بسم الله الرحمن الرحيم
الرسالة
2
إلى أخي وصديقي العزيز عبدالعالم...
تحياتي وشكرًا على الاهتمام والمتابعة لقضايانا العربية والليبية المؤلمة والتي تحز بالنفس و مراسلتك لي... الموضوع الشيق الذي كتبه أحد الكتاب عن العرب والحال المؤسف الذي وصلنا له من السقوط في الهاوية والحضيض في مخاضة ومستنقع الحياة ... وغير قادرين على الخروج والنجاة... ناسيا الأسباب العديدة للإضمحلال والسقوط والسوس الذي نخر في الأمة العربية منذ أيام تمرد الأمويين طمعا في السلطة والحكم على آخر الخلفاء الراشدين سيدنا علي بن طالب كرم الله وجهه... وتغيرت الفتنة إلى مسميات أخرى دخيلة على دين الإسلام الحقيقي ، سنة وشيعة ، حتى وصلنا لهذا الحال المؤسف من التناحر ، كل طرف يريد إثبات الوجود مهما كلف الأمر من تضحيات وهم إخوة في العقيدة و الدين والمصير والتي لا مجال لذكر الإختلافات العديدة من كثرتها...
لقد قرأته بإمعان وأعجبني العنوان والإنشاء في الكتابة وتنسيق الكلمات النارية والعبارات الحماسية والمرارة التي تحز بنفس الكاتب عن مصائب العرب التي بلا عدد ولا نهاية ... وللأسف الشديد لست معه في الطرح المؤلم كعربي وأنا أنتمي لهذه الأمة العربية كمواطن ولا أستطيع أن أقنع النفس بما قال وكتب بسهولة بدون وضع وتقديم الحلول للنهوض لأنه يحطم نفوسنا كعرب وأجيال شابة أي بادرة أمل يوما في الاصلاح والنهوض...
و السؤال الذي يطرح نفسه ، إذا كان كل كاتب عربي على هذا المستوى من المرارة والإحباط النفسي والفشل والإيحاء في العقل وبالأخص النشر للقرّاء بالتوجيه الغير سليم عن المآسي المعروفة و الظاهرة للعيان ، لن نستطيع النهوض والنجاح يوما من الايام ... و خاصة أن الكاتب لم يقدم البدائل للنهوض من المخاض و يشر المعرفة و يحث على الحداثة والتطوير... بدلا من البقاء تائها يدور في خضم الحياة و التي تحتاج إلى حكمة وصلابة وتحديات وضم الجهود مع النيرين الوطنيين ذوي الدم الحار والعقل السليم، العقلاء، للخروج من المتاهات بالعمل الهادف والعيش على الأمل بالإصلاح ووضع المخطط السليم والعمل به بضمير حتى يوما يتحقق الهدف...
وللأسف أي إنسان يتبنى أي موضوع مختلق لا أساس له من الصحة ويردده العديد من المرات مع الوقت يصدق نفسه أن الموضوع على حق وصواب ويدافع عنه حتى لا يتهم بأنه غير صحيح ... وأنا شخصيا أتفق معه في بعض الأمور المؤلمة والآلام والآثام التي حدثت وتحدث كل يوم ناسيا تاريخنا المجيد و أعمال أجدادنا الأوائل السباقين الذين أضاؤوا بالعلم النور في مجاهل القرون الوسطى بأوروبا....
والآن عشرات الآلاف من شبابنا ورجالنا العرب والمسلمين من الجنسين في جميع أنحاء العالم بعضهم مميزين يعملون في أبحاث ومراكز حساسة متطورة و قدموا للبشرية الإختراعات العديدة مثل (ألآي فون) الحديث في الأسواق من شركة آبل (التفاحة) المشهورة لمؤسسها وصاحب براءات الاختراع السيد ستيف جوبز من أب سوري حضر إلى امريكا للدراسة وأم أمريكية والكثير من الأمور المهمة والتي معظم علماؤنا طمست أسماؤهم من ضمن المشاهير والبعض سرقت براءات اختراعاتهم وحورت إلى مواضيع أخرى... والتي نعتمد على الكثير منها اليوم في حياتنا اليومية ، والبعض النوابغ تمت تصفيتهم جسديا في حوادث مفتعلة غير معروفة ولا مفهومة من القوى الخفية حتى لا يستمروا في الإبداع لصالح الأمة العربية ويشكلوا خطرا بالمستقبل ...
وآهم شئ لم يذكره الكاتب، ناسيا ومتناسيا وجود الله تعالى الذي ذكرنا بالخير وأثنى بالشكر على أمة الإسلام التي العرب والمسلمين كانوا الرواد الأوائل في نشر العلم والهداية والإيمان، أنه لا ينسانا، يوما سوف ينصفنا ويتغير الحال للأفضل حيث أي شئ بهذا الكون مهما كان ذا مرارة وحزن وأسى لا يستمر ، له وقت ونهاية، يصل للقمة ثم يهبط ويتلاشى مثل المقولة التاريخية (حضارات سادت ثم بادت)، وما بعد الضيق إلا الفرج حسب دورة الحياة التي تدور ويتغير الحال للأفضل...
الموضوع للأسف من البداية للنهاية شرح الكثير عن مرارة الواقع المؤلم والجميع يعرف المأساة ولم يأت بالجديد و جميع المتابعين للنكسة الأليمة والسقوط للحضيض غير راضين بالحال المؤسف الذي نعانيه وسوف يستمر العرب في نفس المنهاج والترديد يبكون على ملك ضاع مثل الأندلس وفلسطين ومرتفعات الجولان بسوريا ومدينتي سبته ومليلة بالغرب الأقصى، وقضية كشمير بين الباكستان والهند المعلقة وكالثكالى في البكاء على فقد فقيد عزيز ومهما عملن من ذرف الدموع الحارة الحزينة أو دموع التماسيح لا يستطيعون إرجاعه للحياة...
ومن وجهة نظري أن البلاغة والكتابة من غير فعل جاد ، وذكر حلول وأهداف نيرة كعناوين رئيسية للعمل من أجلها تصبح عبارة عن كلمات ومواضيع إنشاء بدون مفعول ومع الوقت تنتسى وتصبح في إدراج النسيان حيث فاقد الشئ لا يستطيع العطاء... وأقول لأستاذنا الكريم أن عهد البلاغة وتنسيق الكلمات والعبارات المرة والحماسية التي تثير الأشجان ولى إلى غير رجعة وأصبح موضة قديمة... وتناولنا منها الكثير من أولاة أمورنا والغير ذوي الأفق الضيق على الإنفتاح والذي أوصلنا لهذا الحال المؤسف من الضياع وبالأخص الآن ونحن نعيش في عصر العولمة ، عصر التقدم فى الإتصالات والمواصلات، وسوف نظل ندور في المتاهات بلا أبواب للخروج والنجاة إذا إستمرينا بهذا الحال والتفكير الضيق الحزين ... نحتاج إلى رواد زعماء أقوياء الشخصيات قادرين على تحمل الصعاب والتحديات ووضع حلول وأفكار جيدة و تصورات عن الحداثة والتطور حسب الزمن الذي نعيشه حتى ننهض...
وشكرا آخي العزيز على ردكم علينا و عفوا على نبرة جوابي التي من الممكن أن تكون لاذعة و لكنها تعبر عما يدور في النفس من مرارة وحزن ونحن على هذه الحال المزري الذي مهما عملنا بهذا الشكل والصور لن ننهض ولن نتقدم.... وآليت على النفس الصراحة وقول الحق بلا نفاق راجيا من أستاذنا العزيز والغير من المنظرين ذوي الرؤيا المستقبلية للأمة العربية أن يخرجوا من عقليات الماضي وسوق عكاظ في مكة المكرمة أيام الجاهلية والمباريات في البلاغة الكلام والشعر وأن يضعوا الحلول الجيدة للمستقبل بالعلم بدل الإحباط فقد ولى إلى غير رجعة عهد الكلام، عسى الأفكار الحديثة يوما تظهر ويحدث التغيير بمفاهيم متطورة ونغير المسارات السابقة إلى الحداثة حسب العصر... حيث العالم و دورة الحياة مستمرة مثل عقارب الساعة دائماً إلى الأمام لا ترجع للخلف وهذه التضحيات والشهداء الذين ضحوا بالأرواح وبالدماء عبر التاريخ من أجل الأمة العربية قرابين على مذبح الحرية والخلاص ونشر الدين والهداية والإيمان للبشر لا تضيع هباءا ويوما آتيا عن قريب سوف يمن الله العظيم علينا بالنصر وننهض إسوة بالآخرين... حسب الآية الكريمة بالقرآن العظيم (لَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)
والله الموفق
رجب المبروك زعطوط