بسم الله الرحمن الرحيم
تم الاتصال في بنغازي واللقاء مع صديقي اللواء عمر الحريري والذي أصبح أحد القادة العسكريين المسؤول عن إدارة الجيش الوطني في فترة التمرد والثورة بالشرق بعد أن كان مبعدا سنوات طويلة في الظلال عن الخدمة العسكرية من الطاغية أثناء تصفيات الضباط الوطنيين الجيدين في منتصف السبعينات من القرن العشرين الماضي بحجج باطلة أنهم يهيؤون للقيام بثورة ضد النظام ... ووقت الثورة لبى نداء الواجب للوطن وشارك منذ اليوم الأول مع البعض من ضباط الجيش المخلصين في دحر الطاغية والخلاص منه... وطلب مني السعي مع المسؤولين الأمريكيين عن طريق الأصدقاء والمعارف الدعم بالسلاح المطلوب للمقاومة وبالأخص أجهزة الإتصالات.... وسلمنا قوائم سرية بالإحتياجات وضرورة الحصول عليها أو بعضها ولو عن طريق السوق السوداء بأي ثمن كان حيث الثوار كانوا بحاجة ماسة فورية لها للإستمرارية في مواجهة الطاغية على مختلف الجبهات الغربية لدحر قواته من الصمود... مما قبلت المهمة متعهدا أنني سوف أحاول كل الجهد عن طريق العلاقات للحصول على مايريدون حيث لا جميل لي، فحق الوطن و خدمته والتضحية من أجله بالروح والدم وبالأخص في مثل هذه الظروف الصعبة التي تحتاج إلى الدعم والمساندة بدون أية شروط كانت ولا مال أو أجر، مثل ما فعل ذلك الكثيرون من أدعياء الثوار مستغلين الظرف الحرج وأصبحوا بقدرة القادر في مدد بسيطة أغنياء حرب و في حساباتهم الملايين من النهب على حساب دماء وآلام الضحايا الشهداء.
قابلت صديقي العقيد الناجي الجدائمي الذي كان أول من قاد فرق الصاعقة في ليبيا أيام النظام الجماهيري في السبعينات والذي كان يتحرق شوقا للقضاء على الطاغية وأعوانه من كثرة ماأهين وعذب بالسجن عدة سنوات عديدة إثر وشاية من عضو مجلس قيادة الثورة الغوغائية اللواء مصطفى الخروبي على تهم باطلة كاذبة لقلب الحكم والنظام ، أيام التصفيات التي شملت الكثير من الضباط الوطنيين الشرفاء خوفا على النظام من أي هزات عنيفة قد تحدث له بالتمرد من الضباط المشكوك في ولائهم... وكان يعمل جاهدا بأوامر من المجلس الإنتقالي على تجميع جيش من الثوار المدنيين من جميع الكتائب والقطاعات في أسرع وقت للعمل جماعيا ضمن الأوامر والخطط العسكرية بنظام وإنضباط وربط وليس عشوائيا كما يحدث في جميع خطوط الجبهة، إختصارا للوقت حتى يتم القضاء على الطاغية بسرعة قبل أن يستجمع الأنفاس و يتحصل على مدد وعون... وكان نعم الجندي الملتزم، لا يعرف من السياسة والدهاء الا القليل حيث كان عسكريا محترفا بمهارة تركيزه على القتال ، يصدر وينفذ أوامر قيادته بدون أية تجاوزات ولا إستفادة شخصية سواءا مالية أو شهرة والبقاء في السلطة... ووفقت بحمد الله تعالى في الجمع بينه و بين زعيم وآمر الكتيبة المدنية شهداء بوسليم في التعاون المثمر حتى تصبح للكتيبة الصبغة الرسمية والشرعية تحت إطار وعنوان الجيش القوات المسلحة الرسمية ... وبعد أن قام بالمجهودالكبير في التجميع وإنشاء الكيان الجديد من الصفر وأصبح حقيقة على الواقع تمت إحالته وسرقة الموضوع منه والحلول مكانه من الخوارج المرتدين المتطرفين حتى يتحكموا في مصير الوطن، وأثبتت الأيام مدى الضرر الذي حصل .
أغتيل اللواء عبدالفتاح يونس بدون رحمة ولا شفقة مع مرافقيه وحرسه من أبناء عمه الثقات بناءا على إستدعائه من الجبهة الغربية من الخطوط الأمامية للقتال بأمر من رئيس المجلس الإنتقالي للقدوم إلى بنغازي للتحقيق معه في مواضيع غير معروفة مبهمة كما أشيع في الأوساط ، أهمها المراوغة والتعطيل في الاستمرار في التقدم والزحف وإحتلال سرت ،مدينة الطاغية، التي كانت محاصرة وشبه جاهزة للإحتلال والسقوط إلا من بعض جيوب المقاومة الشرسة... ونفذ اللواء الأمر بدون تعطيل ولا خوف وكان بإمكانه الرفض في القدوم إلى بنغازي بحجج كثيرة أو يأتي ضمن حراسات كبيرة ولكن كان خالي البال عن الدسائس والمؤامرات التي تحاك له في الخفاء... وتم الإغتيال ببشاعة والتمثيل بالجسد والحرق للمجموعة كإنتقام أعمى من المجرمين في ظروف غامضة حتى الآن ... ومهما تعددت التحقيقات عن سر الإغتيال ومن وراؤه من القوى الخفية والصراعات، يصلون دائما إلى طرق مقفلة وسدود يصعب تجاوزها... والحقيقة إلى الآن يعلمها الله تعالى والتي مهما طال الزمن يوما من الأيام سوف تظهر على الملأ للجميع.
تعرفت باللواء خليفة حفتر في مكتبه في بنغازي وكانت المرة الأولى التي نتقابل فيها شخصيا بناءا على تكليف من رئيس المجلس الإنتقالي لمعرفة الاحتياجات المطلوبة للدعم ... و قد كان نعم الرجل حيث أعطانا الأولوية وإستقبلنا قبل الكثيرين من المهمين العسكريين والمدنيين ممن كانوا في صالة الانتظار، بناءا على سمعتي النضالية الجيدة أيام المعارضة بالخارج لسنوات عديدة ، وكان بمعيتي إبني والمناضل الترهوني والعقيد المهدوي وتم النقاش في أمور كثيرة عامة وعن المقاومة الشديدة والكر والفر في الخطوط الأمامية... وكان نعم الرجل في جميع الرؤيات والأبعاد والشرح بذكاء في النقاط التي تم نقاشها وقتها، ذو شخصية و هيبة و مؤهلا للقيادة والزعامة ... خرجت منه على معرفة أنهم محتاجين إلى مدربين وسلاح أمريكي لتدريب القطاعات المدنية الكثيرة من الثوار المدنيين لمساندة الجيش الذي تهلهل وضاع الربط والحزم والضبط فيه وبحاجة ماسة إلى مساندة ودعم قوي حتى يواصل المسيرة وينتصر، ووافقت أنني سوف أعمل مابجهدي عن طريق الاتصالات والعلاقات بالأصدقاء والمعارف، و أفدته بما حصل من إتصالات مع رئيس المجلس الإنتقالي السيد مصطفى عبدالجليل قبل مغادرتي إلى أوروبا وأمريكا للمشاورة والتباحث والموافقة الذي أبدى أرتياحه وطلب مني المواصلة في الموضوع مع اللواء خليفة حفتر حيث كانوا وقتها يمرون في مرحلة حرجة دقيقة والطاغية يقاوم قوات الثوار بشراسة وقوة مهما كلف الأمر من خسائر ودمار وخراب للوطن والتضحيات بالأرواح آملا في الانتصار والإنتقام.
غادرنا من مطار بنينة ببنغازي على متن طائرة خاصة مؤجرة من بعض الميسورين الوطنيين رجال الأعمال التجار لرحلات عديدة (شارتر) خاصة بالثوار لنقل الجرحى والمعاقين إلى تونس للعلاج والرجوع بالنازحين بدون دفع أية مبالغ للتذاكر بالمجان، وكانت رحلة محفوفة بالخطر من أية حوادث قد تحدث لا قدر الله تعالى... والمريح للنفس وطمأنينتها أن الحظر الجوي من قوات التحالف قائما مفروضا بقوة وحزم ويراقبون بعيون يقظة على أي تجاوز قد يحدث ... حيث لا تستطيع طائرات الطاغية الرابضة ببعض المطارات بالصحراء الإقلاع والترصد والهجوم والهبوط مرة أخرى، والخوف والرعب في أيام وشهور التمرد والثورة الأولى كان من أي حادث تفجير مفتعل مدبر قد يحدث في الجو من العملاء الطحالب والأزلام المدسوسين في الصفوف والذين يحلمون بفشل الثورة ، ورجوع الطاغية للحكم والانتقام .
أقمنا بفندق هيلتون عدة ايام حيث أصبح المركز الرئيسي لليبيين في اللقاءات مع الكثير من الثوار القادمين إلى تونس سواءا للعلاج أو البحث عن مصادر تموين للسلاح والمعدات المطلوبة وكونت علاقات وصداقات عديدة معهم قائمة إلى الآن مع البعض بعد مرور خمسة سنوات على نجاح الثورة والنصر ... وتبرع آحد الأصدقاء وقتها المقيم بالخارج عن طريقي والذي طلب مني عدم ذكر الإسم حيث لا يحب المباهاة والفخر و يريد أن يكون فاعل خير في السر والخفاء بشحنتين كبيرتين جوا بالطائرة لوصولها بسرعة إلى الثوار من الملابس والأحذية العسكرية حسب المواصفات المطلوبة، والقادمة من آسيا ، حيث كان الفصل شتاءا وكمية كبيرة من الدروع الواقية لأجسام الجنود ضد الرصاص وكان موقف المسؤول العسكري التونسى جيدا وتعاون مع وسيطنا صديقه إلى أقصى الحدود وأصدر الأوامر الصارمة بعدم التفتيش والمتابعة في مطار قرطاج وتركها تنقل في وضح النهار وتصل إلى أياد الثوار وتم تسليم الجزء الأكبر إلى مغاوير الزنتان والباقي إلى مغاوير الزاوية كدعم من بعض الأحرار الجنود المجهولين.
وتمت الإتصالات العديدة مع عدة أطراف مهمة أخرى بالتزويد ببعض المعدات الضرورية من السوق السوداء للدعم والمساندة والذين بعضهم وافق على المواضيع والإستجابة للبيع والتسليم الفوري بالدفع المسبق بتحفظ حيث يحتاجون مع المال إلى تفويضات رسمية من المجلس الانتقالي كتابة للتعجيز والرفض بأدب وليس سرية ومن خلف الستار عن طريق وسطاء خوفا من وصولها إلى أياد منظمات الإرهاب العالمية حتى لا تتم ملاحقتهم يوما من الأيام من الدول الكبرى المعنية بالأمر والمكافحة بقوة للشر الذي بدأ ينتشر بسرعة في الدول العربية الاسلامية كالورم السرطاني الخبيث الذي صعب علاجه مهما حاول الضحايا الكفاح والعلاج والتشبث بالحياة... والله الموفق...
رجب المبروك زعطوط
البقية تتبع .....