بسم الله الرحمن الرحيم
ضباط اتراك في اجتماع بمجاهدي مدينة درنة |
جميع أهالي درنة والمنتمون لها والذين عاشوا بها قدموا ودفعوا الثمن الغالي نتيجة تهميش المدينة ونسيانها بقصد مبيت وحرمانها من الفرص العادلة للرفع بيدها من الكبوة والنكسات الكبيرة التي مرت بها والتي خلال عقود طويلة منذ ايام الاستقلال وحتى الآن مازالت اللعنات حالة بها وهي تقاوم بصبر عجيب غريب…
تتحدى اي حاكم او صاحب قرار مسؤول عمل بها وحاول الدس والخبث والنهب للمال العام بدون اي وجه حق من الميزانيات الضئيلة التي كانت مرصودة لها سنويا كمنطقة تضم الكثير من القرى حولها، مما تم تشييد وبناء عشوائي في المناطق وهي لا تحتاج له بدون دراسات ولا تخطيط سليم مما ضاعت الاموال هباءا منثورا وحسبت على المدينة العريقة وهي لم تستفد منها إلا اليسير الذي لا يظهر ولا يكاد يبان امام الأنظار والعيون الا تقدما هزيلا، إسوة بالمدن الاخرى… مما تأخرت المدينة خطوات عديدة للوراء نظير الجهل، النسيان والتهميش المدروس حتى لا تزداد قوة وتصبح شوكة فى حلق اى ظالم…حيث اهلها أذكياء بالفطرة يحبون الدراسة والتعليم، ذوي كرامة ووفاء لا يرضون بالخضوع والرجاء لإي إنسان مهما كان، الا للمولى الله عز وجل، راضين ٍبالقضاء والقدر عالمين ان الحياة دورة تدور ومهما حدث من إجحاف مبيت بقصد وسابق إصرار، أنه يوما مهما طال الوقت سوف تزول العراقيل ويرحل البؤس والظلام التهميش والنسيان للأبد وترجع المدينة كسابق العهد عروسا ودرة كل انسان يخطب ودها…
ضغوط عديدة بلا حدود من كل جانب على المدينة مما الكثيرون من أبنائها المغامرين نظير ظروف الحياة الصعبة إضطروا إلى الهجرة منها للبحث عن العمل الشريف في المدن الاخرى، ومع مرور الوقت هاجر حوالي نصف العدد من السكان الأصليين أصبحوا مقيمين خارجها ينتظرون الفرج وكل يوم يزداد عدد النازحين منها إلى الخارج…
أليست بمأساة وكارثة ان تصبح هذه المدينة العريقة في القدم والتي مر عليها تاريخ عدة حضارات مضت وإنتهت وداست أقدام الكثيرين من مشاهير التاريخ المعروفين ترابها، وأولهم قائد الجيش الاسلامي في حملته لتعزيز الفتوحات في شمال أفريقيا عبدالله بن قيس البلوي المدفون بالصحابة مع رفاقه الابرار المجاهدين من صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام، الذي ثأر وأدب قبائل البربر على الخيانة وقتلهم أحد قادة الجيش الإسلامي غدرا في كمين.
والرئيس التركي مصطفى كمال أتاتورك الذي أقام بها فترة وهو ضابطا يعمل في حامية مدينة درنة عدة سنوات، حيث تم التخطيط للإنقلاب والقضاء على الامبراطورية العثمانية للأبد…
والبطل أنور باشا أحد القادة الاتراك الذي بقى في ليبيا يحارب ويجاهد مع المجاهدين الليبيين ضد المستعمرين الايطاليين في الغزو على ليبيا سنة 1911 م، رافضا الرجوع إلى تركيا حتى تم التنازل عليها من قبل العثمانيين، والذي قاد المعركة المشهورة في تاريخ المدينة وليبيا معركة (القرقف) تحت لواء السيد احمد الشريف السنوسي، وسافر مرغما إلى وطنه تركيا ليدافع عنها عندما هددها الحلفاء بالغزو…
والمرشال روميل القائد للجيوش الالمانية في شمال افريقيا، الذي كان يأتي لها سرا بين الحين والآخر من الصحراء ليرتاح بعض الوقت ويخطط للمعارك الاخرى، بدون علم الحلفاء حتى لا يخططون له كمينا لقتله …
والزعيم الايطالي موسوليني، والرئيس الحبيب بورقيبة رئيس تونس الخضراء، والرئيس التركي عدنان مندريس والمرشال بالبو، والكثيرون من الغير معروفين لدينا في الوقت الحاضر…
بدل ان تتقدم إلى الامام وتنهض وتزدهر تصل الى هذا الحال المؤسف من التهميش والنسيان وتاريخها المجيد في التضحية والكفاح يشهد لها عبر التاريخ انها دائماً السباقة في الفداء…
والسبب أهاليها ورجالها وشبابها من الجنسين يتحملون المسؤولية بالدرجة الأولى… نظير الذكاء الفطري لا يريدون ان يطأطؤا الرؤوس نفاقا إلى أي أحد من اصحاب القرار الطغاة اللذين يأتون ويذهبون بدون اي مصلحة وفائدة يعملونها حتى تنهض بالمدينة مع الايام حيث مروا عليها مرور الكرام بدون اي ذكرى خلدت لهم أي عمل حسن، حيث ينطبق عليهم المثل الشعبي الذي يقول (الدراونة لا يعجبهم العجب).
نظير حب الوطن والفداء والذود عن الكرامة والدين والعقيدة وحب التضحية والجهاد الذي يجري مسرى الدم في العروق ساخنا في الدفاع، من أهم الأسباب الرئيسية التي جعلت الكثيرين من أصحاب القرار يهابونها ويخافون منها ويمنعون عنها المصالح والأعمال حتى تتلاشى مع الايام ونسوا وتناسوا ان مدينة درنة مهما عملوا فيها من فتن ودس وخبث ستظل شامخة أبية لن تموت ابد الآبدين حتى يأتي يوم من الأيام لتزدهر وتنهض وترجع إلى سابق عهدها وردة وريحانة تشع بنورها وعطرها الأجواء…
نتيجة الضغوط القاتلة والتهميش والنظام الجماهيري الذي كان يعتمد على الارهاب في الحكم، على الفساد والإفساد للذمم والاخلاق وعلى الاتهام الباطل وتصفية الحسابات للشباب البرئ وفرض التجنيد في الجيش عليهم بالقوة لسنوات طويلة بدون أية فائدة تذكر… مما ضاعت الأعمار وزهرة الشباب بدون جدوى وزاد الضغط الرهيب… وحلت الثورة بعنف وهب الإعصار العنيف لجث الشيطان الرجيم القذافي ونظامه الجماهيري الأهوج من على خريطة الوطن للأبد يوم 2011/2/17م… والله الموفق…
رجب المبروك زعطوط
البقية في الحلقات القادمة…