بسم الله الرحمن الرحيم
لعنة الملك ادريس
( 3 )
مر بسرعة علينا قرنا ونيف من الزمن على وطننا ليبيا الغالية وقرأنا وسمعنا عن الأحداث المؤسفة لإبادة شعب قليل العدد في كتب التاريخ الذي مر ومازال مستمرا إلى ماشاء الله تعالى... وشعبنا صابرا من القهر من المستعمر الغازي المحتل صبر سيدنا أيوب عليه السلام ... لم يستطيع أي حاكم كان قهره مهما حدث من الكثير من الضيق والمعاناة والقهر الكر والفر والهزائم والنصر والحروب والدم، خلال القرن العشرين الماضي إبتداءا من نهاية العهد العثماني التركي الثاني والغزو الإيطالى اكتوبر عام 1911 م، والفاشيستي الذي حاول بكل الجهد إبادة الشعب الليبي العربي المسلم حتى النخاع بالوحدانية لله تعالى، بجميع الوسائل الوحشية وتنصيره حتى تصبح الشاطئ الرابع مقاطعة إيطالية رجوعا للحلم القديم أنها كانت يوما محتلة وجزءا من الإمبراطورية الرومانية، ناسين وجود الله الخالق عز وجل أنه لا يرضى ولا يوافق على طمس نور الإسلام وشعلة الإيمان الخالدة من أرضنا تحت أية ظرف كان.
والدليل على الإبادة وقت الاستقلال عام 1951م كان تعداد الشعب الليبي حسب الإحصاء من الأمم المتحدة 750 ألف نسمة والذي من وقت الإحتلال أكتوبر 1911م والغزو والبقاء خلال مدة 34 عاما من الحكم المطلق الإستعماري حتى نهاية الحرب العالمية الثانية ضاع إستشهادا وشنقا وقتلا وتهجير في المعتقلات والنفي في الجزر الايطالية للأبرياء حوالي المليون مواطن نسمة معظمهم توفوا في المعتقلات في منطقة البريقة والعقيلة بالمنطقة الوسطى الصحراوية في أسوء الظروف الحياتية من التجويع المتعمد عن قصد و سبق إصرار ... وقلة المواد التموينية لإعاشتهم وعدم التمريض للمرضى ولا بطاطين للتدفئة لإتقاء البرد القارص الصحراوي في فصول الشتاء الباردة ولا وجود للدواء للعلاج تاركيهم بدون عناية ولا أي إهتمام مهما كانت الحاجة والطلب الشديد... يواجهون الموت والنهاية في صمت يعانون من الألم ولا من يرحم ويشفق الا الخالق الله تعالى، ومعظم البقية القتلى المجاهدين في جميع ربوع الوطن من الغرب والجنوب من الأبطال الجنود المجهولين الذين تم إستشهادهم في الحرب والنضال في المعارك العديدة ضد الغزاة سلاحهم الفتاك الايمان والدفاع عنه بالروح والدم لآخر طلقة رصاص ونفس وأصبحوا في زوايا النسيان ولم يذكرهم التاريخ للأسف.
كانت التعليمات لدى الجنود و المرتزقة الاحباش الغزاة ، القتل الجماعي للأسرى الليبيين بوحشية في أية معركة يفوزون فيها للنكاية والإنتقام ، مما جعلت من المجاهدين ( المحافظية ) الإستماته بالروح في المعارك والمواجهة ضد القوات الغازية المدججة بالسلاح والمعدات وكثرة التموين والثبات لآخر لحظة وعدم الإستسلام، إيمانهم القوي بالفوز والإنتصار أو الموت والشهادة في ساحات المعارك لأنهم يعرفون عن يقين وقناعة أنه لا رحمة ولا شفقة تنالهم من العدو في حالة الخسارة والإستسلام ويصبحون أسرى لهم سوف يموتون بالقتل الجماعي في جميع الأحوال بالرصاص بدون سؤال ولا رحمة ولا الإحترام للأسرى حسب القوانين الدولية المتعارف عليها، وهم موثقين بالقيود غير قادرين على الحركة ولا الدفاع عن أنفسهم، بغرض الإبادة.
هذه دولة إيطاليا الغازية الفاشيستية التي حاولت إفنائونا وإبادتنا بجميع الطرق والوسائل، وقامت بإستجلاب عشرات الآلاف من العائلات الايطالية الفقراء للعمل والزراعة في وطنهم الجديد المحتل حسب أحلامهم ومخططاتهم وتم تسليمهم أجود الأراضي المنتجة بالشمال على الساحل من الحدود إلى الحدود وطرد أصحابها الوطنيين إلى الجنوب داخل الصحراء حتى ينتهون مع الوقت من الفقر والأمراض ومرور الزمن وتتغير هويتنا ونصبح قلة وسط الأكثرية مثل ماحدث للكثير من الشعوب التي مازالت إلى الآن لها قضايا صعب حلولها مهما عملوا من تضحيات وقتال ودم ، تعاني من الكثير من المحن غير قادرة على الحفاظ على أراضي أوطانها التي ضاعت بالإحتلال أو التقسيم مثل ماحدث في كثير من القضايا المهمة الصعبة بين العرب واليهود وعلى رأسها قضية فلسطين التي أصبحت نصف أراضيها بالمؤامرات الدولية من القوى الخفية تسمى إسرائيل ، ومنطقة الجولان مع السوريين بالإحتلال بالقوة منذ النكبة العربية عام يونيو 1967م وكشمير بين الهند وباكستان ومدن سبته ومليلة بالمغرب الأقصى إغتصابا من المحتل أسبانيا وجبل طارق مع بريطانيا التي تطالب به أسبانيا أنه من أملاكها وهم حلفاء مع البعض، وغيرهم الكثير من مشاكل الحدود العالقة كما بين دولة اليمن والسعودية التي الي الآن لم يصلوا إلي حلول بعد ترضي الطرفين بالعيش جيرانا آمنين وهم إخوة في الدين والمصير.
هذه القضايا والضحايا والخراب والدمار نتيجة تآمر الدول الإستعمارية بحجج تافهة وأصبحت بمرور الأزمان والأجيال الجديدة مواليدها من المحتلين للأسف بدون حلول جذرية صعب ترجيعها لأهلها الأصليين المشتتين بالعالم بأي صورة من الصور كانت في وقتنا الحاضر، إلا عن طريق التفاهم والسلام والمصالحات بين الأطراف المتخاصمة المتناحرة والعيش معا في وئام حسب المقولة ( أن الأرض للجميع والدين لله تعالى )، التي قالها الزعيم سعد زغلول وقت النضال والصراع ضد الغزاة الإنجليز في إحتلالهم لمصر العربية ، يحث المسلمين والمسيحيين على التعايش والجوار والإحترام والتقدير بين بعضهم البعض حيث الوطن الارض للجميع والدين لله تعالى وليست الحاكمية لفئة معينة دون الأخرى حتى يتوقف ويهدأ التعصب الديني والجهل بينهم ولا يستمر الصراع الزائف المفتعل والكاسب والمنتصر فيه خسرانا مهما عمل وكان...
مرت علينا ويلات الحرب العالمية الثانية بمآسيها وأهوالها وضررها الكبير في ليبيا وطننا وكم من عشرات الآلاف قتلى ودمار وخراب في الوطن من خلال الصراع الكر والفر خلال سنوات الحرب بين دول المحور بزعامة المانيا النازية والحلفاء بزعامة بريطانيا، كل طرف يسعى جاهدا للفوز والإنتصار حتى تم النصر أخيرا للحلفاء، وبعد إنتهاء الحرب زاد الهم والغم على مواطنينا من كثرة الضحايا الموتى أو الجرحى المرضى الذين ضاعت منهم بعض الأطراف من الأيادي والأقدام وأصبحوا مشوهين بدون عناية صحية ولا علاج من حوادث الألغام و المتفجرات المزروعة في الأرض بمئات الألوف وبالأخص في المنطقة الشرقية في منطقة المخيلي والعزيات إلى الحدود الشرقية مع مصر والتي طمستها الرياح وعوامل الطقس ومرور الزمن غير معالمها وضاعت في التصحر وزحف الرمال، ونحن كشعب ليبي ليس لنا مصلحة ولا قضية فيها حتى نعاني ويلاتها ومآسيها وأضرارها، كما يقولون في المثل الشعبي ( لا ناقة لنا ولا جمل) في هذه المصائب والدمار الذي حل بالوطن .
الإنتداب البريطاني حوالي سبعة سنوات والذي حاول بجميع الوسائل البقاء على كاهل وطننا بحجج كثيرة، الذي يضحك في الوجه ويطعن في الظهر ولولا عون الله تعالى والحظ الكبير والفوز في التصويت في الأمم المتحدة من السيد (أميل سان لاو) من دولة هايتي الذي حكم ضميره ورفع يده متحديا قرار حكومته بالإمتناع عن التصويت لصالح إستقلال ليبيا ضد الغرب مما فزنا وإنتصرنا في قضيتنا العادلة بفارق صوت واحد فقط، صوته الصريح محطما حلقات التآمر والخداع بالتعديل، وعمت الأفراح في كل مكان بالوطن وتم تسمية شوارع بإسمه في كل مدينة فى عهد الإستقلال إعترافا بالجميل.
طرد الرجل من منصبه وأصبح طريدا معدما فقيرا هائما عاطلا في الشوارع في آخر عمره غير قادرا على الرجوع لوطنه خوفا من المحاسبة والعقاب ،، لأنه لم ينفذ الامر الصادر له بعدم التصويت مما كانت ضربة وصفعة قوية لبريطانيا على تدخلاتها وأطماعها وأصبح بدون مرتب ولا دخل، بحاجة إلى مساعدة مادية، وأيام العهد الجماهيري قدم شخصيا إلى المكتب القنصلى الليبي في نيويورك طالبا المساعدة والعون المادي من الدولة الليبية ولكن لظروف خاطئة وغير معروفة حتى الآن لم تتم مساعدته بأي شئ من الجماهيرية ناسية فضله الكبير، إلا البعض من الموظفين بالمكتب ذوي الضمير والولاء للوطن غير ناسين الجميل من الموقف العظيم الذي قام به الرجل ، تم التعاطف معه وقدموا له معونات شخصية من مرتباتهم سرية في الخفاء بسيطة لا تسمن ولا تغني من جوع حتى لا يطالهم الحساب والمساءلة على الفعل ، من الطاغية واللجان الثورية بالعقاب...
الإستقلال وأصبحنا دولة لها كيان وعلم من ثلاثة الوان يدل على أن الدولة ثلاثة ولايات متحدة مع بعض وفي وسطه الهلال والنجمة تعبيرا أن الدولة دينها الاسلام الحنيف أختير من لجنة مكونة من ستين رجلا المختارين العقلاء والحكماء، كرمز وعنوان بإسم المملكة الليبية المتحدة و دستور وقانون عام فيدرالي من ثلاث ولايات طرابلس في الغرب وفزان في الجنوب وبرقة بالشرق.
ولم نرتاح بعد إكتشاف النفط والغاز من الشركات النفطية الأجنبية التي لها عقود للإكتشاف والبحث والتنقيب نظير التصادم مع قوانين الولايات الثلاث في الرسوم وحرية العمل حيث كل ولاية لها قانونها الخاص التي حدت من الكثير من المهاترات والمتاهات من الشركات وتم الاتفاق مع القطط السمان العملاء بالرأي والضغط على الملك بالموافقة بتعديل الدستور وإلغاء الولايات الثلاث وتصبح المملكة الليبية المتحدة مركزية من عدة محافظات عاصمتها طرابلس الغرب ضمن حكومة واحدة للتسهيل في الحكم والتنفيذ وليست متعددة مثل السابق فيدرالية مما حدث الأمر نظير التآمر والعمالة وتسيير المصالح للبعض والشركات الأجنبية أصبحت تجول وتصول في التنقيب والتصدير كما تشاء من غير أية عواقب ، ولا محاسبة ولا تعب ومعاناة .
قيام الثورة وضياع أربعة عقود ونيف من أعمارنا في المسيرات والتدجيل والتمثيل والفساد والإفساد والصرف المجزي على الارهاب الدولي بحجج المناصرة والتأييد لتحرير الشعوب المغلوبة على أمرها من الإستعباد ، مما بلعت الجماهير الغافلة الجاهلة الطعم السام القاتل الزعاف الممزوج بالعسل الذي تم عمله بمهارة فائقة، تغطية على العمالة للعقيد الغير معروف أصله ولا فصله من كثرة الإشاعات، مزروعا ومؤيدا من القوى الخفية لخدمة قضاياهم المصيرية وعلى رأسها التفرقة بين العرب فى كثير من الشئون حتى تم الشك والخصام والتناحر وتباعدنا وهم أخوتنا أشقاؤنا في الدين والمصير وجيران ...
ولو تم الاتحاد والوحدة ضمن دستور قوي يحافظ على جميع القوى من ملوك وحكام ورؤساء مع بعض يدا واحدة كل في وطنه ضمن مخطط كبير مدروس بدقة وبضمير وولاء لله تعالى وأزيلت الحدود الوهمية وأصبح الوطن العربي الكبير من العديد من الولايات يضم ويحترم جميع الأديان والملل بدون تفرقة ولا ظلم، لكثيرا من الأشياء تغيرت للأفضل والأحسن وأصبح لنا الشأن الكبير في أوساط الشعوب والأمم الأخرى حيث لدينا جميع المؤهلات والمال والموقع الاستراتيجي بالعالم ، وقادرين بعون الله تعالى على المنافسة الشريفة وإقامة العدل بين جميع الأديان والشرائح كما يحدث في أمريكا الآن بالوحدة والاتحاد ضمن الدستور الجيد بدون أي تغيير لأحد البنود من أي دعي مما أصبحت في القمة إلى ماشاء الله عز وجل من وقت يشاء... والله الموفق...
رجب المبروك زعطوط
البقية تتبع...