Monday, May 27, 2013

شاهد على العصر 101



بسم الله الرحمن الرحيم 



يوم الاثنين الموافق 2011/5/2م
   نمت حوالي 3 ساعات فقط بعد السهرة الطويلة مع السيد مختار بخصوص البحث عن التمويل حتى نستطيع شراء زورق او سفينة صغيرة  سريعة لتوصيل الدعم من سلاح وذخائر من مدينة درنة المجاهدة التي قامت بالدور الكبير في التزويد لجميع الجبهات الشرقية من الكميات التي كانت مكدسة في  المخازن جنوبها في منطقة "الأردام"  والتي قد تركتها كتائب القذافي، عندما هربت، بدون حراسات  حينما شعرت بالخطر يهددها واستولى عليها الثوار في الأسابيع الاولى من الثورة، ونهب وسرق الكثيرون من المحليين والجيران الشرقيين الصواريخ  الحرارية التي لا يفهمونها ولا يعرفون قيمتها وبيعت بأرخص الأثمان وعبر الكثير منها بالتهريب عن طريق عصابات  الحدود إلى الشرق والغرب والجنوب، لقاء الربح المادي.

كانت هذه الاسلحة ترسل برا على الطريق الساحلي إلى الغرب، بالشاحنات الثقيلة لتوفير الوقت وشحنها عن طريق ميناء بنغازي إلى مدينة مصراته التي كانت تعاني من النقص الشديد حتى تستطيع ان تقاوم كتائب وقوات  السفاح الطاغية  بقوة وشراسة ولا تستسلم حتى لا تفشل الثورة المجيدة.

الساعة الخامسة صباحا نهضت من الفراش بصعوبة  وأنا أرتعد حيث كنت محتاجا لمزيد من الراحة  حيث  النوم لمدة 3 ساعات لا تكفي الجسم المنهك المتعب من السفر المتواصل طوال الوقت من مكان إلى أخر عبر دول العالم لصالح القضية السامية… ولكن في تلك الفترة الحرجة والحرب دائرة والشهداء يسقطون ضحايا قتلى والجرحى والمعاقين كل يوم، كنا كأحرار وطنيين  نحس بالواجب الوطني  وبوطأة المسؤوليات الضخمة على عواتقنا، لا نهدأ…  بل  نعمل على مدار الساعة كل حسب قدراته وجهده المتاح … حيث الحالة صعبة حالة حرب ونزال شرس مع مجرم طاغية ليست لديه ذرة كرامة او شرف او رحمة بأبناء الشعب البسطاء المظلومين غير القتل والموت لمن يتحداه ويعارض افكاره المريضة المجنونة وتراهات كتابه الاخضر الهزيل ونسى أنه مخلوق بشر مثل الآخرين وليس مميزا كما يتصور،  وكأنه سبحان الله تعالى الرب الخالق بيده الموت والحياة .

نهضت من الفراش على عجل ولم  أفيق وأسترجع الأنفاس الا بعد حمام بارد وعلى عجل غادرنا  الفندق ورأسا الى المطار بدون فطور حتى لا تفوتنا الرحلة بالطائرة إلى مدينة أثينا باليونان عن طريق وعبر الدوحة عاصمة قطر .

صعدنا الطائرة  من مدينة دبي بالإمارات ورحلة صعبة حيث كانت  طيلة الوقت في الجو  مضطربة واهتزازات شديدة مما جعلت الجميع خائفين من أن يحدث مكروه  لا قدر الله تعالى للطائرة نظير الطقس المتقلب والرياح الشديدة والعواصف… ولم نرتاح حتى حطت الطائرة على ارض مطار الدوحة  وفترة عبور بسيطة حتى ينزل بعض الركاب ويركب آخرون  وبعدها واصلت الطائرة الإماراتية  رحلتها إلى أثينا اليونان

تساءلت النفس وسبحت في عالم آخر فسيح ليس له حدود عن تساؤلات كثيرة وأنا وإبني ( علي ) ركاب في الطائرة وسط السحب نحاول ونبحث بقوة عن المناصرة والتأييد من الجميع،  وشحن جميع الطاقات والاتصال بجميع المعارف والاصدقاء الأجانب  لمد يد  العون والدعم للثورة المجيدة  في تلك الايام الحرجة، شارحين القضية السامية عن غلو النظام وشراسته في التدمير والقتل للفوز والنجاح  وإخماد الثورة المجيدة بأي ثمن وسعر مهما كلفت من خراب للوطن  وتدمير وقتل وإزهاق أرواح البشر. وعن تصميم الثوار الشباب على القتال لآخر رمق ونقطة دم طالبين من الله عز وجل النصر القريب حتى نرتاح من الشيطان الرجيم الذي أثقل كاهل الوطن بالتفاهات والتراهات التطبيل والتزوير والتزمير وصرف الدخل الخيالي خلال العقود العجاف على الفساد والإفساد والإرهاب والقتل وهدر دماء الضحايا في دول كثيرة بالعالم ونحن كشعب ليبي لا ناقة لنا ولا جمل، ليست لنا إية مصالح غير إشاعة الرعب ودمغ وطننا ليبيا الحبيبية بالإرهاب…

كانت الرغبة جامحة من أعماق القلوب للوطنيين الثوار على جميع المستويات  على إنهاء حكم الطاغية مهما كلف الأمر من تضحيات ومآسي لأبناء الشعب والوطن،  حتى  ترجع بسمة السرور والفرحة إلى الشفاه و تجري  دماء  الحياة في الشرايين والعروق التي جفت من المعاناة والضيق والإرهاب الأسود خلال المحن وحكم اللعين 4 عقود ونيف.
   
 الحياة مستمرة إلى ما شاء الله عز وجل  وما نحن البشر إلا مخلوقات وأدوات لتكملة المنظومة الإلاهية في الاستمرار إلى وقت معين لا يعرفه أي أحد من البشر متى يأتي ويحل حتى يأخذ حذره ويستعد له.  

من وجهة نظري جميع التنبؤات والتساؤلات والمعرفة الماضية منذ البدايات للإنسان والحاضرة الآن والمستقبلية بهذه الدنيا والحياة، ستظل عبارة عن بحوث للمعرفة وخطوات على الطرق العديدة للوصول للمعرفة النهائية،  التي مهما عملنا لن نستطيع الوصول  لها إلا التي وهبها الله عز وجل للبعض من الرجال الأنبياء المميزين الذين وهبهم بعض درجات المعرفة  الدنيوية نظير عبادتهم الحق بطهارة وصلاحهم في أزمانهم التي لا نعرف نحن البشر  إلا القليل عنها والتي حدثنا الله تعالى عنها في القرآن الكريم، مما أثابهم ووهبهم الحكمة والمعرفة لكثير من الغيبيات اكثر منا   لأننا بشر نصيب ونخطأ لنا حدود نتوقف فيها لا نستطيع إجتيازها .

للأسف التاريخ السابق الذي مضى إلى غير رجعة،  في نظري عبارة عن كتاب مفتوح  للقراءة والمعرفة وأخذ العبر العديدة من أخطاء الغير من الحكام والاباطرة  الملوك والرؤساء الطغاة الذين ساموا شعوبهم بالحديد والنار بدل العدل والمساواة التي هي أساس الملك .

أستغرب في هؤلاء البشر الحكام … هل لا يقرؤون ولا يفهمون؟؟ أم في غيهم وطغيانهم ساروا على الطرق الخطأ ؟؟ أم غير مهتمون بمصائب البشر ؟؟ أم زين لهم الشيطان الرجيم طريق الغي والفساد على أنها الصلاح وهي قمة الخطأ حتى يقدمون ويدفعون الثمن الغالي يوما من الأيام؟؟؟ أم  أعماهم الله تعالى عن رؤية الحق والصواب لحكمة وحكم يعلمها حتى يصيرون عبرا  للآخرين، أم ؟؟ وأم ؟؟؟ 

كثير من هذه التساؤلات التي تمر بالذهن والفكر كيف جميع هؤلاء معظمهم وقع في نفس الخطأ، تمردت شعوبهم وثارت  بعنف وقوة، قتلوا من طرف رعاياهم  غدرا أو شنقوا على أعود المشانق من قبل المحتل الخارجي يوم العيد بدون الشعور بالإثم ووصمة العار التي ستضل للأبد في جبينهم، لأنهم لم يراعوا شعور المسلمين يوم العيد الذي هو يوم السلام والفرحة وليس القتل والشنق كما حدث للرئيس صدام حسين في العراق…  أم فروا من اوطانهم طالبين النجاة يعانون ألم الهزيمة والفشل وضياع الملك والسلطان كما حدث للرئيس بن علي في تونس… أم في قاعات المحاكم يحاكمون في العلن من قضاة كانوا يوما مرؤوسين تابعين لهم يأتمرون بأوامرهم وينفذون  رغباتهم  بسرور وفرح وفي كثير من الاحيان ضد القانون .

أقول للنفس سبحانك رب العالمين أنت الوهاب للملك والصولجان والسلطان  لمن تشاء من عبادك… وأنت المذل لمن ترغب أن تذل من هؤلاء الذين كانوا يوما ما  لا شئ نكرات  بالمجتمعات لا يهتم بهم أحد … مهمشين  أصبحوا مع الوقت ومرور الزمن أسيادا في القمم بأوطانهم وأصحاب السلطة والأمر… السلطة والملك جعلت منهم جبابرة طغاة  ولكن لم يأخذوا العبر مما حدث لأمثالهم نظير التكبر والغرور والجهل

هذه التساؤلات المتضاربة والأفكار الجياشة  كانت تمر في الخاطر وانا جالس ساهم  في رحلتي في  الطائرة في الجو إلى أثينا اليونان والتى إستمرت عدة ساعات، ولم أنتبه من الخواطر الجياشة بالفكر والنفس  حتى سمعت النداء من المضيفة تطلب ربط الأحزمة حتى تهبط الطائرة على ارض المطار، مما أفقت من الأحلام والتساؤلات الكثيرة وربطت الحزام .

هبطت الطائرة بسلام على أرضية المطار وكان الصديق والأخ السيد ميخائيل بسوماس الذي أعرفه أكثر من نصف قرن مضى ينتظر في المطار مع زوج إبنته، صهره السيد نيكولا، وبعد الإجراءات وإستلام الحقائب والخروج إلى الصالة  تم اللقاء بالعناق والترحيب والسلام . ورأسا إلى بيته حيث رفض رفضا قاطعا أن نقيم في فندق وبيته موجود وذلك يدل على الكرم والوفاء للعشرة الطويلة والأخوة والصداقة التي ربطت بيننا طوال المسيرة، مسيرة الأعمال من بيع وشراء… بالبيت  حيث العشاء الشهي اللذيذ جاهزا وسهرة بسيطة في تناول الفاكهة وشرب طاسات الشاي  حتى الساعة 11 ليلا وهم يمطروننا بالأسئلة الواحد وراء الآخر عن مايحدث في ليبيا… وما هي التوقعات؟؟  كنت أرد بصعوبة ولم أستطيع مقاومة النعاس فقد كنت مرهق وشبه نائم  وإستأذنت من الجماعة  للذهاب إلى غرفة النوم لأرتاح ووعدتهم باللقاء بالصباح على مائدة الافطار لتكملة  الأحاديث وماذا نريد ونرغب  من اليونان 

يوم الثلاثاء 2011/5/3م  
الذهاب إلى المكتب والبقاء فيه طول اليوم خلال ساعات العمل من غير الخروج إلى خارجه وقت الغداء مثل العادة حتى لا يضيع الوقت،  بل تناولنا سندوتشات من التن والأجبان وشربنا فناجين القهوة  وطاسات الشاي طوال الوقت وكان التركيز على عشرات  الاتصالات الهاتفية إلى الوطن ليبيا عن طريق الهاتف الثريا عبر الأقمار الصناعية في متابعة ما يجري على الساحات العديدة القتالية في الجبهات في الوطن

وعن كيفية الدعم والمساندة إبتداءا من الاعلام الذي هو أحد الاسلحة الحديثة الخطيرة لكسب الحروب والثورات أهمها  فضح النظام والتهويل عن الفضائع والإفراط في القتل  الغير مبرر لشحذ الهمم وإعطاء الصور الواضحة للغير من الأصدقاء الأجانب مما رجحت كفة الثورة نظير الاعلام العالمي وضغطت الشعوب على أصحاب القرار في دولها بأن تساند عدالة القضية الليبية  والثورة القائمة مما كان لها الأثر الكبير في تحديد مصير الطاغية وإنهاء نظامه الإرهابي  مع الوقت.

حيث إستمرار المعارك الشرسة بدون توقف والمقاومة العنيفة والهجوم المتكرر من الثوار الاحرار بدون تدريب مسبق على الخطط والعمليات العسكرية وبدون سلاح كاف للمواجهة مما أذهلت وادهشت العالم وكانت الورقات الرابحة في تغيير قناعات الكثيرين من الحكومات مما تخلت عن مساندة ودعم دولة القذافي وبدأت تنظر بعيون المصالح والمكاسب لدولها، بدلا من مساندة الخاسر حتى يصبح لها موطئ قدم في دولة ليبيا الجديدة حيث نظام وحكم  القذافي يترنح ويصارع من أجل البقاء …

يوم الأربعاء 2011/5/4م 
جولة مع السيد نيكولاس  صهر مضيفنا السيد ميخائييل في ميناء بيريوس البحري لمشاهدة بعض السفن الصغيرة والزوارق السريعة المعروضة للبيع حتى نعرف الأسعار ونقرر، وقد شاهدنا زورق للركاب ( دولفين ) عندما يبحر بسرعة وقوة  يبقى طائرا على وجه المياه يحتاج إلى بعض التحوير  حتى يستطيع ان يقوم بالمهام المطلوبة التى نريد ان يقوم بها 

شاهدنا عدة سفن وزوارق والكثير منها يحتاج الى الوقت للمراجعة والإصلاح ولم يكن لدينا الوقت الكافي حيث الثورة في أوج قوتها والقذافي مشتت وقواته تتخبط في أكثر من مكان وموقع قتالي وبالتالي بدأ يفقد  زمام الأمور ولا يعرف أي أحد ان يقرر ماذا سوف يحدث ففي نظري  عملية وقت ممكن الثورة تنتصر خلال أسابيع أم شهور أو سنوات حيث الحرب سجال بشراسة بين الأطراف المتعددة، أو تتدخل أطراف أجنبية في المسار للوطن وبالأخص من دول روسيا والصين  وبعض الدول الافريقية حسب مايشاع في الأوساط وتفرض هدنة بالقوة بحجة الحفاظ على ارواح الأبرياء وبالتالي تنتهي الثورة وتفشل ونصبح ضحايا مطاردين مرة أخرى في دول العالم الفسيح

شطبت فكرة شراء الزورق الطائر وأنا أحترق داخل النفس  مع انه المناسب للرحلات من ميناء درنة البحري أو ميناء بنغازي  محملا  بالذخائر  يستطيع الوصول إلى مصراته  خلال يوم واحد فقط في حالة الطقس جيد، وكانت المشكلة الرئيسية التي واجهتني  أهمها الطاقم حيث من الصعب الحصول على الطاقم بسهولة في ظروف الحرب الدائرة فلا أحد من الاجانب يريد المغامرة في قضية ليس طرفا فيها معرضا حياته للخطر مهما كان الإغراء والحافز المادي، وتجهيز طاقم ليبي يحتاج لبعض الوقت حتى يستطيع العمل

يوم الخميس 2011/5/5م   
بالصباح الباكر ودعنا المضيف على أمل اللقاء القريب في دولة ليبيا المحررة، وقاد بنا السيد نيكولاس السيارة حتى المطار للسفر، وبعد فترة انتظار بسيطة  صعدنا الطائرة إلى مدينة إستانبول بتركيا ومنها الصعود على متن طائرة الخطوط الجوية التركية إلى مدينة واشنطن دي سي عاصمة أمريكا لمتابعة الامور العديدة .

قضينا ساعات عديدة في الرحلة الجوية حتى وصلنا إلى مطار العاصمة والإجراءات سهلة حيث الجميع في المطار من اللذين مررنا عليهم من المسؤولين كانوا  متعاطفين مع الثوار الليبيين في القضية العادلة ضد لؤم وخسة نظام القذافي الذي يقتل  البشر الأبرياء بدون أية عواطف ورحمة وبالأخص للعائلات والأطفال اثناء القصف المدفعي العشوائي على المدن والقرى في سبيل القضاء على الثوار والثورة مما شعرت بالزهو والفخر بأنني أنتمي لهذا الشعب الأصيل البطل الذي هب وقاوم الظلم بدون هوادة

 كان إبني الكبير مصطفى في الإنتظار بالمطار  مع مرافقه السيد أميل ورأسا إلى الفندق للراحة  والنوم حيث كنا مرهقين من الرحلة الطويلة، إستعدادا للعمل اليوم الثاني حيث لدي الكثير من اللقاءات والأعمال المهمة 

سافر إبني ( علي ) بالفجر إلى مدينة دالاس تكساس حيث انتهت مهمته في الرحلة معي  ليتابع عمله، وأتى دور  إبني مصطفى للمرافقة في الرحلة القادمة حيث رتبت البرنامج ان يكون معي احد أولادي في كل خطوة أخطوها، كمرافق وحرس شخصي في نفس الوقت فالحالة حالة ثورة وحرب ولا يأمن الإنسان المناضل على نفسه في السفر والتنقل لوحده خوفا من الغدر،  لأن الكثيرين من الطحالب عملاء القذافي ومناصريه مايزالون يعملون في الخفاء والصمت تحت السطح

                          رجب المبروك زعطوط 

البقية فى الحلقات القادمة ….

  

No comments:

Post a Comment