Monday, February 20, 2012

قصصنا المنسية - يوميات معارض ليبي مهاجر خلال سنة 1987-1988م -1

                                                  بسم الله الرحمن الرحيم


                                                    الغرفة رقم 101

                  يوم السبت 1987/7/18م حوالي الساعة 12 ظهراً ،، جلست وحيدا في غرفة فندق شعبي في مدينة كوربس كريستي على خليج المكسيك ولاية تكساس ،، حيث كنت محتاطاً من المتابعة لعيون النظام من الأوباش التي تطارد وتلاحق فلا أريد أن أذهب ضحية إغتيال في غفلة بطلقة رصاص من مجرم مؤجر بالمال ،، ولدي ميعاد مهم عن أعمال المعارضة في إنتظار حضور أحد الأصدقاء للزيارة حيث تم التخطيط على اللقاء بدقة متناهية بعيداً عن الأنظار ،،، وسرح الخيال في كثير من التصورات ،، ووجدت نفسي أدخن  السيجارة وراء الأخرى راجعا بالذكريات إلى أيام العز بالوطن ليبيا ،، والراحة النفسية التي كنت أعيشها بالقرب من الأهل والأقارب والأصدقاء ،، ولم أتصور في يوم من الأيام بالماضي أنني سوف أهاجر من وطني تاركاً الجميع ،،، وأصبح معارضاً مطارداً من زبانية الإرهاب  ،، فرق الموت للجان الثورية  ،، في العالم الفسيح .
لقد خرجت من الوطن وهاجرت من الظلم والغبن والإرهاب ،، لأنني وجدت نفسي أيامها غير قادر على المقاومة الفعلية من السلب لحرياتنا والنهب لآرزاقنا ،، والتحكم في رقابنا ،، وكثيرون من المعارف والأصدقاء توفاهم الله عز وجل شهداء من العلل والأمراض ،، والسجن والتعذيب الرهيب القاسي بالسجون ،، وكنت وقتها أعد  الأيام والساعات متى يأتي الدور علي ويتم القبض ،، نظير الصداقات والعلاقات لأنني لست موالياً للنظام ،، ويتحينون في الفرص للقبض بأي تهمة تافهة ،، والسبب في التأخير أنني كنت أعيش في مدينة درنة المناضلة الصابرة بعيداً عن الثورة وحكامها وعيونها ومشاكلهم ،، فقد كان مسؤلو مدينة درنة ذاك الوقت لم يلوثوا بعد بفيروس الصنم وتراهاته ،، رجال عاقلون ،، وساعدني البعض وغطوا وعطلوا الإتهام والقبض بموجب تهماً كثيرة ودسائس حيكت ضدي جزافا ظلما وعدوانا ،،، وتهمتي أنني بروجوازي رجل أعمال تاجر ومقاول ،، صاحب أملاك ومال ،، وكان مخطط كبيرمن أساطين الشر ،، الإفلاس لرجال الأعمال حتى لا يمدوا يد العون مستقبلا لأي شىء يحدث ضد التوجهات الثورية حسب ما كانوا يعتقدون .
لم أجهز نفسي ولم أخطط أنه يوماً ما سوف أضطر للهرب بسرعة في ليلة ظلماء خاوي الوفاض وليس مثل الشائعات التي ترددت من النظام أنني هربت العديد من الملايين ،، والأيام سوف تثبت صدق القول ،، لم أخن وطني ،، ولن أكون خائناً تحت أي ظرف ومعطيات ،، لأنني أعرف وأعلم أن مصير الطائر المهاجر ،، يوما سيرجع إلى عشه ووكره  ،، وأنا مواطن عربي ليبي والإسلام ديني وعقيدتي وإيماني ومهما عشت بأوطان الآخرين من سنين ،،، لن أتغير،، وأتلون  ولو وضعوا حد السيف على رقبتي ،، مثل البعض الذين لقاء التلويح بالمال والجاه ،، باعوا الكرامة والضمير ،،
هاجرت إلى أمريكا وإستقريت بمدينة صغيرة على ساحل خليج المكسيك ،، وبعد عدة أشهر خرجت العائلة من مطار بنينا بنغازي بنفوذ البعض من المعارف الأوفياء ،، سافرت  رأسا إلى روما إيطاليا ،،وبرضاء المولى عز وجل أعمى عيون زبانية الشر نظير التخبط والفوضى العارمة  ،،، ولم يحسوا بخروج العائلة حتى فوجئوا بالأنباء أنها في أمان بالخارج  ،، وتم التحقيق مع جميع مسؤولي المطار على عدم الإهتمام واليقظة بحيث تخرج عائلة مكونة من زوجة وسبعة أطفال ،، بكل سهولة ،، عائلة معارض مطلوب حياً أم ميتاً ؟؟ وعلى ضوء هذا الحدث وأحداث أخرى وهروب البعض من المطلوبين  ،، تم إلغاء السفر للخارج رأسا من بنغازي مطار بنينا  ،، وجميع الرحلات الدولية خارج الوطن عن طريق مطار طرابلس  حتى يتم الحصر والرقابة القوية منعا للهروب ،،
أطلق الصنم علينا لقب الكلاب الضالة ،، ووضعت قوائم بالأسماء المطلوبين وكنت أنا أحدهم في المقدمة وعلى لائحة المطلوبين للإعدام والتصفية الجسدية ،، لأننا رفضنا الظلم والنظام ،، و الآن أتسائل   لو أن وقتها  بقينا داخل الوطن وخادعناه وهادناه ... هل كنا سننجح في  إفشال مخططاته وضربه عن قرب في عقر داره؟؟؟  إن الأيام أثبتت أنه من الخارج صعب الوصول  بالداخل له شخصياً وهو مطوق بعدة أطواق أمنية وحراسات شديدة من رجال الأمن والمخابرات وعدة فصائل أخرى بمسميات عديدة ،،،
لقد مر وطننا ليبيا بسنين سوداء قاتمة من الغبن والإرهاب والتجويع المتعمد إلا من الضروريات ،، وتسلط الأفاقون واللجان الثورية والشعبية على مقدرات الدولة حتى إستكان الشعب غصبا عنه ،، إلا من القلائل ؟؟ وإستشهد الكثيرون تحت التعذيب القاسي من زبانية قساة القلوب بلا ذرة رحمة ولا شفقة  بالنفوس يعذبون الضحايا حتى الموت وهم يتسامرون ويضحكون وكأن المتهمين  حشرات وليسوا بشر؟؟
عشرات الآلاف من السجناء وراء القضبان بدون أي تهم ولا جريرة ولا عدل ولا قضاء وإنما ترضية للحاكم وحقد وحسد من أي واحد من هؤلاء الأراذل حديثى النعمة والسلطة ،،، نظير تصفية حسابات سابقة ،، وعشرات الآلاف من المواطنين الشرفاء بوسيلة أو أخرى تمكنوا من النفاذ بالجلد وهربوا خارج الوطن ،،
هربت من الوطن ( قصة طويلة بالمدونة  ) مثل الآخرين بدون أي تخطيط للغربة مسبق ،،ولدى الرغبة الشديدة للإلتحاق مع الشرفاء في أي عمل نضالي جهادي حتى نستطيع أن ننهيه ،، ولم أخرج للعلن حتى ضمنت الزوجة والأولاد بجانبي في الغربة حتى لا يستعملوا سلاحاً  ضدي ،، وأول عمل وطني إنضممت لصفوف الرابطة الوطنية في مصر وأصبحت عضواً بمجلس إدارتها مع كثير من الإخوان عام 1980م ،،، عندما كنت في زيارة إلى هناك ولم أتحصل على تأشيرة عودة لأمريكا مما إضطررت للبقاء 8 شهور عازباً وحيداً والعائلة في أمريكا تتنتظر قدومي حتى أخيراً تحصلت على تأشيرة عودة ،، بمساعدة الأمير عبد الله عابد السنوسي ،،
المساهمة المالية والتجميع للأصدقاء والمعارف لحضور المظاهرة الأولى للمعارضة في العاصمة الأمريكية واشنطن ،، والتي كانت بدايات لفضح النظام الليبي وتعريته أمام الرأي العام والصحافة الغربية ،، وإلتحقت في أمريكا بالحركة الوطنية الديمقراطية برئاسة المناضلين السيد نوري الكيخيا ،، والسيد فاضل المسعودي ،، وكنت ضمن الفريق للتحضير للإجتماع وسافرت من القاهرة في رحلة جوية على الخطوط الملكية المغربية مع المناضلين  فاضل المسعودي وجمعه عتيقه إلى الدار البيضاء ،، وتعطلت الطائرة فى الجو  ،، وسترنا الله عز وجل بلطفه وإضطررنا للهبوط في مطار قرطاج بتونس ،، ولو هبطنا في مطار طرابلس لكنا لقمة سائغة للنهش من كلاب الشر ،، المخابرات واللجان الثورية ،،
حضرت الإجتماعات مع العديد من الرفاق في منطقة المحمدية ،، وتطوان سبتمبر 1980م وكان الرئيس الفخري للإجتماع الأول ،،، الحاج محمد عثمان الصيد رئيس الوزراء السابق في العهد الملكي والذي ربطتني به صداقة وأخوة مع فارق السن حيث كان صديقاً لإبن عمي الحاج محمد زعطوط عندما كان نائباً في مجلس النواب في الستينات ،، وكان نعم الرجل يشرف ليبيا إنه أحد رجالها الشرفاء الأحرار الذي تعرفت به في الغربة ، أيام التحدي والصمود ،،
سافرت للعديد من الدول وحضرت كثيراً من اللقاءات والمؤتمرات والندوات مع المناضلين الشرفاء للمصلحة العامة وكيف التخطيط للخلاص من الكابوس الطاغية ،، وأثناء ذاك الوقت ونحن في المخاض مستمرون ،،حدثت إختلافات في وجهات النظر مع قيادي الحركة الوطنية نظير عدم الفهم في بعض الأمور الجوهرية ،، وإنسحبت وتركتهم بشرف ،،
وفكرت في تكوين تنظيم خاص لنا حتى نستطيع أن نعمل حسب رؤيانا وتطلعاتنا ،، وتم الإتفاق مع رفيق العمر وأخ الدهر جاب الله حامد مطر ،، وتقابلنا في جنيف سويسرا طيلة ثلاثة أيام قضيناها في إجتماعات مستمرة وإتصالات مكثفة ،، وظهر للوجود تنظيم جيش الإنقاذ الوطني الليبي يوم  1981/1/18م ،، وأعطيته كل الوقت ولم أبخل بالمال والجهد وقضيت 5 سنوات من العمر  حاملاً لحقائب السفر والسفر من مكان لآخر ،، بدون أي عناية بعائلتي وأولادي ،،، بل تاركاً الرعاية للصغار على أكتاف الزوجة الوفية ،، وتعرفت بالكثيرين وتعلمت الكثير ،، ومازلت أتعلم فقضيتنا مستمرة ...
ساهمت في الكثير من المواضيع والإتصالات رفيعة المستوى مع بعض الدول ،، وكان التنظيم أحد العوامل في قفل المكتب الشعبي في أمريكا ،، وكان عندنا علم قبل القفل الرسمي بعدة شهور ،، وساهمنا بجميع الجهود حتى لا يزور القذافي مدينة نيويورك ويخطب من على منبر الأمم المتحدة كرئيس لوفد أفريقيا ،، وقد نجحنا في ذلك ،، وأفشلنا الكثير من مخططات القذافي في السر مع غيرنا من المعارضين حيث كنا نتبادل المعلومات مع بعض الدوائر الأمنية  لنحافظ  على رؤوسنا كمهاجرين شرفاء ،، من أن تطالنا أذرع الصنم في غفلة ،،
تعاطفت معنا بعض الدول العربية والغربية  وعلى رأسها أمريكا ،، وعاملونا بشرف كأصحاب قضية وطنية ،، ولم يحاولوا الإستغلال كما أشيع عند الكثيرين من البسطاء نظير كذب وتراهات النظام ،، وأننا عملاء للغرب ،،
وللأسف نحن الليبيون وقتها لم تكن لدينا التجربة ولا الخبرات الكافية للمعارضة حتى نستغل التعاطف للمصلحة العامة ،، ونصل للهدف بسرعة ،، بل بتشرذمنا وعدم وحدتنا ،، وكثرة الكلام والدس من قبل جبناء أشباه رجال خلق فتنا كثيرة بيننا ،، مما إضطررت في شهر يولية 1985م أن أتنازل وبملء الحرية والقرار وبدون فرض ولا ضغط من جميع الوظائف التنفيذية بالتنظيم الذي أسسته ،، وإحتفظت بالعضوية في اللجنة المركزية حتى أفتح المجال لغيري من أن يباشروا التنفيذ كخطوة أولى في سلم الديمقراطية التي أؤمن بها كمبدأ وعقيدة ،، وللأسف إستغل الكثيرون خروجي من دائرة التنفيذ نظير حب السلطة والمستحقات المالية في عمل أخطاء كثيرة مما مع الوقت ضاعوا ودمروا البناء الشامخ الذي بنيناه بالجهد والتضحية بالنفس والمال بدون حساب ،،
في الشهور الأولى من سنة 1985م  صدرت نشرة إسمها "الحقيقة" للتشويه من بعض العملاء على إنني عميل للنظام والغرب نظير العلاقة والصداقة التي كانت تربطني بالأخ عبدالعالم الغرياني الذي ذهب في زيارة إلى ليبيا  ،، مما كثر الكلام والشائعات والقيل والقال عني ،، وأنا أضحك على العقليات التافهة التي تدور وتدور في مواضيع لا تؤثر على نظام القهر ،،، بل دس فتن في أوساطنا بالغربة  والمعارضة حتى نتمزق إلى شراذم بدل أن نتوحد ،، وقد نجح النظام في ذلك ... لأن لديه عقول  الإجرام والخبث من جميع أنحاء العالم مؤجرة للتصدي للمعارضة والتخطيط لهدمها ودمارها ،، والذي حز بالنفس أن بعض الإخوة والأصدقاء ،، لا حظت أنهم كانوا متحفظين معي في الحديث بعض الأحيان وليسوا مثل السابق قلوب مفتوحة لا أسرار بيننا ،، لازمني هذا الشعور فترة وأنا بالداخل أحترق وسلمت الأمر لله عز وجل.
تكالبت الطرقات على الرأس ،،، وبعدها بفترة نشرت جريدة ألمانية إسمها "النجمة" أنني إرهابي مطلوب في عديد من الجرائم السياسية ،، وكلام ودش كثير ،، مما الكثيرون من أشباه الرجال المتسلقون على أكتاف المعارضة لم يعرفوا السمين من الغث ،، هل أنا عميل للنظام والغرب ،، أم معارض وطني غيور ؟؟؟
وزاد الطين بلل نشرة مجلة الرأي العام من قبرص ،، صوت النظام ،، بناءا على المجلة الألمانية من دش وتدليس ،،، زادوا الكثير والكثير من المغامرات والجرائم بحيث أصبحت مثل البطل جيمس بوند في الأفلام ،، والواقع جميعها لا تمت للحقائق  كذب وتزوير وبهتان ،، محتاجون لكبش فداء ولم يجدوا أحدا غيري أنا  ،،، حتى يلام عن الأخطاء والفشل من جميع الأطراف النظام الإرهابي وإخوتي المعارضون عديمي الخبرة والتجربة بنفسيات الرجال ،، بدل من التقدير والإجلال والإكرام لأعمال التحدي ،، التكالب والنهش ،،،  ولم أعمل أي شيء لأي جهة وأقاضيهم حتى لا يضيع الوقت وليس لدي المال حتى أصرف ،، وفي نفس الوقت لماذا ؟؟ فأنا لست طالب شهرة ... مثل الكثيرين منهم ،،
طاردني النظام بعنف وحاول غلق جميع المنافذ لأنه يعلم عن يقين أنني خطر عليه ،، نظير العمل في السر وفي الخفاء ،ولدي العلاقات الكثيرة وسرعة الحركة من مكان لآخر ،، لم يتوقف عن بث الشائعات وبذر بذور الفتنة التي مع الوقت أينعت عند الكثيرين من أدعياء النضال والمعارضة أشباه لرجال ،،، ووجدوها فرصة لإزاحتي من مسرح الأحداث بالمعارضة وكأنها ملك لهم ،، وليست إطارا للجميع كل يعمل قدر جهده ،، أهمها أن الهدف واحد ،، إزالة الكابوس عن أكتاف ليبيا الوطن ،، والعمل على النهوض والتقدم ،، وليس العيش في دوائر وحلقات الشك التي لا توصل إلى شىء أو تقدم بل متاهات ،، متاهات ،، للتأخر والتبعية ،،
كتبت بعض الورقات أواخر 1986م وسميتها ( صرخة حق ) لأنني حسب رؤيتي أن المعارضة الليبية في مرحلة إحتقان كبير في عنق زجاجة غير قادرة على الخروج منها ،، نظير التخبط الأعمى وعدم الدراسات الواقعية على الميدان ووضع الخطط للمستقبل ،،، وشرحت الكثير بالحق وبدون تجني على بعض أدعياء الزعامة ،، وقامت القيامة ،، وكنت سعيداً لأنني كنت موفقاً ،، غضبهم وغيظهم  أخرجهم  من مكامنهم يدافعون عن أنفسهم ،، لأن العقول فقيرة عن الواقع المؤلم  ،، يحتاج إلى وقفة ومساءلة للنفس والذات ماذا عملنا وحققنا ؟؟ وما الذي سوف نعمله حتى نحقق النصر وننجح  ،،،ولو كانوا شرفاء وواقعيين وصادقين فى توجهاتهم ،، لا يهتمون للأمر ،، حتى ينتسى مع الوقت ،،
إجتمعت اللجنة المركزية بدون إعلامي في إجتماع طارىء في بغداد ،، بنية مبيته من البعض الحاقدين على الإستغناء عني في التنظيم ،، لأنني قلت الحقيقة العارية ،، حتى يتم الإصلاح والتوعية للنائمين ،، وللأسف لم يفهم الرفاق الرسالة وبعد أخذ وعطاء ،، تم الإتفاق بينهم ،، أنه بناءا على نشري المنشورالذي يعتبر في نظرهم هدم وإستهزاء على كيفية أداء المعارضة وكأنهم أوصياء عليها ،،،  مع أنه موقع بإسمي الشخصي وليس بإسم التنظيم ،، يعتبر عن تقديم إستقالة ,,, وكان وضعي حساساً جداً فمعظم الرفاق دخلوا للتنظيم عن طريقي وبجهودي الشخصية ،، وكان بالإمكان الرد عليهم بالعنف وفضح الكثير ،، ولكن آثرت السكوت حتى لا يتم الهدم للمزيد ،، ونظهر أمام الرأي العام أننا غير مسؤولين لا نستطيع تحمل المسؤليات الجسام بالمستقبل ،،،  بالأمس كنت مؤيداً للجميع ،،  وأشكر ،، واليوم أبدأ في العراك والتشمت ونشر الغسيل القذر ،، آثرت الهدوء ،، ليس خوفاً ... ولكن لأنني إبن عائلة وأصيل تربيت على الأخلاق والوفاء وكلمة الشرف التي هي أساس الحياة ،، لأي مناضل يريد الجهاد والوصول ،،، والله عز وجل يسامحهم ،،
قدمت على الجنسية الأمريكية ،، وتحصلت عليها ،، وكنت صادقا في كل كلمة قلتها ودونتها في الأوراق المطلوبة للدولة المضيفة التي شملتني برعايتها حيث وجدت الذي أبحث عنه ،، القانون والديمقراطية في أسمى معانيها في الفكر وحرية التعبير والإعلام ،، متمنيا يوماً ،، أن تطبق في ليبيا الجديدة بعد زوال الطغيان وحكم الفرد الصنم .
في سنة 1987م تقدمت الحكومة الليبية بمذكرة  إعتقال إلى الحكومة الأمريكية عن طريق البوليس الدولى ( الأنتربول ) بالقبض وإرسالي إلى ليبيا ،، وحقق في الموضوع بإمعان وتروي من الشرطة الإتحادية ( أف بي أي )  وللتأكيد على البراءة وصحة القول في الإستجواب عرضت على جهاز التأكد من الكذب 8 مرات ،، ونجحت بحمد الله عز وجل  لأنني برىء من جميع التهم  ،،  وتم حفظ للقضية ،،، حيث لا دلائل ،،وحاول نظام القمع النيل مني وإصطيادي بأي طريقة والإغتيال والموت في مواقع عديدة بالعالم في مطار باريس بفرنسا ،، وسيول بكوريا ،، وجنيف بسويسرا ،، وفرجينيا بيتش بأمريكا ،، وبرلين وفرانكفورت بألمانيا ،،، وبعض الدول العربية ،، حتى عجز ... وضغط على الحكومة الألمانية نظير المصالح المتبادلة في الخفاء والسر على مساندتهم في الإتهام بجرائم أنا بعيد عنها ،،           
بجميع هذه المآسي والأحداث المتلاحقة والمحن ،، لم أضعف وألين في أي يوم من الأيام لأنني عارف نفسي إنني على الحق ،، وآليت النفس أن أستمر في المسيرة النضالية إلى آخر نقطة دم وجهد في سبيل القضية الشريفة ،،، وغير النظام الإستراتيجية عندما فشل في جميع جهود القبض أو الإغتيال والقتل ،،، وبدأ في الترغيب وعرض الأموال الطائلة عسى أن يسيل اللعاب وكنت وقتها في مسيس الحاجة للمال ،، بالكاد قادر على العيش وإعالة العائلة وطابور الأولاد بالغربة ،، ولم أضعف لأنني لا أريد أن أشوه سمعتي وشرفي ومصداقيتي بمال زهيد مهما كانت الأرقام كبيرة ،، وأنا الذي كنت يوما ثري سرقوا مني الملايين بزحف وتأميم كاذب .. من قبل لجان شعبية صعاليك جهلة غير مستوعبين الأمور ،، أن هذه الأشياء غلط وخطأ ،، لا يرضاها الدين والشرع ولا القانون ؟؟
سرحت بالخيال محاولاً إسترجاع الماضي والأحداث التي مرت وإنتهت ،، شاعر بالحسرة وأنا أشاهد في الخيال وجه أمي بالفراش تحتضر من الصدمة نظير خبر التأميم 1978/9/22م  حتى توفاها الله عز وجل ( الله يرحمها ويسامحها ) ،، وأقسمت ذاك اليوم أنني لن أتوقف حتى أثأر من النظام العفن طالما أنا حي أرزق ،،، أتحسرعلى القتل والسجن  للأبرياء  الأعزاء في ليبيا  وإغتيال إبن الخال في مانشستر ببريطانيا ،، والمآسي التي تراكمت على العائلة في ليبيا بسببي ،، والسجن لأخي الأكبر عندما رجع من الحج مباشرة إلى ميناء درنة  حيث تم القبض عليه وهو مازال على ظهر الباخرة عند الرسو على الرصيف ،، مما سببت له صدمة وهو البريء من غير أن يدخل بيته ويشاهده الجمع الغفير للتحميد بالوصول ،، حيث إتهم بأن له دوراً في تهريب الشباب الآخرين من الأسرة ،، أبناء أخي الثاني على الباخرة وقت المغادرة ،، وكان مريضا ولم تتاح له الفرص حتى يعالج سواءا بالوطن أو بالخارج ،، وعندما إشتد المرض عليه وأصبح في حالة يائسة سمح له بالعلاج والخروج من السجن للمستشفى وهو في الرمق الأخير ،، حيث تم بتر الرجل مرتين نظير الغرغرينا وإرتفاع داء السكر والضغط في الجسم نظير المرارة ،، وتوفي بالمستشفى الهواري في بنغازى وحيداً من القهر والغبن وهو مظلوم وتهمته القرابة وسوء الحظ في الرحلة التي هرب فيها الشباب إلى خارج الوطن  ،،
السجن للأقرباء والد الزوجة إبن عمي الحاج محمد زعطوط وإبنه عبدالجليل خال الأولاد حوالي الشهرين وتهمتهما القرابة القريبة فنحن من عائلة واحدة ،، والتهديد والوعيد لأي إنسان من المعارف والأقرباء في أي إتصال مهما كان ولو بالهاتف لمجرد السؤال عن الصحة والأحوال فأنها تعلل بأن الإتصال مشفر وبه معلومات ،،، عن طرد جميع الشباب للعائلة من الإنخراط  في كليات القوات المسلحة أو الأمن أو أية وظائف مهمة بالدولة ،، والإرهاب والتحقيق المستمر للعائلة والأصهار وكل من يمت لى بصلة أو رابطة دم ،، بحيث الجميع خافوا من أي إتصال خوفاً من الملاحقة والتحقيقات التي لا تنتهى بمجرد سؤال بل تؤول إلى أشياء أخرى وسجن وتعذيب لمجرد الإشتباه ،،
إنني لست بمجرم خارج على القانون كما يدعون ،، ولكن معارض للنظام وللصنم المجنون الأهبل القذافي ،،، الذى يوما مهما طال الوقت سوف ينتهى من على خريطة الوطن سواءا كنا أحياءا أو موتى ؟؟
كانت المعارضة الليبية تمر بأحلك أيامها وأسودها من التمزق والتشرذم والتفاهات ،، والشائعات والقيل والقال على البعض ،، وفي نظري الجميع سكارى فقد ضاع الحابل مع النابل والغث مع السمين ،،ولكن  كنت دائم الإيمان بأن الصبر جميل فمن خلال المخاض الرهيب سوف يأتي الفرج ،، فلا يضيع حق ووراءه مطالب واحد ،، وبالأخص ملايين أحرار الشعب الشرفاء جميعهم يطالبون بالحق والعدل والمساواة ،،، والرب الخالق عارف الأمور ،، ويوماً سوف ينصف المقهورين ويحطم الفجرة المعتدين الطغاة ،،
سرح بي الخيال فى الغرفة رقم 101 ومرت الساعات الطوال ولم أحس بها ولم أشعر بالجوع ،، لأن الفكر والجوارح مركزعلى الهم والغم فى الوطن السليب ،، فعندى الكثير من  الأسرار والآهات والحسرات بالصدر أريد البوح بها وأفشاؤها ،، فأنا أنسان من جسد وروح ،، لدى قدرات رهيبة مخنوقة سجينة لو أتيحت لها الفرص وبيئة معارضة نظيفة ،، ودعم قوى كبير بالمال عندها أستطيع مع غيرى الوصول للهدف تحت أى ظرف كان ،، مهما واجهتنا من عراقيل ،، فلدينا قوة التحمل والصبر والرغبة الفائقة فى الجهاد والتضحية بالنفيس مقابل أن نقطع رأس حية النظام القذافى من على الوجود حتى يصبح عبرة لكل ظالم جبار ،، ولكن الواقع المرير من التشرذم وعدم الوحدة والأتحاد والحظ المعاكس وقوة المال لدى الخصم ،، مقدرات دولة نفطية ذات دخل خيالى موجهة للأرهاب للشر والشرور وشراء الذمم ،، مما أستكان الجميع لبريق المال والمصالح ،، ونحن المعارضون الشرفاء ندور فى نفس المكان من غير أى تقدم ،، نظير التشرذم وعدم تصفية القلوب والوحدة ؟؟؟
سرح بي الخيال مناجياً الرب الخالق أن ينصرنا على الظالم ،، أن يوفقني في النضال ،، فهي ضريبة الوطن من حقه أن يفرض على الأحرار أن يلبوا النفير ويدافعوا عن الكرامة والقيم بالروح والدم ،، بدل من التخاصم والتراهات والمهاترات ،، علينا بالوحدة تحت أي ظرف حتى نستطيع أن نكون جبهة قوية تستطيع مقارعة نظام الجهل ،، فعندنا جميع المؤهلات من رجال شباب سباقون للتضحية والفداء ورجال أعمال بالخارج لديهم المال الوفير ،، وكثير من الدول والأصدقاء المتعاطفون معنا في الوصول وبتر وقتل رأس الحية  ،،، لو تم الإتحاد ونكران  الذات عندها لكنا  رجعنا منصورين للوطن منذ وقت طويل...
إستطرد الفكر وسرح الخيال في نقاط عديدة ،، حتى أفقت من حلم اليقظة ،، ووجدت نفسي جالساً بغرفتي الصغيرة ،، أعيش الواقع المرير بعيداً عن الوطن آلاف الأميال ،، والعائلة والأولاد في ولاية فرجينيا بالشمال الشرقي ينتظرون العودة  ،، وعاتبت النفس وتساءلت هل الذنب ذنبي إنني أتيت بالأولاد الصغار للغربة والعيش بدون حنان من الأهل ودفْ الوطن ؟؟ أم ذنب الصنم المجنون الذي شردنا ،، وإضطررنا للهرب والهجرة حتى لانسجن أو نعدم ،، خوفاً على الحياة ،،،  وأصبحنا بدون وطن... أم قدر مقدر في اللوح المحفوظ من اليوم الأول ؟؟
وطمأنت النفس علينا بالإذعان وتقبل الأمر فهو قدر ،،،  وإسترحت من هذه التخيلات والتساؤلات بقوة الإيمان والصبر  ،،، عارفا عالما أن هذه مسيرة مقدرة لنا منذ الأزل ،،، وإمتحانات رهيبة عن مدى الصمود والتصدي والإيمان بعدالة القضية ،،
هذه الطريق للمعارضة الصعبة الشائكة التي تؤدى إلى الموت في حالة الفشل ،، والتحدي لم تفرض علينا ،، فقد إخترتها بنفسي وعن قناعة ،،، حيث الدم الساخن بالعروق والشرايين هو الذي يطالب بالذود عن الكرامة والقيم بالوطن ،، وكان بالإمكان من أول يوم الإهتمام بالأعمال وأصبح من الأثرياء بالخارج ،، ولكن داخل النفس فارغ ،،، مثل الكثيرين التوافه ،،، فانا إنسان مؤمن مسلم حتى النخاع ،، وسوف أعمل مابجهدي ولو أصبحت لوحدي ،، طالبا التوفيق من الله عز وجل ،،
في نظري نحن الشعب الملومين ... لأننا أتحنا الفرصة للقذافي حتى يتحكم في مقدراتنا عن طريق العسكر والسلاح ،، لأننا سذج ونصدق في تراهات التمثيل والتدجيل ،، ليست لدينا الخبرة الكافية ،، ولم نأخذ مثلاً من حكم العسكر من جيراننا بمصر ،، وماذا وصلت مصر بعد التأميم للحضيض ،،، وكنا نضحك في البدايات للإنقلاب الأسود على أي إنسان يتحدى ونعتبره أخرقاً ،، أتحنا الفرص لحديثي النعمة والسلطة الأنذال أشباه الرجال بالعبث والفساد والإفساد حتى إستشرى بالنفوس وبدأ معظم الجميع يتكالبون على الأعمال وجمع المال الوفير بالسوق ،، وجميعها عبارة عن غطاء وخداع  ،، حتى ضرب الفأس الرأس ولم نستطيع المقاومة ،،
ساحة المعارضة بالغربة الآن تمر بهدوء ،، ومعظم المهاجرين إهتموا بأمور الدنيا للعيش بشرف من غير مد اليد ،، والقذافي الشيطان يعبث في خيلاء مثل الطاووس ( الشيطان ) يصول ويجول ،،، وبين الحين والآخر أذرعته الشيطانية من فرق الموت اللجان الثورية تغتال أحد الشرفاء بالخارج بدون داع للأمر ،، ونحن المعارضين نتباكى على الشهداء !
فيا وطني لك السلام ،، وعليك السلام فقد جفت دماء النخوة والحياة من الكثيرين  بالخارج ،، أصبحوا موتى وهم أحياء يرزقون ،،، بلا قبور وشواهد غير الكلام والقيل والقال وترديد الشائعات ،،،، وعليك بإنجاب الآخرين من الشباب ذوي الحمية والفداء ،،، عسى يوماً يهبوا ويأخذوا الثأر للجميع ،، طالباً من الله عز وجل أن يمد في العمر حتى أشاهد نهاية الحقير وزوال نظام الكفر والإلحاد ،،، ونسعد في وطن يعمه السلام والأمن والأمان ،،،والله الموفق .
                                                           رجب المبروك زعطوط

                                                            السبت 1987/7/18م  

No comments:

Post a Comment