Tuesday, July 7, 2015

قصصنا المنسية 28

بسم الله الرحمن الرحيم

 3 مدينة درنة الصحابة



            مهما تحدثت عن مدينة درنة لن أوفيها حقها من التكريم والإجلال ، حيث هي مميزة وفريدة ، شعبها ذكي بالفطرة يحتاج الى المزيد من تشييد وإنشاء دور العلم الحديثة من معاهد وجامعات وإستقطاب أساتذة جيدين للتدريس ،
مهما كلف الامر من أموال للشباب من الجنسين،  حيث هم عماد المستقبل للوطن ليبيا وتجعل المدينة منارة علمية راسخة  يشع نورها على الجميع .

                   المدينة تحتاج الى عقول نيرة من بعض رجال الأعمال الذين عاشوا بالغربة فى الدول الغربية فترات زمنية طويلة ويعرفون الفرق بين المجتمعات وكيف يستثمرون الطبيعة الجميلة الخلابة ويحافظون على البيئة من التلوث العشوائي ، حيث الله عزوجل ، وهبنا الأفضال والنعم الكثيرة التي لو إستغلت الاستغلال الجيد نصبح فى المقدمة من الأوائل فى الشعوب ، إبتداءا من الموقع الجيد والطقس العليل للفصول الأربعة لحوض البحر الابيض المتوسط ، الذى كل فصل له جماله وحسنه ، لدينا تراث الحضارات السابقة على مدى الزمن أطلالها شواهد تحتاج الى الكشف والعناية حتى تظهر للعيان ...  لدينا ثروات من النفط والغاز وأخريات بلا عدد لم تكتشف بعد!

           المدينة تحتاج إلى ثورة بناء وتشييد ومهندسين أكفاء إهتمامهم الاول على بناء الوطن على أحسن المعايير العلمية الحديثة المتطورة ، حيث الكثيرون لدينا لديهم الشهادات العالية ولكن كأنها حبر على ورق حيث لا يعرفون الإبداع ولا يحسنون  غير التقليد... ورأي الشخصي ان  جميع الشهادات ايام العهد الجماهيري في ليبيا بحاجة إلى مراجعة وإمتحانات صعبة لمعرفة الأكفاء ، والتأهيل من جديد للمتأخرين حتى يواكبوا المسيرة ...

            مدينة درنة مرت عليها أحداث جسام  وخراب ودمار ، إبتداء من الغزو الإيطالي أكتوبر عام 1911م وما دارت من معارك كبيرة عديدة حولها ،،، وكيف أحاطها الغزاة بسور شاهق حتى لا يتسرب لدخولها خلسة (المحافظية) الثوار لقتل الجنود وتخريب المنشئات، ولا يستطيع أهلها الخروج منها الا ضمن بوابات التفتيش منعا للدعم بالمواد الضرورية من لباس وطعام وسلاح وأدوية للثوار .

            السور الوحيد الذي بناه المستعمرون حول مدينة درنة فقط من جميع مدن ليبيا شاهدا عيان مازالت بعض آثاره للآن، تاج على رأس مدينة درنة تجعل جميع ساكنيها وأهاليها يشعرون بالفخر والزهو  كيف كان المستعمرون الطليان يخافونها ويخشونها ويحسبون لها ألف حساب...

             مرت الحرب العالمية الثانية والكر والفر والصراع الرهيب بين قوات الحلفاء والمحور، الذي كل طرف يريد الفوز والنصر وأهالي المدينة البسطاء قدموا الكثير من الضحايا نظير الغارات الجوية وتساقط القنابل على الرؤوس، وزرع الألغام المعادية في الأراضي والحقول لمنع تقدم الجيوش وعشرات الأحداث والوفيات وهتك الأعراض من الجنود المارين والراحلين والخوف الشديد والرعب، مما هبطت الروح المعنوية وزادت الامراض البدنية والنفسية والأهالي لا ناقة لهم ولا جمل غير الصبر وإنتظار الفرج حتى إنتهت الغمة وخرج الغزاة الى غير رجعة بالخسارة والخزي والعار ستظل الأجيال الحاضرة والقادمة تذكرها الى ماشاء الله عز وجل .

           إنتهت الحرب بسلام وبدأ الشعب يلملم جراحه  ويسعى للبناء والتشييد والعيش السعيد ، وجاءت الإدارة البريطانية وحكمت بمعايير الإستعمار ومصلحة بريطانيا هي الأساس والقانون وقاسى الشعب الليبي الفقير الويلات نظير الفتات وإضطر المسؤولون وصناع القرار إلى توقيع عقود معاهدات وتأجير القواعد العسكرية لتغطية الميزانية العامة لدفع الإلتزامات الكثيرة من مرتبات وأجور حتى تستمر الدولة في العمل وتنجح .

             قامت جمعية عمر المختار بإحياء الشعور الوطني بالكثير من المظاهرات والدعم لقضايا العرب الرئيسية وعلى رأسها قضية فلسطين والاستيطان الصهيوني ، وكيفية منع الأحزاب من الادارة البريطانية والأطياف السياسية من العمل وتثقيف الجماهير وتوعيتهم سياسيا حتى يستطيعون ممارسة الديموقراطية الحقة مع المسيرة والمستقبل في إتخاذ القرار السياسي الذي يهم الشعب والوطن عام 1946م ...

قصص طويلة تحتاج الى مجلدات عديدة للشرح وكيف تم الإستقلال ، ومساعي رجال وزعماء درنة أمثال السادة عمر فائق شنيب، والسيد عبدالرازق شقلوف، والسيد إبراهيم الأسطى عمر، وغيرهم بالعشرات ممن عملوا بالجهد والعرق حتى إستقلت ليبيا بفارق صوت واحد، ممثل دولة هاييتي
 ( أميل سان لاو ) الذي رفع يده بالموافقة ضد تعليمات حكومته والآخرين في الأمم المتحدة وصوت لصالح إستقلال ليبيا .

                  أحداث عديدة ومواقف رجولية صامدة فى مساندة القضايا العربية مثل أحداث فلسطين ومؤازرة الثورة الجزائرية، أيام حرب التحرير،  وكم من ضحايا استشهدوا و ضحوا بأرواحهم لقاء حلم وحدة العرب، وكان كثيرون من أبناء درنة لهم الباع الأكبر في التأثير على صناع القرار بالأخذ بها وصياغتها ، وإصدار مراسيم ملكية بحيث تصبح قوانين نافذة المفعول في المملكة .

            العقاب الكبير تم توجيهه للمدينة بعنف التي تدفع  الثمن الغالي له حتى الآن مع مرور حوالي 70 عاما عليه عندما ثار الشعب بعنف احتجاجا على أحداث حرب بورسعيد المصرية عام 1956 م العدوان الثلاثي ( بريطانيا وفرنسا وإسرائيل ) وكنت صغير السن شاهد عيان حيث الاضطرابات الشعبية والمظاهرات والتعديات على الجنود والمدنيين الانجليز وعائلاتهم من الغاضبين مما الشوارع أصبحت عدة ايام ساحات قتال ، والرفض البات من العمال للعمل في المعسكرات وعدم البيع للسلع للإنجليز في المدينة، نظير الخطابات الرنانة للرئيس عبد الناصر والتهيج المستمر من بوق إذاعة صوت العرب ومذيعها أحمد سعيد الذي معظم الخطابات والبيانات كانت ضخمة كاذبة زورا وبهتانا دعايات وخداع لشحذ الهمم إستغلال البسطاء الذين يحبون القومية العربية الناصرية بدون فهم عميق .

            تمادى أهالي وسكان درنة في التحدي للقصر والإنجليز وكانوا على خطأ قاتل ضد مصلحة المدينة حيث جرفهم التيار من غير تفكير ولا رؤيا للمستقبل واضحة، مما الإدارة البريطانية المعروفة بالصبر والخبث تضحك فى الوجه وتطعن فى الظهر بموافقة وعلم بعض رجال القصر الفاسدين العملاء تم القرار ووضع مخطط رهيب على خنق مدينة درنة ببطء وجعلها تفلس وتركع حتى تنتهى مع الوقت ويضطر شبابها ورجال الأعمال الطموحين للهجرة منها للعمل لقاء لقمة العيش الكريم بشرف .

             أفرغت المدينة بطرق خفية ومكائد سرية ،،، يعجز عن أيتانها الشيطان الرجيم وأول هذه المكائد السرية ، خروج والإنسحاب للجيش البريطاني مع عائلاتهم من مدينة درنة وسلمت المعسكرات والمباني الفارغة إلى الحكومة الوطنية حيث استعملت بعضها للجيش الليبي الوليد، ومخازن للمواد الغذائية والبعض مدارس وغيرها من الإدارات العامة.

                 خرجت القوات البريطانية مع عائلاتهم المدنية إلى مدن طبرق المجاورة وبنغازي ، مما عم الكساد الحاد بعد فترة بسيطة المدينة الزاهرة من قبل ، والأسواق أصبحت خواءا فارغة من البيع والشراء وأضطر رجال الأعمال عن التوقف عن البناء للبيوت والشقق السكنية حيث لا مستأجرين جدد يشغلونها مما أصبحت خاوية .
              توقف معظم النشاط الفلاحي عن الزراعة وبالأخص زراعة وإنتاج الخضروات التي كانت عائلات كثيرة تعيش من الدخل في بيعها للجيش البريطاني ، و تعطل الحرفيون والعمالة عن العمل ،مما إضطر الكثيرون إلى الهجرة للبحث عن مصادر الرزق لإعاشة عائلاتهم حيث لا دخل ولا أعمال ولا أي نوع من أنواع التأمينات الضمانية وقتها تدفع شهريا حتى تجعلهم قادرين على مجابهة الحياة ، والله الموفق .
            رجب المبروك زعطوط 

 البقية تتبع ...

No comments:

Post a Comment