Saturday, October 4, 2014

يوم عرفات 10

بسم الله الرحمن الرحيم



            بالأمس ، كان يوم 2014/10/3 م   يوم جمعة مقدسة ، يوم الحج الأكبر وحضور الوقفة على جبل الرحمة جبل عرفات المقدس بالقرب من مدينة مكة المكرمة من ضواحيها ، الذي لا يحتسب الحج للزائر القادم حجا الا لمن حضره ضمن الحدود والوقت المعلوم المحدد في التقويم الهجري الإسلامي في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة من الفجر حتى المغرب ولو بضع ساعات للحاضرين من المحليين والقادمين من جميع أنحاء العالم والملبين النداء بإيمان وخشوع للحج لبيت الله تعالى الحرام والطواف عليه في يوم القدوم لمدينة مكة المكرمة والوداع له يوم الرجوع والسفر لأوطانهم سالمين غانمين.

            والصلاة في مقام سيدنا ابراهيم الخليل عليه السلام ركعتين ايمانا وخشوعا ، والسعي بين الصفاء والمروة تيمنا بسيدتنا هاجر عندما كانت تمشي وتهرول بلهفة بين التلتين متطلعة ببصرها عسى ان تشاهد قافلة او قادمين تبحث عن ماء لابنها الرضيع سيدنا اسماعيل الذي يبكي بحرقة من العطش والجوع... حتى وصل الروح الأمين سيدنا جبرائيل وحفر لها في لحظات بقدرة الله تعالى بضربة من جناحه الارض وتدفقت المياه من النبع زمزم. 

           الشرب من ماء زمزم الطاهر المبارك وقص البعض من شعر الرأس او الحلاقة له بالكامل ، وزيارة منى مكان الفرح والهناء ، وتجميع الحصى من مزدلفة لرمي وضرب الشيطان الرجيم بالحجارة أيام العيد الثلاثة كما فعل به سيدنا ابراهيم عليه السلام منذ آلاف السنين ، عندما حاول منعه ثلاثة مرات من ذبح ابنه اسماعيل تأكيدا للرؤية وتشكيكه لها فيها وعصيان اوامر الله عز وجل كما فعل من قبل مع سيدنا آدم عليه السلام .

            الوقفة على جبل الرحمة يوم الجمعة مقدسة أجرها كبيرا وأفضالها عديدة مهما أوتينا من علم لا نعرف عنها الا القليل ، لا تأتي طوال الوقت الا بعد مرور بعض الزمن وسنوات عديدة حتى تحل الدورة مرة اخرى والوقفة يوم الحج تكون بيوم الجمعة.

            فهنيئا لحجاج بيت الله تعالى الحرام هذه السنة والمرة على الكرم الإلاهي والعطاء الثمين ، داعين راجين خاشعين طالبين من الحنان المنان ذو الجود والاحسان ان يكرمنا فى احد المرات ونقف على جبل الرحمة فى أحد الزيارات قبل الممات وتوديع الحياة الفوز في أيام الحج أن تكون يوم جمعة.


             جميع الحجاج الليبيين من جميع الأطراف والاتجاهات ، الكثير منهم قاسى المشقات فى السفر الجوي  من ليبيا والوصول الى الاراضي المقدسة حيث ركبوا على متن الطائرات العسكرية العملاقة من السبعينات لحمل الجنود والمعدات بسرعة من موقع لآخر البالية من غير صيانة مخاطرين بالأرواح ، وامتعتهم أمامهم بغير اي نظام ولا أية ضمانات للسلامة ولا أحزمة للربط من الاهتزاز ، ضد جميع معايير نظم الطيران المدني وكأنهم في زحمة صالة مغادرة شعبية لاحد مقار عربات الأجرة للسفر البري من مكان لآخر.

             أليست بأمر مؤسف ومأساة ؟؟ أن يصبح الليبيين بهذا الشكل المزري والوضع البائس بعد الغني والعز؟؟ ولكن الرب القادر تعالى عارف بالأمر والظرف الصعب الذى يمر به الوطن الآن نظير الصراع والإقتتال الدموى بين الأشقاء بني الوطن الواحد ، على امور مهما كانت صعبة لها حلول مع الوقت ، حيث الأجر حاصل للمظلومين الذين شاء سوء الحظ وكانوا في المكان والوقت الغير مناسب .مما أصبحوا هدفا وضحايا داخل حلبة الصراع بدون ذنب إقترفوه حتى يعاقبون بمثل هذا الشكل.

        الحجاج يدعون خاشعين الله عز وجل من أعماق القلوب الرب الخالق بأن يهدأ النفوس في ليبيا ويتوقف الصراع الدموى بين الأخوة الأشقاء الذي طال الفساد الحرث والنسل وأدى بالخراب والدمار للوطن وجعلنا نتأخر سنوات عديدة للوراء من البعض امراء الحرب الجدد الظاهرين على الشاشة بإسم الدين كغطاء وعنوان كبير وغيرهم من الزعماء في صمت وخفاء وراء الستار الممسكون بخيوط القضية الوطنية من شد وجذب وكأنها لعبة يتاجرون فيها بالموت والحياة للبسطاء المغررين من الشباب الغير فاهمين سير وأصول المسرحية التي تدار ببراعة وخداع ، نظير حب الدنيا ومباهج الحياة من سلطة ونهب أموال حرام تخص المجتمع بدل التشييد والبناء وسعادة المواطن المحروم حيث الاموال ليست ملكا خاصا لأحد دون الآخر أموال عامة للجميع.

              الحمد لله تعالى ان جعل لكل شئ نهاية وفناء بالموت وإلا هؤلاء الطغاة المسيطرون الذين عميت قلوبهم وأبصارهم عن رؤية الحق المبين لا يتركون سبيلا في الحفاظ على مكاسبهم الحرام الدنيوية بالقوة ولا يتيحون الفرص للغير من الضعفاء العيش بسهولة رافعين رؤوسهم بكرامة ولا يرضخون بسهولة إلى اي مصالحة جماعية تنهي الدم.

             فالموت راحة للجميع فهنيئا للشهداء الضحايا على المكافئات السخية والفوز بالجنة وهؤلاء الذين ركبوا الموجة وأصبحوا من الأوائل في مقدمة الصفوف لهم الحساب العسير والراسب في الامتحان الالاهي إن لم يغفر له الله تعالى ، الرمي في نار جهنم الى ماشاء الله تعالى من وقت.

              غدا السبت اول ايام العيد الاضحى المبارك سوف يتم نحر الذبائح من الشياه فى جميع أنحاء الوطن العربي الإسلامي ، تضحية من اجل العيد كسنة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام مثل العادة وحسب الشعائر الاسلامية المتوارثة من الأجداد والآباء بدون فرحة العيد وبهجته في النفوس الحزينة ، حيث معظم البيوت في ليبيا فيها مجالس للعزاء على فقد الأحبة القتلى.

             في ليبيا كل يوم مر ويمر من قيام الثورة على الظالم المقبور القذافى من 2011/2/17م  وحتى بعد الخلاص منه والقتل له شر قتلة وهو يستجدى في آسريه الرحمة تسقط عشرات الضحايا الابرياء من المواطنين كل يوم نظير لعنة الملك ادريس الزاهد الراحل الذي لم نعرف قدره حتى اكتوينا بالنار والانقلاب الاسود ومجئ الشيطان الرجيم على رأس السلطة بالوطن.

         والصراع الدموي الدائر والغليان الشعبي تحت السطح والتمرد وطلب الخلاص لم يتوقف، الذي الكاسب فيه خسران نظير غياب العقول وسيطرة الشيطان الرجيم على النفوس المريضة حيث عم الفساد وإستشرى بالوطن حتى حارب الاخ اخوه نظير امور كثيرة معظمها نتيجة الحقد والحسد والغيرة فى النفوس والطمع حتى وصلوا الى هذا الحال المؤسف الذى لا يصدق أى أحد أن هذه الامور الشنيعة الشريرة سوف تحدث من شعب طيب بالسابق يضرب به المثل !!

             ان القلب يدمي حزنا وأسى وأنا مقيما بالغربة غصبا عنى ، أتابع فى مآل وطنى يوميا مشاهدا من بعيد  عبر القنوات المرئية والشبكة العنكبوتية (الفيس بوك والتويتر) غير قادرا على الرجوع فى الوقت الحاضر حيث بيتى فى طريق المطار طرابلس تمت سرقته ونهب كل الموجود من اثاث وسيارات وخراب للمبنى من بعض الرعاع التابعين لأحد الجهات المعروفة ، يحتاج إلى وقت ومال حتى يتم الاصلاح ويصبح جاهزا ملائما للسكن . مما الوضع العام غير مناسب والجميع من الأهل ، المعارف والأصدقاء يطلبون منى بإلحاح أثناء الاتصالات الهاتفية المتقطعة البقاء بالخارج في الغربة حتى ينتهى العلاج من المرض ، الذي طال نظير تجرع المآسى في الوطن مما ازددت مرضا وهما وغم ، غير قادرا على الرجوع للوطن في هذه الحالة في الوقت الحاضر نظير عوامل السن وعدم العافية و الصحة والغم والهم الملازم في الوحدة بعيدا وعدم إستتباب وغياب الأمن .

           الحالة بالوطن مؤسفة وكل يوم الدم يجري هدر والضحايا تسقط والخراب والدمار من القصف العشوائي وسقوط القنابل من الراجمات في المدن الرئيسية وبالأخص في طرابلس وبنغازي بدون هدى وبدون دراية وفن فى التصويب والقصف الجوى من الطائرات فى كثير من الأوقات.

              القنابل تسقط على رؤوس الضحايا الابرياء الأهالى الآمنين عشوائيا من قوات الكرامة للجيش الليبي بدون هوادة أثناء البحث عن مخازن الذخيرة وتجمعات المقاتلين الشباب الذين يعتبرون اعداءا لهم من انصار الشريعة المتمركزين وسط الاحياء السكنية الكثيفة بحيث ضاع الحابل مع النابل والغث مع السمين وأصبح المواطن العادى البرئ في وسط المعمعة بدون ان يكون طرفا مع اي احد من المتصارعين ، لا يستطيع التفرقة بين الأطراف من هو على حق حتى يؤيد ويناصر ، الجميع من الطرفين يقولون أنهم على الحق المبين وان الآخرين عصاة ومارقين.

             مما نتيجة الصراع الدموي تدهور الحال في الوطن كل يوم الى الأسوء ، المطارات الرئيسية في طرابلس وبنغازى مهدمة غير صالحة للاقلاع الجوي او الهبوط بسلاسة وسلامة ، والسفر من الغرب فقط من مطارى امعيتيقة طرابلس ومطار مصراته ، ومطارى الابرق وطبرق بالشرق والطرق البرية غير آمنة وبالأخص مابين مدينة بنغازى عبر الجبل الأخضر إلى مدينة درنة المنكوبة طوال العهود وكأن بها لعنة حلت ، حيث مواطنيها وسكانها يدفعون ويقدمون الثمن الغالي لشهرتها بالاسلاميين المقيمين والمتمركزين من القاعدة وأنصار الشريعة والآخرين من المجرمين الذين استغلوا الظرف فى الخطف والنهب. 

              سعيد الحظ من يمر بسلام ويصل من غير تعطيل وإستجواب وإهانات وسرقات او القتل على الهوية للشباب نظير الشكوك ،والخطف لميسوري الحال الاغنياء المعروفين وطلب فدية لاطلاق السراح ارقاما كبيرة تعجز الضحية المخطوفة او اهله عن دفعها حيث لا توجد سيولة نقدية التي شبه معدومة نظير عدم الحركة التجارية الكبيرة طوال سنوات الثورة والنصر العجاف وما بعدها مهما كان غنيا ذا أموال .

           نحتاج إلى وقفة ومصالحة وطنية ليبية بدون تدخل أية أطراف أخرى أجنبية مهما كانت وفتح باب الحوار بين الأطراف المتقاتلة الليبية في لقاءات جماعية وحوارات ، بدل الصراع القتل والدم والمهاترات وكل من تورط في القتل العشوائي بقصد وسبق اصرار لإشاعة الرعب للمواطنين تنفيذا لمخططات الغير من القوى الخفية العالمية او المحلية يقدم إلى المحكمة بالخيانة للوطن والعدل يأخذ مجراه ويحاكم بشرف وضمير بما أمر الله عز وجل حتى يكون عبرة للغير ومن يرفض المثول لرأي الجماعة ، العزل والنبذ له من الجميع بقوة حتى يصبح لوحده في الميدان عسى ان يرجع له العقل ويرضخ .

             القبض على جميع المقاتلين الشباب المغامرين المرتزقة الأجانب الغير ليبيين القادمين للنصرة والجهاد كما يدعون بالوطن ومحاكماتهم بالعدل وكل من يثبت عليه دخول الوطن بدون تأشيرة دخول رسمية والأجرام والتعدي على الممتلكات الخاصة او العامة والعبث بأرواح المواطنين وهتك الأعراض للحرمات الحرائر ، يحاسب الحساب العسير اذا أدين بالحق ضمن القانون والعدل ويعاقب بالقصاص الفورى امام الملأ فى العلن حتى يصبح عبرة للغير ويتوقف الآخرون عن العبث. حتى تهدأ الخواطر وترجع النفوس الثائرة الى الحق المبين وترضى بجميع الوسائل من ترغيب وترهيب وتعويض مادى عادل بدون غبن ولا تحيز لأي فئة شريحة ومنطقة دون الآخرين. فالجميع إخوة في الدين أبناء وطن واحد أشقاء وجيران في المصير ، اذا أردنا وقف الصراع والحرب الدموية ان تتوقف...  وكل عام وانتم بخير للجميع...  والله الموفق.

                      رجب المبروك زعطوط

No comments:

Post a Comment