Saturday, April 18, 2015

ليبيا 34

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحلقة 2

الملك ادريس السنوسي في لقطة تعبر عن التواضع والبساطة 
               عانى العهد الملكي الليبي في أيامه الأخيرة  بعض الأزمات الخطيرة تحت السطح مما جعلته يحتضر ببطء،  أولها عامل السن وتقدم العمر للملك ادريس رحمه الله تعالى بالمغفرة حيث كان زاهدا غير قادرا صحيا على الإستمرار في الحكم والعرش، رغبته التقاعد وتمضية بقية أيامه في زاوية واحة الجغبوب بالصحراء على الحدود الشرقية مع مصر نظير الطقس الصحراوي الجاف طوال السنة المناسب لصحته والزاوية الثانية في الترتيب  في ليبيا بعد البيضاء في المدينة القديمة التي الاولى والاساس في الزوايا السنوسية في ليبيا وغيرها التي تدعو للطريقة السنوسية ونشر دين الاسلام الصحيح كما يجب بدون زيادات .
                  الجد عميد الأسرة السنوسية وآل الشريف الشيخ محمد على السنوسي مدفونا في الجغبوب ، ولم يكن للملك إدريس وريثا من صلبه مما تنازل عن العرش لاخيه الامير محمد الرضا (ناسيا متناسيا بالإيحاء العمد من مستشاريه آلِ الشلحي والانجليز) الإبعاد لآل الشريف أولاد عمه القريبين في التوريث حقهم لتبوء العرش حسب تسلسل العائلة السنوسية حسب ماأعرف وما إطلعت عليه من الشيوخ كبار السن في ذاك الوقت من بعض رجال العائلة السنوسية وآلإخوان القريبين .
                  الزعامة تمنح للأصلح مرة لبيت السنوسي ومرة لبيت الشريف حسب الإتفاق العائلي عندما تنازل السيد أحمد الشريف المجاهد عن زعامة الطريقة السنوسية والجهاد في الجبل الأخضر إلى ابن عمه الشاب الأمير ادريس قبل ان يكون ملكا وسافر إلى اسطنبول تلبية لأمر السلطان العثماني للمشورة والرأى ومحاولة الوساطة مع الشريف حسين لوقف التمرد والثورة وحقن دماء المسلمين في الحجاز ضد الأتراك العثمانيين .
                   
                الملك ادريس آثر ونصب أخوه الشقيق السيد محمد الرضا المهدي السنوسي لظروف خاصة كولي للعهد للمملكة ، مما غضب آلِ الشريف على التصرف والتعدي على حقوقهم الشرعية وإبعادهم عن السلطة في صمت وبدأت سلسلة الكراهية والخصام في القصر والإغتيالات لسنوات والتحديات بين الأطراف ، وزاد الامر وفاة ولي العهد وتنصيب إبنه مكانه الامير الحسن الرضا وليا للعرش والتهيئة له بأن يصبح الملك الجديد ضمن برامج وزيارات للعديد من الدول.
                  القوى الخفية الغربية العالمية تعرف وتعلم اسرارا   عن العائلات نظير البحث  والتقصي الدؤوب  كانت في حرب خفية سرية في صمت ضد الهمنية البريطانية  مع أنهم حلفاء ولكن المصالح إختلفت على الهيمنة على النفط وخيرات ليبيا الرهيبة المستقبلية...   وكان الإنجليز  يساندون  آلِ الشلحي للوصول لسدة الحكم الفعلي متخذين من الملك إدريس ووريثه الأمير الحسن واجهات كتغطية والذي كان معظم ضباط الجيش كبار الرتب وقتها موالين لهم ويخططون للسيطرة على المملكة وبعلم الملك بطريقة أو أخرى المسرحية المعدة بإتقان تنازل الملك ادريس وتسليم السلطات والتتويج للملك الحسن الجديد يوم 5  سبتمبر التي لم تحدث .
                إستغلت القوى الخفية المعادية  الظرف وقدمت البديل الجاهز بدون علم الآخرين الكبار الذين كانوا على علم بسيط بالانقلابيين الشباب ولكن مستهزئين بهم  لانه في إعتقادهم وتصوراتهم لا يمكن لهم النجاح ضد الملك المحبوب شعبيا في جميع ارجاء ليبيا وبالأخص المنطقة الشرقية ولاية برقة سابقا .
               قام الضباط الشباب صغار السن بالإنقلاب تحت مسمى تنظيم الضباط الوحدويين الأحرار وكان أبيضا بدون سقوط ضحايا ودم ولا مقاومة ولا صد الا من البعض الغير عارفين بمجريات الامور .... كبار الرتب بالجيش والقصر لم يقاوموا الانقلاب بالرد بقوة ، كانوا مخدوعين نظير العلم المسبق بالتغيير ، مما ضاعت الفرصة الذهبية على آلِ الشلحي والأعوان المدنيين سادتهم في الوصول للحكم وهرب البعض للخارج وأصبحوا لاجئين وقضى الآخرون فترات في السجون حتى تم إطلاق السراح وتم التعيين للكثيرين في وظائف ثانوية مدراء على الهامش تحت المراقبة الدقيقة حتى إستتب الامر للانقلاب ووصلوا لسن التقاعد ، والملك ادريس رحمه الله تعالى قضى سنواته الأخيرة في المنفى بالقاهرة مصر حتى وافاه الأجل ودفن في مقبرة البقيع بالمدينة المنورة بالمملكة السعودية .
                 لم يفرح ولي العهد الأمير محمد الحسن الرضا  ويتوج كملك نظير الضعف والدسائس فى القصر والخصام الشديد والتحديات والصراع القوي في السر بين العائلات على الحكم عائلة الشلحى وأتباعهم من المنافقين الإستغلاليين أدعياء الوطنية (والبعض منهم مازال حيا يرزق ولكن لا مجال للفضح)  وعائلة آلِ الشريف من نفس البيت السنوسي، الفرع الثاني ، المبعدة عن الحكم ، نظير غضب الملك عليهم بسبب إغتيال عميد أسرة الشلحي ، السيد إبراهيم الشلحي الذي كان وصيفه ورفيقه وأمين سره منذ الصغر .
                 القاتل نفذ الجريمة في العلن في بنغازى ولم يهرب بل ظل واقفا حتى تم القبض عليه من البوليس وقتها السيد "محي الدين الشريف" من العائلة المالكة  الذي كانت عمته الملكة فاطمة ، زوجة الملك ادريس والقصة طويلة لمن يريد ان يتابع ويعرف الحقائق الخفية الماضية والتي كانت سبب دمار ليبيا والثورات والمصائب التي تعاني منها  إلى الآن نظير الصراع بين القوى الخفية الدولية والطمع في العرش والتحكم في ثروات الوطن من العملاء .
                     فرح الشعب الليبي ورقص كما رقص من قبل مخدوعا فرحا مسرورا بالنصر عندما تم القضاء على العهد الملكي الزاهر بدون ان يدري أنه يرقص رقصة الديك المذبوح على الحبل وأنه يؤيد بدون أن يدري في طاغية ولم يسأل ويتساءل من القادم الجديد وهل لديه المؤهلات على الحكم والتحكم بأرقابهم وهو صغيرا بالسن بدون خبرات ولا تجربة في الحكم   ودفع الشعب الثمن الغالي خلال اربعة عقود ونيف من حكم الظلم والقهر .
                    رقص الشعب مرة ثانية أخرى فرحا مسرورا بإزالة الظالم القذافي الطاغية ونظامه الغوغائي الفوضوي من الحكم للأبد ولم يع  الدرس الرهيب السابق ويتساءل ويفهم قبل ان يرقص من القادم ، بل نسى كل الامور والاحداث المؤلمة وتركها وراء الظهر ودخل في تجربة أخرى مريرة مؤلمة من الصراع نفقا مظلما بدون معرفة  إلى أين تصل النهاية، متطلعا للمستقبل بعيون حائرة يبحث عن الانقاذ والوصول وتحقيق الاهداف النبيلة حتى ينهض ويتقدم.
               للأسف العيون الحاقدة من الغير وتدخل القوى الخفية العالمية والمحلية والنفوس المريضة والطمع في أموال الحرام والأموال المكدسة بدون حماية وحراس أمناء ، لهم حب وولاء للوطن ، تم النهب من الكثيرين المسؤولين عديمي الذمة والضمير ... مما خرجت على السطح فئات مارقة إستغلوا الثورية في أبشع الصور وقاموا بالتحكم في الوطن عن طريق مسميات وعناوين كثيرة رنانة ظاهرها جميل وحسن لإلهاء الشعب المتعطش للإنعتاق والحرية والتقدم وباطنها سيئ إلى ابعد الصور والحدود مثل وضع السم في العسل الشهي لترغيب كل من تناوله بشهوة و بسرعة من غير تفكير وحسابات دقيقة ، سقط في الخضم المرير صريعا بدون شفاء!
                    قامت فئات الشر من المغالين المتشددين للصلاح وإصلاح الدين الإسلامي كما يحلو لهم حسب فهمهم وأهدافهم ضد البقية الآخرين الموحدين وكأنهم ضالين مرتدين ، تولوا الامور بالقوة وفرض الأمر بدون أي بيعة ولا إعتراف بولايتهم من أي أحد بشرف ، وبالأخص الخوارج المارقين الدواعش قاطعي الرؤوس بدون عدل ولا وجه حق للضحايا متخذين عباءات وعمائم الشيوخ والعلم الأسود رمزا وعنوانا للتغطية بدس الفتن والدسائس ضمن الفتاوي الخاطئة بدون علم غزير .
                    سرت النار بسرعة وقوة في الهشيم الجاف في أوساط الشعب الليبي المتعطش لإحياء الاسلام ذريعة وشريعة في وطن جميع مواطنيه يدينون بدين الاسلام عن قناعة وفي الدم يسري بدون توقف بدون وجود أية طوائف كانت أو شرائح دينية أخرى منافسة مثل كثير من الدول العربية التي تعاني من الإختلافات ...   ولا أحدا في ليبيا مهما كان كبيرا أم صغير الشأن يستطيع الرفض للصالح العام وبالأخص إذا كان الدين على رأس الموضوع والعنوان وأثبتت الايام والصراع والحرب والإقتتال ان الجماعات الاسلامية معظم أهدافها وتوجهاتها المعلنة غير واضحة زائفة غير صادقة في التطبيق  مما كانت صدمة كبيرة للشعوب الموحدة .
                    بدأت المناوشات والخصام على المراكز في ليبيا ومع الوقت زادت عن الحدود وعمت وأصبح من الصعب على الكثيرين الأبرياء العيش مرتاحين بدون قلق حيث بدأ الخطف للميسورين وطلب الفديات بمبالغ كبيرة من ذويهم مما البعض عجزوا عن الدفع وتم القتل للضحايا المخطوفين ببساطة ورمي الجثث في الاماكن العديدة وعلى قارعة الطرق والمباني المهجورة بدون رؤوس تنفيذا للتهديد والوعيد حتى يركع الآخرون وينفذون الأمر ويلبون الطلبات بدون احترام للموت والدفن الكريم حتى تعفنت الأجساد والجثث وضاعت المعالم وزاد الرعب والخوف للجميع .
                    ونزح وهاجر الكثيرون من بيوتهم إلى مدن وقرى أخرى بالوطن هربا للنجاة والحياة والكثيرون إلى الخارج وبالأخص دول الجوار والعديد من دول العالم حتى وصل التعداد إلى أكثر من ربع الشعب الليبي القليل العدد ذو السبعة ملايين مواطن ، اصبحوا لاجئين بدون وطن نظير الرعب والخوف من الملاحقة من المجرمين مهاجرين في أوطان الغربة شتات بدون تجربة ولا فهم ولا دخل يعانون الهموم المادية للعيش الكريم بعدما نفذت الاموال البسيطة التي كانت بحوزتهم،  غير قادرين على إطعام عائلاتهم وأطفالهم مما ضاع الحياء لدى الكثيرين وفسدت الاخلاق وضاعت العزة والكرامة لقاء الإحتياج .
                     زاد الهم والغم وكأنه بقصد معين قطع المنح الدراسية على معظم الطلبة الموفدين رجال وأمهات المستقبل إلى الخارج للدراسات العليا من قبل أوباش في الحكومة أصحاب القرار في المؤتمر الوطني العام ووزارة التعليم العالي بالوطن ، المنع وعدم الصرف للمرتبات ورسوم الدراسة للجامعات بحجج تافهة ، الدخل الوحيد لطلاب العلم الغرباء للإقامة والعيش الكريم براحة وتكملة وإنهاء الدراسة مما تسبب الامر في مشاكل عدة للكثيرين حيث بالغربة عند الإحتياج لا رحمة ولا شفقة واضطر البعض للعيش في مهانة في أسوء الظروف ضمن الديون مرضى تائهين والكثيرون إلى الرجوع .
                     وأموالنا تصرف للأسف هدرا هباءا منثورا في غير طاعة الله تعالى على بنود ثانوية غير ضرورية تم إختلاقها للنهب ولإمتصاص المزيد من العمولات الفادحة من طبقة مصاصي الدماء الإستغلاليين بدون وجه حق ولا حياء ولا ضمير ناسين متناسين ان عين الله تعالى الساهرة موجودة طوال الوقت تراقب ، تمهل ولا تهمل .
                    مهما عددت من أفضال ليبيا وطني العديدة علينا، لا أستطيع الثناء والشكر والحمد  لها ولا الحصر والعد عن الخير العميم الرباني والبركة الإلاهية من الخالق الله عز وجل التي تحتضنها من كل الجوانب حيث ارضها طاهرة ليس بها خبث ليس بها شوائب غير بعض الأدعياء الجهلة والمنافقين أشباه الرجال الذين أساؤوا لها نظير الطمع ، ترعى فيها العناية الله عز وجل من السوء والخراب والدمار من شياطين الإنس، وطن المليون قارئ وحافظ لكتاب الله تعالى القرآن الكريم ، وطن الأولياء الصالحين المدفونين بها والأحياء الغير ظاهرين في  الخفاء من رجال الله تعالى .
                    كل غريب عاش فيها فترة من الزمن نظير العمل والإقامة فترة طويلة عشقها عشقا كبيرا أحبها من القلب لا يستطيع نسيانها مهما حاول عندما رجع إلى وطنه ، حيث شعبها مضيافا ودودا سخيا يحب الغريب سهل العشرة مع الآخرين يحب الخير للجميع وبالأخص ليس لدينا فروقات وطبقات بيننا كشعب واحد سادة وعاديين وخدم كما في دول عديدة فى مصر والخليج حيث التمييز .
                    بلانا الله تعالى بشياطين الإنس القذافي وأمثاله من قادة الثوار وأدعياء السياسة والانتهازيين أشباه الرجال عاثوا الفساد والإفساد فى الحرث والنسل والنهب عسى ان نفهم ونتعلم الدرس ونتصدى للظالمين وننعم بالسلام والأمن والأمان.
                    لا يصح الا الصحيح مهما طال الوقت والزمن ولدينا مثلا شعبا يقول (ما تعرف قدري وخيري حتى تجرب غيري) ونحن الليبيون جربنا الكثير من المندسين الغرباء عديمي الأصل والذمة عديمي الضمير عندما قامت الثورة المجيدة وألمت بهم الظروف الصعبة خافوا وهربوا من ليبيا للخارج ودول الجوار طلبا للنجاة تنازلوا عن الهوية الجنسية الليبية المزورة كتغطية أيام العز الماضية ببساطة،  منعا من الملاحقة والعقاب الذين كانوا يوما خلال العقود السابقة للنظام الفوضوي من رجال القذافي الأوفياء محيطين به كالسوار على المعصم ، خدما رهن الإشارة لتنفيذ أي أمر مشين صعب بإشارة من الطاغية نظير النفاق التسلط والنهب بدون حساب من خزينة المجتمع .
                   النظام الجاهل منع عن الليبيين التعليم للغات الاجنبية وفرض بالترهيب والقوة إطروحات الكتاب الأخضر الهزيل الذي تعاليمه خرابا ودمار بدلا من العلم والاساس للحياة والرقي والتحضر بالنفوس إلى أعلى المراتب ناسيا ان أول سورة عظيمة فى القرآن الكريم نزلت على الرسول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فى غار حراء بمكة المكرمة تقول بسم الله الرحمن الرحيم ( إقراء ) تدعو  وتحث على طلب العلم بأي وسيلة، من المهد إلى اللحد  ويتعلم الانسان أنه لم يخلق عبثا على الأرض بدون هدف  وأن يعيش موحدا عابدا الرب الخالق جل جلاله حامدا شاكرا النعم والأفضال طوال الوقت والله الموفق . .

                   رجب المبروك زعطوط

 البقية في الحلقات القادمة ...

No comments:

Post a Comment