتى يشاء الله تعالى من وقت، وفتحنا صفحة أخرى من المعاناة والمحن والدم لا يعلم أي أحد متى تنتهى الأزمة ويتم الاستقرار والعدل والأمن والأمان للمواطن البريئ غير الله عز وجل.
الظلم ظلمات في جميع شرائع و قوانين السماء والأرض مآسيه وضرره على المدى القريب والبعيد، الدمار بدون حدود وكلما يمر الوقت على المواطنين المساكين يزداد الحاكم المستبد الطاغية غرورا ويتمادى في الجبروت من صحبة السوء المنافقين الذين يلتفون عليه مثل السوار على المعصم بإحكام للحصول على الحظوة ويزينون له الامور أنه مميزا وكل أمر مهما كان خاطئا صحيح، وبالأخص عندما يستسلم الشعب خوفا ورعبا من أعمالهم الوحشية... الإتهامات والسجن والتعذيب القاسي من الأعوان رجال الأمن قساة القلوب لإثبات وجودهم الشرير في أعين الحاكم أن السجناء مجرمين مما يستكين ولا يستطيع التخلي عنهم تحت أي ظرف كان بسهولة مهما وصلته من شكايات وتقارير ضدهم، حيث هم حماة النظام ورجاله المنافقين، ولا يستطيع التغيير والإعتراف بالحق نظير الغرور والجبروت ولا تهتز صورته في الأذهان للجماهير والخصوم ويضيع في خضم الدسائس والمؤامرات العالمية والمحلية التي ترغب في التخلص منه والوصول للقمة مكانه....
بدون تهدئة الخواطر وإستباب الأمن والأمان، والحكم بالعدل والقانون، والعقاب القاسي لكل من يتمادى في الشر مهما كان كبير الشأن أم صغير وبالأخص المسؤولين في الدولة بدون وجه حق للبقاء في المناصب على حساب آلام وأنين سيئ الحظ من المواطنين، لإشعار وإثبات الوجود للحاكم، أنهم واعين وراعين بعيون يقظة ساهرة علي عدم المساس بأمن الدولة والحكم من أي تمرد أو ثورة قد تحدث فجأة وفى غفلة ، لا يحدث الإستقرار ولا التقدم والنهضة حيث لعبة دائرة منذ الأزل و إلى نهاية الأجل عدم الثقة بين الحاكم والمحكومين وبالأخص في عدم وجود الدستور الصحيح السليم الذي يحافظ على جميع الأطراف من أي ظلم كان قد يحدث حيث الحريات والرأي والأفكار الشخصية حق من الحقوق الأساسية لأي مواطن ليس لها حدود من التعبير بها وعنها بالحق ضمن حدود القانون والعدل ....
إنها لعبة تدار بدهاء من قوى خفية عالمية ومحلية ينشرون في الفساد والإفساد وعدم الثبات والاستقرار لدول العرب لأنهم يعرفون عن قناعة انهم ماردا جبارا لو إستيقظ من السبات والنوم وقام من الفراش ووقف على رجليه صحيحا معافيا يستطيع عمل الكثير من التحديات ضد مصالحهم ، والخير الجزيل الكبير الذي سوف يعم على شعوبهم والجميع من البشر، والتاريخ شاهدا على الأعمال العظيمة التي حققها الأجداد الأوائل بلا حدود ولا عدد وتم نشر الدين والإيمان بالوحدانية لله تعالى في مجاهل أفريقيا والشرق الأقصى، والعلم والنور والضياء في أوروبا أيام القرون الوسطى الظلام والجهل والعيش في الخرافات....
إننا الآن نمر في عنق الزجاجة بصعوبة يخيل للخصوم والأعداء أننا غير قادرين على الخروج والنجاة، نلفظ الأنفاس الأخيرة طالبين الحياة والعيش كرام من خلال الضغوط والأمور الكثيرة المفتعلة منهم يدعون الصداقة والتعاون المثمر والواقع المرير هم من كانوا السبب في حكمنا وتقسيمنا وتجزئتنا إلى دويلات قزمية ، وإن لم ننتبه للخطر الكبير القادم مع المستقبل القريب، سوف نضيع في المحن ووطننا سوف يتجزء إلى عدة دويلات قزمية لاتنجز ولا تنجح، وأقرب مثال في عصرنا الحاضر تجزئة دولة السودان إلى دولتان شمال وجنوب.
ناسين ومتناسين أن دورة التاريخ تدور ويوما من الأيام تزال الغشاوة عن العيون ويتوقف الظلم وينتشر العدل ويعم النور والضياء بالعلوم ويتم التقارب والاتحاد والوحدة مع الإخوة الأشقاء في المصير في الوطن العربي الكبير ضمن الدستور السليم والقوانين العادلة وحب التعايش بسلام وأمن وأمان مع الغير البشر بالعالم الفسيح مهما كانت توجد من فروقات ومعتقدات دينية وتوجهات سياسية ... حيث جميعنا أبناء سيدنا آدم وأمنا حواء مؤمنين عبيد الله تعالى... والله الموفق....
رجب المبروك زعطوط
No comments:
Post a Comment