Sunday, March 2, 2014

مدينة درنة (9) 71

بسم الله الرحمن الرحيم 

          بعد الحوادث المريرة الأليمة التي حدثت بالمدينة من تعدي حامية الجيش (المعسكر)  الكائن بدرنة، الذي من  المفروض أن يكون السند والحامي لأبناء الشعب والحافظ للأمن على حياة  المواطنين العزل، نظير أوامر الآمر الأهوج الأرعن بدون ان يتحقق ويستجلي الامر

       واستشهاد المقدم  عبد الحميد الماجري من جراء التعذيب والقسوة من جلاديه مما بدأ التنافر والتحدي للنظام الذي حاول تبيض الوجه بالرياء والتدجيل والتمثيل عبر وسائل الاعلام التي تطبل طوال  ساعات اليوم،  النهار والليل وهي تمجد  الحاكم العقيد القذافي وكأنه الرجل الوحيد في ليبيا وجميع المواطنين عبارة عن خدم يأتمرون بأوامره مما بدأ يصدق  نفسه  أنه مميز عن الآخرين وأصبح  يختال مثل الطاووس غرورا


     لقد عشت تلك الايام مخدوعا مثل الآخرين، نصدق المهاترات والتراهات ونعطي الأعذار الكثيرة عن الأخطاء العديدة التي تحدث من الأوباش من زمرة مجلس قيادة الثورة أشباه الرجال،  الذي كان عبارة عن إطار و صورة يختفي وراءها العقيد


     داس العقيد على جميع الحياء والأعراف والقوانين ابتداءا من تسمية اسمه الحقير (معمر) الذي يدل دلالة  كبيرة على السقوط، حيث في ذاك الوقت تعتبر نطق الكلمة عيب  في المجتمع الليبي وبالأخص في المنطقة الشرقية، حيث أنا متأكد انه لا مواطن يلقب بهذا الاسم وقتها وكانت الكلمة في أوساطنا بالشرق،  نطقها عيب يؤدي إلى الإحراج… وكنا في حضور الوالد رحمه الله تعالى لا ننطقها مهما كان الأمر دليلا على الاحترام والحشم (الكسوف)   ولكن من كثرة الترديد في الإعلام المستمر في غسل الدماغ،  تعودنا عليها  وتم نسيانها وشطبت من قاموس الحياء، وأصبحت عادية التسمية لأي انسان كان في المجتمع


     اليوم وانا اسطر في هذا الموضوع بعد مرور هذه السنوات العديدة منذ قيام الإنقلاب الأسود حتى الآن، 45 عاما، أستغرب كيف كنا سذجا وقتها، وانه ضحك على عقول  الشعب المتعطش للحرية والوحدة العربية الشاملة مستعدا لبذل الروح فداءا، بإطروحات ضخمة وعناوين براقة مست مشاعر الجميع وجعلتهم مخدرين بدون وعي ولا إرادة غير تطبيق وتنفيذ المقولات والأوامر التي فى كثير من الاحيان بدون دراسة ولا تخطيط، تصدر بالنهار وتعمم على ادارات وأجهزة الدولة وبعدها بأيام تلغى ببساطة عندما يتذمر البعض انها أخطاءا… حيث كانت الدولة عبارة عن حقل و  معمل تجارب طوال الوقت، من الأهبل الذي يحلم بالليل ويطبق بالنهار والمنافقين أشباه الرجال الأعوان ينفذون الأمر بدون سؤال ولا مراجعة وكأن القذافي إلاه، والعياذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم!


     مثلا فى البدايات لحكمه الأرعن أحد السخافات،  فرض على جميع الموظفين الذين يتقاضون رواتبا من الدولة كل شهر، تربية الدجاج في البيوت للحد من الاستيراد وعدم صرف العملة الصعبة حسب أقواله كتبرير، بدون دراسات على الواقع لكثير من المتطلبات وهل يتلاءم مع البيئة الليبية أم لا… مما المنافقين وأشباه الرجال من اللجان الثورية والشعبية  لبوا النداء والامر إلا من البعض  القلائل الشرفاء  الذين إستهزؤوا و لم يهتموا ورفضوا بحجج أنهم يعيشون في عمارات عالية  وشقق ضيقة ومر الامر


     والمؤسف أيامها  عندما يتطلع الانسان أثناء المرور  إلى واجهات العمارات العديدة بأي مدينة ليبية وقتها  يشاهد العديد من أقفاص الدجاج بكثرة في الشرفات ويسمع أصوات وصياح الديوك، يستغرب من الامر ويستهزئ على العقل المريض الذي أمر وعقول المرضى الذين لبوا النداء


      عشرات الحالات المؤسفة التي تحتاج إلى وقت طويل لكتابتها حتى تعرف الأجيال الشابة الجديدة عما حصل من مهاترات في وطننا ليبيا الحبيبة، منها تغيير العلم الرسمي والنشيد الوطني عدة مرات حتى انتهى علم الاستقلال إلى علم خرقة خضراء ليست لها أي  صفة ولا أية معايير وطنية تاريخية تلهم الشعب، وتجعل له ولاءا وحب


      نسى ان اعتماد العلم السابق للمملكة  لم يأت من فراغ وعدم،  كان من قبل لجنة الستين وقت الإعداد لصياغة الدستور والاستقلال،  وياما تم من  الجدال والنقاش عليه حتى تم الاعتماد له بالأغلبية من الأعضاء،  وليس من خلال أهواء شخص واحد معتوه مثله  مريض. 


     الخسائر لخزينة الدولة ومواردها بلا حدود خلال التخبط والجنون… وبدأت الادارة السليمة حصيلة العهد الملكي الزاهر التي كان يضرب بها المثل في النظام في عديد من دول العالم الثالث وقتها،  من  حسن القيام والتقويم لمملكة ناشئة حديثة العهد، مما كل يوم يمر، تتراجع و تتداعى وتزول شيئا فشيئا وتضمحل وتتلاشى وحلت محلها الفوضى والتسيب والتأخير شهورا عديدة  في التعهدات ودفع المرتبات نظير سوء الإدارة
       ودولتنا ليبيا تعتبر من أغنى الدول فى العالم  نسبة إلى عدد السكان، وظهرت طبقات الاستغلال من المحاسيب والعائلة  لا يحللون ولا يحرمون اي امر كان…  طالما يستفيدون منه ويعبون المال الحرام بأي وسيلة نظير القرب أو الانتماء لعشيرة العقيد


     مما النهاية حلت الكوارث والنكبات الكثيرة توالت الواحدة وراء الأخرى نتيجة الارهاب والتدخل في شئون الغير ونحن كشعب ليبي لا ناقة لنا ولا جمل غير ضياع المال والاسم حتى تم دمغنا بالارهاب عالميا، الجميع في المجتمع الدولي يخافون من اي مواطن  ليبى أثناء السفر مما تعطلت المصالح للكثيرين

      وكان السند الحقيقي والتغطية الرهيبة هو المال  والدخل الكبير من عائدات النفط بحيث مهما تم الصرف على الجنون والارهاب والعطايا والفساد، الإفساد وشراء الضمائر للكثيرين من اصحاب القرار والحكام  بدول عديدة بالعالم لخدمة اوامر الطاغية المعتوه  ملك الملوك لأفريقيا كما دعوه المنافقين الطامعين لفتات، لا تهم الأرقام وعدد الأصفار،  فمهما صرف من أموال البؤساء افراد الشعب الذين بحاجة ماسة إلى العلاج والتعليم الجيد، إلى بناء السكن المريح والبنية التحتية  وغيرها من عشرات الاشياء… الدخل يغطي فائض ويزيد… أليست بمأساة ؟؟؟


     الطاغية نظير التحدي والصمود من أبناء درنة الوطنيين الاحرار تعلم الدرس من خلال العواصف السياسية التي مرت، وتم طرد الجيش من المدينة بالضغط الشعبي لفترة سنوات، ولم يرجع إلى مدينة درنة حتى قام وفد من أعيان المدينة بزيارته وإرضائه حتى وافق على رجوع الجيش إلى الحامية مثل سابق العهد  وهو مزهوا أنه فاز وركعت  المدينة للثورة ونسى وتناسى انها فترة مؤقته حتى يتم الرواج الإقتصادي في المدينة المفلسة إسوة بالآخرين وتصبح لها ميزانية سنوية  ويستطيع رجالها المطالبة ببعض الحقوق
     عرف داخل النفس في السر  أنه لا يستطيع مهما كان لديه من  أعوان، القضاء على الروح النضالية  والتحدي لأبناء الشعب الدراونة، المشهورين بتتبع قضايا السياسة وماذا يدور في العالم بالخارج والداخل من امور نظير الذكاء وحب الاستطلاع والمعرفة


     بدأ في التخطيط الرهيب بتصفية رفاقه الضباط الكبار الدراونة مع مرور الوقت  الذين يعرفون سره وخفايا كثيرة وأسرارا جمة  من خلال الرفقة ايام الدراسة في الكلية الحربية، ومنهم الكثيرون بإشاعة الحرام في صفوفهم بدون متابعة قوية ولا حزم، مما نتيجة الضغوط والآلام إتجه الكثيرون إلى معاقرة الخمر وتعاطي المخدرات، حتى ينسوا مشاركتهم في الانقلاب الاسود (الثورة) وان الأهبل إستغلهم لمآربه الخاصة أسوء الاستغلال، وغير قادرين على التحدي ووقف النزيف والقيام بثورة مضادة خوفا من السجن والتعذيب والقتل  حيث جميعهم مراقبون من العيون والأجهزة العديدة حتى أصبح الشك في اي احد، الأب يخاف من ويشك في إبنه ان يكون واشيا بدون علمه والاخ يخاف من أخيه
     نتيجة الخوف والصراع على السلطة  من أي رفيق يصبح يوما عدوا  محتمل قام  بإفتعال حوادث سير مدبرة مفتعلة فجأة للكثيرين من الدراونة  المقربين أقوياء الشخصية ولهم التأثير   نتيجة التسميم من سموم  ببطء، ماتوا وتم دفنهم وهم يحملون الاسرار الرهيبة إلى ظلام القبور حتى يوما من الايام لا تخرج وتظهر على الرأي العام…وعلى رأسهم صديقي  العقيد إبريك الطشاني الذي كنا رفاقا في المدرسة الثانوية معا في فصل واحد وأبناء عم في القبيلة، قتل  الرجل  في حادث سيارة مدبر   وغيره من الشرفاء الاحرار الذي كان له الدور الكبير في الانقلاب الاسود
قتل وزير الداخلية المرحوم  (ابراهيم بكار) المحبوب من جميع ابناء الشعب وليس من ذويه فقط ، نظير اللين والاحترام لكل انسان عرفه او قابله،  وبعده بفترة إبن عمه الضابط  بالجيش (إمبارك إمعيتيق) من اخوة الجد العبيدات عشيرة آل غيث، من منطقة القبة القريبة من درنة (تبعد عنها 50 كم )  وضاع الرجال ضحايا قتلى في حوادث سير على الطرق ضمن سلسلة الصراع والتحديات والخوف على ضياع السلطة من بين أيديه نظير الشك والارتياب  
     تدبير انقلابات زائفة للبعض حتى تصبح لديه حجج  للقبض عليهم ومحاكماتهم بتهم باطلة زور وبهتان  ويحالون إلى التقاعد  خارج المؤسسة العسكرية لتقليم الأظافر  حتى لا يستطيعون استعمالها للقضاء على النظام الأهوج… مثل ماحدث مع العقيد الناجي الجدائمي الدرناوي  وغيره من الضباط الشرفاء الذي كان من الأوائل في تأسيس  الصاعقة بالجيش الليبي حسب مايشاع وسمعت
     القبض في صمت على الشباب الدراونة الطموحين المشاكسين الرافضين للطاغية، أو المتدينين المتشددين باطلاق اللحي ذوي العقائد والمطالبين في السر بقيام الشريعة في الحكم، وجماعات الاخوان المسلمين المطالبين لإحقاق الحق في الحكم بما أمر الله تعالى  الذين يشكون في ولائهم للثورة، والذين يسجنون  بدون محاكمات عشرات السنيين بدون ذنب جنوه غير الشكوك، أو الدس من البعض نظير الحقد والحسد، والكثيرون  تم القضاء عليهم بالسجون بالخنق والشنق التعذيب والتجويع وعدم  العلاج ونقص الدواء أوقات المرض
     عشرات بل مئات وآلاف القصص لمن يتابع ويبحث، حدثت خلال 42 عاما من الانقلاب الاسود ( ثورة الفاتح ) مرت من حياتنا وأخذت زهرة العمر وضاع شبابنا  في الهم والغم والمطاردات بالإغتيال والقتل من قبل اللجان الثورية وكتائب الموت بالخارج، عندما هاجرنا وتركنا وطننا غصبا عنا، وأنشأنا الفصائل العديدة من  فصائل المعارضة ضد القهر والظلم وغيرها من المآسي العديدة  ارجو من الله عز وجل ان لا تتكرر نفس القصة والمآسى  على أجيالنا الشابة القادمة بإذن الله تعالى، ان يتعلموا الدروس القاسىية  الصعبة ويأخذوا عبرا منها للمستقبل ولا يسقطوا في المآسي والدم  والصراع نظير الاندفاع أو الطمع في مال أو مركز أوجاه  مهما كان!  فالدنيا فانية ولا يبقى إلا الحي القيوم  الله عز وجل أبد الآبدين طوال الدهر …  والله الموفق . 
                                                                          رجب المبروك زعطوط

البقية في الحلقات القادمة 

No comments:

Post a Comment