Tuesday, May 7, 2013

شاهد على العصر 98


بسم الله الرحمن الرحيم

              يوم الإربعاء 2011/4/20م  السفر إلى بنغازي برفقة الرفاق المناضلين رفيق إستيته  +  سالم التركاوي الذي كان صاحب ورشة حدادة عادية لصنع الأبواب والشبابيك الحديدية للبيوت والبنايات والمخازن   وبقدرة القادر أثناء الثورة المجيدة ظهرت المواهب الخلاقة المبدعة نظير الحاجة الماسة إلى السلاح،  وإنقلبت إلى ورشة لتصنيع الاسلحة وتركيب قاذفات  الصواريخ الروسية  التي كانت تستعمل على الطائرات العمودية، والتى تم التطوير لها وتركيبها على السيارات الصينية بطرق مختلفة تدل على الذكاء والإبداع  والمهارة وهم طوال حياتهم لم يعملون في السلاح، وأطلق عليها إسم ( صاروخ درنة) 

وذلك للاحتياجات الشديدة  للأسلحة  في بدايات الثورة المجيدة حتى يستعملها الثوار في التحدي لقوات كتائب القذافي المدججة بالسلاح الحديث   وقد أبلت هذه الاسلحة المطورة بطرق بدائية  بلاءا  كبيرا وأدهشت الأعداء والاصدقاء.   وتقدم الثوار بسببها إلى المقدمة فى كثير من المعارك ألشرسة مع كتائب القذافي الطاغية .

كان معي  إبني "علي" وأحد الأخوة الآخرين ضمن الفريق المرافق  كحرس في السيارة الفورد التى جميع الأنظار تتطلع لها مستغربة من ضخامتها وقوتها حيث أمامها السيارات الصينية تصبح أقزام، وتوقفت في زيارة على قريبتي وزوجها في العقورية (توكرة ) حيث إحتفوا بقدومنا وقدموا لنا القهوة والعصائر وهم فرحين وأصروا على دعوتنا لوجبة غداء ولكن رفضت لضيق الوقت، وكان أبناؤهم الشباب ضمن الثوار  بالجبهة الشرقية يحاربون القذافي مع   كتائب الثوار من بنغازي .

ووصلنا إلى معسكر الثوار الدراونة في منطقة ( قنفوذة ) حوالي العصر أحد ضواحى بنغازي الغربية حيث يعسكرون في أحد المعسكرات الخاصة على شاطئ البحر  بأحد الشركات العامة للدولة الذي أصبح أحد المقرات للكتيبة 

وبعد التأكد من الهوية على البوابة، والسماح  لنا بالدخول قابلنا قائد المعسكر المسؤول المناضل سالم دربي الذي أول مرة أتعرف عليه حيث معرفتي بعائلته آل دربي ووالده بالسابق الأستاذ البراني .

شاهدت المعسكر والثوار الشباب صغار السن الذين معظمهم يعرفونني شخصيا أو يسمعون بي بالإسم وأنا لا أعرفهم حيث تغيرت ملامح الكثيرين نظير إطلاق اللحى على الذقون وليس الامر كما يدعون لوازع ديني والتزام لجهات متطرفة كما يطلق عليهم من كثير من الأدعياء ولكن الكثيرين لايوجد لديهم  الوقت ولا أمواس  الحلاقة حتى يحلقون !!!

وتعرفت على الكثيرين وسلمت عليهم باليد الذين بادلوني الاحترام والتقدير لأنني أعرف عائلاتهم وأسرهم ووالديهم او أعمامهم وأخوتهم ،، وكم أشفقت عليهم نظير العيش البائس الصعب  فى المعسكر من قلة السلاح والذخائر  والمعدات الضرورية للمعارك المتتالية وعدم التغذية الجيدة واللباس البسيط الغير دافئ حيث وقتها الطقس مازال باردا بعض الشئ

شاهدت الشباب المقاتل وهم يشعرون بالبرد نظير الطقس البارد حيث مازلنا فى بدايات فصل الربيع  يحاولون قدر الإمكان والمستطاع أن يتحملون قساوة العيش والطبيعة  حيث فى خط النار الاول والمواجهة  .

قائدهم يبعث بفرقة تلو الأخرى  تحارب فى بالجبهة عدة  أسابيع  بضراوة وشراسة ضد كتائب الطاغية والموتى الشهداء يدفنون لحظتها فى ساحات القتال حيث لا وقت للبكاء والعويل والجرحى والمعاقين ينقلون الى أقرب المستشفيات للعلاج ، ويأمر بالرجوع للكثيرين بعد أن يتم إستبدالهم  بآخرين لأحد المقرات حتى يسترجعون قواهم  ويرتاحون بعض الوقت ويتم تدريبهم على إستعمال المتاح من الأسلحة التى يغنمونها من الكتائب فى المعارك الشرسة، وبعدها إلى  الجبهة ويأتى غيرهم ليحلوا محلهم بعض الوقت وبالتالي  دائماً جاهزون للتحرك بسرعة حيث يبعدون عن الخط الإمامي منطقة إجدابيا حوالى 100 ميل . 

شاهدت قمة الشجاعة والصلابة في العيون والحمية في القلوب راغبون فى الفداء والتضحية من أجل مبادئ سامية أساسية عن قناعة وهى  طرد العقيد المجنون المعقد من على كرسي الحكم ، وإنهاء نظامه الفاسد العفن، أو  أسره حيا حتى يحاكم بالعدل ضمن القانون بما يرضى الله عز وجل،  أو قتله وقتها فى الميدان وإنهاء نظام الحكم الفاسد العفن مهما كان الثمن الغالي الذى سوف يتم دفعه لقاء تحرير الوطن

 حيث المظهر يختلف كل الإختلاف عن الظاهر فالرجال الشباب الثوار محاضر وليسوا مناظر، مما سعدت لمشاهدتهم وأكبرت فيهم الروح النضالية العالية  وتمنيت أن أرجع بالعمر أربعة عقود للوراء لأيام الشباب الذى ولى ولن يرجع ... حتى أنضم لهم في الجهاد والقتال بالروح والدم من اجل حرية الوطن

سلمت السيارة الفورد الطاوية الى قائد المعسكر الثائر سالم دربي، بحضور المجموعة المرافقة وبعض مساعديه من الشباب، الذي إستغرب في الحصول عليها وقدمت له السيارة والمبلغ نقدا كهدية مني ودعم للقضية النبيلة، لشراء 3 سيارات نصف نقل صينية حيث كانت تباع وقتها بارخص الأثمان بأسعار رمزية لأنها منهوبة مسروقة من الشركة العامة الحكومية من المواني البحرية  في درنة وبنغازي، حيث لعب الحظ الكبير فقد كانت كمية كبيرة مستوردة من الصين من قبل شركة قطاع عام لبيعها لأبناء الشعب بأعلى الأسعار حيث كان الكبار من العائلة ورجال الحكم  يمارسون الاحتكار للسوق، وقامت الثورة المجيدة  مما هجمت الجماهير على الموانى وأحرقت ونهبت وسرقت كل شئ  ومنها السيارات الطاوية التى كانت بدون أى تسجيل رسمي، ووعدته بالمزيد من الدعم والمساندة  مما شكرني على الموقف النبيل، قام مشكورا وطلب من أحد مساعديه ان يعرض على صور المعارك الحية الشرسة لأشاهدها على الحاسوب التي وقعت  في مدخل بنغازي ضد الرتل المهاجم وكم ذهلت من الجرأة والتهور والصمود والتصدي بأسلحة خفيفة مثل بنادق الكلا شينكوف  وقذائف صواريخ RPG  للدبابات، يتحدون الرتل القوي والجنود القساة غلاظ القلوب المدربون أعلى تدريب على القتال والمواجهات الصعبة .

ولكن أمام هؤلاء الأسود أحفاد البطل عمر المختار تمت هزيمتهم ودحرهم حيث جنود الكتائب لا يريدون الموت  والتضحية عن قناعة بل ينفذون فى أوامر قادتهم …. والشباب الثائر عن قناعة يضحون يطلبون الحصول على  الشهادة حتى يضمنون دخول جنة الرضوان !!!!

مما رجحت كفتهم وتم الدحر والانتصار لهم وتراجعت قوات كتائب القذافي للوراء متقهقرة للخلف حتى تضمن البقاء والحياة  وترابض في الوادي الأحمر وتدافع عن مدينة سرت التي قاب قوسين جاهزة آيلة  على السقوط . 

ودعت الجميع متمنيا لهم النجاح والنصر وأن يرجعون الى أهاليهم بدرنة  منتصرين غانمين سالمين،  ولم نتحصل على فندق حيث الحالة حالة حرب وبقى الرفيق سالم التركاوي ومرافقه حارسه مع كتيبة شهداء أبوسليم وأوصلونا الى أحد البيوت حيث أقمنا فى ضيافة أولاد خالة رفيق إستيته التى كانت فى زيارة  الى درنة منذ فترة الأحداث ولم ترجع الى بيتها بعد

يوم الخميس 2011/4/21م   كان يوما حافلا بكثير من الأعمال والمفاجآت فقد تم الاجتماع الاول مع صديقي العقيد الناجي الجدائمي الذي عرفته عن قرب منذ قيام الإنقلاب الاسود ( ثورة الفاتح ) وكان بالسابق من الضباط الأكفاء الأوائل بالقوات المسلحة والذي له الفخر في إنشاء قوات الصاعقة بالجيش الليبي والقيادة والتدريب  حتى وصلت في عهده الى أعلى المستويات فى الإنضباطية وتنفيذ الأوامر التي تصدر لها من قادتها على أكمل وجه .

 ولكن نظير الحقد والحسد والصراعات الداخلية وعمليات التطهير لإخراج الضباط الوطنيين الأحرار الصادقين من الجيش بطرق ملتوية خبيثة حتى يسيطرون عليه من خلال التحكم فى صغار الضباط الموالين لهم  من اولاد العمومة والاقارب والمعارف نظير المصاهرات والدم 

زج بإسمه في قضية إنقلاب مزورة ضد النظام وتم القبض عليه  وإيداعه في السجن العسكري  وتعرض إلى التحقيق القاسي والتعذيب الشديد على أمور بعيد عنها من قبل المجرم مصطفى  الخروبي عضو مجلس قيادة الانقلاب الاسود  الثورة ومسؤول المخابرات بالجيش وأحد المؤيدين للطاغية وهو أعمى البصيرة عن قناعة وطاعة عمياء مما ساند الظالم طوال الوقت في الظلم والإرهاب والقتل لأبناء الشعب والآخرين من خلال سلسلة مؤامرات وإغتيالات في الخفاء لكثيرين من الأبرياء ليبيين وغيرهم من الضحايا في العالم، حتى يضمن بقاؤه على كرسي الحكم طوال الوقت ونسى وتناسى أن الظلم ظلمات وان كل شئ هالك ومنتهى ولا يبقى الا وجه الله الواحد الأحد طوال الوقت ..

كان إسم الخروبي يتردد كثيرا في الأوساط والحلقات المغلقة  بأنه يكشف عن الثورات والانقلابات العسكرية قبل حدوثها مما خاف منه الكثيرون من الضباط العسكريين ذوى الرتب العالية وأصبح مثال الرعب عندما يتولى أي موضوع للتحقيق حيث فهمه هو الإفراط فى القوة وعدم الإحترام للإنسان كإنسان وبالأخص زملائه الضباط .
قابلت العقيد في أحلك الأوقات الصعبة والقتال الشرس دائرا بين قوات الثوار وكتائب القذافي التى تدافع بقوة على بقاء النظام الفاسد وكان معه إبنه الضابط الشاب كمعاون، وقد إستقبلني بحفاوة واحترام وتقدير مما كان لها الأثر الكبير في النفس أنه إبن أصل أصيل من مدينة درنة لم يتغير حيث نفسيته طيبة لا يعرف الخبث ولا الدهاء السياسي بل تركيزه كعسكري محترف يعرف كيف يؤدي الواجب على أحسن وجه !!! 

                     رجب المبروك زعطوط 

البقية فى الحلقات القادمة …. 

             

No comments:

Post a Comment