بسم الله الرحمن الرحيم
لعنة الملك إدريس
(1)
عندما اراجع النفس عما يخطر على البال عن وضعنا البائس في ليبيا الذي نمر به الآن في وقتنا الحاضر بعد مرور حوالي خمسة سنوات على التمرد والثورة يوم 2011/2/17م ، وهلاك الطاغية والخلاص والنصر الكبير يوم 2011/10/20م الغير محسوب ولا متوقع، سقوط وهزيمة ثورة الفاتح الهشة بهذه السرعة من حكم الظلم والقهر للشعب على مدى أربعة عقود ونيف من السنين، من التطبيل و التدجيل والتمثيل و الإرهاب خلال تمرد عام نتيجة الضغوط المستمرة حتى بلغ السيل الزبى... وقامت ثورة دموية إستمرت أهوالها ومآسيها ثمانية أشهر من النضال والكفاح و تقديم الأرواح والدم والجرحى والمعاقين ودمار وخراب المدن على مذبح حرية الوطن ، كل طرف يريد تحقيق النصر مهما كانت التضحيات من الشهداء من جانب الحق المبين ( رحمهم الله تعالى )، والقتلى الأشرار الجهلة المرتزقة المؤيدين للحكم الجماهيري الفاشل نظير الإسترزاق والجاه وخراب ودمار الوطن من زعيمهم وقائدهم المجنون في سبيل البقاء في الحكم والسلطة حتى النهاية، بدون تراجع ولا تقاعد إلا بالموت...
الطاغية كان جبارا يتلون مثل الحرباء التي تغير لون جلدها حسب الحاجة والوضع ، للإستمرار والبقاء في الحكم ... كما كان يتمتع بذكاء شيطاني و يتلذذ بالإيذاء والإستهزاء والحقد والحسد وبالأخص لأبناء الشعب الأبرياء حتى إزداد خبرة وتجربة من خلال السنين التي قضاها في المنصب والحكم المطلق كما يشاء ويرغب حسب أهوائه وتصوراته المريضة ، التي مرت من أعمارنا ونحن نشاهد التمثيل ونسمع طوال الوقت في التطبيل والتدجيل بالمسيرات المستمرة طوال الوقت التي تهتف تمجيدا له أنه القائد الأوحد والصقر والمعلم وآخرها ملك ملوك أفريقيا وعشرات الكنايات والأسماء التي تهلل بإسمه مما أصابه الغرور ، وأصبح متحكما في جميع أمور الوطن وبالأخص الأمنية، بيد من حديد ، وكل همسة عابرة حتى لو كانت من فراغ بدون أساس سليم لها على أمور تافهة، تصل إلى علمه ويسمع بها من الوشاة المنافقين و لا تمر مرور الكرام و ينساها بدون إستغلالها و توجه الإتهام للبعض ظلما وتصفية حسابات مستمرة للخصوم الاحرار الوطنيين... وحتى الأعوان الذين إكتشفوا حقيقته السادية وجنونه لم ينجوا من شروره لجميع من يشك فيهم ضمن الحساب العسير والعقاب العلني وبالأخص الشنق بدون رحمة ولا شفقة في شهر رمضان الكريم شهر الرحمة والغفران وهو يدعي بالإسلام وعرضها في القنوات المرئية أثناء التنفيذ والقصاص حتى يشاهدها الجميع بالمغرب وقت الإفطار، لتأديب الآخرين... مما إستكانوا وطأطأت الرؤوس من الرعب والخوف من نفس المصير الأسود الذي سوف يحل بهم نظير الشك والإتهام في حالة الرفض والمعارضة، لأطروحات الشر والإرهاب...
والتي جعلت من دولتنا الكبيرة في المساحة والغنى والثراء قليلة العدد السكاني تظهر بمظهر خادع للجماهير الغافلة الجاهلة في العالم بأنها قادرة على عمل الكثير... راعية للإرهاب، تدعم بالمال والأسلحة والعتاد منظمات عديدة بالعالم معظمها شريرة إرهابية بحجج المناصرة والتأييد للشعوب المقهورة حتى تنال حريتها من الهيمنة والإستعباد الغربي كما يعتقد محاولا الإيذاء وإشهار نفسه للغافلين بأنه ناصر المستضعفين و محرر الأبرياء المستعبدين... وفي نفس الوقت ذر للرماد في العيون حتى لا يلاحظ بأنه عميل للقوى الخفية ينفذ الخطط المرسومة له بمهارة للخراب وتقسيم العرب إلى فئات متناحرة ومنع الوحدة العربية من التحقيق بأساليب شيطانية... ويصرف المال حق المجتمع ببذخ في غير طاعة الله تعالي بدون حساب والشعب الليبي فقيرا محتاجا يعاني من الكثير، بحاجة للإصلاح و العلاج و التعليم و البناء و التشييد من الألف إلى الياء....
أليست بمصيبة كبيرة من مصائب هذا الزمن حلت على الرؤوس ومأساة أن تحدث هذه الأمور الشائنة المخزية ونحن شعب قليل العدد لا نستطيع مهما كنا ذوي دخل كبير و ثراءا و مال و موقع إستراتيجي جيد و مهم مجابهة الكبار في الساحة واللعبة الدولية التي لا نحقق فيها غير الهزائم والخسائر الجمة والإستهزاء عليه في الصرف الكبير الضائع نظير الجبروت والغرور بالعظمة، وهو ذرة بجميع المقاييس أمامهم لا يساوي شيئا، مسيرا منهم بدون أن يدري لتحقيق مخططات الشر بإسم الوطنية والقومية العربية كمن ينفخ في رماد لا تشتعل فيه لهب النار مهما حاول وعمل حيث الأساس موجود للوحدة العربية، ولكن لا أمل في التحقيق في عصرنا الحاضر من زعماء وقيادي الشعوب العربية نظير التشبث و البقاء في المناصب ، حيث الولاء والضمير تقاعد ومات !!!!
أصاب بالدهشة أكاد لا أصدق الحال المزري و أننا ندور في متاهات بلا حدود ولا عدد... ندعي العلم والفهم والمعرفة والهداية والتمسك بالدين والسنة والإحترام والحياء والأخلاق الحسنة والوفاء بطهارة من القلب والصدق بضمير في العهد والوعد، وللأسف أثبتت الأيام منذ حلول إبليس الخناس في الحكم أن معظمها كانت غير صادقة رياءا بدون أساسات صلبة تغيرت مع مرور الزمن من الضغوط الشديدة والخوف والطمع إلى الأسوء نظير حكم القهر والإرهاب في أسوء الصور، بعدما كان يضرب بنا المثل بعد الإستقلال في كثير من الأشياء الحسنة والقيم التي نتحلى بها لكثير من الشعوب والأمم....
أعطانا الله تعالى ووهبنا الكثير من الخيرات والنعم إبتداءا من الموقع الإ ستراتيجي الهام للوطن و ساحلا طويلا ممتدا في الحوض الجنوبي للبحر الأبيض حوالي ألفان كم ... ومناخ متوسطي معتدل طوال فصول السنة وثروات رهيبة إكتشفت من الذهب الأسود النفط والغاز ومازال الكثير منها لم تكتشف بعد مدفونة في باطن الأرض من معادن وذهب ويورانيوم و غيرها الغير معروفة لنا الآن في عصرنا الحاضر، والتي مع المستقبل بإذن الله تعالى سوف تكتشف وتظهر ونزداد غنى وثراء ...
و فوق الأرض توجد آثار عديدة مهملة تصارع الزمن، أطلال حضارات سادت ثم بادت تحتاج للإهتمام والصيانة من عوامل تعرية الطقس وهي باقية شامخة منذ آلاف السنين و التي مرت وتصبح موردا ودخلا كبيرا من السياحة إسوة بدول الجوار مصر وتونس وبالشمال اليونان وإيطاليا، والتي لو وجهت للمصلحة العامة التوجيه الصحيح ، وقدمت التسهيلات بالدخول والأمن والأمان ، سوف يؤمها السواح من كل مكان بالعالم، لمعرفة الماضي السحيق في المنطقة عما مر بها من حضارات وأقوام وأهوال وسعادة وفرح، ولم نعرف كيف نستغلها الإستغلال الحسن الجيد... و التعامل مع الشعوب الأخرى ضمن الإحترام و السلام والمنطق و الإهتمام و العلم، حتى ننهض من الكبوة وننطلق....
جلست وحيدا في أحد الايام العسيرة الصعبة، التعيسة والمليئة بالمحن والدسائس والدم... ورجع بي التفكير للوراء عدة قرون من الزمن أيام العهد العثماني التركي (الأول والقرمانلي والثاني) في حوار بالمنطق مع النفس بدون مزايدات ولا فخر بالأمجاد الماضية نظير الغرور والجهل التي حققها الأجداد الأوائل غيرنا، ولم نحافظ عليها عبر مرور الأزمان ، حتى تصبح إرثا لمن أتى بعدهم ويأتي بعدنا، متسائلا كم كان أجدادنا وآباؤنا وقتها يعيشون في البساطة والظلام والتأخر من غير شعور وإحساس بالأمر أنهم متخلفين على الركب والحضارة نظير الجهل وعدم وجود الإتصالات السريعة ولا المواصلات السريعة نظير بعد المسافات، مثل الآن عصر العولمة، يعيشون في أمجاد الماضي التي مضت وولت بدون طموح مستقبلي أو عمل جاد بضمير و ولاء للوطن لتحقيق الأهداف المطلوبة للنماء والتقدم لأجيالنا القادمة...
وطننا ليبيا الكبير في المساحة كان وقتها يسمى طرابلس الغرب ، أيالة تابعة للدولة العثمانية عدة قرون في ذاك الزمن بدون استقلال وعلم معترفا به لدى الأمم، إلا من البعض ... و وقتها كنا نتمتع ببعض الحريات في الإدارة والحكم المحلي أيام وسنين ولاة العهد القرمانلي والتركي الثاني رمزيا بفرمان ومرسوم سلطاني كإعتراف ضمني ، يصدر من الأستانة التي تعطي الوالي الجديد الذي وصل إلى المنصب والسلطة والحكم المحلي العمل حسب ما يشاء ضمن الهيمنة العثمانية وإطارها ودوائرها بدون متابعة ولا مسائلة أو أي تدخل كان يحد من التصرفات الشائنة والقسوة والظلم على الرعية من أبناء الشعب... مقابل دفع بعض الأموال كجزية من أتاوات وضرائب لخزينة الدولة العثمانية كل عام وكأن وطننا سلعة تباع وتشترى، وبقرة حلوب ضمن المفاهيم الخاطئة المجحفة ، بدون الإهتمام ببناء الإنسان صحيا حيث العقل السليم في الجسم السليم من أية أمراض كانت، و بالتعليم و العلم ...
والشعوب الإسلامية المقهورة تحت الحكم العثماني لا تستطيع في أي وقت وحال وقتها الإمتناع عن الدفع أو الرفض أو الإعتراض على المواضيع مهما كانت نظير الإحترام والتقدير الديني والتقديس لدولة الخلافة الإسلامية كرمز وعدم المساس بقدسيتها كما كان معترفا بها وقتها في ذاك الزمن... حتى قامت بها ثورة مصطفي كمال وأصبحت تدين بالعلمانية وفصل الدين عن الحكم متحدية شعوبها المسلمة، و كانت قبلها ضاعئة و متخلفة، والآن تحاول بالعمل الجاد والعلم والتطوير إستعادة مجدها الأول السابق كما كانت إمبراطورية...
تم الإحتلال الغاشم من إيطاليا أكتوبر عام 1911 م وأصبحت ليبيا مستعمرة لها، تتنقل من سيد لآخر حسب الوقت والشأن غير قادرة على المعارضة ولا على الرفض، غير النضال من بعض الأحرار الوطنيين المجاهدين في ربوع الوطن... طول الوقت على مدي 34 عاما من الكر والفر، إلى أن تم الخلاص من إحتلال إيطاليا عندما خسرت وتمت هزيمة قوات المحور في الحرب العالمية الثانية 1945م والتي كانت إيطاليا الفاشية شريكة وحليفة رئيسية مع ألمانيا الهتلرية النازية، وإضطرت للجلاء، رغما عنها بدون ارادتها... ولو استمرت في البقاء والإحتلال إلي الآن لتم الفناء ولضاعت هوية ليبيا الإسلامية من الإبادة والتهجير الجماعي والسجن في المعتقلات بالصحراء في أسوء الظروف الحياتية والشنق والقتل لأتفه الآسباب للمواطنين العزل ومحاولة طمس الدين والمعتقدات ببدائل غربية وإشاعة الفساد والإفساد نظير الإغراءات بتحسين الأوضاع وتقلد الوظائف العامة مهما كانت صغيرة وتافهة للعيش والإسترزاق ممنوعة على المحليين... إلا سقوط البعض من النفوس المريضة بالردة وترك الدين الإسلامي الحنيف وإعتناق الدين المسيحي الكاثوليكي، والذي لا يتماشى معنا مهما فعلوا وقدموا من تسهيلات وعفو لنا كعرب مسلمين موحدين نرفضها بكل القوة، مما الكثيرون من أرباب العائلات من كثرة الضغوط هاجروا بجميع أفراد أسرهم إلى دول الجوار للعيش طالبين النجاة من التنصير، والله الموفق...
رجب المبروك زعطوط
البقية في الحلقة القادمة ...
No comments:
Post a Comment