بسم الله الرحمن الرحيم
رحم الله عز وجل الرفيق والأخ المناضل جاب الله حامد مطر الذي أغتيل بغدر من قبل نظام المقبور القذافي في منتصف التسعينات في مجزرة سجن أبوسليم طرابلس المشهورة التي ستظل ذكراها السوداء المريرة بالتاريخ الوطني الليبي ابد الآبدين إلى ماشاء الله تعالى، والتي سقط فيها حوالي 1400 شهيد، سجناء محتجزين برصاص الغدر في ساعات عديدة وكأنهم حشرات ضارة للإبادة!!! وليسوا بشرا لهم الحق بالحياة والعيش أحرارا كرام…
رحم الله تعالى الشهيد على بعض أقواله المأثورة التي في بعض الأحيان تتبادر للذهن مثل ( أحسن ما في الزمان طوله ) حيث تظهر حقائق وأمور كثيرة مع الوقت، كانت وقتها خافية علينا، لأننا نحن الشعوب العربية شعوب فيها جميع المتناقضات من الخير والشر، وبالأخص الشعب الليبي الذي يجمع الكثير من الخير والشر، العواطف والنميمة والأحقاد المترسبة في النفوس نظير العوامل العديدة من الجهل والحرمان والقهر منذ الطفولة والصغر.
نتشدق وندعي اننا العالمون والعارفون لامور الحياة بدون ان نعيش الواقع المؤلم والحالة الصعبة المريرة التي تمر بها الكثير من الشعوب العربية والاسلامية وبالأخص شعوب الربيع العربي التي قامت وثارت على حكامها الطغاة ونجحت في ثوراتها .
نتشدق بأننا نفهم ماذا يدور من حولنا من امور تجري على جميع المستويات ولا نحاول الإمعان والدراسة الحقيقية لها وإلى اين سوف تصل بنا مع الوقت… هل هي لصالحنا على المدى القريب والبعيد ام متاهات وخلق البلبلة من أطراف مدعمة ومدفوعة من القوى الخفية حتى نهتم بها ونعيش في خضم مهاتراتها البيزنطية وكثرة الكلام والقيل والقال بدون الوصول إلى اي نوع من الاتفاقات السليمة المفروض الوصول لها حتى ننسى الاساس ولا نركز عليه وننهض…
انني كتبت الكثير في الموقع الالكتروني الخاص بي بالخواطر عن ما يجيش بصدري وذهني من أفكار متشابكة مختلطة مع بعضها مثل كرة الصوف المتشابكة والمعقدة، تحتاج إلى صبر حتى يتم تخليص خيوطها بمهارة حتى لا تقطع إلى عدة قطع وبالتالي تضيع قيمتها… تريد من يصبر ويفهم كيف يفتحها ويصنفها التصنيف الصحيح حتى يستفاد منها في امور كثيرة تخص مسيرتنا الوطنية وواقعنا المرير الذي كل يوم نتراجع فيه خطوات للوراء…
مشكلتنا نحن الليبين اننا شعب مثل عملة ورقية نقدية غالية من وجهين، الوجه الأول طيب وساذج وسهل خداعه والتأثير عليه بالكلام المعسول والخطب الرنانة وفي نفس الوقت الوجه الثاني شعب عنيد وعنيف دموي عندما يزيد الأمر عن الحد ويكتشف الخداع وانه مسير إلى امور وهاوية للسقوط فيها…
شعب يعيش العواطف الجياشة ويتأثر بسرعة حيث بعد نجاح الثورة المجيدة 17 فبراير تغيرت الصور كثيرا وخرج المارد من القمقم وكثر السلاح الفتاك في أيدي الشعب وبالأخص الشباب الثوار وأدعياء الثورة بحيث اختلط الحابل مع النابل وأصبح من الصعب التمييز بين الصادق والكاذب مما ادخلنا في متاهات حقيقية وذلك لغياب الحكومة القوية ورجال الأمن والقانون والعدل عن الساحة حتى تردع المجرمين.
الآن كشعب ليبي نمر في مرحلة صعبة وأزمة حقيقية من الإنفلات الأمني، القتل الغير مبرر والتفجيرات العديدة، وخطف الأفراد والسرقات بدون حساب مما خلقت حالة ذعر شديد بين الكثيرين ضعفاء النفوس…
أما أقوياء النفوس فهم مستمرون في نفس الطريق والمنوال والساحة هادئة ولا شئ ظاهر للعيان ولكن حالة الغليان مستمرة تحت السطح بالوطن تنتظر اللحظة المناسبة التي يعم فيها الإنفجار المدمر والذي لا نعرف إلى أين سوف يستمر ومتى ينتهي وكم من الأضرار التي سوف تحدث وكم من الضحايا سوف يسقط ؟؟ ومن الكاسب ومن الخاسر ؟؟
قامت الثورة من اجل اهداف نبيلة وضمت الجميع الاحرار ابنا الوطن الوطنيين تحت عنوان كبير إزاحة الطاغية وإزالة النظام العفن بأي وسيلة من على كاهل ليبيا مضحين بالأرواح الشهداء عن قناعة مطلقة، مضحين بالعزيز والغالي حتى نجحت وتم قتل الطاغية شر قتلة وإنتهى النظام إلى غير رجعة…
لكن لم نحسب الخطوات التالية والتي المفروض ان تطبق من اول يوم بعنف وقوة حتى يستتب الآمن والأمان وتلجم المنافقين والمندسين بين الأوساط حتى لا يقفز أشباه الرجال المدعين على السلطة وهم كثيرون بأقنعة زائفة وكلام معسول ظاهره حق وباطنه زيف وخداع كمن يدس السم الزعاف وسط العسل الشهي…
إن ليبيا اليوم تمر بأيام تعيسة من الغليان لم تستقر بعد لأن الفساد الاداري عم بصورة مذهلة فقد كان بالسابق العصابة محدودة في العقيد المعقد القذافي وأبنائه وبعض الحاشية الخواص والباقي يلعقون الفضلات التي تسقط من الكبار…
أما الآن فالمصيبة اعظم بكثير !! معظم المسؤولين تماسيح شرسة تعب في أموال الحرام والعمولات بدون حساب لأن الضمير غاب والمعايير ضاعت وظهر على السطح امراء الحرب من أدعياء الثوار بحيث كونوا كتائب ودروع قتالية وأصبحوا يتقاضون أموالا رهيبة بصفات غير شرعية معظمها حرام وزاقوم…
هذه الكتائب والدروع مليشيات مستترة وراؤها فى الخفاء أصابع الشر من القوى الخفية المحلية والدولية حتى لا يستقر الوطن وينهض لأن الغرب والشرق يعرف ان ليبيا على قلة شعبها مارد جبار لو نهض بالأصول سوف يتعبهم مع الوقت…
"أحسن مافي الزمان طوله" كلمات خالدة ستظل إلى ماشاء الله تعالى ترن في الأذهان في فترات معينة من أعمارنا طالما حيينا وأعمار أجيالنا القادمة حتى نضع الامور في نصابها ولا نندفع في اي موضوع سواءا بالتأييد والرفض حتى تتم الدراسة جيدا من جميع الأبعاد…
إننا شعب عواطف نندفع بسرعة ونقع في الاخطاء القاتلة وعندما نفيق من الصدمة والخطأ، نندم على مافات ونريد الاصلاح مما ضاع الوقت والمال هدر وأصبحنا بالمؤخرة بدل ان نتقدم وننهض وننجح …
ليبيا بها خيرات بلا حدود حبانا بها الله تعالى !!! لو عرفنا كيف نخطط ونعمل بصدق وبضمير مراعين الله تعالى في كل خطوة حسب الأمر الإلاهي ونحن لدينا القرآن الكريم شريعة الله عز وجل في الارض والدستور الجامع للدنيا والآخرة، نراعي حقوق الغير ونؤيد السلام مع الجميع بالحق وننبذ الارهاب في جميع صوره وأشكاله ،سوف يعيش الجميع في بحبوحة العيش بالحلال ولا يستطيع اي عدو مهما كان ان يقضي علينا لأن الله تعالى معنا…
انها صرخة حق عسى ان اجد من يفهم ويهتم، ان ليبيا ارض طاهرة ومعظم شعبها طيب سهل قيادتة بالحق لأنه يعرف طريق الله تعالى، وأي انسان مهما إدعى حاول العبث وإعاثة الفساد وطغى سوف يصاب بما عملت يداه من شرور وشر وينتهي مع الوقت إلى الأبد…
يوم الخميس الموافق 2013/11/21م انفجرت المشاحنات ودوت المدافع في طرابلس العاصمة بين بعض الفرقاء وتطايرت الأنباء ان القتال بدأ بشراسة بين الموالين لسوق الجمعة وتاجوراء ضد كتائب مصراته، والحمد لله تعالى لم تستمر فترة طويلة فقد تدخل البعض من الخيرين وأوقفوا المجازر عن الاستمرار…
ان الموضوع ليس بسهل ان يمر مرور الكرام فله أساسات وجميعه في نظري جهل وطمع فى أمور مادية وسلطوية وصراع كبير بين بعض القوى على الزعامة والقيادة وكأنهم الوحيدون ونسوا وتناسوا ان ليبيا للجميع وليس لفئة دون أخرى، ونسى المسيرون والمسببون لهذه المشكلة ان الشر نهايته خراب ودمار والكاسب مهما انتصر خاسر على طول المدى، حيث ماذنب الابرياء الضحايا البسطاء الذين وقعوا في المنتصف بين صفوف المتناحرين؟؟؟
إن قلبي يدمى أسى على الحالة التي وصلنا لها من التردي والانفلات الأمني وضعف الحكومة ومشاحنات المؤتمر الوطني مما جعلت أبناء الشعب الخيرين يعيشون في مرحلة متردية من الغليان على الوضع حتى ان الكثيرين من ضعاف العقول الخائفين بدؤوا يرددون محاسن النظام السابق للطاغية المقبور في قوة الأمن وانه سابقا لا أحد يستطيع رفع رأسه كما يحدث الآن من كل من هب ودب من الأدعياء وأشباه الرجال المنافقين الذين يدعون انه لهم الباع الأكبر في قيام الثورة المجيدة والواقع كذب وهراء إستغلوا الفرص وقفزوا على المقدمة لأن الثوار الأحرار الحقيقين عندما نجحت الثورة المجيدة ألقوا السلاح وتراجعوا خطوات للوراء تاركين الفرص للأدعياء في الوصول للمقدمة…
أخيرا بودي القول ان كل ما يحدث على الساحة الآن شئ طبيعي في كل الثورات ولا يصح الا الصحيح وسيأتي اليوم مهما طال الوقت للتصحيح وقيام جولة أخرى دموية تجتث رؤوس الفساد من على خريطة الوطن، لأن المولى الله عز وجل موجود في الوجود ولن يرضى للفساد ان يعم ويستمر على ارض ليبيا الطاهرة…
رحم الله تعالى الشهيد الذي مات ظلما ولم يشاهد ويحضر فرحة النصر على الطاغية المقبور ولكن كلماته سوف تظل قائمة إلى ماشاء الله تعالى حية خالدة مثل ( أحسن ما في الزمان طوله ) حيث لا يصح الا الصحيح…. والله الموفق .
رجب المبروك زعطوط
درنة الجمعة 2013/11/22م